"الاحتراق النفسي".. كيف يهدد علاقتك الزوجية وهل يمكن تجنبه؟
ما عُدت تقضي وقتًا ممتعًا مع زوجتك كما كُنتما في سابق عهدكما، وطغى الصراع على أيامكما، حتى صارت كلّها بلونٍ واحدٍ، لا يميّزها شيء سوى تصاعد الشجار وخفوته بين يومٍ وآخر، وقد تجد نفسك تُنهِي الصراع، لا لأنّ هناك حل في الأفق، أو أنّكما اتفقتما على شيء ما، بل لشعورك بالاستنزاف العاطفي، وأنّ هذا الصراع لن ينتهي!
كلّ ما سبق هي بعض من سمات الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية، ذلك الشبح الذي قد يهدِّد استقرارها ويمهّد الطريق لانهيارها، فلماذا يحدث؟ وما سماته؟ وكيف تتجنّبه وتستعيد صفاء علاقتك بزوجتك؟
ما هو الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية؟
الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية هو وصف للإرهاق أو الاستنزاف العاطفي والنفسي، ومعاناة أحد الزوجين أو كليهما من الشعور بالتعب والوحدة والتشاؤم، بل حتى الاكتئاب.
وقد يتسلَّل ذلك الشعور إلى العلاقة عندما يشعر أحد الزوجين بأنّه لا ينال التقدير الذي يستحقه، أو عندما يكون مفتقرًا إلى دعم شريكه.
وربّما يتضح ذلك في صورة أنّ قضاء الوقت معًا لم يعُد ممتعًا كما كان من قبل، أو أن تشعر بأنّ شرارة الحب قد خمدت جذوتها ولم تعُد كما كانت في السابق.
لماذا قد يحدث الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية؟
لا يُوجَد سبب مُحدّد يمكن إلقاء اللوم عليه بشأن الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية، فالأسباب تختلف بين كل زوجين عن غيرهما، وربّما يحدث ذلك بسبب اختلاف شخصيات الزوجين أو الجدال المستمر بينهما، أو الإحباط المتبادل.
كما قد يشعر أحد الزوجين بأنّه يبذل جهدًا أكثر من الآخر، وبغض النظر عن السبب، فإنّ هذه المشكلات قد تؤدي إلى انهيار العلاقة بين الزوجين، وهذه بعض الأسباب التي قد تقف وراء الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية:
- عدم الشعور بالتقدير بين الزوجين.
- معاناة الزوجين من توترٍ مزمن.
- ضعف التواصل بين الزوجين.
- وجود مسؤوليات أخرى أكثر أهمية.
- عدم التوافق بين الزوجين.
- الضغوطات الخارجية، مثل الضغوط المالية.
علامات الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية
أيًا كان سبب الاحتراق النفسي في العلاقة بين الزوجين، فإنّ له علامات ينبغي معرفتها، كي يتمكّن الزوجان من التصدّي له، واستعادة دفء الحب وصفاء العلاقة بينهما، ومن أهم هذه العلامات:
1. الشجار طوال الوقت:
تُعدّ كثرة الشجار أو استمراره معظم الوقت بين الزوجين من علامات الاحتراق النفسي، خاصةً إذا تكرّرت الصراعات، ولم تعُد الحجج تدور حول البحث عن حل، بل تتعلّق أكثر بالتعبير عن إحباط كل طرف من الآخر، وقد تكون الأشياء التي كان من السهل التحدث عنها في الماضي، صارت اليوم تُشكِّل معارك ضخمة تمر بها حياتكما اليومية، ولا تؤدي إلّا إلى خلق مزيدٍ من العداء والصراع بينكما.
لذا فإنّ التواصل يُعد ركيزة أساسية في العلاقة بين الزوجين، وبمجرد أن يبدأ في الانهيار وتتصاعد الصراعات، فهذا يعني أنّ هناك حاجة إلى إعادة النظر في كيفية سير العلاقة وتصحيح مسارها.
