علاج الزوجين: الفردي أم الجماعي، أيهما أنسب لك؟
في الماضي، عندما كانت فكرة استشارة الخبراء والمعالجين النفسيين غير مقبولة اجتماعيًا، كان الناس يلجؤون إلى شخص موثوق به لدى الطرفين ليلعب دور الوسيط المحايد في حل الخلافات الزوجية.
كان هذا الوسيط يستمع إلى كلا الطرفين، ثم يطلب منهما "طول البال"، ليعودا إلى منزلهما في هدوء مؤقت قبل أن تشتعل المشكلات مجددًا.
اليوم، تغيرت الأمور بشكل كبير. لم يعد هناك حرج أو وصمة عار مرتبطة بالعلاج النفسي أو الاستشارات الزوجية، بل أصبح هناك إقبال ملحوظ عليها في العالم العربي. ولكن مع تعدد الخيارات المتاحة، يطرح السؤال: ما هي أنواع العلاج المتاحة وأيها يناسبني؟
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل الأنواع الثلاثة الأكثر شيوعًا للعلاج الزوجي، مع توضيح النتائج المتوقعة من كل نوع لمساعدتك في اختيار المقاربة الأنسب لحالتك.
العلاج الفردي
العلاج الفردي قائم على مبدأ الاجتماع بشكل منفرد مع المعالج، حيث يمكنكم الحديث عن أفكاركم ومشكلاتكم الخاصة، بالإضافة إلى المشكلات الزوجية. ولأنها مقاربة طويلة الأمد تهدف إلى الوصول إلى جذور المشكلة والعمل على فهمها وحلها، فإنها عادة ما تمنح الشخص المعني وضوحًا أكبر حول نفسه والدوافع وراء تصرفاته.
من إيجابيات العلاج الفردي هو حصولكم على اهتمام المعالج بشكل كامل، كما ستتمكنون من إدارة الدفة حين يتعلق الأمر بالمواضيع التي تريدون مناقشتها والتعمق فيها. بطبيعة الحال، وبسبب غياب الطرف الآخر، فإن التخوف من رد الفعل حول مناقشة هذه الجزئية أو تلك غير موجود، ما يؤدي إلى الانفتاح التام وطرح الآراء ووجهات النظر بحرية.
العلاج الفردي مفيد بشكل خاص لأولئك الذين لم يخضعوا لأي نوع من الاستشارات النفسية أو الزوجية من قبل، أو للذين يعانون مشكلات نفسية خاصة بهم تؤثر بشكل مباشر على حياتهم الزوجية.
في المقابل، فإن عيوبه تتمثل في غياب الطرف الآخر ووجهة نظره. في هذه الحالة، سينظر المعالج إلى العلاقة من منظور واحد، ما يجعل الديناميكيات القائمة في الحياة الزوجية غير واضحة تمامًا، لأنه لا يملك أي سبيل لمعرفة وجهة النظر الأخرى.
وبما أن الطرف الذي يخضع للعلاج عادةً ما يقوم بلوم نفسه بشكل كلي أو لوم الشريك، فإن الفراغات الناجمة عن غياب الرأي الآخر تدفع المعالج إلى التخمين، ما يؤدي إلى تقييم غير دقيق لأسباب المشكلات في العلاقة.
ومع ذلك، فإن العلاج الفردي قد يكون الحل الوحيد في حال كان أحد الشريكين غير مستعد على الإطلاق لتجربة أي نوع من العلاجات أو الاستشارات الزوجية.
ما يوفره العلاج الفردي:
- استكشاف ذاتك، ما يساعدك على تحسين العلاقة.
- دعم نموك الشخصي.
- الكشف عن السلوكيات اللاواعية المؤثرة على العلاقة.
- المساعدة على التخلي عن ذكريات الماضي المؤلمة والتغلب على الصدمات.
- قبول الذات وتقبل التقصير والخطأ.
اقرأ أيضًا: فن تغيير طباع الزوجة: استراتيجيات فعالة لتحسين العلاقة الزوجية
علاج الأزواج
هذا العلاج مخصص للذين يعانون أنماطًا سلوكية غير صحية، ما يعني أنه يتطلب معالجة المشكلات من الجذور من خلال العودة إلى الخلافات ومناقشتها لمعرفة مصدر الخلل. كما أنه يتمحور حول معرفة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه النوعية من المشكلات في العلاقة.
