لماذا تتدهور صحة الجهاز الهضمي مع تقدم العمر؟ وكيف تُحافِظ عليه؟
دوام الحال من المحال، والجهاز الهضمي، لو كان عامِلاً اليوم بكفاءته، فرُبّما لا يكون بالكفاءة نفسها غدًا. فالمرء أسير الزمن، والجهاز الهضمي، مثل باقي أجزاء الجسم، يتأثّر مع مرور الأيام وتقدّم الأعمار.
إذ يصير الهضم أبطأ، وربّما ينقص حمض المعدة الذي يساعد على هضم البروتين، كما تزداد وتيرة الإمساك مقارنةً بما كان عليه المرء سابقًا. فكيف يمكن الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي وتفادي تلك المخاطر مع تقدّم العمر؟
لماذا قد تضطرب صحة الجهاز الهضمي مع تقدُّم العمر؟
تتباين العوامل المُؤثِّرة في صحة الجهاز الهضمي مع تقدُّم العمر، ومن أبرز التغيّرات التي تقع على الجهاز الهضمي:
- بطء الهضم: يُؤدِّي بطء الهضم إلى مرور الطعام ببطءٍ عبر الجهاز الهضمي، كما يزداد امتصاص الماء من الطعام، ما قد يُسبِّب الإمساك.
- قلة شُرب السوائل: قد يقل اهتمام المرء بتناول ما يكفيه من السوائل مع تقدّم العمر، أو ربّما يتناول مدرات البول، ما يُؤدِّي إلى فقدان كمية كبيرة من السوائل.الأمراض المزمنة: مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، أو التهاب المفاصل، فهي من الأمراض التي تتزايد فرص الإصابة بها مع تقدّم العمر، وقد تُؤدِّي هي أو الأدوية المُتناوَلة لعلاجها إلى اضطرابات هضمية.
أبرز الاضطرابات الهضمية المُتزايدة مع تقدّم العمر
تزداد فرص الإصابة ببعض الاضطرابات الهضمية مع تقدّم العُمر واستمرار عجلة الزمان بلا توقف، ومن أبرزها:
1. الإمساك
الإمساك من المشكلات الشائعة بين كبار السن، ويزداد مع تقدّم العمر، وأسباب الإمساك عديدة؛ أهمها:
- سوء استخدام بعض الأدوية، مثل المُليّنات.
- خمول الغدة الدرقية.
- مرض السكري.
- مرض الكلى.
- حساسية الغلوتين.
- قلة الألياف في النظام الغذائي.
- قلة شُرب السوائل.
- قلة النشاط البدني.
2. بطء الهضم
كذلك، قد يبطئ هضم الطعام خاصةً أنّ عضلات الجهاز الهضمي تتباطأ مع تقدّم مر، كما قد يطول وقت مرور الطعام عبر المعدة، والبراز عبر القولون.
اقرأ أيضًا:منعًا لعُسر الهضم أو حُرقة الصدر.. 4 نصائح لتحضير قهوة لا تضر معدتك
3. نقص حمض المعدة
حمض المعدة ضروري لهضم الطعام، خاصةً البروتين، كما أنّه مهم لامتصاص العناصر الغذائية، ويظنّ الباحثون أنّه مع تقدّم العمر، فإنّ إفراز حمض المعدة يتراجع.
لكن ذلك ليس دائمًا، فقد أظهرت مُراجعة عام 2015 في "Oncotarget"، أنَّ إفراز حمض المعدة إمّا لم يتأثّر أو قد زاد بين كبار السن، ورغم ذلك فإنّ العوامل التي تُحفِّز نقص حمض المعدة كانت أعلى لديهم، بما في ذلك جرثومة المعدة والتهاب المعدة الضموري.
ومن العوامل التي قد تُؤدِّي إلى قلة إفراز حمض المعدة- إلى جانب تقدّم العمر- ما يلي:
- التوتر.
- نقص بعض الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامينات ب، والزنك والحديد.
- تناول الأدوية المضادة للحموضة.
- جرثومة المعدة.
- جراحة المعدة.
4. قلة إنتاج الإنزيمات الهاضمة
الببسين مثلًا؛ أحد أهم الإنزيمات الهاضمة التي تُساعِد على هضم البروتين، الذي يتراجع بعد بلوغ 70 عامًا من العُمر.
ولا يقتصر الأمر عليه، بل أظهرت عديد الدراسات أنّ الأشخاص الأكبر من 65 عامًا يُعانُون انخفاض إفراز العديد من الإنزيمات الأخرى الهاضمة، وهذا النقص قد يُؤدِّي إلى سوء التغذية واضطراب الهضم.
5. ارتجاع المريء
كثيرًا ما يُعانِي البالغون ارتجاع المريء أو حرقة المعدة، كما أنّ فرص الإصابة به تزداد مع التقدُّم في السن، وثمّة بعض العوامل التي قد تُعزِّز فرص الإصابة به إلى جانب تقدّم العمر، مثل:
- زيادة الوزن.
- تناول بعض الأدوية، مثل المُسكّنات.
- فتق الحجاب الحاجز.
- نقص حمض المعدة.
6. السلائل أو الأورام الحميدة
كبار السن أكثر عُرضةً للإصابة بسلائل القولون "نموات أو أورام حميدة ناشئة فيه"، وغالبًا ما تكون غير مؤلمة، ويُمكِن كشفها عند الفحص الروتيني للقولون.
