نظارات بيجماليون والواقع الافتراضي.. إليك كل ما تحتاج معرفته عن الـ"VR"
يمكن إرجاع الاستخدامات الأولى للواقع الافتراضي إلى ما قبل اختراع الحاسوب، أو على الأقل قبل التوصل إلى الـ "VR" كما نعرفه اليوم، ففي القرنين الثامن والتاسع عشر ظهرت اللوحات البانورامية والتي حاول الفنانون من خلالها أن يطمسوا الحدود بين الصور ثنائية وثلاثية الأبعاد ما خلق للمشاهدين وهمًا بالانغماس immersion، ومن هنا كانت البذرة الأولى لمفهوم الواقع الافتراضي.
ما هو الواقع الافتراضي؟
يُعرَف الواقع الافتراضي Virtual Reality (VR) على أنه استخدام النمذجة والمحاكاة الحاسوبية لتمكين الأشخاص من التفاعل مع بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد، إذ يُغمَر المستخدم في هذه البيئة وينعزل عن عالمه الحقيقي -من حيث الرؤية على الأقل- على عكس الواقع المعزز AR أو الواقع المُختلط MR واللذين سنتحدث عنهما بالتفصيل مستقبلًا.
لدخول هذا العالم يتم استخدام أجهزة تفاعلية مُخصصة، مثل النظارات Goggles أو قفازات الواقع الافتراضي عادةً، أما النظارات فتكون بهدف عرض العالم أو البيئة الافتراضية التي سندخل إليها، وأما القفازات فتكون للتحكم بحركات المستخدم ومراقبته في الوقت الفعلي real-time.
كيف بدأ الواقع الافتراضي؟
ظهر مصطلح "الواقع الافتراضي" لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي، غير أن تاريخ هذه الفكرة يعود إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير؛ إلى القرن التاسع عشر ربما، عندما كانت هذه الفكرة تُصوَّر في الفنون والأدب.
كما قد يتوقع الكثير، بدأت فكرة الواقع الافتراضي من الخيال العلمي، وتحديدًا من القصة القصيرة لستانلي جي وينباوم والتي تحمل اسم "نظارات بيجماليون" (Pygmalion’s Spectacles)، حيث رأينا فيها العالم من منظور شخصية ترتدي نظارات متطورة تُقدم تجربة شبه حقيقية يمكن أن تُستخدم فيها الحواس الخمس من إبصار وشم وسمع ولمس وتذوق.
ظلت الفكرة مطروحة دون مصطلح يصفها حتى عام 1987؛ في ذلك العام صك جارون لانييه، وهو عالم حاسوب ومؤلف أمريكي، مصطلح "الواقع الافتراضي" (Virtual Reality) أخيرًا. لم يكتف بالتسمية فقط، بل ساهم أيضًا في التطور المُبكر للتقنية في ذلك الوقت.
لعبت الحكومة الأمريكية دورًا محوريًا في دعم أبحاث الواقع الافتراضي وتطويره. أغلب الظن أن وزارة الدفاع وجدته مفيدًا في التدريب والمحاكاة، في حين موَّلت المؤسسة الوطنية للعلوم (NSF) ووكالة الفضاء الدولية الشهيرة (NASA) أبحاث هذه التقنية لما لها من فوائد علمية أيضًا.
الأنواع الأساسية من الواقع الافتراضي
لا زال أمام تقنية الواقع الافتراضي الكثير حتى تُصبح تجربة متكاملة، وعلى حسب درجة الانغماس يمكننا تقسيم الواقع الافتراضي إلى 6 أنواع رئيسية:
الواقع الافتراضي غير الانغماسي Non-immersive VR: ويشير إلى نوعٍ من المحاكاة ثلاثية الأبعاد التي يتم الوصول إليها عبر شاشة الحاسوب، مثل ألعاب الفيديو؛ باختصار أي شيء مُجسم تراه على شاشة ما يُعد نوعًا من الواقع الافتراضي، ولكنه يكون غير انغماسيّ بالمرة، ما يعني أنك بالكاد تراه ولا يمكنك أن تتفاعل معه.
الواقع الافتراضي الانغماسي Fully immersive: على الجهة المقابلة من النوع السابق يوجد الواقع الافتراضي الانغماسي بالكامل والذي يُقدم تجربة استثنائية تُشعِرك وكأنك جزءًا من الصورة المُجسمة التي تراها، فبدلًا من أن تتحكم بلعبة فيديو عن طريق الفأرة ولوحة المفاتيح مثلًا، تخيل أن تكون داخل اللعبة نفسها. صحيحٌ أننا لم نصل إلى المستوى الذي وصل إليه بطل قصة "نظارات بيجماليون- Pygmalion’s Spectacles" بعد، ولكننا قطعنا شوطًا طويلًا.
