يختلط الأمر على الكثيرين.. كم كوكبًا في مجموعتنا الشمسية؟
في يوم 24 أغسطس من عام 2006، اتفق العلماء على طرد كوكب بلوتو من نادي الكواكب في المجموعة الشمسية. وقد ثارت العديد من الاحتجاجات بين الجميع، فهذه سارة في سن الحادية عشرة، تقول أنه في الاستراحة بدأ الجميع بترديد "بلوتو هو كوكب" احتجاجًا على طرد بلوتو.
حتى أن العديد من العلماء المشهورين حدث بينهم جدال، ولكن هذا الأمر أدى إلى اكتشاف العديد من الأشياء الجديدة، وكان بلوتو أولها. والأخبار الجيدة أن العلماء يمتلكون دعمًا إعلاميًا أفضل الآن، ويوجد الكثير والكثير من العلوم المذهلة التي يمكننا الإلمام بها منذ ذلك الوقت.
التخلي عن المفاجآت
كان مصير بلوتو محسومًا خاصةً عندما اكتشف علماء الفلك "إيريس" في عام 2005. وإيريس، مثل بلوتو، يدور في أطراف النظام الشمسي. وعلى الرغم من أن إيريس كان له نصف قطر أصغر من بلوتو، إلا أن كتلة إيريس كانت أثقل من كتلة بلوتو. ومنذ ذلك الحين، استنتج علماء الفلك أن الأجسام السماوية التي تُشبه بلوتو وإيريس ستصبح أكثر شيوعًا مع تحسن وتطور التلسكوبات. وكان العلماء على حق، فحتى اليوم، استطاع العلماء اكتشاف 5 كواكب قزمة معروفة في النظام الشمسي.
وضع الاتحاد الفلكي الدولي العديد من الشروط لتصنيف الجسم على أنه كوكب بدلًا من أن يكون كوكب قزم. لتلخيص قصة بلوتو، ببساطة لم يفِ بلوتو بكل من المعايير الثلاثة للكواكب، وهذه الشروط تشمل:
يجب أن يدور الكوكب حول نجم (في حالة نظامنا، فإن الشمس هي هذا النجم).
يجب أن يكون حجمه كبيرًا بما يكفي لكي تجبره الجاذبية على تشكيل شكل كروي.
يجب أن يكون كبيرًا كفاية حتى تمحو جاذبيته الخاصة أي أجسام أخرى من نفس الحجم تقريبًا بالقرب من مداره.
لم يستطع بلوتو أن يستوفي المعيار الثالث من المعايير السابقة، إذ لم يستطع محو الأجسام الأخرى من منطقته المجاورة.
لذلك، بعد طرد بلوتو، هل نظامنا الشمسي محكوم عليه بأن يكون لديه 8 كواكب فقط؟
الإجابة على هذا السؤال ليست بهذه البساطة، فقد يوجد كوكب تاسع، وهذا الكوكب في انتظارنا من أجل العثور عليه.
هل يوجد كوكب تاسع؟
بعد طرد بلوتو، اكتشف العلماء بعض الكواكب القزمة الجديدة والبعيدة. وفي نهاية الأمر، توصل علماء الفلك إلى أن حركات الكواكب القزمة حول الشمس لا تُضيف شيئًا هامًا.
ويستطيع العلماء استخدام نماذج معقدة من خلال أجهزة الحاسوب العملاقة لنمذجة كيفية تفاعل الجاذبية في بيئة معقدة مثل نظامنا الشمسي.
توصل العلماء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في عام 2016، وبعد نمذجة الكواكب القزمة والمسارات التي رصدها العلماء لها، إلى أنه من المفترض أن يمتلك نظامنا الشمسي كوكبًا تاسعًا من الناحية الرياضية.
أظهرت نماذجهم أن هذا الكوكب يجب أن تصل كتلته إلى 10 مرات كتلة الأرض، ومن المفترض كذلك أن يوجد على بعد 90 مليار كم من الشمس، أي ما يعادل 15 مرة أبعد من بلوتو.
يُعدّ هذا الادعاء أو الافتراض جريئًا للغاية، ولا يزال الكثير من الناس متشككين في صحة هذا الأمر.
ربما يعتقد البعض أنه من السهل تحديد ما إذا كان هذا الكوكب التاسع المُفترض موجودًا أم لا، وذلك من خلال توجيه تلسكوب ناحية المكان الذي نعتقد أنه قد يظهر فيه، أليس كذلك؟ فنحن نستطيع الآن رؤية المجرات والنجوم التي تبعد عنا مليارات السنين الضوئية، فيجب أن يكون من السهل على الأقل رؤية واكتشاف كوكب تاسع يقع في نظامنا الشمسي.
لكن الإجابة السهلة هي أن الأمر ليس سهلًا على الإطلاق، لأن ذلك يعتمد على مدى إشراق هذا الكوكب النظري. وأفضل التقديرات تشير إلى أنه يقع عند الحد الأقصى لقدرة التلسكوبات الكبيرة الموجودة على الأرض، أي أنه قد يكون باهتًا بمقدار 600 مرة من بلوتو.
ليست هذه المشكلة الوحيدة، بل هناك مشكلة أخرى تتمثل في عدم معرفة العلماء أين يبحثون بالضبط عن هذا الكوكب. فالنظام الشمسي واسع للغاية، وسيتطلب الأمر وقتًا طويلًا للغاية لتغطية منطقة السماء بأكملها التي قد يكون الكوكب التاسع مختبئًا فيها.
