"لا تضر القلب فحسب".. أضرار الدهون المشبعة وأفضل بدائلها
الدهون ركيزة رئيسة في النظام الغذائي اليومي، وهي ليست صنفًا واحدًا، لكنّها في النهاية مصدر هائل للطاقة التي يحتاج إليها الجسم، رغم ارتباطها في أذهاننا بزيادة الوزن، وأحد أنواع الدهون التي نتناولها هي الدهون المشبعة، المتوفّرة في المقليات والمخبوزات، بل واللحوم أيضًا، لكن هذه الدهون المشبعة قد ترفع مستويات الكوليسترول في الدم، وقد تُسبِّب مشكلات صحية عِدّة، فما أضرار الدهون المشبعة؟ وهل لها فوائد للصحة؟
ما هي الدهون المشبعة؟
الدهون من العناصر الغذائية الأساسية لجسمك، وتتكوّن من جزيئات الكربون والهيدروجين والأكسجين، وهناك ثلاث فئات رئيسة من الدهون:
- الدهون المشبعة.
- الدهون غير المشبعة.
- الدهون التقابلية (المتحولة).
فالدهون المشبعة مُشبّعة بجزيئات الهيدروجين وتحتوي على روابط واحدة بين جزيئات الكربون، أمّا الدهون غير المشبعة تمتلك على الأقل رابطة مزدوجة بين جزيئات الكربون.
ويُؤدّي تشبُّع جزيء الهيدروجين إلى أن تكون الدهون المُشبّعة صلبة في درجة حرارة الغرفة، بينما تميل الدهون غير المشبعة، مثل زيت الزيتون، إلى أن تكون سائلة في درجة حرارة الغرفة.
والدهون المُشبّعة قد تكون قصيرة أو متوسطة أو طويلة السلسلة، حسب عدد ذرات الكربون الموجودة فيها.
تأثير الدهون المشبعة على الصحة
تُوصِي جمعية القلب الأمريكية بأن تُمثِّل الدهون المشبعة 5 - 6% فقط من السعرات الحرارية اليومية، فقد أشارت العديد من الدراسات إلى أنَّ الدهون المُشبّعة قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب، وذلك من خلال زيادة مستويات الكوليسترول السيء، وهذا من أضرار الدهون المشبعة بلا شك.
وهذا النوع من الكوليسترول ينتقل في مجرى الدم، وقد تُؤدِّي زيادة مستوياته إلى تراكُمه في جدران الشرايين، ما قد يُؤدِّي إلى تصلُّب الشرايين وضيقها، ومِنْ ثَمّ زيادة خطر المعاناة من العديد من الأمراض، بما في ذلك أمراض القلب.
من ناحيةٍ أخرى لم يجد الباحثون ارتباطًا كبيرًا بين الدهون المشبعة والوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية أو أي سببٍ آخر، حسب موقع "healthline"، بل وجد الباحثون أنَّ تناول كميات أكبر من الدهون المشبعة كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
اقرأ أيضًا:كيفية حساب احتياج الجسم من البروتين والكارب والدهون لنظام صحي متوازن
أضرار الدهون المشبعة
رغم ذلك، فإنَّ للدهون المشبعة مخاطر لا يمكن تجاهلها، خاصةً مع الإفراط في تناولها، ومن أبرز أضرار الدهون المشبعة:
1. مرض القلب
يحتاج الجسم إلى الدهون الصحية لإنتاج الطاقة وأداء بعض الوظائف الأخرى، لكن قد يُؤدِّي تناول الكثير من الدهون المشبعة إلى زيادة مستويات الكوليسترول في الدم وتراكمه في الشرايين، ما قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب.
فتراكُم الكوليسترول في الشرايين، يجعلها أضيق بمرور الوقت، وربّما يتسبَّب ذلك في ارتفاع ضغط الدم، الأمر الذي قد يجعل القلب يبذل جهدًا أكبر لضخّ الدم في أنحاء الجسم، ومِنْ ثَمّ قد يكون مرض القلب على الأبواب.
