طعام رواد الفضاء من المهروس للطازج (فيديوجراف)
شهد طعام رواد الفضاء تطورًا كبيرًا منذ بدايات الرحلات الفضائية في ستينيات القرن الماضي، حيث بدأت التجارب الأولى لأطعمة الفضاء بشكل بسيط وتجريبي، ليتم تطويرها تدريجيًّا مع كل مهمة، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم من تنوع وجودة.
البدايات مع مهمة ميركوري (1961)
في أول مهمة فضائية مأهولة للإنسان ضمن برنامج ميركوري عام 1961، كانت وجبات الطعام بسيطة ومحدودة للغاية، إذ كانت تتألف من أطعمة مهروسة مثل اللحوم والفواكه. تم حفظ هذه الأطعمة في أنابيب مشابهة لأنابيب معجون الأسنان، وكان بإمكان رواد الفضاء ضغط الطعام مباشرة في الفم.
ورغم بساطتها، فقد كانت هذه الأطعمة تلبي احتياجاتهم الغذائية الأساسية، لكنها ظلت بدائية ومخصصة لأغراض تجريبية أكثر من كونها طعامًا ملائمًا للبيئة الفضائية.
التطور مع مهمة جيميني (1965)
شهدت مهمة جيميني عام 1965 تحسينات كبيرة، حيث تم إضافة أطعمة مجففة يمكن ترطيبها بالماء، مثل اللحوم والفواكه والحساء، ما ساعد على توسيع خيارات الطعام. أضيفت كذلك المكسرات التي يمكن تناولها مباشرة، وبهذا أصبحت الوجبات أكثر تنوعاً وأسهل استهلاكاً، وهو ما شكّل الأساس لتطوير وجبات الطعام الفضائي المستقبلية.
اقرأ أيضًا: مليون دولار جائزة لتطوير أطعمة رواد الفضاء!
طعام أبولو (1968)
في رحلة أبولو عام 1968، اعتمد الطعام بشكل رئيس على الأطعمة المجففة، بما في ذلك الحساء واللحم والفواكه، كما أضيفت أطعمة جديدة مثل الأجبان ومشروبات عصائر الفاكهة، مما أتاح تنوعاً إضافياً.
وقد استُخدمت هذه الخيارات مجدداً في الرحلات التالية، حيث استمر العلماء في تحسين شكل ونوع الأطعمة بما يناسب ظروف الفضاء.
تحسينات سكاي لاب (1973)
في مهمة سكاي لاب عام 1973، حدثت نقلة نوعية، حيث أصبح بالإمكان لأول مرة تسخين الطعام في الفضاء، ما أتاح لرواد الفضاء تناول وجبات دافئة.
وتضمنت قائمة الطعام 72 صنفاً من الأطعمة والمشروبات، إلى جانب أدوات مخصصة مثل الشوك والملاعق المغناطيسية التي ساعدت على تناول الطعام بسهولة دون أن تطفو الأدوات في بيئة منعدمة الجاذبية. كانت هذه التحسينات ذات أثر كبير في تحسين تجربة الطعام لدى رواد الفضاء.
محطة الفضاء الدولية – التنوع الأقصى
في محطة الفضاء الدولية (ISS)، أصبحت حاويات الطعام تحتوي على خيارات متنوعة تشبه الأطعمة اليومية على الأرض. كما تم إدراج أطعمة مستقرة حرارياً، أي التي يمكنها تحمل درجات حرارة مرتفعة دون أن تفسد، ما جعلها ملائمة للتخزين في الفضاء. كذلك بات بإمكان الرواد تناول التوابل، ما أضاف نكهة للطعام وساعد على تحسين تجربة الأكل في ظل الظروف الخاصة بالفضاء.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف قدرة فريدة اكتسبها رواد الفضاء من وجودهم على متن المركبات الفضائية
تحديات الهضم في الفضاء
رغم هذا التقدم، يظل الهضم في الفضاء تحدياً بسبب انعدام الجاذبية، حيث يواجه الرواد صعوبة في هضم الطعام، ما قد يؤدي إلى الارتجاع الحمضي وانتفاخات البطن. لهذا السبب، يُفضّل العلماء تزويدهم بأطعمة سهلة الهضم وتوجيههم إلى تقسيم وجباتهم على مدار اليوم. كما يُنصحون بشرب كميات كافية من الماء لضمان الترطيب وتسهيل الهضم.
بفضل هذه التطورات، استطاع رواد الفضاء الاستمتاع بوجبات متكاملة تلبي احتياجاتهم الغذائية، مما أسهم في تحسين جودة الحياة خلال المهمات الفضائية الطويلة.