"الضوضاء الملونة".. كيف تساعدك على النوم العميق وتحسين التركيز؟
ربّما لا تتمكّن من النوم بسبب الأصوات المحيطة بك، سواء كانت أصوات المارّة أو السيارات أو آلات أو أي شيءٍ آخر، لكن ثمّة ترددات صوتية معيّنة، قد تساعدك على النوم، وأبرز مثال لها هو الضوضاء الملونة.
فهي أصوات مُعيّنة تُساعِد على الهدوء والاسترخاء، كما تُحسِّن التركيز والذاكرة أيضًا لمن يقومون بمهمات تتطلّب تركيزًا كالقراءة، فإلى أي مدى يمكنك الاستفادة من الضوضاء الملونة في الاسترخاء والنوم العميق؟ وعلام يدلّ كل لونٍ من ألوانها؟
ما هي الضوضاء الملونة؟
الضوضاء الملونة هي نوع من أصوات النوم، تساعد على الاسترخاء والتركيز، وعندما تملأ الضوضاء الملونة غرفتك في أثناء النوم، تكون قادرة على إخفاء أي ضجيج قد يُوقِظك من نومك.
والصوت يأتي إلينا على شكل موجات ضيقة وقصيرة ذات تردد عال، أو طويلة ومنخفضة ذات تردد منخفض أو بينهما، فمثلًا الضوضاء الزرقاء لها تردد عال، وهي شبيهة بالهسهسة، بينما الضوضاء البنية لها تردّد أقل بصوتٍ أعمق.
فوائد الضوضاء الملونة للنوم والتركيز
يُعدّ تحسين النوم أبرز استخدام للضوضاء الملونة؛ إذ تُحسِّن النوم من خلال تسهيل دخولك في النوم، أو مساعدتك على البقاء نائمًا لوقتٍ أطول، وذلك من خلال:
- حجب الأصوات الأخرى المزعجة التي قد تُوقِظك من نومك.
- التأثير على عقلك وجسمك، بما يُفضِي إلى الاسترخاء والنوم العميق.
كذلك قد تُفِيدك الضوضاء الملونة في التركيز، ومِنْ ثَمّ فقد تجد القراءة أو التأمل أو التدوين صار أفضل، إذ تُسهِم في تحسين قراءتك أو كتابتك أو أيًا كانت المهمة التي تحتاج أن تُركِّز فيها.
هل للضوضاء الملونة تطبيقات علاجية؟
رغم أنّها ليست بديلاً للعلاجات الطبية، لكن بعض الأشخاص أبلغوا أنّ الضوضاء الملونة ساعدتهم على التغلب على بعض المشكلات الصحية، مثل: طنين الأذن، واضطرابات النوم، والتوتر، والقلق، وبعض المشكلات المعرفية.
اقرأ أيضًا: لماذا يجب أن تستثمر في ملاءات ووسائد فاخرة لنوم أفضل؟
ما دلالة كل لون في الضوضاء الملونة؟
يختلف كل لونٍ من ألوان الضوضاء الملونة في طبيعته وفائدته، كالآتي:
1. الضوضاء البيضاء:
تشتمل الضوضاء البيضاء على جميع الترددات بالتساوي والهسهسات، مثل التشويش الإذاعي أو الطنين الثابت للمروحة أو جهاز التكييف.
وتُعدّ الضوضاء البيضاء الأكثر اتساقًا في الخلفية، والأفضل لإخفاء الأصوات الأخرى، فهي مناسبة لمن كان نومهم خفيفًا ويرغبون في نومٍ أطول.
والضوضاء البيضاء ليست مفيدة فقط للنوم، ولكنها تتجاوز ذلك حسب بعض الدراسات، مثل تلك الدراسة التي نُشِرت عام 2019 في "Complementary Therapies in Medicine"، وقالت إن الضوضاء البيضاء قد:
- تُحسِّن الذاكرة.
- تُخفِّف أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
- تُحسِّن سرعة القراءة والكتابة.
- تُهدِّئ الأطفال.
ويمكنك أن تحصل على الضوضاء البيضاء بتنزيل أحد تطبيقاتها على هاتفك الجوال أو من خلال استخدام صوت:
- المكنسة الكهربائية.
- المروحة.
- جهاز التكييف.
- التشويش الإذاعي.
2. الضوضاء البُنية:
تستخدم الضوضاء البنية جميع ترددات الصوت مثل الضوضاء البيضاء، لكنّها ترفع الصوت في الطرف المنخفض، كما تُسمّى أيضًا بالضوضاء الحمراء، التي تُعدّ أكثر اضطرابًا من التردّدات الأخرى.