ولتعقيد الأمور أكثر، توجد نافذة زمنية صغيرة فقط كل عام تكون فيها الظروف مثالية للبحث عن هذا الكوكب.
على الرغم من كل هذه التحديات، لا يزال العلماء يحاولون العثور على الكوكب التاسع. ففي عام 2021، نشر فريق من العلماء نتائج بحثهم باستخدام تلسكوب أتاكاما لعلم الكونيات (Atacama Cosmology Telescope). تضمنت هذه النتائج بيانات عن حركة الكوكب التاسع المُفترض في أطراف النظام الشمسي.
وعلى الرغم من أن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من تأكيد وجود هذا الكوكب، غير أنهم حددوا 10 مرشحين محتملين لمزيد من المتابعة. وقد يكون العلماء على بعد سنوات قليلة فقط من معرفة ما تخفيه لنا أطراف هذا النظام الشمسي.
اقرأ أيضًا: هل تساءلت يومًا.. كيف سيفنى كوكب الأرض؟
البحث عن كواكب خارج النظام الشمسي
تكمن المشكلة في قدرة التلسكوبات على الكشف عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية، على الرغم من قدرتها على الكشف عن المجرات التي تكونت في بداية نشأة الكون. فلماذا لا تستطيع هذه التلسكوبات الفائقة اكتشاف هذه الكواكب؟
يمكن العثور على السبب في الفيزياء الأساسية، حيث أن الكواكب تُصدر أطوال موجية حمراء ضعيفة جدًا من الضوء. لذلك، لا يمكن رؤيتها بوضوح إلا عندما تعكس ضوء نجمها. وكلما كان الكوكب بعيدًا عن نجمه، زادت صعوبة اكتشافه ورؤيته.
أدرك العلماء أنهم سيضطرون إلى إيجاد طرق أخرى للبحث عن الكواكب في أنظمة النجوم البعيدة. فقبل إعادة تصنيف بلوتو، اكتشف العلماء أول كوكب خارج المجموعة الشمسية، وهو كوكب 51 Pegasi b، باستخدام طريقة السرعة الشعاعية (radial velocity method).
كان هذا الكوكب عملاقًا غازيًا ضخمًا، وكان قريبًا كفاية من نجمه الخاص به، حتى يمكن اكتشاف الجذب بين الكوكب والنجم من الأرض. ومع ذلك، فإن هذه الطريقة صعبة للغاية من سطح الأرض، لذلك طور علماء الفلك طريقة أخرى للبحث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية، وهي طريقة العبور (the transit method). فعندما يمر عطارد أو الزهرة أمام الشمس، فإنهما يحجبان كمية صغيرة من ضوء الشمس. وبالتالي، باستخدام تلسكوبات قوية، يمكننا البحث عن هذه الظاهرة في أنظمة النجوم البعيدة جدًا.
استطاع تلسكوب كيبلر والقمر الصناعي لمسح الكواكب المارة (كيبلر) رصد عشرات الآلاف من النجوم واكتشاف آلاف الكواكب الجديدة. وتضمنت هذه الاكتشافات العديد من الكواكب التي كانت بحجم قريب من حجم الأرض أو بنفس حجمها. ومع ذلك، فإن هذه الطريقة لا يمكنها إلا إخبارنا بحجم الكوكب والمسافة التي تفصله عن نجمه، ولا يمكنها أن تخبرنا ما إذا كان الكوكب قادرًا على استضافة الحياة. لذلك، نحتاج إلى تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
البحث عن الحياة
مر على إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي الآن عام ونصف، واستطاع التلسكوب تحقيق العديد من الإنجازات المهمة، مثل اكتشاف جزيئات في الغلاف الجوي للكواكب خارج المجموعة الشمسية. ويعود هذا الإنجاز إلى طريقة العبور.
أحد الكواكب التي تم اكتشافها خارج المجموعة الشمسية هو كوكب WASP-17، والذي يُعرف باسم "زحل الساخن". ويبدو أن هذا الكوكب قد تم استلهامه من رواية خيال علمي، حيث يوجد دليل على وجود بلورات كوارتز نانوية في سحبه. في نفس الوقت، تُظهر الأرض الفائقة (super-Earth K2-18b) التي تم اكتشافها بواسطة كيبلر علامات على وجود الميثان وثاني أكسيد الكربون.
تُعد هذه الاكتشافات مذهلة، لكن المكون الأساسي للحياة، وهو بخار الماء، لا يزال مفقودًا. ومع ذلك، فإن مجال دراسة الكواكب يتطور بسرعة، ويبدو أن عام 2024 سيكون عامًا واعدًا في مجال الفضاء. فربما يرصد تلسكوب جيمس ويب علامات على وجود بخار الماء في غلاف كوكب ما خارج المجموعة الشمسية. ومن يدري، قد يفاجئنا الكوكب التاسع الجميع ويملأ الفراغ الذي تركه بلوتو.
كان إخراج كوكب بلوتو من تصنيف الكواكب وإدراجه في قائمة الكواكب القزمة التي تدور حول الشمس قرارًا جريئًا، ولكنه أدى إلى العديد من الاكتشافات الرائعة التي تلت ذلك، بالإضافة إلى ظهور احتمالية وجود كوكب تاسع للنظام الشمسي، والذي يسعى العلماء جاهدين للعثور عليه باستخدام طرق مختلفة.