متلازمة الذكر العصبي.. هل يبلغ الرجال سن اليأس؟
تتراجع مستويات التستوستيرون تدريجيًا مع تقدُّم العمر، ولا يعني ذلك فقط تراجُع الكتلة العضلية، بل قد يصحب ذلك أحيانًا أعراض نفسية وسلوكيات غير مُعتادة للرجل، مثل القلق والإحباط والغضب، وقد عُرِف ذلك بـ"يأس الرجل" أو "متلازمة الذكر العصبي" التي تُشِير إلى التقلبات المزاجية التي يُعانِيها بعض الرجال مع تدنّي مستويات التستوستيرون لديهم، وهو ما يُشبِه سن اليأس عند السيدات.
ما هي متلازمة الذكر العصبي؟
هي حالة سلوكية من القلق وسرعة الانفعال، والخمول والحزن، تظهر عند الذكور إثر نقص هرمون التستوستيرون من الجسم، فالرجال أكثر عُرضةً للانفعال مع زيادة مستويات الاستروجين، وانخفاض مستويات التستوستيرون لديهم.
قد تنشأ هذه المتلازمة من عِدّة عوامل، مثل التوتر، أو التغيُّرات الهرمونية، ما يُؤثِّر على الحالة النفسية للرجل عمومًا.
أسباب متلازمة الذكر العصبي
غالبًا ما تحدث متلازمة الذكر العصبي مع انحدار التستوستيرون في الجسم؛ إذ يبدأ في الانخفاض تدريجيًا بدءًا من الثلاثينيات من العمر.
وهرمون التستوستيرون مُرتبط بلياقة الرجل، والثقة بالنفس، والطاقة الجسمانية، ومِنْ ثَمَّ فقد يُؤدِّي نقصه إلى أعراضٍ نفسية، تُعرَف بـ"متلازمة الذكر العصبي".
لكن قد تكون هناك أسباب أخرى غير انخفاض مستويات التستوستيرون وراء المتلازمة، مثل:
هرمون السيروتونين
السيروتونين يُعرف بـ"هرمون السعادة"، وعندما لا يكون موجودًا في الدماغ بكمية كافية، يُخيِّم الحزن على الإنسان، كما ثبت أنَّ انخفاض السيروتونين مُرتبط باهتياج الرجال وعدوانيتهم، وهذه من الأعراض التي قد يُعانُونها مع متلازمة الذكر العصبي.
ومن أسباب نقص السيروتونين في الجسم النظام الغذائي، فقد وُجِد أنَّ تناول الأطعمة الغنية بالبروتين والفقيرة بالكربوهيدرات يزيد حِدّة الانفعال عند الرجال، وبعض الرجال يخلطون بين رغبتهم في تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات مع الأطعمة الغنية بالبروتين، ما يزيد تناولهم للحوم بدلاً من الكربوهيدرات.
التوتر
محاولة البقاء في القمة دائمًا وتلبية الطلبات المُقدَّمة إليك سواء في العمل أو المنزل مِن العوامل التي تُبقِيك منغمسًا في توترٍ يومي تقريبًا، ويُطلَق التوتر على حالة القلق التي تجتاح المرء عند حدوث أشياء مُعيَّنة، مثل فقد وظيفة، أو الطلاق، أو غيرها.
قد لا يمكن تفادي التوتر المُعاش في حياتنا اليومية، لكن كثرة التوتر قد تُفضِي إلى إطلاق هرمونات التوتر في الجسم، وربَّما معاناة بعض الرجال من متلازمة الذكر العصبي.
هذا التوتر يُمكِن تبديده بممارسة التمارين الرياضية وزيادة النشاط البدني، وهذا بدوره قد يُساعِد في تجاوز متلازمة الذكر العصبي بنجاح.
أعراض متلازمة الذكر العصبي
أعراض متلازمة الذكر العصبي نفسية بالأساس، ومن أهمها:
1- زيادة الحساسية
غالبًا لا يعرف الرجال أنَّهم يُعانُون زيادة أو فرط الحساسية، بل يتصوَّرون أنَّهم على ما يُرام، لكن كل من حولهم يبذلون قصارى جهدهم لإزعاجهم، وفي هذه الأثناء قد يطلب بعض الرجال تركهم وحيدين، أو ربَّما لا يطلبون شيئًا على الإطلاق، ويلوذون بالصمت.
اقرأ أيضًا:هل يُعالِج الصيام متلازمة الأيض؟
2- القلق
القلق هو حالة من الخوف وعدم اليقين، قد تحدث مع توقُّع حدثٍ ما أو موقف تهديدي، والرجل يتعامل مع العديد من التهديدات الحقيقية في حياته، مثل انعدام الأمن الوظيفي، ومشاكل العلاقات، وغيرها.
وعادةً ما يأخذ هذا النوع من المخاوف شكل ماذا لو، مثل: ماذا لو فقدتُ وظيفتي؟ ماذا لو اضطررت للدخول في مشكلات مستعصية؟ ماذا لو حدث شيء لزوجتي وأطفالي؟.. إلخ.
