راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل»: المدير المتحكم
من أسوأ أنواع المديرين في العمل الذين يدخلون في أدق التفاصيل ظنا منهم أنهم الوحيدون الذي يعرفون طريقة تنفيذ المهام وأن طريقتهم هي الطريقة الوحيدة الصحيحة والأنجح. وأكاد أجزم أن الكثير منا قد عمل تحت إدارة مديرين بهذه النوعية، وأجزم أيضا أنهم عانوا تسلط هذا النوع من المديرين وتعنتهم. يسمى هذا النوع من المديرين باسم Micro-Manager ولكني لم أجد ترجمة دقيقة تفي بترجمة المعنى، ولكن الأقرب كان في اعتقادي هو "المدير المتحكم".
المديرون من هذا النوع يبدون للوهلة الأولى أقوياء وواثقين من أنفسهم وقدراتهم على تنفيذ أصعب المهام، ولكن ما إن تعمل مع أحدهم حتى تكتشف أنهم متسلطون ويفتقدون إلى مهارات القيادة، فليس كل مدير قائدًا بالضرورة، ذلك أن القيادة فن قل من يتقنه. والسبب في ذلك في كثير من الأحيان أنهم لا يثقون بغيرهم، ويشكون في كل شيء حولهم، إما من باب الغرور، أو بسبب تجارب سابقة في حياتهم جعلتهم غير قادرين على كسب ثقة الآخرين أو إعطائها للآخرين. المدير المتحكم وإن كان قادرا على أداء المهام على المدى القصير ولكنه في الحقيقة يقوم بالأمور التالية في إدارته:
· يقتل الفكر الإبداعي والقيادية بين الموظفين. طالما أن الطريقة الوحيدة المعتمدة في تنفيذ المهام هي طريقة المدير، فلماذا نحاول إيجاد طرق أسهل أو أكثر ربحية للنشاط، أو أكثر فاعلية مما قد يوفر الجهد والمال. فكما يقول المثل: اربط الحمار في المكان الذي يحدده صاحبه، أجلّكم الله.
· لا يخلق بيئة عمل صحية محفزة. فبدلا من الشعور بالأمان في مكان العمل ووجود مساحة للعمل والإبداع، يجد الموظفون أنفسهم مقيدين بأنماط محددة ومقيدة، والكل خائف من الخطأ لأن المدير المتحكم يراقب طريقة أداء المهام في أدق التفاصيل بدلا من التركيز على النتيجة وتحفيز الموظفين، ومن ثم تجد أن معدل الاستقالات عند هؤلاء المديرين يكون أعلى من غيرهم من المديرين.
· الاتكالية على المدير المتحكم. بالعادة هذا النوع من المديرين لا يعطي أي صلاحيات للموظفين، ولذا لن يشعروا بالمسؤولية تجاه ما يقومون به، فإن كانت هناك أخطاء فحتمًا سيكتشفها المدير المتحكم وسيطالب بتعديلها فورا.
· خلق فريق من التابعين. المدير المتحكم يخلق فريقا مطيعا للأوامر ولا يخلق قادة قادرين على التطور والنمو في مكان العمل وتطوير منظومة العمل بصفة عامة.
اقرأ أيضًا:د. محمد النغيمش يكتب لـ«الرجل»: ماذا نقول في ثنايا أحاديثنا؟
ولكن للأسف بعضنا مضطر للعمل تحت مديرين من هذا النوع، فإن كنت منهم وليس لديك مكان بديل ولا تستطيع الانتقال إلى إدارة أخرى، فهناك بعض الطرق للتعامل معهم وتقليل أثرهم على عملك، على الأقل حتى تجد البديل:
· ركز على كسب ثقتهم. تذكر أن الدافع عندهم هو عدم الثقة في الآخرين، فيجب أن تتعلم طريقة تفكير مديرك لتعرف كيف تكسب ثقته، وإظهار أنك متفهم لقلقهم وتوترهم.
· الوضوح في التواصل. هذا النوع من المديرين يحب التفاصيل كما ذكرنا، فيجب عليك أن تكون دقيقا وواضحا في التواصل معهم، وأن تقدم دائما الأرقام والبراهين المنطقية لما تريد عرضه عليهم.
· التركيز على النتائج. تذكر أن هدفهم هو الوصول إلى النتيجة المرجوة، فتأكد أن تثبت جدارتك بنتائج أعمالك حسب توقعاتهم أو أعلى دائما.
· كن أمامهم بخطوة. استبق الأحداث وكن ملمًا بكل تفاصيل المشروع لأن مديرك سيسألك أسئلة لم تخطر على بالك، فكن دائما مستعدا. تخيل الشخصية القلقة التي توسوس في كل شيء ودائما تضع أسوأ الاحتمالات أمامها، ذاك هو مديرك، فكن جاهزا للرد والتعامل مع كل السيناريوهات.