أجمل المزارات الإسلامية حول العالم.. سحر إضافي لأجواء الأعياد
تكتمل أجواء الأعياد حول العالم بزيارة المعالم والمزارات الإسلامية، فإذا فاتتك زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة والاستمتاع بأجوائها العطرة حول الحرمين الشريفين، فيمكنك أخذ جولة بين بعض المزارات الإسلامية الرائعة، لتضيف سحرًا خاصًا للأوقات الكريمة، بينما تحظى بالخشوع والمتعة والتفكر في خلق الله وإبداع مخلوقاته، وفي السطور التالية نستعرض بعض أجمل هذه المزارات، التي يندمج فيها ذكر الله تعالى مع جمال المكان والعبق الساحر.
مسجد الكريستال
يقع هذا المسجد الباهر فى مدينة كوالا تيرينجانو، على الساحل الشرقي لشبه جزيرة ماليزيا، وبالتحديد على جزيرة وان مان في نهر تيرينجانو، إذ تحتضنه حديقة التراث الإسلامي، وبينما تعرض آثارًا معمارية إسلامية من مختلف الدول الإسلامية، تتباهى بتلك الجوهرة الهندسية التي استغرق بناؤها نحو العامين، متمثلة في المسجد الذي أصبح منذ افتتاحه عام 2006 رمزًا للمدينة.
للوهلة الأولى يبدو كأن هذا الصرح المعماري اللامع قد خرج للتو من قصص ألف ليلة وليلة، بسبب استخدامه المكثف للمواد الزجاجية والقباب والمآذن والأبراج بصلية الشكل، ومظهره الفريد اللامع، فهو مصنوع بالكامل تقريبًا من الزجاج والفولاذ، ما يعكس ضوء الشمس على أسطحه، فيما تتم إضاءته في أثناء الغسق والليل بأضواء ملونة، فتأخذك إلى عالم ساحر، مع تصميم لافت تتوسطه قبة رئيسة تحيط بها ثماني قباب أصغر حجمًا، مع قباب أصغر مختلفة موزعة على السطح، وكلها مصنوعة من الزجاج والكريستال بأنواعه، وتعلو كل قبة قمة كرات ونهايات هلالية، فيما تم تعزيز القباب باستخدام الهياكل الفولاذية الجاهزة التي يمكن رؤيتها من الداخل، بينما تعلو أربع مآذن رئيسة تقف بثبات في كل ركن من أركان البناء، وهي مستوحاة من الطراز العثماني للمئذنة النحيلة، وقد تم دعم هذه المآذن المكسوة بالزجاج باستخدام هياكل فولاذية مبنية بسلالم حلزونية داخل كل منها، فيما يتوزع عدد من المآذن الأصغر بكامل البناء فتمنحه سحرًا مضاعفًا.
أما التصميم الداخلي فقد جاء عصريًا مع لمسات كلاسيكية رائعة، تدمج اللونين الأبيض والذهبي، فيما تحاط قاعة الصلاة الرئيسة المكيفة بالجدار الزجاجي والأبواب والشبابيك المزينة بآيات قرآنية محفورة بإبداع، بينما تم تغطية الأرضية الجرانيتية بقطعة سجاد زهرية رائعة، باستثناء جدار القبلة الذي تم تزينه ببلاطات صفراء مع المقرنصات التي تشكل جزءًا من المحراب، وتكتمل هذه اللوحة بالمنبر الخشبي الأبيض، والثريات الكريستالية الضخمة، فيما تم تجهيز المسجد الذي يتسع لنحو 15 ألف مصلٍ بمنطقة صلاة للنساء ومرافق للوضوء، ويتباهى مسجد الكريستال كذلك بكونه أول مسجد ذكي في البلاد، إذ تم تزويده ببنية تحتية مدمجة لتكنولوجيا المعلومات واتصال واي فاي، ما يوفر للزوار إمكانية الوصول إلى الإنترنت لتحميل تطبيق تلاوة القرآن الكريم وتصفح الكتب والأبحاث الإسلامية، فيما يضم محيطه حديقة مائية ومركزًا للمؤتمرات، ودارًا للضيافة ترسخ لامتزاج مفاهيم السياحة الدينية في أروع صورها.