الواقع الافتراضي شبه الانغماسي Semi-immersive: يقبع هذا النوع بين النوعين السابقين، فلا هو يعزلك عن اللعبة تمامًا، ولكنه في نفس الوقت لا يجعلك تشعر وكأنك جزءًا منها. ومن الأمثلة على الواقع الافتراضي شبه الانغماسي أو الاندماجي: جهاز محاكاة الطيران الذي تستخدمه شركات الطيران والجيوش للتدريب.
الذكاء الاصطناعي التعاوني Collaborative VR: قد لا يعتبر البعض هذا النوع تصنيفًا أوليًا وإنما ثانوي للأنواع الثلاثة السابقة وللنوعين الآتيين، ولكنه على كلِ حال يضم أشخاصًا من مواقع مختلفة في بيئة افتراضية واحدة بحيث يتفاعلون مع بعضهم. كُل شخصٍ يكون له تجسيد أو شكل ثلاثي الأبعاد يُسمى بالـ "Avatar"، والتواصل عادةً يكون باستخدام الميكروفونات وسماعات الرأس.
الواقع الافتراضي المعزز AR: يُشار لهذا النوع بالواقع المعزز Augmented Reality (AR) للاختصار، وفيه يكون الشخص موجودًا داخل بيئة افتراضية معينة، ولكنه في نفس الوقت قادر على رؤية البيئة الحقيقية المحيطة به دون التفاعل معها، ومن أشهر الأمثلة على هذا النوع نظارات Meta Quest 3 من شركة Meta (فيسبوك سابقًا).
الواقع الافتراضي المختلط MR: أو الواقع المختلط Mixed Reality (MR) للاختصار، ويشبه الواقع المعزز إلى حدٍ كبير، ولكن الفرق الشاسع أنه يتيح لك التحكم والتفاعل ببيئتك المحيطة، حيث تأتي أجهزة هذا النوع مزودةً بكاميرات أو مستشعرات تتعرف على يديك وعلى ما يحيط بك من جمادات وأشخاص، وأشهر مثالٍ على هذه الأجهزة نظارات أبل الثورية Apple Vision Pro.
خصائص الواقع الافتراضي
من الأشياء الواجب معرفتها أيضًا حول الواقع الافتراضي VR هي خصائصه أو أهم مفاهيمه، ومنها:
الانغماس Immersion: ويعتبر المفهوم الأهم، ولهذا لا عجب أننا ذكرناه أكثر من مرة. المقصود بهذا المفهوم هو مدى شعورك بأنك جزءٌ من الواقع الافتراضي؛ كلما زاد عدد الحواس التي تستطيع استخدامها، زادت درجة الانغماس وكانت التجربة أفضل.
التفاعل Interaction: يُعد الواقع الافتراضي تجربة تفاعلية في المقام الأول، ومثلها مثل الانغماس، كلما كانت درجة التفاعل أكبر، كانت التجربة أفضل، ولاحظ أن التفاعل مع العالم أو الواقع الافتراضي يعتمد على مدى انغماسك فيه.
الصوت المحيطي Spatial audio: العنصر أو المفهوم الثالث من مفاهيم الواقع الافتراضي هو المسؤول عن إمدادك بتجربة صوتية واقعية، وسُمي بالمحيطي Spatial لأنه يأتيك من كل جهة محيطة بك، وليس من جهة الجهاز أو السماعة التي تضعها على أذنيك فقط، ولهذا يُسمى أحيانًا بالصوت ثلاثي الأبعاد أيضًا.
رد الفعل اللمسي متعددة الحواس Multi-sensory haptic feedback: بأدوات تحكم البلايستيشن 4 والبلايستيشن 5، على سبيل المثال، توجد تقنية تُشعرك بواقعية اللعبة التي تستمتع بها، فإذا وجهت لعدوك ضربة في لعبة قتالية ما مثلًا، سيهتز ذراع التحكم فيما يُسمى برد الفعل اللمسي hepatic feedback؛ نفس التقنية تقريبًا توجد في الأنواع المتقدمة من أجهزة الواقع الافتراضي، ولكن على مقياسٍ أكبر لزيادة الواقعية.
الرؤية المحيطية 360-degree view: حتى يكون مجال رؤيتك محدودًا بالعناصر الموجودة أمامك فقط، تُقدم هذه الخاصية الموجودة بمعظم نظارات الواقع الافتراضية إمكانية رؤية الأشياء في جميع الجهات وكأنك في الحقيقة.
