القيلولة.. متى تكون صحية؟ ومتى تضرك؟
القيلولة مُدّتها مهمة للغاية؛ فإن كانت أقل من عددٍ معين من الدقائق، لم تكفِ لراحتك، وإن تجاوزتها، كانت وبالاً عليك وأرهقتك وربّما تتمنّى لو لم تنم ابتداءً، فالقيلولة لها فوائدها من استعادة نشاطٍ، وتحسين مزاجٍ، وتقوية ذاكرةٍ، ولها عيوب إن طال أمدها، مثل الأرق وصعوبة النوم ليلاً، ولا يستغني إنسان عن النوم الجيد بالليل مهما كانت قيلولته بالنهار، فمتى تكون القيلولة صحية ومتى تضرّك؟
مزايا القيلولة لصحتك
للقيلولة مزايا عديدة، يُمكِن ذكر بعضها على سبيل الإجمال لا الحصر:
1. تحسين الذاكرة والإدراك
حسب الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، فإنّ النوم عمومًا ضروري لتقوية الذاكرة، وكما يُساعِد النوم ليلاً في تقوية الذاكرة، فإنّ القيلولة أيضًا لا تقل أهمية في ذلك الأمر، فهي تُساعِد في إنعاش ذاكرة القدرات الحركية والإدراك الحسّي واللغة.
بل إنّ القيلولة ستُساعِدك في تذكّر ما تعلمته، وبناء روابط في عقلك بين ما تتعلّمه عمومًا، فقد وجدت إحدى الدراسات في مجلة طب النوم "Journal of Sleep Medicine" أنّ الذين حصلوا على قيلولة في وقت سابق من اليوم، كانوا أقدر على تذكُّر المعلومات.
2. مزاج أفضل
أيضًا، تُساعِد القيلولة على تجاوز الأحزان وتحسين المزاج، وحسب الخبراء، فإنّه سواء كُنت نائمًا أم لا، فإنّ الاسترخاء الذي يأتي مع الاستلقاء يُحسِّن المزاج.
3. زيادة الانتباه
قد تشعر بنعاس بعد وقت قصير من الغداء، ولو أخذت قسطًا من الراحة لفترة وجيزة لا تتجاوز 20 دقيقة، فستغلب ذلك النعاس، ولن تتثاقل عيناك لاحقًا، فالقيلولة تزيد النشاط والانتباه.
وما دُمت تعلم أنّك لن تنام كثيرًا خلال الليل سواء كان بسبب سفر أو مشكلات أو لأي سبب كان، فإنّ أخذ قيلولة في وقت مبكر من اليوم أفضل من الاعتماد على القهوة لزيادة انتباهك.
4. تعزيز صحة القلب
القيلولة ولو كانت سريعة تُساعِد في تحسين صحة القلب، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين استراحوا لمدة 45 - 60 دقيقة بعد تعرُّضهم لضغط نفسي، كان ضغط دمهم أقل، لذلك فقد تُساعِد القيلولة في تجاوز آثار التوتر والحفاظ على صحة القلب.
5. زيادة الإبداع
كم مرة استيقظت من قبل بفكرة رائعة لم تكُن لتخطر على بالك وأنت مُستيقظ؟ يبدأ نوم حركة العين السريعة بعد 70 - 90 دقيقة من النوم، وهو يُحفِّز مناطق مُعيّنة في الدماغ مُرتبطة بالصور والأحلام، وقد تُساعِد القيلولة التي تتضمّن تلك المرحلة من النوم في مزج الأفكار بطرق مختلفة لتوليد أفكارٍ إبداعية.
الآثار السلبية للقيلولة
لكن القيلولة قد تحمل آثارًا سلبية أيضًا، خاصةً لو تجاوز الإنسان فترة النوم المثالية لها أو قلّ عنها كثيرًا، ومن آثارها السلبية:
1. قصور النوم
قد تستيقظ بعد القيلولة مُترنّحًا مرتبكًا، تتفحّص ما حولك مُحاوِلاً الاستيقاظ من تلك القيلولة، وهذا الترنُّح هو ما يُعرف بـ"قصور النوم"، فكُلّما طالت مدة نومك، زاد احتمال المعاناة من ذلك الإحساس، وربّما استغراق وقت أطول للنهوض والعودة إلى العمل، وهذه أحد عيوب القيلولة حال الإطالة فيها.
اقرأ أيضًا:"القيلولة أم شُرب القهوة".. ماذا تختار عند الرغبة في استعادة النشاط؟
2. الأرق واضطرابات النوم ليلاً
إذا كانت القيلولة قصيرة، فلن تتأثَّر جودة النوم ليلاً غالبًا، أمّا لو كانت القيلولة طويلة، فقد تُؤدِّي إلى الأرق ليلاً أو تدنِّي جودة النوم، وقلة النوم بالليل يُنذِر بمشكلات صحية عديدة قد تُطارِد الإنسان ولو بعد حين.