اقرأ أيضًا: "تهذيب للنفس وإشباع للروح".. مزارات دينية لا تفوتك بالمملكة في رمضان
مسجد السلطان عمر علي سيف الدين
يقع هذا المسجد السلطاني في بندر سري بكاوان عاصمة سلطنة بروناي، وقد تم تسميته نسبة إلى السلطان عمر علي سيف الدين الثالث، سلطان بروناي الثامن والعشرين، الذي بُنى في عهده، واستغرق بناؤه 4 سنوات حتى الانتهاء في عام 1958، وقد مُزجت عمارة المسجد بطريقة فريدة بين الطراز الإسلامي المغولي في الهند واللمسات المحلية والماليزية والإيطالية، ومن ثم يعد الأبرز من حيث الطراز المعماري فى منطقة آسيا والمحيط الهندي، والمعلم الإسلامي الأكثر تميزًا في السلطنة، بالإضافة إلى كونه رمزًا إسلاميًا مهمًا للبلاد، وأحد أهم مناطق الجذب السياحي هناك، إذ يهيمن على أفق المدينة التي يبعد عن وسطها بنحو 3 كيلومترات.
بينما يرتبط بناء المسجد ببعض القصص، التي يرجع بعضها التصميم إلى مهندس معماري إيطالي كلفه السلطان لاستخدام مفهومًا مبتكرًا أعده السلطان بنفسه، لتنطلق الخطة المعمارية التفصيلية التي استعانت بإحدى أكبر الشركات للتنفيذ، مع إنشاء سد وبحيرة صناعية على ضفاف نهر بروناي، فكانت تلك النتيجة الساحرة، حيث المآذن الرخامية والقباب الذهبية والفناء المتسع المحاط بالأشجار والحدائق المزهرة، فيما تبرز الأعمدة المميزة والجسر الممتد عبر البحيرة العاكسة إلى منتصف النهر، وتلك النسخة الرائعة من "بروناي ماهليغاي" المستلهمة من البارجة الملكية الشهيرة في القرن السادس عشر.
ولعل الميزة الأكثر شهرة في المسجد هي القبة الرئيسة المغطاة بالذهب الخالص، فيما استفاد المسجد من ارتفاعه الذي وصل إلى 52 مترًا فوق سطح البحر، ما جعله مرئيًّا تقريبًا من كل مكان في المدينة، بينما تتباهى مئذنته بوجود مصعد للوصول إلى الأعلى، إذ يمكن للزائر الاستمتاع بإطلالة بانورامية على العاصمة، فيما يُسمح لغير المسلمين بالزيارة بشرط التزام الصمت في جميع الأوقات، وارتداء الملابس المناسبة، بينما يُمنع التقاط صور للأشخاص في أثناء الصلاة أو التصوير باستخدام الفلاش.
يتباهى المسجد كذلك باستخدام المواد الأجود فقط في بنائه، ومن ثم تم استيراد معظم المواد المستخدمة تقريبًا، إذ جاء الجرانيت من شنغهاي، والرخام من إيطاليا، والزجاج الملون والثريات الكريستالية من إنجلترا، والسجاد الفاخر من المملكة العربية السعودية، فصنع هذا المزيج تحفة معمارية تلفت الأنظار بنوافذها الزجاجية الملونة، والأقواس وأنصاف القباب والأعمدة الرخامية، ما جعله واحدًا من أجمل المزارات الإسلامية التي ينبغي زيارتها في تلك البقعة الساحرة من العالم.