من خلاله، ستعملان كثنائي على تحديد العوامل التي تسهم في النزاعات من خلال مناقشة الأسباب ضمن ضوابط صحية، كما يتم العمل على تطوير مهارات حل النزاعات والمساومة. خلافًا للعلاج الفردي، حيث لا وجود سوى لوجهة نظر واحدة، فإن التفاعل سيوضح للمعالج الصورة كاملة، ولن يلجأ إلى التخمين لسد الثغرات، بل سيبني تقييمه على الوقائع.
الخطوط العريضة لهذا النوع من العلاج هي العمل بدايةً على معرفة المشكلة الأساسية، ومن هناك ينطلق المعالج إلى التعامل مع العلاقة ككل وليس من وجهة نظر كل فرد. لاحقًا، قد يتم تحديد ما إذا كانت هناك حاجة للعلاج الفردي أم لا.
من خلال الأسئلة الموجهة لفهم الأسباب والدوافع الكامنة وراء التصرفات، قد يتم الوصول إلى قناعة بأن أحد الطرفين يعاني من خلل ما يتطلب علاجًا فرديًّا.
من عيوب العلاج الزوجي أنه يمنع المعالج من منح كل طرف الاهتمام الذي قد يحتاج إليه. وبطبيعة الحال، ورغم أن هذه المساحة آمنة، إلا أن البعض قد يتردد في الانفتاح بشكل كامل خوفًا من ردود فعل الآخر لاحقًا، ما يقلل بشكل كبير من فعالية العلاج. نجاحه يعتمد على التزام الطرفين بالعمل بجدية على تحسين العلاقة، وهذا يعني أن أي تقصير من أي طرف قد يؤدي إلى الفشل.
ما يوفره علاج الأزواج:
- معالجة جذور المشكلات.
- تحديد المجالات في العلاقة التي قد تحتاج إلى اهتمام المعالج.
- إعادة تقييم الماضي، الجدالات، والمشكلات في العلاقة.
- معالجة الأسباب أولاً، ثم التركيز على الكيفية.
- محاولة العثور على إجابة حول سبب وجود العقبات.
- تطوير مهارات حل النزاعات وتعلم كيفية التواصل.
- تحديد الأهداف المشتركة والعمل على تحقيقها.
الاستشارة الزوجية
الاستشارة الزوجية هي مقاربة "أقل رسمية" من الخيارين السابقين، كما أنها محددة ضمن إطار زمني يتراوح عادة بين 11 أو 12 جلسة. قد يتضمن علاج الأزواج الاستشارة الزوجية، لكن العكس غير صحيح.
هذا النوع من الاستشارة يساعدكم على التعامل مع تحديات الحياة الزوجية من خلال التركيز على الحاضر والعقبات التي تواجه العلاقة بشكل متكرر. كما أنه يوفر نوعًا من الإرشاد من خلال التشجيع على الحديث عن الاختلافات والعمل على إيجاد التسويات.
التركيز بشكل عام يكون على إتقان فن التواصل بين الزوجين، وذلك لحل المشكلات الحالية والمستقبلية، إذ إن الهدف الأساسي للاستشارة هو إعادة العلاقة إلى مسارها الصحيح.
تتمثل سلبيات الاستشارة الزوجية في أنها لا تبحث في العمق ولا تتطرق إلى ما حدث في السابق، رغم أن المشكلات الحالية قد تكون بسبب تراكمات الماضي. وظيفة المعالج في هذه الحالة أقرب إلى وسيط محايد يستمع إلى الطرفين ويسهل النقاشات بينهما بطريقة منظمة في بيئة آمنة خالية من العدائية.
بشكل عام، تعتبر الاستشارة الزوجية مفيدة في حال وجدتم أنفسكم تواجهون العقبات بشكل مفاجئ، أو في حال وصلت العلاقة إلى مرحلة روتينية جعلتها تفقد بريقها.
ما توفره الاستشارة الزوجية:
- تساعدكما على مواجهة الصعوبات معاً.
- تضع علاقتكما على المسار الصحيح.
- تركز على الحاضر وتوفر فرصة لمناقشة الاختلافات قبل أن تتسبب بمشكلات ونزاعات.
- تسمح لكما ببناء أساس قوي للعلاقة.
- تعيد الثقة ولهيب الحب إلى علاقتكما.