مدن ذكية وسيارات ذاتية القيادة.. كيف أثر الجيل الخامس على إنترنت الأشياء؟
تُمثل تقنية الجيل الخامس للاتصالات 5G قفزة كبيرة في العالم الرقمي، تعد بنقل الكثير من القطاعات إلى مراحل متقدمة، ومن هذه القطاعات إنترنت الأشياء Internet of Things (IoT)، وهي التقنية التي تربط عدة أجهزة ببعضها لنقل وتبادل البيانات، وهي أساس عمل المنازل الذكية على سبيل المثال، فكيف يمكن لشبكات الجيل الخامس أن تؤثر على إنترنت الأشياء؟ وما هي مكونات البنية التحتية لهذا القطاع؟ وهل الأنسب أن نستخدم شبكات الواي فاي أم الجيل الخامس لتشغيل أجهزة إنترنت الأشياء؟ كل هذا وأكثر سنجيب عنه في السطور التالية.
كيف سيغير الجيل الخامس عالم إنترنت الأشياء؟
تمتلك تقنية الجيل الخامس 5G قدرات غير مسبوقة على مستوى السرعة، وزمن الاستجابة، وعدد الأجهزة التي تستطيع الاتصال بالشبكة في نفس الوقت، ونطاق التغطية وغيرها من المميزات، التي ستعيد تعريف إنترنت الأشياء بالنسبة إلينا.
فعلى مستوى السرعة، تُوفر شبكات الـ5G سرعات أعلى بكثير من الجيل الرابع، فمقابل الـ100 ميجابت/ ثانية التي توفرها شبكات الـ4G، تأتي سرعات الجيل الخامس لتصل إلى 10 جيجابت/ ثانية، ومن ثم فلا مقارنة، وهذا يعني معالجةً أسرع للبيانات في الوقت الفعلي real-time، وبالتالي تطور تطبيقات كثيرة مثل المركبات ذاتية القيادة، والرعاية الصحية عن بُعد، والواقع المعزز.
وعلى مستوى زمن الاستجابة، سنلاحظ أن شبكات الجيل الخامس تُقدم أزمنة استجابة منخفضة للغاية، قد لا تتجاوز الـ1 مللي ثانية، وهذا شيء محوريّ في العديد من التطبيقات التي قد يؤدي التأخيرُ فيها إلى عواقب وخيمة.
أما بالنسبة لعدد الأجهزة المتصلة، فسنجد أن الـ5G يدعم حتى مليون جهاز متصل لكل كيلومتر مربع، وهذا تحسنٌ كبير إذا ما قُورن بالأجيال السابقة، وتحديدًا أكثر بـ10 مرات من شبكات الجيل الرابع مثلًا.
وأخيرًا بالنسبة لنطاق التغطية: بالتأكيد قدمت شبكات الجيل الرابع تغطيةً أفضل مما سلفها من أجيال الاتصال، ولكنها واجهت ولا تزال تواجه تحديات داخل المناطق الريفية وداخل الأماكن المُغلقة، في المقابل، يدعم الجيل الخامس جميع النطاقات الترددية تقريبًا، بدءًا من المنخفضة وحتى العالية مثل الـmmWave، لتوفير نطاقات أفضل وسرعات عالية حسب الحاجة.
تأثيرات الجيل الخامس على الأجهزة المتصلة
أُطلقت شبكات الجيل الخامس رسميًا في عام 2019، ولكن من المتوقع أن يتم تبنيها على نطاقٍ واسع في عام 2025، واليوم هناك نحو 30 مليار جهاز حول العالم متصل بإنترنت الأشياء، وبحسب تقرير لمؤسسة البيانات الدولية IDC، فمن المتوقع أن يقترب هذا العدد من الـ75 مليار جهاز بحلول 2025، العام نفسه الذي يُفترض أن ينتشر فيه الجيل الخامس من الاتصالات بشكلٍ أكبر.
بفضل شبكات الجيل الخامس، ستحظى تطبيقات إنترنت الأشياء بتطورات ملحوظة، فحركة المرور في المدن الذكية مثلًا ستُدار بكفاءة أكبر، والشيء نفسه بالنسبة لاستخدام الطاقة، وغيرها من الأمور، التي ستجعل هذه المدن القائمة على إنترنت الأشياء أقل ازدحامًا وأكثر نظافة.
