كيف ستكون الحياة إذا كانت الأرض مسطحة؟.. العلم يوضح
يعتقد البعض حتى الآن أن الأرض مسطحة، ولكن الأرض ليست مسطحة وظهرت الكثير والكثير من الأدلة التي أكدت ذلك لِمئات بل لِآلاف السنين. وعلى الرغم من كل هذه الأدلة إلا أنه يوجد عدد من الأشخاص يزعمون أن الكوكب الذي نعيش عليه هو قرص فضائي، ولا نعرف ما إذا كانوا يمزحون أم لا.
نفي نظرية الأرض المسطحة سهلٌ للغاية، ولكن ما زلنا نرى العلماء يناقشون المؤيدين لفكرة الأرض المسطحة حتى الآن. ولكن هذا دفعنا للتفكير في ماذا لو أصبح الكوكب مسطحًا فجأة؟ ماذا سيكون عليه الوضع للعيش في هذا الكوكب؟
لكن على الرغم من وجود نظرية الأرض المسطحة، إلا أنه لا يوجد تعريفٌ واحدٌ مقبولٌ لأرض مسطحة، هل تصدق ذلك؟ لذلك في هذا المقال سنحاول إظهار أفضل ما يمكن بالافتراضات الخاصة.
الانفجار العظيم للهلاك
سيتطلب أن تسقط قشرة الأرض والنواة الداخلية والنواة الخارجية للكوكب فجأة إلى العدم، لكي تصبح الأرض مسطحة فجأة. بالإضافة إلى قلب النصف الجنوبي حول نفسه ليكون مستويًا مع النصف الشمالي. وفي نفس الوقت ستُمزق القارة القطبية الجنوبية، التي تُعدّ جدارًا ضخمًا حول الكوكب لمنعنا من التطلع فوق الحافة، وتتحول إلى دائرة ضخمة. وسينزل القطب الشمالي على النقيض من ذلك بسرعة.
هذه الحركة ستؤدي إلى تسارعٍ هائلٍ للكوكب ثم تباطؤه بصورة لا يمكن تصورها، مما سيؤدي إلى موت الكثير من الأشخاص نتيجة الانفجارات المروعة. وهذا يشبه كيس من الطماطم في سيارة تتحرك بسرعة فائقة ثم تصطدم فجأة. وقد يُطرح الأشخاص الموجودين على الحواف مباشرةً إلى الفضاء بسرعة مذهلة. وسواء احترقوا في الغلاف الجوي أم أصبحوا فضائيين فإن كل من على محطة الفضاء الدولية لن ينجوا بالتأكيد لأنهم سيُلقون في الظلام اللانهائي.
سيكون الأمر مروعًا وفظيعًا للغاية، ولكن لن نموت جميعًا، على الأقل لن نموت كلنا على الفور. كما أشار الدكتور توبياس دوريج، عالم البراكين الباحث في جامعة أوتاجو، إلى أن "عدم وجود قشرة أو نواة يعني أنه لن يكون لدينا مجال مغناطيسي كذلك". وأضاف "أن البوصلات لن تعمل بسبب غياب المجال المغناطيسي، وسيكون الأمر سيئًا لأي كائن، لأن الحقل المغناطيسي يعمل في الأساس كدرع مانع للأشعة الشمسية".
العيش في الأرض المسطحة سيكون مثل الجلوس داخل ميكروويف يعمل طوال الوقت. ومع ذلك، سوف يزدهر سوق كريمات الوقاية من الشمس والقبعات المصنوعة من الألومنيوم. ولكن على الجانب الآخر، ستختفي المخاطر التكتونية، مما سيكون أمرًا جيدًا لمدن مهددة باستمرار بالزلازل مثل لوس أنجلوس ونابولي. ولكننا سنضطر إلى الاستغناء عن الجزر البركانية مثل هاواي وبالي، مما يجعل العطلات أقل إثارة.
لن توجد براكين آيسلندية رائعة، مما يعني عدم وجود متاعب في المطارات. وسيفقد الفلاحون التربة البركانية الخصبة الغنية بالنيتروجين والفوسفور، والتي تعد أفضل تربة زراعية في العالم.
الهروب من الجاذبية
لكن لن ينتهي تأثير الجاذبية، وستمتلك الأجسام الضخمة جاذبية أقوى. ولكن إذا كنا فقط مع القشرة، فهذا يعني أن لدينا فقط 1% من كتلة الكوكب متبقية. وعلى الرغم من أن قوة الجاذبية ستكون نفسها عبر السطح بأكمله، إلا أنها ستكون ضعيفة للغاية. لكن هل ستكفي لإبقائنا ملتصقين بالسطح؟
بافتراض أن الأرض المسطحة مصنوعة من القشرة، وأن نفس السمك المتوسط موجود في كل مكان وأن كل ذلك مصنوع من الجرانيت، فيمكن استخدام قانون غاوس للجاذبية للحصول على تقدير لقوة الجاذبية للطبقة. حاليًا تصل قوة الجاذبية إلى 9.8 متر في الثانية المربعة، أما على الأرض المسطحة ستنخفض هذه القيمة إلى بضعة ملايين من الميكرومتر في الثانية المربعة.
يقول قانون غاوس إنه كلما اقتربنا من الحافة زادت قوة الجاذبية، وزادت زاوية الجذب الشديدة على هذا العالم الأسطواني. ولكن ليس واضحًا ما إذا كان يمكن قياسها أم لا.
