راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل» : التغيير يبدأ من الداخل
كل منا يعرف شخصًا أو أكثر، يتذمر من مكان عمله أو مديره أو ظروفه المالية أو مشكلات البيت أو وزنه الزائد، وإن سألت هذا الشخص: ما الذي تنوي فعله لإنقاص وزنك مثلًا؟ فسيقول لك إنه حاول ولكن دون جدوى، وإنه ليس لديه وقت للرياضة أو إن مشاغله كثيرة، وليس لديه حتى الوقت لتطبيق حمية غذائية. في الواقع ما قاله هذا الشخص ذو الوزن الزائد (دون أن يقوله) هو أنه راضٍ وقانع بوزنه، بينه وبين نفسه، وإن لم يعترف بذلك. ففي حقيقة الأمر نحن راضون بما نحن عليه اليوم، وإن عبرنا بخلاف ذلك، ما دمنا لم نحاول التغيير. فالأمور التي حقًا نرفضها في واقعنا، ونريد تغييرها، ستجدنا أعطيناها أولوية وخلقنا العادات اليومية المناسبة لها بطريقة أو بأخرى، فما دامت مهمة سنجد الوقت لفعلها. وفي المقابل، إن كانت هذه الأمور ليست من ضمن الأولويات فسنجد العذر لعدم فعلها.
عاداتنا أو طباعنا اليومية هي مربط الفرس في تغيير نمط حياتنا للأفضل، أو الأسوأ، وذلك حسب نوعية هذه العادات، إما حسنة وإما سيئة. وكلنا لنا عادات نقوم بها يوميًّا، من شرب قهوة الصباح إلى طريقة عملنا، إلى عادة التدخين للمدخنين، ونوعية أكلنا، حتى طقوس ما قبل النوم أو عند الاستيقاظ صباحًا. وكثير منها أصبحت تلقائية ولا إرادية، وقد تصل إلى 40% من العادات اليومية. وبذلك إن كانت عاداتي اليومية اللاإرادية سيئة أو سلبية فيجب ألا أتوقع أن تتحسن حياتي إلى الأفضل، وعليه فيجب أن يكون لدي الوعي الذاتي الكافي لمعرفة هذه العادات والعمل على تغييرها أو تحسينها.
يقول جيمس كلير في كتابه "العادات الذرية": إن الطريقة المثلى لاكتساب وتعلم عادات جديدة هي تطبيق الخطوات التالية:
- اجعلها واضحة. أي أمام عينيك، فلا تنسها أو تتناسَها، فإن كانت ملابس النادي الرياضي فجهزها أمامك قبل نومك، حيث تراها أمامك عند استيقاظك.
- اجعلها جذابة. اربط العادة التي تريد ممارستها بعادة تحبها، لتعطي نفسك دافعًا، كأن تربط وقت ألعاب الفيديو بممارسة الرياضة أو قراءة كتاب.
- اجعلها سهلة. ابدأ بخطوات قليلة وسهلة كي لا تمل، فلا تشترك في نادٍ رياضي بعيد عن موقعك، ولا تأخذ حمية غذائية تحتاج إلى كثيرٍ من الوقت والجهد للتجهيز.
- اجعلها مُرضية. ضع لنفسك جائزة عند اكتساب العادة وممارستها بشكل منتظم. كأن تعِد نفسك بشراء جهاز موبايل جديد إن خسرت 10 كيلو من وزنك مثلًا، أو إن أقلعت عن التدخين.
اقرأ أيضًا: راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل» : القيادي الناجح
التغيير في حياتنا يبدأ من داخلنا، من معرفتنا بأنفسنا ووعينا بذواتنا، ومن ثم معرفة ما الذي نريد تحقيقه وكيف. وضع خطة عمل لتحقيق الأهداف أمر مهم، ولكن الأهم من ذلك هو معرفة العادات الواجب اكتسابها لتحقيق الأهداف. الذهاب إلى النادي الرياضي يوميًّا عادة حسنة ومهمة إن أردت حياة صحية متزنة وجسدًا متناسقًا، وقس على ذلك الأكل والحركة والتدخين. يقول الله تعالى في كتابه الحكيم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وهذه الآية الكريمة هي أفضل دليل أن الله تعالى يخبرنا بأن التغيير يبدأ من داخلنا. التوكل على الله بدون عمل ليس بتوكل، ولكنه تواكل، والتواكل ضحك على النفس، حيث إن المتواكل يفضل أداء دور الضحية، وأنه أدى الصلاة والدعاء، وعليه الآن انتظار الإجابة دون السعي أو العمل. فإن لم تكن راضيًا عن بعض الأمور في حياتك، فلا تذهب لإلقاء اللوم على هذا أو ذاك، ولكن ابدأ بنفسك، وراجع عاداتك اليومية، وأهدافك وخطط لتطبيقها، وما الذي أنت مستعد لأدائه لتغيِّر وضعك للأفضل.
"تعريف النجاح هو بضع ممارسات انضباط بسيطة تطبق يوميًّا".
– جيم رون