مثال آخر لتأثيراته على إنترنت الأشياء نجده في المركبات ذاتية القيادة، والتي ستستطيع التواصل مع بعضها ومع البُنى التحتية في الوقت الفعلي (بفضل السرعات العالية وأزمنة الاستجابة المنخفضة)، ما سيقلل من الحوادث ويُسهل من تدفق حركة المرور.
أما على مستوى الصناعة، فسنرى أن الجيل الخامس يُساعد على حدوث عمليات الأتمتة، ويتيح للآلات أن تتواصل مع بعضها لتقليل الأخطاء وتسريع الإنتاج، فضلًا عن اتخاذ القرارات بشكلٍ سريع وبكفاءة عالية.
الجيل الخامس والبنية التحتية لإنترنت الأشياء
في البداية، علينا أن نعرف أن مُصطلح "إنترنت الأشياء IoT" -بشكله البسيط- يُقصَد به أي نظامٍ من الأجهزة المترابطة التي تحتوي على أجهزة استشعار وقدرات معالجة مدمجة، ما يعني أن هذه الأجهزة قد تعمل وتتفاعل مع بضعها دون الحاجة إلى استخدام الإنترنت الذي نعرفه، ودعونا نتحدث عن كل مكون من بنية إنترنت الأشياء التحية بشيء من التفصيل.
1- المستشعرات:
المُكون الأول ببنية إنترنت الأشياء التحتية، والتي تُستخدم لعدة وظائف، منها مراقبة الظروف الجوية مثل درجة الحرارة، وتتبع السيارات عبر نظام تحديد المواقع العالمي GPS، إلخ من الوظائف الأخرى، وعادةً ما يتم تشغيل مستشعرات إنترنت الأشياء بواسطة بطارية أو مصدر طاقة خارجي للتيار المستمر، وليس شرطًا أن تحتوي جميع أجهزة إنترنت الأشياء على مستشعرات؛ أنظمة الإضاءة الذكية مثالًا.
2- الشبكة:
بدون الشبكة لا يمكن لفكرة إنترنت الأشياء أن تتحقق، وسيظل الجهاز الإلكترونيّ مجرد جهازٍ مستقل، فالشبكة ضرورية لحدوث عملية تبادل البيانات مع الأجهزة الأخرى أو عبر السحابة الإلكترونية، وينقسم الاتصال في إنترنت الأشياء إلى نوعين رئيسين: الاتصال السحابي، حيث يتم مشاركة البيانات عبر السحابة Cloud عند الحاجة إلى معالجة وتخزين البيانات الضخمة، والاتصال المحلي قصير المدى، الذي يشمل تقنيات مثل البلوتوث منخفض الطاقة BLE، والذي يتيح للأجهزة أن تتصل ببعضها ضمن نطاقٍ محدود، مثلما يحدث في الأجهزة المنزلية.
اقرأ أيضًا: كل ما تريد معرفته عن تقنية الجيل الخامس 5G
وعلى ذكر البلوتوث، فهو أحد الوسائط المُستخدمة في شبكات إنترنت الأشياء، بالإضافة إلى الواي فاي، وشبكات الاتصال؛ الفرق الأكبر في نطاق التغطية الذي يُحسَب بالترتيب لصالح شبكات المحمول، ثم الواي فاي، وأخيرًا البلوتوث.
3- وحدات التحكم:
هي الجسر بين الشبكة والمستشعرات، وتعمل كالآتي: تستقبل وحدة التحكم البيانات من أجهزة الاستشعار، مثل مستشعرات الحرارة أو الحركة، ثم تقوم بإرسالها إلى الشبكة أو السحابة للمعالجة إن اقتضى الأمر، عدا ذلك، تُعالج بعض وحدات التحكم البيانات بنفسها محليًا، وجدير بالذكر أن وحدات التحكم اليوم أصبحت أكثر قوة من حيث التخزين والقدرات الحسابية، وهذا يعني أنها تستطيع القيام بالمزيد من العمليات المعقدة وتحليل البيانات بشكل أسرع، لا سيما بفضل تقنيات مثل حوسبة الحافة Edge computing، التي تُسرع من عمليات المعالجة وتُحسن الاستجابة.
4- السحابة:
ذكرنا كلمة "السحابة" عدة مرات، وذلك لأهميتها في إنترنت الأشياء، وبشكلٍ عام، فإنها تُستخدم في الآتي: تخزين البيانات، ومعالجتها، وتقديم ما يُعرف بخدمات البوابة أو الشبكة "Gateway Services" لتوصيل البيانات بين الأجهزة والتطبيقات.