اقرأ أيضًا:هل من علاج للتجاهل الزوجي؟.. المتهم الأول في فشل العلاقات
2. عدم الاستمتاع برفقة زوجتك:
فكّر فيما تشعر به عندما تكون زوجتك موجودة وغير موجودة، فمن علامات الاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية الرغبة في قضاء أكبر قدر ممكن من الوقت بعيدًا عن الشريك.
3. الشعور بالانفصال عن الشريك:
يمكن أن يحدث هذا بطريقتين: الشعور بأنّك لا تقضي الكثير من الوقت الجيد مع زوجتك كما اعتدت، أو أنّه عندما تكونان معًا لا تشعر بألفة حقيقية بينكما، فمن الصعب الشعور بالارتباط بزوجتك عندما يترسّخ الاحتراق النفسي في العلاقة.
4. كثرة انتقاد الشريك:
قد لا يظهر الاحتراق النفسي من خلال الصراعات المستمرة، ولكن من خلال التعليقات السلبية اليومية وعدم الاحترام، كما قد يتحول النقد المستمر تجاه شريكك بسرعة إلى ازدراء، ما قد يُجسِّد ضعف الإعجاب بزوجتك أو انفجار المشكلات بينك وبينها.
5. سهولة التشتت خلال تعاملك مع زوجتك:
تُعدّ سهولة التشتت إحدى العلامات المميزة للاحتراق النفسي؛ إذ قد تلاحظ أنّك لم تعُد مهتمًا كثيرًا بما تقوله زوجتك، أو أنّ سياق الحديث يخرج تمامًا عن مسار المحادثة، وهذا يُنذِر بمشكلات متعددة، لأنّ التواصل أصبح ضعيفًا بين الزوجين.
اقرأ أيضًا:كيف يمكن للرجل الاستشفاء من الطلاق وبدء حياة جديدة؟
6. الاستنزاف العاطفي:
بعد كثرة الشجار والانتقاد أغلب الوقت، غالبًا ما ستشعر بأنّك مُستنزَف تمامًا، وهذا الإحساس من السمات الرئيسة للاحتراق النفسي في العلاقة الزوجية، خاصةً مع استثمار جهد ووقت ليس بالقليل في محاولة إصلاح العلاقة.
وقد يكون بذل هذا الجهد الكبير صعبًا، خاصةً في العلاقة بين الزوجين التي تعتمد على العواطف والمشاعر بدرجةٍ كبيرة، ما قد يؤدي إلى استنزاف أي أملٍ ممكن في إصلاح العلاقة.
7. الرغبة في الرحيل:
قد تبدأ في التفكير وربّما تراودك أحلام اليقظة بشأن إنهاء علاقتك أو البحث عن خروجٍ سهل منها، وربّما تجد أنّك لم تعُد لديك الطاقة للعمل على علاقتك وإصلاحها مع شريكك، ومِنْ ثَمّ تكون فكرة الرحيل أو إنهاء العلاقة مغرية للغاية.
كيف تتغلّب على الاحتراق النفسي وتستعيد صفاء علاقتك بزوجتك؟
ليست هذه نهاية المطاف، ولم يفُت الأوان بعد، وما فُقِد يمكن تداركه واستعادة صفاء العلاقة وإحياؤها من جديد كالأيام الخوالي، ومما يساعد على ذلك الحوار المفتوح والصادق مع زوجتك، أو قضاء وقت ممتع معًا أو غير ذلك من نصائح، كما يتضح فيما يلي:
1. كُن صادقًا في التعبير عن احتياجاتك:
إنّ التعبير عن احتياجاتك العاطفية والجسدية لشريكك أمر ضروري للغاية، وأن تكون صادقًا في التعبير عن ذلك وتوضيح توقعاتك من الشريك، سيساعد على بناء الثقة بينكما، ويعزِّز التواصل الذي ربّما لم يعُد كما كان في السابق.