لن يكون لدينا حقل جاذبية ذو معنى، لذلك بمجرد القفز سوف نطير إلى الفضاء الخارجي ونموت مرة أخرى. والجدير بالذكر أن غلافنا الجوي، بسبب تسخينه المستمر وفقدانه لقوة الجاذبية، سيصبح أرق وأقل كثافة، وسوف يتبدد تدريجيًا في الفضاء الخارجي بدلاً من "الطيران معنا".
اقرأ أيضًا: هل تساءلت يومًا.. كيف سيفنى كوكب الأرض؟
مزيج رائع
إذا كان الموت ليس ممتعًا، فدعنا ننسى كل ذلك، ولنفترض أن الجاذبية على ما يرام، وأن الغلاف الجوي سيلتصق بالأرض بطريقة غامضة مثل قطعة من العلكة على جدار الكوكب الضخم، وهذا سيزعج العديد من العلماء مثل الدكتور ديف ويليامز -عالم الطاقة الشمسية في وكالة الفضاء الأوروبية- الذي يقول "لقد قضيت حياتي في التحقيق حول الشمس، وإن شروق الشمس وغروبها على الأرض المسطحة غير ممكن تمامًا للشرح باستخدام الفيزياء المعروفة، فإما ستغيب الشمس في نفس الوقت للجميع أو أن الشمس لن تغيب أبدًا".
النهار الأبدي هو ربما الأغرب، إذ وُهِبنا قدرة البصر لنعرف أنه يوجد ما يُعرف بالغروب. ومن المضحك أن الأرض المسطحة لن تكون سيئة فقط، شريطة تجاهل مشكلة الجاذبية، كما أنه لن توجد مناطق زمنية مختلفة، ولن نعاني من الارتجاف عند السفر بالطائرة. وإذا لم تغب الشمس أبدًا، فسيتاح لنا فرصة التحقيق في الشمس على مدار الـ 24 ساعة في اليوم.
لكن من الصعب معرفة كيف ستتفاعل الحيوانات، خاصةً الحيوانات المهاجرة، مع الأرض المسطحة. إذ سيُلاحظ نقص في المواسم المميزة، إلى جانب التغيرات المفاجئة في مواقع العديد من القارات في العالم. وسيُصاب العديد من الكائنات، مثل الجاموس الإفريقي وسمك السلمون الأطلسي، بالارتباك والبؤس والموت. يقول الدكتور بن ليبرتون، عالم الأحياء الدقيقة والمتحدث العلمي في مختبر MAX IV في السويد: "الطريقة الوحيدة للنظر إلى المناخ العالمي على الأرض المسطحة هي أنه سيكون على هيئة مجموعة من الحواجز الشفافة وغير المتجاوبة. وستبقى الحيوانات والحشرات وحتى الميكروبات في بعض أجزاء العالم فقط، لأنها لن تستطيع البقاء إذا كان المناخ مختلفًا". وعلى الأرض المسطحة، ستُلغى هذه الحواجز، وستنتقل الحيوانات بسهولة، وينتقل معها ميكروباتها.
قد يؤدي ذلك إلى تفشي أوبئة قاتلة. فعندما تصبح الأرض مسطحة فجأة، فإنها تسمح بحدوث ذلك على نطاق أكبر وفي أماكن متعددة في نفس الوقت. حتى الميكروبات نفسها ستواجه مشكلة. وعلى الرغم من شهرتها بالصلابة، إلا أن تسطح الأرض سيقضي على الكثير من مساكنها. وببساطة، فإن التنوع البيولوجي سينهار على الأرض. وهذا سيكون سيئًا للغاية بالنسبة لنا، لأننا نعتمد على تلك البيئات لإصلاح النيتروجين والكربون، بالإضافة إلى إنتاج الأكسجين. فربما ستخنقنا الميكروبات في النهاية جميعًا.
الطقس الفوضوي
ستتسبب الأرض المسطحة بفوضى جوية. يوضح العلماء، مثل الدكتور أنتي ليبونين والدكتور وتيرو ميلونين من معهد الأرصاد الجوية الفنلندي، أن الوضع لا يمكن تخيله، وأن جميع السيناريوهات التي يمكن تخيلها تحتوي على مشاكل. اتفق العلماء على أنه إذا لم يوجد غلاف جوي، فلن يوجد طقس. ولكن بفرض وجوده بطريقة ما، فسيكون الطقس سخيفًا تمامًا. فالمواسم يسببها محور الأرض المائل، لذلك في الأرض المسطحة لن توجد مواسم.
كما أن التمييز بين النهار والليل لن يكون واضحًا. وبفرض أن الأرض مثل عملة على الطاولة، فهذا يعني أن الجزء السفلي سيتعرض للتسخين أكثر خلال النهار، والعكس في الليل. وتؤدي هذه الفروقات إلى ظهور رياح قوية من الجانب الليلي إلى النهار، والعكس صحيح في الليل. وهذا غير جيد تمامًا.
أحد السيناريوهات هو أن تكون الشمس نوعًا ما مصدرًا للضوء مثل المصباح، وأن تسيّر الضوء والحرارة إلى الكوكب بنمط دوري لجعل النهار والليل ممكنين. في هذه الحالة، ستظهر الشمس وكأنها تنمو وتتقلص في السماء.
في هذا السيناريو، افترض العلماء أن الأرض لا تدور. وهذا يعني أن الأعاصير لن تحدث أو ستكون نادرة للغاية. كما سيكون الطقس المحلي أكثر هدوءًا، ومن المحتمل أن يكون النهار العادي مشابهًا لتلك الأيام الصيفية المشمسة التي يتمتع بها الجميع.
بعد كل هذا التغيير الذي سيحدث إذا أصبحت الأرض مسطحة، ربما من الأسهل الالتزام بفكرة أن الأرض دائرية فحسب.