كيف يعمل الواقع الافتراضي؟
تخدع أجهزة الواقع الافتراضي العقل البشري وتجعله يشعر وكأن البيئة الرقمية الموجود بها هي الواقع بعينه، لا سيما إن تحققت مجموعة من الإشارات اللمسية والبصرية والسمعية. ولكن كيف يتم خداع العقل؟ بالتلاعب بشكلٍ معقد بمدخلاته الحسية عن طريق توليد شعور عميق بالانغماس في البيئات الرقمية، ناهيك عن تقديم مجال رؤية يحاكي اتساع العالم الحقيقي، وتتبع حركات الرأس بواسطة المستشعرات في الوقت الفعلي، وإكمال التجربة بمحاكاة مذهلة للصوت عن طريق الصوت المحيطي spatial audio الذي تحدثنا عنه.
وبشكل عام، ومثلما أشرنا سابقًا؛ كلما زاد عدد الحواس المُستخدمة في الواقع الافتراضي، زاد إشراك القشرة الحركية في الدماغ وزاد إيهامه بأن هذا واقعٌ حقيقي.
تطبيقات الواقع الافتراضي
ولكن فيما يمكن أن يُستخدم الواقع الافتراضي؟ غالبًا ما يتم استخدامه، وبكثرة، في ألعاب الفيديو والشركات بدأت تهتمُ جدًا بذلك وأصبحنا نرى إصدارات مُخصصة من الألعاب للواقع الافتراضي، مثل Horizon: Call of the Mountain، وGran Turismo 7، وResident Evil Village. ولكن، هذا لا يعني أن استخدامات هذا المُصطلح العملية تقتصر على الألعاب فقط بالطبع، إذ يدخل في مجالات التعليم والصحة والأشكال الأخرى المختلفة من الترفيه، على سبيل المثال:
في مجال التعليم
على سبيل المثال، تُساعد تقنية الواقع الافتراضي المُعلمين بشكل كبير في إيصال المعلومة عن طريق تجسيد المفاهيم العلمية أو توضيح الأحداث التاريخية للطلاب، إلخ، فباستخدام هذه التقنية يمكن للمُعلم أن يعرض أمام الطلاب شكلًا مجسدًا لنواة الذرة ومكوناتها أو يُريهم كيف كان يبدو إنسان النياندرتال.
في مجال الرعاية الصحية
على عاتق الواقع الافتراضي تقع آمالٌ كبيرة من شأنها أن تُحدث ثورة في مجال الرعاية الصحية، أيضًا بالنسبة للمرضى والأطباء. أما المرضى، فالنتائج واعدة في علاج أمراض واضطرابات مختلفة مثل فقدان الشهية والقلق واضطرابات ما بعد الصدمة، وذلك عن طريق توفير بيئات خاضعة للعلاج بالتعرض (نوع من العلاجات يركز على تغيير استجابتك تجاه موقفٍ أو شيء تخشاه). وأما من ناحية الأطباء، فيساعدهم الواقع الافتراضي في التشخيص وتوفير خيارات أكثر لعلاج المرضي.
في مجال التدريب
من المجالات التي يساهم الواقع الافتراضي فيها بشكلٍ ملحوظ وعلى نطاقٍ واسع مُقدِمًا بيئة آمنة، وفعالة، وغير مكلفة لتعلم المهارات المختلفة، وبالأخص التي تكون فيها نسب الخطر مرتفعة. على سبيل المثال، رجال الإطفاء أو ضباط الشرطة أو الجنود أو الجراحين أو غيرهم من الأشخاص الذين يحتاجون نوعًا خاصًا من التدريبات -على اختلاف شدتها وأهميتها- تجد أن الواقع الافتراضي يُساعدهم بوضوح. لذلك لا عجب أن نرى مبادرات من مؤسسات مختلفة مثل بنك أمريكا Bank of America أو حتى وول مارت لتوفير عشرات الآلاف من أجهزة الواقع الافتراضي وتدريب الموظفين من خلال هذه التقنية.
في مجال الترفيه
وبلا أدنى شك، فكثيرٌ ممن سمع بالواقع الافتراضي ونظارات الـ VR سمع عنه بفضل استخداماته في مجال الترفيه عمومًا والألعاب على وجه الخصوص، فمثلما تُقدم هذه التقنية تجارب واقعية وانغماسية للألعاب، يمكنها أن تُقدم تجارب مشابهة في الأفلام مثلًا؛ تخيل أن تشاهد فيلمًا تستطيع أن تكون أحد أبطاله وتؤثر في سير أحداثه؛ إن حدث هذا الأمر يومًا ما فسيكون بفضل هذه التقنية.