2. زيادة الوزن
تحتوي العديد من الأطعمة على كميةٍ كبيرة من الدهون المشبعة، مثل البيتزا والمخبوزات والأطعمة المقلية، وهذه الدهون تُضِيف سعرات حرارية كبيرة إلى نظامك الغذائي، ما قد يؤدي إلى زيادة الوزن.
فالدهون عمومًا يُوفِّر الجرام الواحد منها 9 سعرات حرارية، وهو أكثر من ضعف الكمية التي تُوفِّرها الكربوهيدرات والبروتين.
وقد وجدت دراسةٌُ نُشِرت عام 2018 في مجلة "Nutrients" أنّ تناول الدهون الصحية غير المشبعة، كاللحوم البيضاء والأسماك بدلًا من الدهون المشبعة، ساعد على خسارة الوزن، لذلك فقد يكون تناول الدهون المشبعة مرتبطًا بزيادة الوزن.
3. مرض ألزهايمر والخرف
كشف تحليل تلوي منشور في أغسطس عام 2018 في "Current Alzheimer's Research" عن أنّ زيادة تناول الدهون المشبعة قد يزيد خطر الإصابة بالاضطرابات المعرفية بما في ذلك مرض ألزهايمر والخرف.
4. مرض الكبد
يُعدّ مرض الكبد من أضرار الدهون المشبعة، فقد وجدت دراسةٌ صغيرة نُشرت في مايو 2018 في "Diabetes Care" أنَّ الأشخاص الذين يُعانُون زيادة الوزن ويُسرِفون في تناول الدهون المشبعة أكثر عُرضةً للإصابة بالكبد الدهني، وهذا المرض بحد ذاته قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب أو مرض السكري من النوع الثاني، ما يدل على ضرورة تقليل تناول الدهون المشبعة بالنسبة للمصابين بالسمنة.
هل للدهون المشبعة فوائد؟
رغم التحذيرات من الدهون المشبعة، ووضوح أثر الدهون المشبعة على مستويات الكوليسترول- إذ تزيده- فإنّ لها بعض الفوائد لصحتك.
لكن قد تختلف فوائد الدهون المشبعة، حسب نوع الطعام الذي تتناوله- وهو مليء بالدهون المشبعة- فمثلًا ذكرت مقالة منشورة في يناير 2020 في "Advances in Nutrition" أنَّ تناول منتجات الألبان كاملة الدسم قد يكون مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بمرض القلب ومرض السكري من النوع الثاني.
بل إنّ الإرشادات الغذائية الأمريكية تُوصِي بالحصول على أقل من 10% من السعرات الحرارية اليومية من الدهون المشبعة؛ أي أنّ الجسم يحتاج إليها، رغم أضرار الدهون المشبعة.
اقرأ أيضًا:"الكيتو 2.0".. زيادة الكربوهيدرات والدهون لا تعني السمنة دائمًا!
الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة
تُوجَد الدهون المشبعة بصورةٍ طبيعية في العديد من الأطعمة، ومعظمها يأتي من مصادر حيوانية، بما في ذلك اللحوم ومنتجات الألبان، ومن أمثلة الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة:
- لحم البقر.
- لحم الضأن.
- الدواجن، خاصةً مع الجلد.
- دهن اللحم البقري (الشحم).
- الزبدة.
- الجبن.
- الآيس كريم.
- جوز الهند.
- زيت النخيل.
- زيت نواة النخيل.
- المخبوزات والمقليات.
كم ينبغي أن تتناول من الدهون المشبعة؟
رغم ضرورة تجنب الدهون المشبعة، خاصةً لمرضى القلب ومن يُعانُون ارتفاع الكوليسترول، فقد أوصت جمعية القلب الأمريكية بأن تكون الدهون المشبعة موجودة في نظامك الغذائي بنسبة 5 - 6% من إجمالي السعرات الحرارية دون زيادة حذرًا من أضرار الدهون المشبعة.
فمثلًا إن كُنت تتناول أو تحتاج إلى 2,000 سعر حراري في اليوم، فيجب أن يكون ما تُمثِّله الدهون المشبعة 120 سعر حراري، وكميته تقريبًا 13 غم من الدهون المشبعة.