وقد تُفضِّل الضوضاء البنية للنوم إذا شعرت بالضوضاء البيضاء بدرجةٍ عالية، فالضوضاء البنية أكثر تهدئة لبعض الناس، وغالبًا ما تُقارَن بأصوات الشلال أو الأمطار الغزيرة.
وقد وجد بحث نشر عام 2020 في "Noise & Health" أنّ الضوضاء البنية تُساعِد على:
- زيادة سُرعة استجابتك.
- تحسين الذاكرة.
- تعزيز الوظائف التنفيذية (المهارات التنظيمية).
- زيادة فترة الانتباه، بما يسمح بأداءٍ أفضل للمهام لوقتٍ أطول.
ومع ذلك فإنّ الضوضاء البنية لا تناسب الجميع، فقد أفادت الدراسة نفسها أنّ بعض المشاركين عانوا تهيّجًا وعدم راحة عند الاستماع إلى الضوضاء البنية.
وعمومًا يمكنك أن تجد الضوضاء البنية على اليوتيوب أو تطبيقات الأصوات الملونة على هاتفك الذكي.
3. الضوضاء الخضراء:
لمقارنة الضوضاء الخضراء بالبيضاء مثلًا، تخيّل صوت الرياح أو تدفّق الماء اللطيف مقارنةً بالمكنسة الكهربائية أو مُحرِّك طائرة.
ورغم عدم وجود أبحاث بشأن الضوضاء الخضراء، يرى بعض الناس أنّها تساعد على:
- تخفيف القلق.
- تحسين جودة النوم.
- الاسترخاء.
4. الضوضاء الوردية:
أمّا الضوضاء الوردية فهي مزيج من الضوضاء البيضاء والبنية، وهي تُذكِّرك بهطول أمطار هادئة، أو أوراق شجر تحفّها الرياح، أو صوت اصطدام الأمواج بالشاطئ، وهي درجة أكثر ثباتًا من الضوضاء الملونة الأخرى، ما يمنح صوتًا مهدئًا.
ومثل الأصوات الأخرى، تساعد الضوضاء الوردية على تصفية الأصوات المحيطة في بيئة نومك، ومِنْ ثَمّ البقاء نائمًا دون أن انقطاع.
كما أشارت بعض الأبحاث، مثل دراسة نشرت عام 2021 في "Sleep Medicine Reviews"، إلى أنَّ الضوضاء الوردية قد تساعد على تحسين:
- التركيز.
- الذاكرة.
- الأداء.
- الإنتاجية.
وحسب دراسةٍ سبقتها نشرت عام 2020 في "Noise & Health"، يظنُّ الخبراء أنّ موجات الضوضاء الوردية تُحفِّز منطقة معينة في الدماغ، تُعرَف بـ"تحت المهاد" لإرسال رسائل أسرع من وإلى الدماغ.
اقرأ أيضًا: أجهزة تعقب النوم.. كماليات أم ضرورة لتحسين نومك؟
5. الضوضاء الزرقاء:
قد تبدو الضوضاء الزرقاء شبيهة بالضوضاء البيضاء، لكنّها أعلى في التردّد والنغمة، ويمكن الاستفادة منها في النوم، ومع ذلك فهي قد تكون مفيدة أكثر عندما ترغب في إنجاز بعض الأمور، فهي تشجّع على اليقظة والوضوح العقلي والتركيز.
ومن أمثلة الضوضاء الزرقاء البخار المتسرّب من أنبوب، أو ضوضاء مروحة الكمبيوتر.
6. الضوضاء البنفسجية:
تُشبِه الضوضاء البنفسجية الزرقاء، وتُعدّ الصوت الأكثر وضوحًا وإشراقًا في الضوضاء الملونة، فيمكن الاستفادة منها في:
- البقاء مستيقظًا خلال قيادة السيارة لوقتٍ طويل بالليل.
- تحسين الذاكرة والتركيز في أثناء القراءة أو المذاكرة أو العمل.
- طنين الأذن المستمر؛ إذ تُعدّ الضوضاء البنفسجية الأفضل لحجب الأصوات عالية التردد في بيئة نومك، رغم عدم وجود دراساتٍ بشرية لتأكيد فائدة الضوضاء البنفسجية في ذلك.
7. الضوضاء الرمادية:
تُركِّز الضوضاء الرمادية على الترددات الأقل والأعلى، بطريقة مشابهة للضوضاء البيضاء لكن مع توازنٍ أكبر، فقد أفاد بعض الناس أنّ الضوضاء الرمادية أكثر هدوءًا ونعومة من الضوضاء البيضاء.
