"النقاشات المالية لا تفسد للود قضية".. 5 طرق لتجنب الخلافات العائلية
أجرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية حوارًا مع عالمة النفس البريطانية المختصة في الجوانب المالية "فيكي رينيال"، كشفت فيه عن 5 طرق ذهبية لتجنب الخلافات العائلية بسبب النقاشات المالية.
تبدأ "فيكي" حديثها بأن المال دائمًا ما يكون حاضرًا بقوة في أثناء علاج الحالات بأشكال مختلفة، سواء كان المريض من خلفية ثرية أو متواضعة، فالمال مصدر متكرر للقلق والصراع.
قد يجد المريض في نفسه رغبة لا يستطيع كبح جماحها لجمع المال دون اكتفاء، يُحتمل أن يكون السبب في ذلك هو تعرضه لصدمات مادية لا يستطيع تجاوزها مثل الإفلاس أو فقد وظيفة.
وعلى النقيض قد تعاني الحالة الإنفاق الزائد، أو تخوض تجارب وصدامات متكررة تتعلق بالأموال في علاقاتها العاطفية. وقالت "فيكي": "دوري هنا أن أساعد في السيطرة على مشاعرهما وتحويل مسارهما، والطريقة المثلى هنا لحل المشكلة هي إرجاعها لأصلها والتذكير بارتباطها الوثيق بالتجارب السابقة ثم قيادة الحالة إلى اكتشاف الحلول بنفسها كي تتمكن من التغلب على المشكلات المشابهة في المستقبل".
الكثير من العائلات لا تناقش الأمور المالية نقاشًا عاديًا، بل يكون نقاشًا محتدمًا، وغالبا لسببين:
الأول: غياب قنوات التواصل المفتوحة بينهم بشأن المال، ما ينتج عنه شعورًا بالغضب أو حتى الغيظ حين يتخذ أحد أفراد العائلة قرارًا لا يتوافق مع رأينا الشخصي.
الثاني: أن كثيرًا منا يفتقد لما يسمى "الوعي بالمشاعر المالية"، بما يعني أننا غير مدركين لمشاعرنا المرتبطة بالمال، وكيف ومتى نترك مشاعرنا تلك تقودنا أثناء اتخاذ القرارات المادية. قد يشكل هذا حاجزًا أمام التصرف بعقلانية والقدرة على تفسير سلوكنا وقراراتنا المالية للآخرين.
وأضافت: "تعلمت بالتجربة أن العديد من الصراعات العائلية لا يكون سببها الأموال نفسها، بل ما تعنيه تلك الأموال. في بعض العائلات تعني القوة أو السيطرة أو الأمان أو الرعاية أو الاعتراف بالفضل … إلخ. ومن ثم فهي تنعكس على العديد من المشاعر بدءًا من الحب والامتنان إلى الغضب والحسد والخوف. وفي بعض الأحيان يكون لدينا وعي كافٍ بهذا الأمر، حين نشتري هدية للتعبير عن الحب مثلاً، أو حين نرفض إقراض أحد أفراد العائلة لأننا لا نحبه. وبهذا فإن الاموال كثيرًا ما تعبر عنا وعن مشاعرنا وعلاقاتنا بقصد أو بلا قصد".
وإن كنت تبحث في طرق التعامل مع المواقف المالية التي قد تواجهك مع عائلتك، إليك 5 قواعد لتتبعها:
1- اجعل النقاشات المالية عادية في منزلك
الأموال جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لكن الوقت الذي نقضيه في النقاش بشأنها غير كافٍ بالنسبة لأهميتها، وذلك لأن مشاعرنا المرتبطة بها "مثل الشعور بالخجل والذنب والقلق" تصعب الأمر أكثر من اللامبالاة التي نمارسها حين نتحدث بشأن اختيار وجبة الغداء أو فيلم السهرة مثلا.
هناك آباءٌ يماطلون في محادثات بشأن ممتلكاتهم مع الأبناء، وبالغون يخفون وضعهم المالي عن الآباء، وأزواج يخفون أسرارًا مالية عن بعضهم، والمشكلة أننا في هذه الحالات نفسح المجال للافتراضات والخيال.
فلو فضلت ألا تناقش خططك المالية مع أطفالك لأنك تخاف عليهم من التفكير في وفاتك، ففكر أنك ستترك لهم المساحة للتفكير في سبب اختياراتك هذه بعد الوفاة، وحينها لن يمكنك التفسير.
اقرأ أيضًا: كيف تحول زواجك التقليدي إلى حب حقيقي؟
2- كن واعيًا ودقيقًا في كلامك عن المال
غالبًا ما نستخدم المال عن غير قصد للتعبير عن مشاعرنا؛ وهذا جوهر كثير من النزاعات العائلية. فنحن نستخدم المال للتعبير عن مشاعر كان يمكننا التعبير عنها بالكلام رغم أنه طريقة أكثر فاعلية، فلا يستطيع الأب أن يعبر لأبنائه عن حبه إلا بالهدايا الفخمة.
