كيف سيكون مستقبل الحياة على الأرض بعد مليارات السنين؟
أظهر اكتشاف أول كوكب صخري يدور حول نجم يشرف على نهايته، يعرف بـ "القزم الأبيض"، لمحة عن مستقبل كوكب الأرض بعد مليارات السنين.
ووفقًا لهذا الاكتشاف الذي رصدته دراسة حديثة، فإن كوكبنا قد ينجو من فناء الشمس، ولكنه سيتحول في نهاية المطاف إلى جرم بارد وخال من الحياة البشرية.
تفاصيل الاكتشاف وموقع الكوكب
واستندت هذه الدراسة إلى بيانات مأخوذة من تلسكوبات في ولاية هاواي بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم رصد كوكب صخري تبلغ كتلته 1.9 مرة كتلة الأرض، وهو يدور حول قزم أبيض يقع على بعد نحو 4200 سنة ضوئية من نظامنا الشمسي، ويقترب من مركز مجرة درب التبانة.
وتجدر الإشارة إلى أن السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في عام، وتقدر بنحو 9.5 تريليون كيلومتر.
والقزم الأبيض الذي يدور حوله الكوكب المكتشف، كان في بداية حياته نجمًا طبيعيًا أكبر من شمسنا بمرتين تقريبًا، وتبلغ كتلته الحالية نصف كتلة الشمس.
اقرأ أيضًا: ثقب شمسي هائل يهدد بقطع الاتصالات على كوكب الأرض
الكوكب ومرحلة النطاق القابل للحياة
قبل أن يصل النجم المضيف إلى مرحلة الفناء، كان الكوكب يدور حوله في "نطاق قابل للحياة"، وهو النطاق الذي يكون فيه الكوكب ليس حارًّا جدًّا أو باردًا جدًّا، ما يسمح بوجود الماء السائل على سطحه، وهي شرط أساسي لدعم الحياة.
وفي الأصل، كان الكوكب على مسافة تقارب المسافة بين الأرض والشمس، ولكن بعد انتهاء حياة النجم، زادت المسافة بمقدار 2.1 مرة.
التغيرات التي طرأت على الكوكب
وصرح كيمينغ تشانغ، عالم الفلك بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، والمعد الرئيس للدراسة التي نشرت في دورية "نيتشر أسترونومي"، بأن الكوكب أصبح الآن عالمًا متجمدًا، حيث أصبح القزم الأبيض خافتًا بشدة مقارنة بحالته السابقة كنجم طبيعي.
وتتوقع الدراسات أن الشمس، التي يبلغ عمرها حاليًّا 4.5 مليار سنة، ستتحول في النهاية إلى قزم أبيض.
وأوضحت عالمة الفلك جاسيكا لو من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، المشاركة في إعداد الدراسة، أن الشمس ستتحول في نهاية حياتها إلى نجم عملاق أحمر ثم ستفقد تدريجيًّا طبقاتها الخارجية، لتترك وراءها لبًّا مكثفًا وساخنًا، وهو ما يعرف بالقزم الأبيض.
مصير الأرض والكواكب الأخرى
وتوجد بعض الاختلافات بين علماء الفلك حول ما إذا كان كوكب الأرض سيبتلع ويدمر عند تضخم الشمس إلى مرحلة العملاق الأحمر، والتي يتوقع أن تحدث بعد نحو 7 مليارات عام، حيث ستتحول الشمس إلى قزم أبيض بعد مليار سنة من حدوث هذه المرحلة.
ولكن وفقًا لتقديرات تشانغ، فإن كوكب الزهرة سيبتلع بينما سيبقى المريخ، مع احتمال نجاة كوكب الأرض بشكل أكبر من المتوقع.
اقرأ أيضًا: "البلازما السوداء" القادمة من الشمس تهدد كوكب الأرض
تحديات الكواكب الأخرى
وحتى الآن لم تُرصد سوى كواكب غازية عملاقة تدور حول الأقزام البيضاء، وهي أكبر من كوكب المشتري في نظامنا الشمسي، وقد مر الكوكب المكتشف بتجارب عصيبة خلال موت النجم المستضيف، إذ يحتمل أنه تحول إلى كتلة منصهرة عندما أصبح النجم عملاقًا أحمر، ومن ثم تبرد تدريجيًا ليصل إلى حالته المتجمدة الحالية.
وأكد تشانغ أن النطاق القابل للحياة في النظام الشمسي سيتحول بعيدًا عن موقعه الحالي مع تقدم عمر الشمس وارتفاع حرارتها، ومن ثم يتوقع أن تبقى الأرض صالحة للحياة لأقل من مليار عام من الآن، وعند تلك المرحلة، يحتمل أن تكون المحيطات قد تبخرت بالكامل.
البحث عن ملاذ جديد للبشرية
أمام هذا السيناريو المستقبلي، شدد تشانغ على ضرورة التفكير في الهجرة من الأرض قبل الوصول إلى هذا الإطار الزمني، مقترحًا أنه مع تحول الشمس إلى عملاق أحمر، قد تكون بعض الأقمار الكبيرة في النظام الشمسي الخارجي ملاذًا مناسبًا للبشرية، مثل قمر "غانيميد" التابع لكوكب المشتري، بالإضافة إلى القمرين "تيتان" و"إنسيلادوس" التابعين لكوكب زحل.