ويُعتقَد أنّ جميع سرطانات القولون والمستقيم تقريبًا تنشأ من السلائل الغُدية في القولون، لكن قليلًا ما يحدث ذلك؛ إذ سُرعان ما تُكتشَف بوساطة منظار القولون خلال الفحص الروتيني.
ورغم عدم اجتماع العلماء على أسباب واضحة وراء زيادة الأورام الحميدة أو السلائل مع تقدّم العمر، فقد يكون مرتبطًا بعملية تجديد خلايا الجهاز الهضمي التي تحدث على الدوام، ومع تقدّم العمر، فإنّ الخلايا قد تتراكم في الجهاز الهضمي مع عدم تجديدها بخلايا أخرى، وذلك إلى جانب تغيّر الاستجابة المناعية في بطانة الأمعاء.
اقرأ أيضًا:كيف تحافظ على الجهاز الهضمي من الأمراض؟
7. قرح المعدة
قرح أو نزيف أو ثقب المعدة من الاضطرابات الهضمية الشائعة بين كبار السن، والأمر يبدأ بقرحةٍ؛ لا تُعالَج كما ينبغي، فما تلبث المعدة أن تنزف ويتقيأ المريض دمًا، أو تُثقَب وربّما يلتهب البريتون، وهذا قد يكون خطرًا جدًا على حياة الإنسان.
ومن أبرز أسباب قرح المعدة:
- جرثومة المعدة.
- الإفراط في تناول المسكنات.
8. اختلال الميكروبيوم
الميكروبيوم هو البكتيريا النافعة في الأمعاء، والتي تساعد في هضم الطعام والتخلص من السموم وتعزيز المناعة، والحفاظ على صحة الجهاز الهضمي، لكن كل الوظائف المُفِيدة التي يقوم بها الميكروبيوم تتراجَع مع تقدّم العمر، ما قد يُؤثِّر سلبًا في الهضم والمناعة.
نصائح للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي
أشار "Cleveland Clinic" إلى بعض النصائح التي من شأنها أن تُحافِظ على صحة الجهاز الهضمي رغم التقدّم في العمر، مثل:
1. التزام نظامٍ غذائيٍ صحي
ويشمل النظام الغذائي الصحي:
- تناول الألياف ضمن الوجبات الرئيسة، مثل الفواكه والخضراوات، والحبوب الكاملة.
- تقليل تناول الأملاح.
- تجنُّب الأطعمة البيضاء، مثل الخبز الأبيض والأرز والبطاطا.
- شُرب كميات مناسبة من الماء أو غيرها من المشروبات غير الغنية بالكافيين.
- تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة المليئة بالبروتين، مثل البقوليات والأسماك.
2. تجنُّب الأطعمة التي تزيد حرقة المعدة
قد تزيد بعض الأدوية حرقة المعدة وارتجاع المريء، مثل المقليات ومنتجات الألبان، والمشروبات الغنية بالكافيين وغيرها، كما أنّ تناول وجبات كبيرة من الأمور التي قد تُساعِد على ارتجاع المريء، لذا يجب تقليل حجم الوجبات المُتناوَلة، وتجنّب الأطعمة التي قد تزيد الأعراض لديك.
اقرأ أيضًا:لماذا يزداد الوزن مع اقتراب منتصف العمر؟ وكيف نمنع ذلك؟
3. البروبيوتيك
يُنصَح دومًا بالحصول على مكملات البروبيوتيك؛ وهو البكتيريا النافعة التي تقطن الأمعاء، والتي قد تتأثّر مع تقدُّم العمر، فهي مفيدة في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي، كما قد تُساعِد في التغلُّب على الإمساك المزمن، ويمكن الحصول عليها عبر المكملات الغذائية أو بتناول الأطعمة الغنية بها، مثل الزبادي.
4. زيادة النشاط البدني
إنَّ من أعظم ما يحفظ الصحة عمومًا وصحة الجهاز الهضمي خصوصًا؛ ممارسة التمارين الرياضية وزيادة النشاط البدني؛ إذ ينبغي أن يهدف المرء إلى ممارسة التمارين الرياضية 30 دقيقة يوميًا لـ 5 أيام أسبوعيًا على الأقل.
5. تجنُّب التوتر قدر الإمكان
قد لا يُسبِّب التوتر عسر الهضم أو القولون العصبي مباشرةً، ومع ذلك فإنّ له يدًا في الإصابة بالاضطرابات الهضمية، خاصةً متلازمة القولون العصبي.
وذكر موقع "Everydayhealth" أنَّ ممارسة التمارين الرياضية أفضل طريقة للتغلّب على عسر الهضم والتوتر في آنٍ واحد، كما يُنصَح أيضًا بالنوم جيدًا خلال الليل، فهذا مِمّا يُساعِد في تجنّب التوتر وتقليله على مدار اليوم، كما يمكن الانخراط في أنشطةٍ تُساعِد على تخفيف التوتر، مثل ممارسة بعض هواياتك أو التأمل، أو التنفّس العميق.
6. عدم الإسراف في استخدام الأدوية
ينبغي الاقتصار حال تناول الأدوية، سواء كانت المُسكّنات أو أدوية ضغط الدم أو غيرها، على الجرعات الموصوفة من قِبل الطبيب، وإلّا فإنَّ الإفراط في تناول الأدوية سيزيد خطر المعاناة من اضطراباتٍ هضمية، خاصةً مع تقدّم العمر والمعاناة من أمراضٍ مزمنة أخرى.