أناقة على سطح القمر.. "Prada" تدخل عالم تصميم بدل رواد الفضاء
هل تساءلتم يومًا من المسؤول عن تصميم بدل رواد الفضاء؟ وهل فعلاً واحدة من أكبر وأشهر دور الأزياء العالمية هي التي ستقوم بتلك المهمة؟
نعم، ما قرأته صحيح تمامًا؛ فقد كشفت مجموعة "Prada" الإيطالية للمنتجات الفاخرة وشركة "أكسيوم سبيس" الناشئة ومقرها تكساس بالولايات المتحدة، في بيان رسمي، قبل أيام، أنهما ستتعاونان في تصميم بدلات فضائية لمهمة "أرتيميس 3" على القمر التابعة لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا" والمقررة في عام 2025.
وستكون مهمة "أرتميس 3" ذات أهمية كبيرة، حيث ستشهد أول هبوط لطاقم مأهول خلال أكثر من 50 عامًا، لتكون تلك هي المرة الأولى التي يهبط فيها طاقم على سطح القمر منذ رحلة أبولو 17 في عام 1972. كما ستشهد الرحلة أول مرة يتم فيها أن تضع امرأة وشخص من أصل غير أوروبي قدميهما على سطح القمر، وبذلك ستصبح "كريستينا كوخ"، أول امرأة تهبط على سطح القمر.
Prada برادا تصمم بدل رواد الفضاء في ناسا
طبقًا لوكالة أنباء "رويترز"، قالت الشركتان في بيان مشترك إن "مهندسي برادا سيعملون مع فريق الأنظمة في أكسيوم سبيس طوال عملية التصميم، وسيطورون حلولاً للمواد وخواص التصميم لحماية رواد الفضاء من تحديات البيئة القمرية".
وبالفعل، أجرت "أكسيوم" تعاقدًا مع "ناسا" على تطوير البدلات الفضائية لاستخدامها على القمر، إلى جانب برامج فضائية أخرى. لذا من الآن وصاعدًا، سيحلق رواد الفضاء في إدارة الطيران والفضاء الأمريكية بكامل أناقتهم، ببدل تحمل شعار "Prada".
وفي حديث لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، قال أحد رواد الفضاء، إنه يعتقد أن "برادا" كانت على مستوى التحدي لخبرتها الواسعة في التصميم، ولم تُعرض البدلات على منصات العرض في ميلانو فحسب، بل أيضًا من خلال مشاركة "Prada" في مسابقة كأس أمريكا للإبحار الشراعي.
كما قال البروفيسور "جيفري هوفمان"، الذي طار في خمس بعثات لوكالة "ناسا" ونفذ أربع عمليات سير في الفضاء لـ"بي بي سي" بشأن هذا التعاون الفريد من نوعه: "تتمتع برادا بخبرة كبيرة في التعامل مع أنواع مختلفة من الأقمشة المعقدة، وربما تكون قادرة على تقديم بعض المساهمات التقنية في الطبقة الخارجية لبدلة الفضاء الجديدة".
كما أنه وفقًا لـ"ورينزو بيرتيللي"، وهو يتولى منصب مدير التسويق في "Prada"، فإن ثقافة الشركة تتجذر في شيء أكثر من مجرد الأزياء، ما يسمح لها بإنشاء منتجات تكنولوجيا متقدمة، ضاربًا المثل بالخبرة التي حصلت عليها "Prada" في مجال المواد المركبة خلال تشكيل فريق "لونا روسا" لليخوت في كأس أمريكا.
اقرأ أيضًا:مجموعة "Access All Areas" من "AllSaints" ترفع مستوى الجرأة والتعبير
مواصفات بدلة الفضاء من Prada برادا
لم تذكر "Prada برادا" في بيانها مواصفات البدلة المقرر تصميمها خصيصًا لمهمة "أرتميس 3" المقبلة. لكن شركة "أكسيوم"، كشفت في وقت سابق من العام الجاري ٢٠٢٣ النقاب عن بعض مواصفات البدلة الفضائية المزمع تصميمها، وقالت إنها تزن 55 كغم، وإنها مناسبة بشكل أفضل للسيدات.
وبعد ذلك وفي بيان صحافي لاحق، قالت "أرتميس وPrada " إنهما ستستخدمان "تقنيات وتصميمات مبتكرة" للسماح باستكشاف سطح القمر بشكل أكبر من أي وقت مضى.
من جانبه، قال "مايكل سوفريديني"، الرئيس التنفيذي لشركة "أكسيوم سبيس"، في بيان صحفي: “يسعدنا أن نتشارك مع Prada في تصميم بدلة الفضاء لوحدة التنقل خارج المركبة (AxEMU) من أكسيوم”.
