أحدهم سوري الأصل.. 4 شخصيات يسيّرون الذكاء الاصطناعي في العالم
لا يخفى على أحد أن الذكاء الاصطناعي يتصدر المشهد التكنولوجي في الوقت الراهن؛ الجميع أصبح يعتمد على أدواته والعالم تغير، وسيتغير، يومًا تلو الآخر بسببه. ومع ذلك، وعلى عكس ما قد يتوقعه البعض؛ هناك عددٌ معين من الأشخاص لن نقول إنهم يتحكمون في هذا المجال كما يتماشى مع نظريات المؤامرة، ولكنهم بكل تأكيد يصنعون القرار ويُحدثون تغييرات ملموسة، فعمّن نتحدث تحديدًا؟
سام ألتمان
بالتأكيد هو الأشهر على ساحة الذكاء الاصطناعي حاليًا. وُلِدَ "سام ألتمان" في 22 أبريل 1985 وأظهر ولعًا شديدًا بالبرمجة والتكنولوجيا منذ سنٍ صغيرة. درس علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد، وفيها شارك في تأسيس شركة تُسمى "Loopt" لإدارة الشبكات الاجتماعية والخدمات القائمة على الموقع، وكل ذلك في أثناء سنته الدراسية الأولى، ما مهد له الطريق لحياةٍ مهنية تكنولوجية بامتياز.
وعلى ذكر الحياة المهنية، فلطالما كان "ألتمان" شخصيةً مثيرة للاهتمام، إذ جذب انتباه "إيلون ماسك" و"بيل غيتس" في وقت مبكر من حياته المهنية.
في 2015، أسس "ألتمان"، مشاركةً مع "إيليا سوتسكيفر" و"جريغ بروكمان" و"فويتشخ زاريمبا"، شركة "OpenAI". وفي 2019 تولى "ألتمان" المنصب الذي ناوله ما ناوله من الشهرة والعرفان، إذ أصبح المدير التنفيذي لهذه الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، التي قلبت الموازين بنموذج "ChatGPT".
أهداف "OpenAI"، المتمثلة في مؤسسيها عمومًا و"سام ألتمان" على وجه الخصوص، هي الوصول إلى ذكاءٍ اصطناعيّ عام "AGI"، والذي عادة ما يُشار إليه بـ "الذكاء الاصطناعي القويّ- Strong AI" أو "الذكاء الاصطناعي الكامل- Full AI"، والذي يستطيع أن يفوق البشر في كل شيء تقريبًا. "سام ألتمان" و"OpenAI" يسعون إلى تسخير هذا النوع من الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية جمعاء، أو هكذا يُقَال.
وبعد أن كان شخصًا لم يسمع به أحدٌ من قبل، تفجرت شهرة "ألتمان" وأصبح يُستَدعى الآن لجلسات الاستماع في مجلس الشيوخ للإجابة على التساؤلات المثارة حول شركته ومستقبل البشرية. يُذكَر أن المدير التنفيذي لـ "OpenAI" مُتفاجئ مثلنا من المكانة التي وصل إليها في وقت قياسي، إذ قال لمجلة "New York Magazine: "لم أكن أتخيل يومًا ما أن يحدث كل هذا لي".
جنسن هوانغ
برز "جنسن هوانغ"، وهو الرئيس التنفيذي الحالي لشركة "Nvidia"، كواحدٍ من أهم الشخصيات في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال مزج الرؤية بالإصرار بالقرارات الاستراتيجية. وُلِدَ "هوانغ" في عام 1963 في تايوان، وواجه في بدايات حياته الكثير من الصعاب، أُرسِل إلى الولايات المتحدة كقاصرٍ غير مصحوبٍ بذويه والتحق بأكاديمية إصلاحية دينية. هذه التجارب، وأكثر، غرست فيه صفات من شأنها أن تخدمه جيدًا في مساعيه المستقبلية.
بالقفز إلى رحلة "هوانغ" مع "Nvidia"، سنجد أن الشركة تحت قيادته قد بدأت مسيرة الذكاء الاصطناعي عندما ركزت على كروت الشاشة "وحدات معالجة الرسوميات- GPUs" لألعاب الفيديو في 2013، وبعد تفكيرٍ مصحوبٍ بإجراء الكثير من الأبحاث، اتخذ "هوانغ" قرارًا جريئًا بتحويل بوصلة "Nvidia" نحو الذكاء الاصطناعي، وذلك على الرغم من معارضة البعض له، بما فيهم الباحث الرئيس في مجال التعلم العميق بالشركة "برايان كاتانزارو"، ولكن "هوانغ" فاز برهانه على الذكاء الاصطناعي وأثبت أن له بُعد نظر.
"هوانغ" كان يطور حواسيب خارقة وأطلق "حزمة برامج الحوسبة الفائقة" CUDA في وقتٍ مبكرٍ جدًا، 2006، لم يكن أحد مهتمًا فيه بهذه النوعية من الحواسيب أو القدرات التكنولوجية.