فقد وجد تحليل لدراسات مُتعدِّدة أنَّ القيلولة لأكثر من 60 دقيقة في اليوم، كانت مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
مراحل النوم خلال القيلولة
يمر النوم بعِدّة مراحل، يستوي في ذلك النوم ليلاً أو نهارًا:
- المرحلة الأولى: أخفّ مراحل النوم وأقصرها، ولا تستمر سوى دقيقة إلى سبع دقائق.
- المرحلة الثانية: تستمر 10 - 25 دقيقة، وفيها تسترخي العضلات، وتبطؤ وظائف الجسم، لكن لا يزال النوم خفيفًا نسبيًا.
- المرحلة الثالثة: هي الأعمق، وقد يكون صعبًا الاستيقاظ في أثنائها، وعادةً تستمر 20 - 40 دقيقة.
- المرحلة الرابعة: أو مرحلة نوم حركة العين السريعة، تُشلّ عضلات الجسم مؤقتًا، وتتحرّك العينان بسرعة أسفل الجفون المغلقة، وعادةً ما تحدث الأحلام في تلك المرحلة.
وخلال القيلولة القصيرة، قد لا ينام الشخص لفترةٍ كافيةٍ تصل به إلى المرحلة الثالثة أو نوم حركة العين السريعة، ما يُسهِّل استيقاظه منتعشًا ونشيطًا.
أمّا القيلولة الطويلة التي تدوم أكثر من 30 دقيقة، فقد تُقحِم الإنسان في النوم العميق، ما يُؤدِّي إلى قصور النوم عند الاستيقاظ والشعور بالترنح واستغراق بعض الوقت كي يستعيد الإنسان نشاطه.
اقرأ أيضًا:هل تعرف "قيلولة الاكتئاب"؟.. إليك أبرز أسبابها وطرق علاجها
كيف تتمتّع بقيلولة صحية؟
للتمتّع بمزايا القيلولة وتجُّب آثارها السلبية، فلا بُدّ أن تكون القيلولة قصيرة في مكان مُناسِب وعندما تكون بحاجةٍ حقيقية إليها، وفيما يلي بعض النصائح التي تُعِينك على الاستفادة من القيلولة:
1. مدة القيلولة
يُفضّل أن يتراوح زمن القيلولة بين 20 - 30 دقيقة بحد أقصى، كي لا يدخل الإنسان في مرحلة النوم العميق، ويُواجِه صعوبة في الاستيقاظ واستئناف مهامه.
لكن في بعض الأحيان قد تكون القيلولة لمدة ساعةٍ ونصف مُفيدة أيضًا، إذ يجتاز الإنسان كل مراحل النوم، ولا يقطع نومه العميق، لكن هذه المدة من القيلولة أنسب لمن يعملون في نوباتٍ ليلية أو عُمّال الطوارئ.
وبشكل عام فإنّ طول مدة القيلولة في غير حاجة، قد يمنع الإنسان من النوم ليلاً، وربّما يُعانِي الأرق أو اضطرابات النوم.
2. متى تأخذ قيلولتك؟
يُوصِي الخبراء بأن تكون القيلولة قبل 8 ساعات أو أكثر من وقت النوم بالليل، وهو ما يعني لأغلب الناس قبل الساعة الثالثة مساءً، وهذا ضروري، لأنّ القيلولة مع اقتراب موعد النوم بالليل، قد تحرم الإنسان من النوم جيدًا خلال الليل.
3. هيء مكان النوم
ينبغي أن تكون غرفة النوم - حتى لو لأجل قيلولة - هادئة ومظلمة وليست حارّة ولا باردة، فهذا يُساعِد على الاستغراق في القيلولة دون أن تستيقظ فجأة قبل أن تنال كفايتك.
اقرأ أيضًا:منها القيلولة وتهيئة الأجواء.. 7 خطوات للتمتع بنوم صحي خلال شهر رمضان
4. المُنبِّه
قبل أن تغفو في أثناء القيلولة، لا بأس بضبط مُنبِّه لمدة القيلولة ألا وهي 20 دقيقة، وعندما يُصدِر المنبه صوته المعروف، لا تغفو لتستمر في النوم وتدخل في النوم العميق، لكن حاوِل أن تستيقظ على الفور، أو ضبط مُنبّه آخر بعد الأول كي لا تطول فترة القيلولة وتكون ضارة عليك.
5. قيلولة الكافيين
هل جرّبت أن تحتسي فنجانًا من القهوة ثُمّ تأخذ قيلولة بعد ذلك؟ تلك هي "قيلولة الكافيين"، إذ يظهر أثر الكافيين في الدماغ والجسم بعد 30 دقيقة من تناوله، وهو يكون زمن القيلولة بالنسبة لك، فتحصل على أثر مضاعف للنشاط.