نعم، قد يكون من الأسهل التستر على المشاعر غير المرغوب فيها، لكن مشاركتها مع شريكك وإعلامه بها، قد يضمن عدم وجود ما يمكن أن يعكر صفو علاقتكما في أي وقت من الأوقات.
2. خصِّص وقتًا تقضيه مع زوجتك:
قد تنفصل عن زوجتك بسهولة إذا لم يكن الحفاظ على علاقتكما أولوية بالنسبة لك، لذا قبل أن يحدث ذلك، حاول الالتزام بقضاء المزيد من الوقت مع زوجتك، مثل التسوق معًا، أو حتى تخصيص 10 دقائق في اليوم فقط لإعادة التواصل بينكما.
اقرأ أيضًا:الطاقة السلبية في الزواج.. خطوات بسيطة للتخلص منها
3. أخذ استراحة:
في بعض الأحيان قد يكون أخذ أحد الزوجين استراحة من الآخر مفيدًا، فقد يؤدي قضاء الكثير من الوقت مع زوجتك إلى الشعور بتقييد في العلاقة، وبالنسبة لبعض الناس، فإنّ الاستقلال جزء مهم من الهوية الذاتية، لذا فإنّ أخذ بعض الوقت الشخصي للاسترخاء أو التأمل، قد يساعد على تجديد الطاقة العاطفية المفقودة، واستعادة سعادة العلاقة من جديد.
4. التعبير عن الامتنان:
إنّ التركيز على الجوانب السلبية للعلاقة غير صحيح، ولا يفيد على الأرجح، فعندما يعتاد شخصٌ ما ذلك، فإنّه يصبح شديد التركيز على اختيار المشكلات، والتي قد تكون تافهة في بعض الأحيان، لذا حاول أنت وزوجتك تغيير وجهة النظر بشأن بعض الأمور إلى وجهة نظر إيجابية، بالاحتفال بالإيجابيات فور ظهورها، ومن ذلك التعبير عن الامتنان للأشياء الصغيرة التي تقوم بها زوجتك، والتي تحافظ على أواصر العلاقة متينة بلا شك.
5. تجنّب أوهام الكمال والمثالية:
إنّ الكمال أو المثالية من الأمور المدمّرة للعلاقة الزوجية، فإنّ ذلك يجعل العلاقة متوترة معظم الوقت، ما ينذر بالاحتراق النفسي بين الزوجين، فقد نشعر أننا نفعل كل شيء مثاليًا وأنّ الشريك هو الذي يخطئ، ربما لأنّه لم يفعل الشيء مثاليًا أو كما يجب من منظورك الشخصي، لذا من الضروري أخذ خطوة إلى الوراء، عبر تقليل الضغوط الناجمة عن محاولة تلبية معايير مستحيلة أو غير واقعية.
كيف تتجنّب الاحتراق النفسي وتتمتّع بعلاقة زوجية سعيدة؟
بدايةً ينبغي الاعتراف بوجود مشكلة عند ظهورها، والتواصل مع زوجتك على الفور، بدلًا من تجاهل المشكلة أو رفضها، كما يجب إعطاء الأولوية للتواصل المفتوح، ووضع توقّعات واقعية بشأن علاقتكما.
كما أنّ تحقيق التوازن بين المسؤوليات الشخصية والمشتركة ضروري لتجنّب التوتر، الذي قد يُفضِي إلى احتراقٍ نفسي سريع.
بالإضافة إلى معالجة الضغوطات، وخلق بيئة داعمة بين الزوجين، وتفهّم احتياجات كل منهما للآخر، فالحفاظ على علاقة سعيدة ممكن ما دام الزوجان حريصَين عليها، وإنْ تناوشتهما الخلافات من حينٍ لآخر، فربّما هي مشاكسة الحبيـبَين فقط.