وكانت نقطة التحول عندما درَّبت "Nvidia" شبكة عصبية تُسمى "AlexNet" أحدثت ثورة في التعرف على الصور، وهو ما أبرز قدرات "Nvidia" وجعل رقاقاتها الإلكترونية تُحلّق بعيدًا عن وحدات المعالجة المركزية التقليدية، وذلك أدى بالتبعية إلى تقدمٍ كبير في مجالات مختلفة، من رؤية الكمبيوتر وحتى معالجة اللغة الطبيعية "NLP".
اليوم، بفضل "جنسن هوانغ" و"Nvidia"، أصبحت الشركة من أهم اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي لدرجة أن الشركات الأخرى أصبحت حاقدةً عليها، كيف لا وبطاقات "Nvidia" الرسومية، وتحديدًا "Nvidia H100" هي التي تزود أغلبية نماذج الذكاء الاصطناعي بما في ذلك "ChatGPT" و"Google Gemini"؟ لا ننسى أن الشركة قد أعلنت مؤخرًا عن شرائح "Blackwell" الجديدة التي يُعتَقد بأنها ستوسع هيمنة "Nvidia" و"هوانغ" على الذكاء الاصطناعي، فشريحة "B200" الآن، والتي ستُباع بأكثر من 30 ألف دولار، هي أقوى شريحة ذكاء اصطناعي في العالم!
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي يصل إلى محطة "ويندوز 11".. مزايا عديدة تنتظر المستخدمين
ديميس هاسابيس
بدأ "هاسابيس" حياته المهنية بالمساعدة في تطوير لعبة تُسمى "Theme Park"، ثم بدأ رحلته إلى عالم المجد والذكاء الاصطناعي عندما شارك في تأسيس شركة "DeepMind" في 2010، وبالمناسبة، ضيفنا القادم هو السوري الذي أسهم في تأسيس الشركة مع "ديميس".
بالعودة إلى "هاسابيس"، سنجد أنه تحت قيادته، تمكنت شركة "DeepMind" من تحقيق العديد من الإنجازات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، ولعل أبرزها: حل مشكلة "طي البروتين" Protein-folding problem، وهي تمثل تحدٍ كبير في مجال الكيمياء الحيوية، وجعل الآلة تتفوق على البشر في لعبة Go، وهي لعبة معقدة للغاية، أكثر تعقيدًا حتى من الشطرنج.
بفضل هذه الإنجازات، كان لزامًا على "DeepMind" -تحت قيادة هاسابيس- أن تجذب انتباه أعتى الشركات، وبالفعل، استحوذت عليها شركة "Google" في 2014 وأمدتها بقاعدة بياناتها الواسعة التي أعطت لـ"ديميس هاسابيس" مزيدًا من الحرية والقوة.
ومثل "سام ألتمان"، يُعَد "هاسابيس" من أنصار الذكاء الاصطناعي العام "AGI"، ويُعتقد أنه سيمهد الطريق أمام تقدمٍ علمي كبير، ويساعد على تطوير المجتمع وخدمة البشرية بشكلٍ عام، ولكنه في نفس الوقت يعي جيدًا أن تطور الذكاء الاصطناعي مرتبطٌ بالمخاطر الجسيمة، وقد ناقش هذا الجانب الأخلاقي مرارًا.
مصطفى سليمان
ينحدر "مصطفى" من أصولٍ سورية وإنجليزية، وقد شارك في تأسيس "DeepMind" -وعمل نائبًا لرئيسها- مع "ديميس هاسابيس" و"شاين ليغ"، قبل أن يؤسس شركته الخاصة Inflection AI (شركة تهدف إلى إنشاء ذكاء اصطناعي مُخصص لكل شخص) في 2022، والتي -قبل أن يُغادرها ليلتحق بمنصبه الجديد الذي دفعنا إلى كتابة هذا المقال- وصل تقييمها إلى 4 مليارات دولار.
قبل عدةِ أيام، أعلن المدير التنفيذي لشركة "Microsoft"، ساتيا نادالا، أن "مُصطفى" سينضم إلى الشركة، رفقةَ عددٍ من موظفي "Inflection AI" أبرزهم كارين سيمونيان، ليقود قسم الذكاء الاصطناعي "Microsoft AI" الذي يضم مشاريع أبرزها "Copilot"، بحيث يستلم التقارير من "كارين" التي ستصبح "كبيرة العلماء" Chief Scientist ويُسلمها مباشرةً إلى "ناديلا".
في البيان الذي أُعلِنَ فيه عن خبر انضمام "مصطفى"، قال "ناديلا" إن "ميكروسوفت" لديها الآن فرصة حقيقية لتطوير التكنولوجيا التي كان يُعتَقد في الماضي أنها مستحيلة والتي تتوافق مع رؤية الشركة الكلية المتمثلة في ضمان وصول فوائد الذكاء الاصطناعي إلى كل شخصٍ ومؤسسة على هذا الكوكب.
إذن، وبحكم المنصب الجديد الذي ظفر بخدمات المُبدع "مصطفى سليمان"، يمكننا القول إنه أحد المستحقين للانضمام إلى هذه القائمة القصيرة عن جدارةٍ واستحقاق.