في مجال الرياضة
كمشجعٍ لكرة القدم -على سبيل المثال-، وبفضل الواقع الافتراضي VR، يمكنك أن تشاهد المباريات وكأنك في الملعب، وفي روايةٍ أخرى؛ تعاقدت شركة Meta مع الرابطة الوطنية لكرة السلة NBA لتزويد مستخدمي نظارات Meta Quest VR بتجربةٍ لا تُضاهى في مشاهدة المباريات على خدمة Meta Horizons World.
الموضة وأشياء أخرى
تخيل أن تُجرب زيًا مُعينًا وأنت في منزلك، أو أن ترى تصميم منزل أحلامك قبل البدء في بنائه، أو حتى تجربة تسريحات شعر مختلفة قبل أن تذهب لمحل الحلاقة، كل هذا وأكثر أصبح ممكنًا بفضل الواقع الافتراضي.
بالإضافة إلى ما ذكرناه، يمكن للواقع الافتراضي أن يدخل في عددٍ ضخم من المجالات مثل العقارات والتصميم والتسوق والسياحة والسفر؛ لكلٍ من هذه المجالات لو فكرت فيما يمكن لهذه التقنية أن تضيفه ستجد خيارات لا حصر لها.
شركات تُقدم نظارات الواقع الافتراضي
أصبح لكل شركة تقنية تقريبًا باعٌ في تكنولوجيا الواقع الافتراضي، ولعل الشركات الرائدة والمتصدرين للمشهد في الوقت الراهن هم Meta (فيسبوك سابقًا)، وSony، وValve، وHTC.. وتقود Meta على وجه التحديد هذا السوق نظرًا لامتلاكها واحدة من أقوى، إن لم تكن أقوى النظارات في هذا المجال.
ليس هذا فحسب، فشركة Meta هي التي لفتت أنظار العالم للميتافيرس عندما أعلنت تحولها من Facebook إلى Meta في 2021، والميتافيرس بالمناسبة هو المفهوم الأوسع للواقع الافتراضي، أضف إلى ذلك اهتمامها بالنظارات الذكية وإنتاجها لنظارات Ray-Ban Meta الذكية بالتعاون مع شركة Ray-Ban.
الجدير بالذكر أن شركات أخرى عريقة مثل جوجل وسامسونج وحتى ميكروسوفت حاولت أن تكون من اللاعبين الرئيسيين لهذا السوق، ولكنها لم تستطع، إذ كانت نظارة جوجل (Google Daydream) مخيبة للآمال في حين لم تحظ نظارات سامسونج (Samsung Gear VR) بانطلاقة جيدة مما أبعدها عن المنافسة، أما ميكروسوفت، فكانت تُنبئ بشيء واعد، ولكن على ما يبدو أنها تخلت عن هذا السوق لانشغالها بمجالات أخرى.
أما عن أفضل نظارات الـ VR الموجودة على الساحة حاليًا فهي كالآتي:
PSVR 2: وهي الترقية القوية لنظارات الـ PSVR من سوني، والتي تعد الأفضل على الإطلاق في مجال الألعاب "الجيمنج"، حيث تأتي بمواصفات مبتكرة ومكتبة كبيرة من الألعاب.
Meta Quest 3: المنافس المباشر لأقوى جهازٍ على الساحة حاليًا وهو الـ Apple Vision Pro، وإن كانت نظارة أبل تُصنَف كنظارات واقع مختلط، ولهذا لم ولن نُضمنها بهذه القائمة لأنها في فئة منفصلة تُغرد فيها وحيدة. على كلٍ، تُعد Meta Quest 3 من أفضل نظارات الواقع الافتراضي ويرى الكثير أنها الأفضل.
HTC Vivo Pro 2: ربما يعيبها السعر فقط، عدا ذلك فإمكانياتها جيدة جدًا ويمكن القول بأنها أفضل نظارة واقع افتراضي على الحاسوب.
Valve Index: تُنافس نظارات PSVR 2 وبقوة، ولولا سعرها المرتفع لربما من أكثر نظارات الواقع الافتراضي شهرة.
HTC Vive Cosmos Elite: إذا كنت تمتلك حاسوبًا من الفئة المتوسطة وأردت استخدام نظارات الواقع الافتراضي، فعليك بالـ HTC Vive Cosmos Elite المناسبة لهذه الفئة من الحواسيب.