هل تساعد الضوضاء الملونة حقًا على النوم؟
حسب دراسةٍ نشرت عام 2021 في "Sleep Medicine Reviews"، فإنَّ الضوضاء الملونة قد تساعدك على النوم، كما بيّنت دراسة أخرى نشرت عام 2022 في "MDPI"، أنَّ 38% من الأشخاص أفادوا دخولهم في النوم سريعًا بعد الاستماع إلى الضوضاء البيضاء.
ومع ذلك وجدت مراجعة أخرى نشرت عام 2022 في "مجلة طب النوم السريري Journal of Clinical Sleep Medicine"، أنَّ الضوضاء الملونة لم تُساعِد الناس على الدخول في النوم أو البقاء نائمين، لكن في الوقت نفسه لم يكُن لها أي آثارٍ سلبية.
ورغم ذلك فإن بعض الألوان قد تكون أفضل للنوم من غيرها، فقد ذكرت دراسة نشرت عام 2021 في "Nursing in Critical Care"، أن تعرّض مرضى في المستشفى لضوضاء بيضاء وبنية ووردية، كلّها قد ساعد على النوم فعلًا، وكانت الضوضاء البيضاء والوردية أفضل قليلًا.
اقرأ أيضًا: كيف تؤثر إضاءة غرفتك على نومك؟ هذه أفضل ألوان الضوء لنوم مريح
كيف تستفيد من الضوضاء الملونة في النوم؟
ثمّة عديد من الخيارات للاستفادة من الضوضاء الملونة في النوم أو التركيز، أو غيرها من الفوائد الأخرى، مثل:
- تطبيقات الهاتف: يمكنك البحث في متاجر التطبيقات عن تطبيقات الضوضاء البيضاء، إذ تُوفِّر بعض التطبيقات مكتبة أصواتٍ ضخمة، وبعضها يسمح بالخلط بين الأنواع المختلفة إن أردت.
- الموارد المتاحة عبر الإنترنت: إذا بحثت عبر الإنترنت عن أي ضوضاء ملونة، فستظهر لك قائمة طويلة من مقاطع الفيديو، كثير منها يستمرّ لعِدّة ساعات، ما يتيح لك تشغيلها طوال الليل من جهاز الكمبيوتر أو اللاب توب أو الهاتف الجوّال.
- آلة الضوضاء البيضاء: يمكن الحصول على آلة الضوضاء البيضاء من المتاجر العامة أو عبر الإنترنت.
ما مدة الاستماع إلى الضوضاء الملونة قبل الشعور بالاسترخاء؟
تعتمد مدة الاستماع إلى الضوضاء الملونة على تفضيلاتك الشخصية، فقد يجد بعض الأشخاص أنّ 10 - 15 دقيقة فقط كافية للاسترخاء والشعور بالراحة، بينما قد يُفضِّل غيرهم فترةً أطول قد تصل إلى ساعةٍ مثلًا.
أي ألوان الضوضاء أفضل للنوم؟
وجدت إحدى الدراسات أنّ الضوضاء البيضاء والوردية الأفضل للمساعدة على النوم، لكن قد يختلف لون الضوضاء المُفضّل من شخصٍ لآخر، حسب ما يُفضِّله هو، وما يساعده على النوم حقًا.
ومن سمات بعض ألوان الضوضاء:
- الضوضاء البيضاء: مثالية لمن يرغبون في حجب مجموعة متنوعة من أصوات الخلفية.
- الضوضاء الوردية: قد تكون مناسبة لمُحبِّي الطبيعة، كما أنّها مناسبة لمن يرغبون في نومٍ عميق، وأن يتمتّعوا بتجربة الاسترخاء الكامل.
- الضوضاء البنية: خيار مناسب إذا كُنت ترغب في الشعور كأنّك تنام في سرير مريح في مقصورة هادئة في أعماق الغابة، فهي مثالية لإخفاء الأصوات منخفضة التردد، كما تساعدك على النوم الهادئ.
- الضوضاء الرمادية: هي الخيار المناسب لمن يريدون شيئًا وسطًا؛ بين عدم الهسهسة وعدم وجود نغمات عميقة، مجرد صوت متوازن ومحايد يساعدك على النوم.
أي ألوان الضوضاء أفضل للنوم العميق؟
تُحفِّز الضوضاء الرمادية موجات الدماغ الشبيهة بنفس موجات الدماغ التي تظهر في مرحلة النوم العميق، ومِنْ ثَمّ فقد تكون هي الخيار المناسب لمن يرغبون في نومٍ عميق.