5- التطبيقات:
تسمح التطبيقات للمستخدمين برؤية البيانات وإرسال الأوامر إلى الأجهزة، وعادة ما يتم ذلك عبر السحابة، ولكن في بعض الحالات تتواصل الأجهزة مع التطبيقات مباشرة دون الحاجة إلى وساطة السحابة، وهذا يتحقق في حالة تطبيقات البلوتوث منخفضة الطاقة مثلًا.
الجدير بالذكر أنه مع تزايد عدد الأجهزة المتصلة، يُصبح من الضروري تحليل البيانات التي تُجمعها هذه الأجهزة، مما يتطلب بنية تحتية إضافية، كذلك لا ينبغي أن ننسى عنصر الأمان، الذي يؤثر على اختيار وتصميم جميع مكونات البنية التحتية تقريبًا، حيث يجب تأمين البيانات في أثناء النقل والتخزين باستخدام بروتوكولات مثل HTTPS بدلًا من HTTP، وربما تحتاج إلى أجهزة إضافية إذا أردت الامتثال للوائح "النظام الأوروبي العام لحماية البيانات GDPR" لضمان حماية البيانات الشخصية.
مثال عملي: لنفترض أنك تريد تهيئة نظام بسيط من إنترنت الأشياء لمراقبة درجة الحرارة، فإنك ستحتاج إلى:
- أجهزة إنترنت الأشياء: وهذا يشمل مستشعر الحرارة، وأداة التحكم، واتصال بالواي فاي أو بشبكة من الجيل الخامس (يُفضل الـ5G بسبب مميزاته المذكورة).
- نظام السحابة: يتمثل في السيرفرات التي ستتولى مهمة التعامل مع البيانات القامة من المُستشعرات من تحليلٍ ومعالجة وخلافه.
- تطبيق أو برنامج: سواء على هاتفك أو حاسوبك، وذلك للتحكم ومراقبة البيانات مباشرةً، فضلًا عن الأمان.
كيف يعزز الجيل الخامس من قدرات إنترنت الأشياء؟
تُعزز تقنية 5G من قدرات إنترنت الأشياء بشكلٍ كبير، ما سيحدث ثورةً في مختلف الصناعات، وإليكم بعض الأمثلة العملية لِما تستطيع هذه التقنية أن تفعله بإنترنت الأشياء:
- تحسين المراقبة والتحكم عن بُعد:
يسمح الجيل الخامس بالمراقبة والتحكم بالأجهزة المتصلة عن بُعد وفي الوقت الفعلي، على سبيل المثال، في مجال الرعاية الصحية، يمكن للأجهزة القابلة للارتداء مراقبة العلامات الحيوية للمرضى باستمرار، ونقل البيانات على الفور إلى مقدمي الرعاية الصحية، مما يسمح بالتدخلات السريعة، وبالمثل، في الزراعة، يمكن للمزارعين مراقبة مستويات رطوبة التربة والتحكم في أنظمة الري عن بُعد، ما يسهم في تحسين استخدام المياه وزيادة إنتاجية المحاصيل.
الجدير بالذكر أنه يمكن استخدام الأجيال السابقة من الاتصالات في هذه المجالات، وستعمل، ولكنها لن تكون بنفس سرعة وكفاءة الجيل الخامس الذي يمكنه أن يُنقذ حياة الأشخاص مثلًا، لأنه يساعد مقدمي الرعاية الصحية على التدخل السريع حال الحاجة إلى ذلك كما أسلفنا.
- تحسين تحليل البيانات:
تُمكن السرعات الأعلى وعرض النطاق الأوسع للجيل الخامس الأجهزة المتصلة بالإنترنت من جمع ونقل كميات كبيرة من البيانات إلى الأنظمة المركزية لتحليلها، على سبيل المثال، في مجال التصنيع، يمكن للآلات المزودة بأجهزة استشعار متصلة بالإنترنت إرسال بيانات الأداء إلى منصات التحليل السحابية في الوقت الفعلي، ما يسمح بالصيانة التنبؤية وتقليل التوقفات وزيادة كفاءة العمليات.