ويهدي الأخ هدية متواضعة لدرجة الإهانة لأخيه كي يعبر عن غضبه منه بدلاً من مصارحته. ويقسم الزوجان كل الفواتير عليهما على نحو صارم بدلاً من التحدث عن مشكلات الثقة التي تدفعهم لفصل ذممهما المالية بهذا الشكل.
الأفعال لا تكون أبلغ من الأقوال إلا حين يكون معنى أفعالنا واضحًا وغير قابل للتأويل، فهل التعبير بالأموال يوصل بوضوح المعاني التي نريد إيصالها؟
هناك آباء على سبيل المثال يمنحون الأبناء مبالغ مالية أكثر من إخوانهم، ما يتسبب في إشعارهم بالتفضيل أو الحب الأقل. لذا قبل أن تتخذ قرارًا ماليًا يؤثر على عائلتك، تأكد من كونك صريحًا وأن رسالتك تصل إلى المعنيين كما هي.
3- تذكر.. أنت لست منزهًا عن الخطأ
الناس يفكرون في المسائل المالية بأشكال مختلفة: الضروري والمحفوف بالمخاطر والرفاهيات وما هو مقدار الادخار المناسب، وتوزيعات الأموال داخل الأسرة.. إلخ. ومع ذلك فإننا دائمًا ما نتوقع أن يفكر أفراد عائلتنا في المسائل المالية مثلما نفكر تمامًا. وحين تصطدم بوجهات نظر مختلفة نتخذ وضعًا دفاعيًا ولا نحاول استكشاف وجهة النظر الأخرى. ونتمسك بالأسباب التي تدعم وجهات نظرنا وتجعلنا على حق والآخرون على خطأ، بدلاً من التفكير في الأسباب التي تجعلهم على حق أيضًا.
مثال: اثنان من الأجداد، أحدهما يحب "تدليل" حفيده والآخر يرى أن التصرف باعتدال في الإنفاق مع الأحفاد أولى، كل منهما سيكون له وجهة نظره، ولا يوجد نهج صحيح أو خاطئ تمامًا منهما، بل كل له سلبياته وإيجابياته. الأول يريد أن يعطي أحفاده ما قد لا يستطيعون شراءه لأنفسهم مستقبلاً، والثاني يريد تربيتهم على السلوك المالي الواعي. لهذا يساعدنا الفضول على فهم وجهة نظر الآخر وربما نرى بعض فوائدها أيضًا.
4- راقب التصرفات النمطية والتناقضات
يمكننا معرفة الكثير عن أنفسنا وعائلاتنا عن طريق مراقبة التناقضات في سلوكنا المالي.
على سبيل المثال، إن كان الزوجان كرماء عادة، لكنهما أكثر تحفظًا مع الطفل الأوسط. لماذا؟ وما الدافع وراء ذلك؟ هل هي مشكلة ثقة؟ هل لدينا مشاعر خيبة تجاه هذا الابن بالتحديد؟
إذا كنا نتحكم عادة في درجة إنفاقنا، لكن عندما نخرج مع أبناء عمومتنا فإننا نبالغ في الإنفاق؟ هل يُحتمل أننا نحاول التباهي أمامهم، ونشعر بغصة لأن لهم وظائف ذات رواتب أعلى؟
ونستنتج من هذا أن مراقبة الانحراف عن سلوكنا الطبيعي قد يشير إلى بعض المشاعر التي لم نكن ندركها تمامًا. ويساعدنا ذلك في تقوية علاقاتنا. فقد نقرر البناء على تحليلنا لمحاولة بناء الثقة مع طفلنا الأوسط، أو أننا لا نحتاج للتباهي أمام أبناء عمومتنا.
5- تهيئة الأجواء لمناقشات بناءة
بينما تستعد لمناقشة الأمور المالية مع أحد أفراد العائلة، هناك عدد من الأشياء التي يمكنك القيام بها لتعظيم فرص حل الخلاف، أو عدم إثارة جدال.
تمتع بعقلية فضولية ومنفتحة وحاول شرح أفكارك والأسباب الكامنة وراءها واستعد للإنصات لوجهات النظر الأخرى.
اعلم أن الناس لا يحسنون التصرف أمام الاتهامات أو التصريحات الرسمية، وتأكد من أنك تبحث عن التسوية والتفاهم، وليس أخذ جائزة الرأي الصحيح.
لهجتك مهمة حتى وأنت تناقش ما يغضبك، يمكنك قول ما يحزنك دون الحاجة إلى رفع نبرة صوتك.
التوقيت مهم أيضًا، قد تكون المحادثات الخاصة أفضل من قول شيء ما في أثناء عشاء عيد ميلاد.
اختر لحظة هادئة ولا ترد في أثناء احتدام الخلاف ولا تناقش حين يكون الشخص الآخر في عجلة من أمره أو منشغلاً بشيء آخر.
نحن بحاجة إلى الوعي الذاتي والشجاعة لتغيير طرق مناقشة أمورنا المالية مع عوائلنا، ولكي نصل إلى ذلك علينا تجنب التطرف في كل أشكاله، فلا نتجادل باستمرار حول المال ولا نتجنب الحديث عنه مطلقًا، فكلاهما خطأ.