مركز جامع الشيخ زايد الكبير
يقع هذا المعلم الإسلامي المبدع فى إمارة أبوظبى بدولة الإمارات العربية المتحدة، فى منطقة متميزة بين أهم جسرين هناك، ويعد المركز خامس أكبر مسجد فى العالم، إذ يستوعب ما يزيد عن 40 ألف مصلٍ، فيما يتباهى بعمارته اللافتة، ولونه الأبيض الصافي، إذ يغطي الرخام الأبيض جميع واجهاته وأعمدته الموشاة بالآيات القرآنية والزهور والزخارف الإسلامية المشغولة يدويًا، فيما استُخدم في البناء مواد طبيعية بينها: الرخام، الخشب، الصدف، والأحجار شبه الكريمة، البلور، والذهب، وغيرها الكثير من المواد عالية الجودة التي جُلبت من مناطق مختلفة من العالم، في تصميم ضم الكثير من الأنماط الفنية والتقنيات المختلفة، المستوحاة من عدة طرز، تعبر عن جماليات العمارة الإسلامية في مختلف العصور، وتجمع بين التصاميم المغربية والمغولية والمملوكية والعثمانية وغيرها، وتتوحد هنا التأثيرات المعمارية في بوتقة واحدة.
يضم الجامع مجموعة مختلفة النماذج من القباب تصل إلى 82 قبة، تقع أكبرها في منتصف القاعة الرئيسة، وهي مكسوة من الخارج بالرخام الأبيض النقي، ويتخذ الجزء العلوي منها شكل الهلال المطلي بالذهب وفسيفساء الزجاج، أما الجزء الداخلي للقبة فقد استُخدم فيه الجبس المقوى بالزجاج، فيما تتوشح القبة من الأسفل بآيات من القرآن الكريم مطلية بالذهب، أما القباب الأخرى فموجودة في المداخل الخارجية وقاعات الدخول المختلفة، مع 14 قبة خضراء مصنوعة من الزجاج، كما يحتوي المسجد على 4 مآذن بطول 107 أمتار للواحدة، وتتكون تلك المنارات من 3 أدوار، الأول عبارة عن مربع، دمج بين الطراز المعماري المغربي والأندلسي والمملوكي، والجزء الثاني المثمن مملوكي، والدور الثالث أسطواني عثماني، مع جوسق يعود للعصر المملوكي.
ويتسع الصحن لنحو 22 ألف مصلٍ، وقد استُخدمت هنا الزخرفة النباتية والفسيفساء على الرخام الأبيض النقى، فيما أكمل هذه اللوحة 1096 عمودًا من الرخام، طُعمت يدويًا بالأحجار الكريمة وشبه الكريمة، مثل اللازورد، والعقيق الأحمر، والجمشت الأرجواني، وصدفة أذن البحر، وعرق اللؤلؤ، ويعلوها شكل رأس النخلة المصنوع من الألومنيوم المذهب، أما الأعمدة الداخلية وعددها 96، فهي مكسوة بطبقة من الرخام الأبيض المطعم باللؤلؤ الخالص، فيما تحيط بالجامع مجموعة من الأحواض المائية ذات الأشكال المستطيلة والمزينة بتدرجات اللون الأزرق لتعكس هذا الإبداع على صفحاتها الممتدة، كما يتوزع الإبداع بين المحراب، والمنبر، والثريات الكريستال وبينها إحدى أكبر الثريات في العالم، فيما تضم قاعة الصلاة الرئيسة أكبر سجادة أعجمية في العالم سجلتها موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، بينما يكمل كل ذلك نظام الإضاءة الفريد من نوعه على الواجهة الخارجية، والتي تختلف من يوم لآخر حسب الحركة القمرية طوال الشهر، ما يجعل أي جولة في ذلك المزار الساحر تبدو كفرصة للاستمتاع بالعبادة، بينما تتفكر في الخلق والإبداع بين أجواء الشهر الكريم والأوقات المباركة.