الفخامة والأناقة الكاملة بالطبع ليست الهدف الوحيد لـ "Prada" في هذه المهمة خصيصًا، فعلى مهندسيها ابتكار ملابس فضائية فاخرة سمتها الأساسية الحفاظ على بيئة حرارية جيدة؛ فالبدلة الفضائية في حقيقة الأمر، ما هي إلا مركبة فضائية مصغرة، يجب أن توفر لرائد الفضاء الضغط والأكسجين ودرجة حرارة معقولة، بجانب كونها مريحة وعملية تناسب مهمتها التي صُممت خصيصًا لها.
لذا من أجل مهمة "أرتيميس" الثالثة، ستركز "Prada" بشكل أساسي على تصميم الطبقة الخارجية لبدلة الفضاء، إذ يجب أن تكون هذه الطبقة الخارجية قوية بما يكفي لتحمل الغبار القمري الكاشط، وفي الوقت نفسه توفير حركة سلسة للرواد.
وفي هذا الشأن أكد "سوفريديني" أن الخبرة الفنية التي تتمتع بها "Prada" في مجال المواد الخام، وتقنيات التصنيع، ومفاهيم التصميم المبتكرة ستجلب تقنيات متقدمة مفيدة، ليس فقط في ضمان راحة رواد الفضاء على سطح القمر، ولكن أيضًا اعتبارات العوامل البشرية التي تشتد الحاجة إليها، والتي تغيب عن بدلات الفضاء القديمة.
وتحتوي بدلات "AxEMU" الجديدة على أدوات متخصصة، وعناصر تصميم ستمنح رواد الفضاء قدرات أكبر لاستكشاف الفضاء والبحث العلمي، مع حمايتهم من البيئة القاسية حتى يتمكنوا من العيش والعمل على القمر وحوله.
ويظهر في التصميم الأولي لبدلة الفضاء من تصميم "Prada"، طبقة الغلاف البيضاء الحالية لوحدة التنقل خارج المركبة "AxEMU" أكسيوم سبيس. وتم الكشف عن نموذج أولي لـ "AxEMU" باللون الرمادي الداكن والبرتقالي في مارس الماضي، لكن الشركة أكدت أن النسخة النهائية ستكون بيضاء.
وفي مهمة "Artemis"، يحتاج رواد الفضاء إلى التحرك بحرية حتى يتمكنوا من استكشاف التضاريس الوعرة للقمر، وذلك سيتم من خلال بدلة تسمح بمزيد من مرونة الحركة، بينما تظل قوية بما يكفي لحماية رائد الفضاء الذي من المقرر أن يمشي، وينحني، ويلتقط الأشياء في الفضاء داخل بدلته بدلاً من القفز مثل الأرنب.
اقرأ أيضًا:معاطف موسم شتاء 2023-2024 أناقة صارخة باتزان
صناعة بدل رواد الفضاء وتكاليفها
قطعت بدل رواد الفضاء شوطًا طويلاً منذ بدء تصنيعها، وصولاً للبدلة التي ستحمل شعار "Prada"، وأصبح لديها هيكل أكثر مرونة مع قفازات.
وبشكل عام، هناك 3 دول متخصصة في إنتاج ملابس رواد الفضاء، وهي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
وطبقًا لوكالة "ناسا"، تتألف بدلة الفضاء من ستة مكونات مختلفة، ويمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 16 طبقة. وقبل وصول بدلات الفضاء إلى القمر، يتم اختبار أجزاء منها في محطة الفضاء الدولية.
ويتألف الزي من أنابيب تدير المياه حول رائد الفضاء، وتنظم درجة حرارة الجسم، وتزيل الحرارة الزائدة عند إتمامهم لعملهم.
وتحتوي كل بدلة فضائية على نظام دعم الحياة المحمول، والذي يتضمن خزان مياه لملابس التبريد، ونظام إزالة ثاني أكسيد الكربون والمزيد، وفقًا لوكالة "ناسا".
ويتضمن الزي أيضًا نظامًا لاسلكيًا ثنائي الاتجاه حتى يتمكن رواد الفضاء من التواصل. وتوجد خطوط ملونة وفريدة على الجزء الخارجي من بدلة الفضاء، فهذه الطريقة تسمح لرواد الفضاء بالتعرف على زملائهم عند التواجد في الفضاء.
وعن تكاليف تصميم وصناعة بدل روار الفضاء، فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، أوضحت "ناسا" أنها استثمرت أكثر من 300 مليون دولار في تطوير بدلة الفضاء "xEMU"، حيث اختبر الفريق عشرات المكونات وقيّم مزايا وعيوب كل خيار.
واستأجرت "ناسا"، شركة "AxEMU" اكسيوم سبيس في يونيو 2022 لبناء أحدث بدلاتها الفضائية بعد أن كشفت أنها أنفقت 420 مليون دولار منذ عام 2017 في محاولة تطوير بدلاتها الخاصة.
أما تاريخيًا، فسبق أن كشفت وكالة "ناسا" في عام 1974 أن بدلات الفضاء باهظة الثمن، وأنها أنفقت عليها ما بين 15 إلى 20 مليون دولار في ذلك الوقت.