وبشكلٍ عام يجب ألّا تُفرِط في تناول الدهون المشبعة، وأن يكون نظامك الغذائي متزنًا على النحو التالي:
- موازنة السعرات الحرارية التي تتناولها مع احتياج الجسم الحقيقي كي لا يزداد الوزن.
- تفضيل الحبوب الكاملة والبروتين الخالي من الدهون، كالدجاج، والفواكه والخضروات على أنواع الطعام الأخرى.
- تقليل تناول الأملاح والسكريات، والدهون الحيوانية، وكذلك الأطعمة المصنعة، والكحول.
هل هناك دهون مُشبّعة صحية؟
ليست الدهون المشبعة نوعًا واحدًا، رغم الجدل الدائر حول الدهون المشبعة ومخاطر الأمراض القلبية، فإنّ منها ما لا يُؤثِّر في الكوليسترول، ومِنْ ثَمّ قد لا يُؤثِّر في القلب، مثل حمض الستياريك، فهو من الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم والشوكولاتة.
أمّا الدهون المرئية على اللحوم واللحوم المُصنّعة، فمعروفة بزيادة مستويات الكوليسترول، كما أنّ اللحوم المصنعة غالبًا ما تكون غنية بالملح، ما قد يزيد ضغط الدم.
كما أنّ معظم الشوكولاتة تحتوي على نسبة عالية من السكر المضاف والدهون، والإفراط في تناول مثل هذه الأطعمة قد يُؤدِّي إلى زيادة الوزن، وربّما زيادة خطر الإصابة بكثيرٍ من الأمراض.
لذلك لا تُوجَد أدلة كافية حاليًا لتفضيل دهون مشبعة على أخرى، حسب الجمعية البريطانية لأمراض القلب "BHF"، ويُفضّل الاستغناء عنها بالزيوت النباتية أو الأسماك الدهنية كالسلمون، أو المكسرات.
طرق تجنب الدهون المشبعة في النظام الغذائي
يخشى بعض الناس أضرار الدهون المشبعة على صحتهم، خاصةً إن كانوا من أصحاب الأمراض المزمنة، ومِنْ ثَمّ فقد تناسبهم البدائل الصحية للدهون المشبعة، مثل:
- الطهي بزيت الزيتون أو الذرة بدلًا من الزبدة.
- استبدال الكريمة الثقيلة بالحليب الخالي من الدسم.
- استبدال الجبن والحليب والزبادي كاملي الدسم بأخرى قليلة الدسم.
- تفضيل اللحوم الخالية من الدهون، مثل الدجاج، على اللحوم المليئة بها، مثل لحم البقر، أو على الأقل قطع الدهون المرئية على اللحوم قبل الطهي.
- تجربة بدائل اللحوم، مثل الفاصوليا، أو البيض مع وجبات العشاء، أو الأسماك، خاصةً الغنية بأوميغا 3، مثل الرنجة والسردين والسلمون والتونة.
كذلك يُنصَح بزيادة تناول الألياف، فهي تُساعِد في تقليل مستويات الكوليسترول الضار، كما تُحسِّن هضم الجسم للطعام، وأيضًا تُسهِم في الحفاظ على الوزن.
اقرأ أيضًا:ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية.. الأضرار وطرق العلاج
هل يجب تجنُّب الدهون المشبعة تمامًا من نظامك الغذائي؟
نعم، قد ثبتت أضرار الدهون المشبعة، خاصةً مع الإسراف في تناولها، لكن يستحيل إزالتها تمامًا من نظامك الغذائي، وإنّما تنصح الجمعية البريطانية لأمراض القلب بمراقبة عدد مرات تناولك الدهون المشبعة، وحجم حصتك، وتفضيل الخيارات الصحية عليها ما أمكن ذلك.
فجميع الدهون هي مزيج من الأحماض الدهنية المشبعة وغير المشبعة، وتُصنَّف حسب الدهون التي تُشكِّل النسبة الأكبر.
فمثلًا زيت الزيتون "دهون صحية" معظمه دهون أحادية غير مشبعة (73%)، لكنّه لا يزال يحتوي على دهون مشبعة (14%)، في حين أنّ الزبدة هي في الغالب دهون مشبعة (54%)، لكنّها لا تزال تحتوي على دهون أحادية غير مشبعة (20%).