- تحسين عمليات الأتمتة:
يعد زمن الاستجابة المنخفض في الجيل الخامس أمرًا حاسمًا لعمليات الأتمتة، التي تتطلب اتخاذ قرارات فورية، وفي المصانع الذكية مثلًا، يمكن للروبوتات والأنظمة الآلية التواصل مع بعضها البعض بشكل شبه فوري، مما يحسن التنسيق والكفاءة في خطوط الإنتاج، وفي مجال اللوجستيات، يمكن للطائرات بدون طيار والمركبات الآلية العمل بدقة وموثوقية أكبر، مما يضمن توصيل البضائع في الوقت المحدد، وطبق ذلك على بقية المجالات.
اقرأ أيضًا: مميزات الجيل الخامس التي تتفوق على الأجيال السابقة
- معالجة البيانات في الوقت الفعلي
بمناسبة القرارات الفورية، فإن الجيل الخامس يُسهل من معالجة البيانات في الوقت الفعلي، وهذا أمر ضروري للتطبيقات التي تتطلب استجابات فورية، وعلى سبيل المثال، في المركبات الذاتية القيادة، تقوم المستشعرات والكاميرات بجمع البيانات عن البيئة المحيطة باستمرار، ومع الـ 5G، يمكن معالجة هذه البيانات في الوقت الفعلي، ما يسمح للمركبة باتخاذ قرارات فورية، ما يحسن من الأمان والموثوقية.
لماذا لا نستخدم الواي فاي بدلًا من الجيل الخامس بإنترنت الأشياء؟
قد يطرح البعض هذا السؤال المشروع، الذي سيقودنا لمقارنةٍ سريعة بين الـ 5G والواي فاي، ومبدئيًا، تتجاوز تكلفة الواي فاي لكل قدم مربعة تكلفة شبكات الجيل الخامس بنسبة 22% عند عمليات التهيئة الداخلية، كالتهيئة في المنازل أو المكاتب، ولكن إحقاقًا للحق، فإن الواي فاي أنسب لهذه النوعية من البيئات لاستقراره الشديد، في المقابل، توفر شبكات الـ 5G حلًا أكثر ملاءمة للبيئات واسعة النطاق مثل المدن الذكية أو العمليات الصناعية الكبيرة.
الاختلاف الثاني يكمن في إدارة الشبكة والموثوقية، فصيانة وإدارة شبكات الواي فاي يمكن أن تكون معقدة بالنسبة للكثيرين، خاصة للذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع أجهزة الراوتر و"المُحولات switches"، ناهيك عن مشكلات تكدس الشبكة والمشكلات الأمنية التي تُثير المخاوف باستمرار. على الجانب الآخر، يتم إدارة شبكات الجيل الخامس مركزيًا، علاوة على أنها مُصممة بالأساس للتعامل مع الكثافة العالية من الأجهزة بكل سهولة ودون أدنى تدخل، ما يعني أن هذه الإدارة المركزية تُقلل من تعقيد التشغيل وتعزز الموثوقية.
الاختلاف الثالث نجده في تجربة المُستخدم، فبالنسبة للبعض يمكن أن يُمثل إعداد الواي فاي والاتصال به تحديًا، إذ يعاني العديد من المستهلكين عند تهيئة شبكات الواي فاي، ما قد يؤثر على التجربة الكلية، وفي المقابل، يوفر الـ 5G اتصالًا أبسط وأكثر موثوقية دون الحاجة إلى إجراءات التهيئة المعقدة، وهذه السهولة في الاستخدام مفيدة بشكل خاص لأجهزة إنترنت الأشياء التي تحتاج إلى الحفاظ على اتصال آمن ومستمر طوال دورة حياتها.
هناك اختلافات أخرى غير المذكورة، ولكن المهم أن تعرف أن الـ 5G ليس بديلًا للواي فاي، أو العكس بالطبع، حيث يظل لكل منهما مميزاته التي ترجح كفته، ولكن عند التفكير على نطاقٍ واسع، فسنرى أن استخدام شبكات الجيل الخامس في إنترنت الأشياء هو الحل الأمثل.
