"آرت دبي" 2024.. تركيز على الإنسانية ومخاطبة الحاضر والمستقبل
على مدار خمسة أيام أمتدت النسخة السابعة عشر من "آرت دبي Art Dubai"، التي اشتملت على انطلاقته الرسمية خلال الفترة من 1 إلى 3 مارس 2024، مع يومين إضافيين سبقاها في 28 و29 فبراير، إذ أضاءت أجواء المعرض في مدينة جميرا المشهد الفني العالمي، بمشاركة أكثر من 120 صالة عرض معاصرة وحديثة ورقمية، لتؤكد ريادة "آرت دبي" في الشرق الأوسط والجنوب العالمي، بما يوفر بديلاً فنيًا للسرد السائد الذي يقوده الغرب.
جاء معرض "آرت دبي" هذا العام ليركز على الإنسانية والتعافي، خلال مخاطبته للحاضر والمستقبل، وليؤكد سعيه نحو إعادة التفكير في الدور المؤسسي الذي يمكن أن يلعبه في دعم التطور في المنطقة، مع شراكات واسعة وبرامج تعليمية ومحادثات فكرية غنية تعكس مزيدًا من النضج، ومن خلال نهجه الفريد والمستقل، واصل المعرض دعم نمو الاقتصاد الإبداعي، وبناء القدرات وصنع الفرص للفنانين والمبدعين، إذ ضم "آرت دبي" 2024 أكبر مجموعة من العارضين المقيمين في دبي حتى انطلاقته، ومن ثم وفر منصة مهمة للفنون من المناطق والمجتمعات، التي غالبًا ما كان تمثيلها -إن وجد- محدودًا أو غير كامل على الصعيد الفني العالمي، ولذلك جاءت أقسام المعرض لتقدم الصورة الكاملة لهذه المجتمعات الفنية.
الفن المستقبلي
اهتم "آرت دبي" 2024 بالفن المستقبلي، فضمت أقسامه مساحات ثرية لتقديم رؤى مختلفة، من بينها معرض "آرت دبي ديجيتال"، الذي جاء ليقدم القسم الوحيد في أي معرض فني دولي ضخم مخصص للوسائط الجديدة والفن الرقمي، بما يسلط الضوء على الفنانين والمجموعات والمؤسسات والمنصات، ممن يواصلون دفع حدود الفن والتكنولوجيا، من الرواد الأوائل لفن البلوك تشين، وصولاً إلى الفنانين العاملين في تقنيات الروبوتات والذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع الممتد، وغيرها من التقنيات المتقدمة.
بينما جاء معرض "آرت دبي الحديث"، ليسلط الضوء على الديناميكيات التي شكلت الجنوب العالمي المعاصر، تحت عنوان "هذا العالم الآخر"، حيث أبرز التبادلات الثقافية الواسعة التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفييتي والدول العربية والإفريقية وجنوب آسيا، وكشف عن التجارب المشتركة للفنانين من مناطق قد تبدو بعيدة مثل أوغندا وسوريا وسريلانكا، الذين تمت دعوتهم للدراسة في العواصم السوفيتية مثل طشقند وكييف وألماتي وموسكو.
كما ضم المعرض هذا العام في قسم "البوابة" 10 عروض فردية لأعمال فنية جديدة، استكشفت مفهوم "التعافي" أو "الشفاء"، مع فنانين من أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وجنوب آسيا، ما وفر سبلاً للتأمل خلال التعمق في أفكار المجتمع، كما تضمن برنامج "آرت دبي" 2024 سلسلة من العروض والمدخلات الجديدة التي قُدمت على مدار أيامه، بما أثرى فعالياته المختلفة ومنحه مزيدًا من البريق الفني الآخاذ.
اقرأ أيضًا: ريادة وحداثة في نبض جديد.. "آرت دبي" 2024 الفن من أجل الشفاء
"آرت دبي" وقضايا الفن
مثلت الدورة السابعة عشر من "آرت دبي" نقطة التقاء للمجتمعات الإبداعية من جميع أنحاء العالم، ليبرز المعرض الأكبر عالميًا القضايا الأكثر أهمية في عالمنا، ومن ثم استكشف العلاقة بين الظواهر الجوية العنيفة والتغير المناخي الحاد، كما قدمت النسخة الثانية من مؤتمر دبي للأعمال الفنية، تلك المنصة الرائدة لمناقشة التحديات الرئيسة التي تواجه سوق الفن العالمي، مع أول قمة رقمية تجمع خبراء من مجموعة من التخصصات لدراسة نمو وفرص اقتصاد الفن الرقمي في دبي.
كما قدم "آرت دبي" هذا العام برنامجًا تعليميًا مكثفًا لدعم الجيل القادم من المبدعين والقادة الثقافيين، بما في ذلك "كامبس آرت دبي"، الذي دخل عامه الحادي عشر، ليوفر للخريجين تدريبًا عمليًا واجرائيًا وفرص للتطوير المهني في القطاع الثقافي، كما جاءت أكبر دورة من برنامج الأطفال التابع لمجموعة "أ.ر.م." القابضة، الذي تطور ليصبح أكبر مبادرة تعليمية ثقافية في الإمارات، ويتوقع أن تصل إلى أكثر من 15 ألف طالب، في أكثر من 100 مدرسة حكومية وخاصة ولذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة في جميع الإمارات.
كما تضمن المعرض هذا العام مجموعة من الأعمال التي تم تكليفها حديثًا لكبار الفنانين المحليين والإقليميين والعالميين، بما في ذلك العمل الفني التركيبي الرقمي "مساحة القلب"، للفنانة "كريستا كيم" بتكليف من "جوليوس باير".
كما قدم "آرت دبي" 2024 أول مبادرة فنية للم شمل المجتمع الفني في دبي، لجعل الأعمال الفنية من المجموعات الفنية المُعارة متاحة لعرضها أمام الجمهور، فيما قدمت صالات العرض والمتاحف والمؤسسات الثقافية في دبي قائمة كبيرة من المعارض الفردية والجماعية، مع إطلاق برنامج دبي للفنون العامة.
المعرض الذي أُقيم تحت رعاية نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، وبالشراكة مع مجموعة "أ.ر.م." القابضة، والشراكة الاستراتيجية مع هيئة دبي للثقافة والفنون لمعرضي "آرت دبي" و"آرت دبي ديجيتال"، ورعاية كل من "جوليوس باير"، و"بياجيه"، و HUNA، وإدارة مجموعة آرت دبي، أكد مرة بعد أخرى خلال دورته السابعة عشرة ريادته في عالم مليء بالتحديات الفنية والإنسانية، بما يمهد للتعافي واستمرار مسيرة التقدم والنجاح للفن ولرؤية "آرت دبي" المتطورة لعالمه.