مستقبل الواقع الافتراضي
قد يبدو الأمر فلسفيًا بعض الشيء، ولكننا بحاجةٍ إلى واقعٍ بديل عن هذا الذي نعيش فيه لأسباب مختلفة، ولهذا لا عجب أن هذا المجال ينمو بسرعة كبيرة ومن المتوقع أن يستمر في النمو، فوفقًا لتقريرٍ حديث صدر عن مجموعة أبحاث واستشارات دولية، قد يصل السوق العالمي للواقع الافتراضي إلى 313.5 مليار دولار بحلول عام 2032.
على عكس بدايات هذا المجال، لم يعد الوصول إلى الواقع الافتراضي أمرًا عصيًا بفضل توفر العديد من النظارات وبأسعارٍ معقولة، والحقيقة أن من يريد الدخول إلى هذا العالم الممتع والمفيد في الوقت نفسه، أصبح يبحث عن الخيارات الأفضل الداعمة للواقع المعزز والواقع المختلط، ما أدى في النهاية إلى انخفاض سعر نظارات الـ VR.
وعلى سيرة الأسعار، فالخبر السعيد أن نظارة مثل Meta quest 3 تُسعر بـ 500 دولار في حين تُثمَّن الـ PSVR 2 بـ 550 دولار، وهذه أسعار متواضعة مقارنة بنظارات أبل Apple Vision Pro التي تساوي 3500 دولار. ومع تزايد الإقبال على نظارات الـ VR ووفرة خياراتها، بل وتحسن جودتها بشكل لا لبس فيه، يمكننا أن نطمئن بشأن هذا المستقبل.
تخيل أن شركة مثل إنفيديا، وهي واحدة من أضخم الشركات في العالم حاليًا، تعتمد على الواقع الافتراضي بشكل كبير في عقد الاجتماعات والمؤتمرات- على سبيل المثال- وذلك بمجرد استخدام كاميرات الويب وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتوليد صورة ثلاثية الأبعاد.
سلبيات الواقع الافتراضي
مثلما يُحسب للواقع الافتراضي ما له من إيجابيات، فإن أمامه مجموعة من التحديات أو السلبيات التي قد تعوق تطوره بدرجة ما، ومنها:
التكلفة: فعلى الرغم من أن انخفاض أسعار نظارات الواقع الافتراضي مقارنة بما كانت عليه في السابق، فإن البعض لا يزال يرى السعر مرتفعًا بسبب السلبية الثانية وهي...
محدودية المحتوى: نظرًا لأن الواقع الافتراضي يُعد شيئًا جديدًا على الساحة- مقارنة بالحواسيب مثلًا- فإن المطورين لا يُولونه الاهتمام الكافي، صحيحٌ أن عدد الألعاب الداعمة للواقع الافتراضي قد ارتفع بشكلٍ واضح، ولكن هذا في "الجيمنج" فقط، ماذا عن بقية المجالات؟
الصعوبات التقنية: إن تطوير الواقع الافتراضي ليس بالشيء الهين على الإطلاق، إذ يتطلب مستوى عالٍ من المعالجة، ومستشعرات متقدمة لتتبع الحركة بدقة، إضافة إلى مراعاة أجود الخامات في تصنيع النظارات بالتحديد التي تُوضَع على الرأس لوقت طويل ويمكن أن تسبب مشاكل صحية، وهذه المشكلة الرابعة.
المشاكل الصحية: هناك العديد من التخوفات بشأن المشاكل الصحية المحتملة لنظارات الواقع الافتراضي، إذ قد يؤدي ارتداؤها لأوقات طويلة إلى إجهاد العين، والصداع، والإرهاق العام، إلخ، ولكن أبرز مشكلة واتهام يُوجه إلى نظارات الـ "VR" هو تأثيرها على علاقاتنا الاجتماعية وتواصلنا مع الآخرين، إن اعتبرنا هذه مشكلة صحية.
مشاكل الخصوصية والأمان: عيبٌ آخر من عيوب حداثة عهد الواقع الافتراضي مقارنة بالأجهزة التقنية الأخرى، إذ قد يكون من السهل على المخترقين "الهاكرز" أن يجدوا بعض الثغرات وسرقة بيانات المستخدمين واقتحام خصوصيتهم.
في النهاية، يعد الواقع الافتراضي بمستقبلٍ تقني مشرق لم نرَ مثله أو نعتده من قبل، فاستخدامات هذه التقنية مبهرة وتدخل في جميع المجالات تقريبًا، فقط بعض التطوير والصقل لازمين للتغلب على أكبر قدر ممكن من التحديات.