تطور إنترنت الأشياء مع الجيل الخامس.. ما الذي يجب معرفته؟
يُتوقع أن يُحدث دمج تقنية الجيل الخامس مع إنترنت الأشياء ثورة في الصناعات، ويعزز تجارب المستهلكين، ويدفع التقدم التكنولوجي بشكل كبير، ومع انتشار الـ5G على نطاق واسع، ستشهد منظومة إنترنت الأشياء تطورًا كبيرًا، مما سيجلب اتجاهات جديدة وحالات استخدام مبتكرة، ولكن مع تحديات على جميع الجبهات، مثل:
- التكلفة العالية للبنية التحتية:
يتطلب نشر شبكات الجيل الخامس استثمارات مالية كبيرة، خاصة في تشييد البنية التحتية اللازمة، يشمل ذلك تركيب محطات الـ5G، والألياف الضوئية، والمكونات الأخرى للشبكة، وتكون التكلفة مرتفعة بشكل خاص في تقنية الموجات الملليمترية (mmWave)، التي تتطلب شبكة كثيفة من الخلايا الصغيرة، نظرًا لمدى تغطيتها الأقصر (بالمقابل تمتلك سرعات فائقة).
أضف إلى ذلك أنه في المناطق الأقل كثافة سكانية أو الريفية، حيث قد يكون العائد على الاستثمار أقل، قد يتردد مشغلو الشبكات في الاستثمار، ما يترك هذه المناطق بدون تغطية أساسًا، كل هذه التحديات تتطلب نفقات مالية كبيرة، وشراكات بين القطاعين العام والخاص، وربما دعمًا حكوميًا لتشجيع النشر على نطاق واسع.
اقرأ أيضًا: من زاوية مختلفة.. مخاطر شبكات الجيل الخامس
- التغطية المحدودة:
إحدى المزايا الرئيسة لشبكات الـ5G هو قدرتها على استخدام نطاقات الترددات العالية، خاصة الموجات الملليمترية، التي يمكن أن توفر معدلات بيانات فائقة السرعة، ومع ذلك، فإن هذه الترددات الأعلى لديها مدى محدود وقدرة ضعيفة على اختراق العوائق مثل المباني والأشجار، نتيجة لذلك، قد تواجه شبكات اـ 5G فجوات كبيرة في التغطية، خاصة في المناطق الريفية والنائية، وذلك بعكس شبكات الجيل السابق التي يمكنها أن تغطي مناطق أكبر بأدوات أو محطات أقل، ويتطلب المدى المحدود لشبكة الـ5G مزيدًا من أدوات البنية التحتية لضمان تغطية متسقة، ما يُصعّب توحيد جودة شبكات الـ 5G في جميع المناطق.
- توافق الأجهزة:
يمثل توافق الأجهزة تحديًا كبيرًا في تبني إنترنت الأشياء عبر نطاقات أوسع، فمعظم أجهزة إنترنت الأشياء الحالية صممت للعمل على شبكات الـ4G أو حتى الـ3G، وللاستفادة الكاملة من إمكانيات 5G، قد تحتاج المؤسسات إلى ترقية أجهزتها الحالية أو استبدالها، وهو ما يمكن أن يكون مكلفًا ومعقدًا، خاصة في عمليات النشر الكبيرة عبر الصناعات مثل التصنيع، واللوجستيات، والزراعة، إلخ، ويمكن أن تؤدي الحاجة إلى ترقية الأجهزة إلى إبطاء معدلات تبني إنترنت الأشياء عبر شبكات الجيل الخامس، خاصة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الميزانيات المحدودة.
- مخاوف الأمان والخصوصية:
صحيحٌ أن الجيل الخامس يدعم عددا أكبر من الأجهزة، ولكن هذا يأتي بمخاوف على مستوى الأمان والخصوصية، إذ قد تظهر ثغرات جديدة تُهدد القطاعات التي تتعامل مع معلومات حساسة مثل قطاع الرعاية الصحية، والمالية، والبنى التحتية الحيوية. علاوة على ذلك، قد تفتقر عملية الاتصال الأولية في شبكات الـ 5G إلى التشفير القوي، مما يعرض معلومات الأجهزة للهجمات السيبرانية، لذلك، يجب على الجهات المعنية تطوير وتنفيذ بروتوكولات أمان متقدمة، وأنظمة مراقبة مستمرة، وطرق تشفير قوية لحماية بيئات إنترنت الأشياء عبر الـ5G.
ختامًا، تفتح شبكات الـ 5G آفاقًا جديدة لإنترنت الأشياء وغيره من القطاعات الأخرى، التي ستجعل مستقبل التكنولوجيا مُشرقًا، ومع ذلك، يجب على الشركات والمجتمعات أن يستعدوا للتحديات المصاحبة، لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة.