قدرة الحبل الشوكي على التعلم.. أمل جديد لعلاج إصابات العمود الفقري
أثارت دراسة حديثة أجراها مركز "RIKEN" لعلوم الدماغ (CBS) في اليابان، بقيادة الباحثة آيا تاكيوكا، ضجة كبيرة في عالم الطب، حيث كشفت عن قدرة الحبل الشوكي على التعلم الحركي والذاكرة بشكل مستقل عن الدماغ.
وتُعيد هذه النتائج الثورية النظر في فهمنا للدور التقليدي للحبل الشوكي في التحكم الحركي، وتفتح آفاقًا جديدة لعلاج إصابات العمود الفقري وإعادة التأهيل.
خلايا عصبية ذكية داخل الحبل الشوكي
حددت الدراسة مجموعتين رئيسيتين من الخلايا العصبية داخل الحبل الشوكي تلعب دورًا حيويًا في التعلم الحركي:
خلايا أساسية لاكتساب مهارات حركية جديدة: تتولى هذه الخلايا استقبال الإشارات من الدماغ وتحفيز العضلات لتنفيذ الحركات.
خلايا لاسترجاع المهارات المكتسبة: تُتيح هذه الخلايا تخزين المعلومات الحركية واسترجاعها عند الحاجة.
تجربة علمية تكشف قدرات الحبل الشوكي
اعتمدت الدراسة على تجارب علمية دقيقة باستخدام الفئران كنموذج حيوي.
اقرأ أيضًا: ما هي أفضل أوضاع النوم للحفاظ على صحة العمود الفقري؟
في إحدى التجارب، تعرضت الفئران لتحفيز كهربائي يعتمد على موضع أطرافها الخلفية.
وبفضل هذا التحفيز، تمكنت الفئران من تعديل أوضاع أرجلها لتجنب التحفيز المؤلم، مما يدل على قدرتها على التعلم الحركي على مستوى العمود الفقري مباشرة.
لم يقتصر الأمر على تعلم حركات جديدة، بل احتفظت الفئران بأوضاع أرجلها المعدلة حتى بعد مرور يوم كامل، مؤكدةً على قدرة الحبل الشوكي على تكوين ذاكرة حركية طويلة الأمد.
دور الجينات والخلايا العصبية في التعلم
أظهرت الدراسة أيضًا دورًا هامًا لجينات محددة في عملية التعلم داخل الحبل الشوكي:
جين Ptf1a: يلعب هذا الجين دورًا رئيسيًا في اكتساب مهارات حركية جديدة.
خلايا عصبية تعبر عن جين En1: تقع هذه الخلايا في الجزء السفلي من الحبل الشوكي وتلعب دورًا هامًا في تذكر المهارات المكتسبة.
آفاق جديدة لعلاج إصابات العمود الفقري
تُشير هذه النتائج إلى أن استهداف قدرات التعلم في الحبل الشوكي قد يُشكل ثورة في مجال إعادة التأهيل بعد إصابات العمود الفقري.
وتقترح الباحثة تاكيوكا استراتيجيات علاجية جديدة تشمل: تعزيز اللدونة العصبية داخل الحبل الشوكي، واستخدام علاجات التحفيز الكهربائي، وكذلك برامج تدريب رياضي تكيفي.
وتُقدم هذه الاكتشافات العلمية أملًا جديدًا للملايين من الأشخاص الذين يعانون من إعاقات حركية ناتجة عن إصابات العمود الفقري.
فمن خلال الاستفادة من قدرات التعلم الفريدة للحبل الشوكي، قد نتمكن من تطوير علاجات أكثر فاعلية لتحسين نوعية حياة المرضى وتوفير فرص جديدة للحركة والاستقلالية.