3- الإحباط
هو الشعور الذي قد ينتاب الرجل عندما يفشل في تحقيق أهدافه، ويُوصَف كذلك بانزعاج الرجل من التعرُّض لعرقلة في حياته أو انتقاد.
يشعر الرجال المُصابون بمتلازمة الذكر العصبي بأنّه محظور عليهم تحقيق ما يريدون ويحتاجون إليه في الحياة، بل رُبَّما لا يعرفون حتى ما يحتاجون إليه. المهم أنَّهم يظنُّون أنَّه لا تُوجَد طريقة يمكنهم الحصول بها على ما يريدون.
يشعر هؤلاء الرجال بالإحباط بشأن محاولة تحسين حياتهم، كما قد ينتابهم ذلك الإحباط في علاقاتهم مع العائلة والأصدقاء وزملاء العمل.
4- الغضب
الغضب عاطفة مُعقَّدة، وقد تُؤدِّي في كثيرٍ من الأحيان إلى العدوان على الآخرين والعنف، أو ربّما تُكبَت بداخل الرجل، بما قد يُصِيبه بالاكتئاب أو الانتحار.
والغضب قد يكون واضحًا مباشرًا أو خفيًا، كما يُمكِن أن يكون صاخبًا أو هادئًا، ويمكن التعبير عنه بكلمات جارحة أو أفعال مؤذية، أو صمت مُطبق؛ لذلك الغضب من العواطف المُعقَّدة، كما أنَّه هو العاطفة الوحيدة التي تعلَّم معظم الرجال كيفية التعبير عنها؛ إذ يتجنَّب الرجال أي شيء يُمكِن أن يُنظَر إليه فيهم على أنَّه "أنثوي"، ومِنْ ثَمَّ فهم الأقدر على التعبير عن غضبهم، وعندما يُعانِي الرجل متلازمة الذكر العصبي، فإنَّ الغضب من سماتها الأساسية.
صحيحٌ أنَّ مشاعر الغضب والقلق والإحباط قد تجيء وتزول سريعًا، لكن هذا الانفعال والغضب قد ينقلب إلى حالة مزاجية تستمر فترة طويلة، وتستفز مشاعر الرجل مرارًا وتكرارًا.
تشخيص متلازمة الذكر العصبي
إن كُنت تُعانِي تقلبات مزاجية تتأرجح بين الابتهاج والحزن أو الإحباط، فرُبّما يكون ذلك بسبب التغيُّرات الهرمونية المُصاحبة لتقدُّم العمر.
ويُمكِن الكشف عن مستويات التستوستيرون خلال اختبار الدم الذي قد تفحص فيه مستويات الكوليسترول أو السكر لديك، وبالكشف عن مستويات التستوستيرون في الدم، يتمكَّن الطيبب من معرفة ما إذا كان مرتبطًا بحالتك المزاجية الحالية أم لا، خاصةً لو ضمَّ إلى ذلك الفحص الجسدي.
اقرأ أيضًا:كل ما تريد معرفته عن متلازمة رينود وأسباب الإصابة بها
ما هي طرق العلاج المتاحة لمتلازمة الذكر العصبي؟
يُمكِن علاج متلازمة الذكر العصبي من خلال:
1- العلاج الهرموني
إذا كانت متلازمة الذكر العصبي ناجمة عن نقص التستوستيرون، فإنَّ أحد الخيارات العلاجية الرئيسة هي العلاج ببدائل هرمون التستوستيرون، وذلك بهدف استعادة مستوياته الطبيعية في الدم.
لكن ذلك العلاج الهرموني تصحبه آثار جانبية عادةً، فقد يجد بعض الناس أنَّهم صاروا عدوانيين للغاية أو مزاجيين بشدة، أو ربَّما تتأثَّر صحة القلب عند بعضهم أيضًا، ومِنْ ثَمَّ فلا ينبغي اللجوء إلى العلاج الهرموني إلَّا إذا كانت هناك حاجةٌ حقيقية إليه.
2- نمط المعيشة
ينبغي للرجل عيش حياةٍ صحية بتناول طعامٍ صحي، والابتعاد عن الأطعمة عالية الدهون وكذلك السكريات المضافة، كما يُفضَّل ممارسة التمارين الرياضية 5 أيام في الأسبوع لمدة 30 - 40 دقيقة يوميًا على الأقل.
3- العلاج النفسي
أشار موقع "healthline" إلى أهمية العلاج النفسي لمن يُعانُون متلازمة الذكر العصبي؛ كي يُساعِدهم في التعامل مع التغيُّرات الطارئة على شخصية الرجل، وكذلك أفضل طرق التواصل مع الزوجة، خاصةً أنَّ العلاقة الزوجية قد تتدهور مع متلازمة الذكر العصبي.
كيفية التعامل مع متلازمة الذكر العصبي
قد تُؤدِّي متلازمة الذكر العصبي إلى تدهور العلاقات الشخصية والعائلية للرجل، ومِنْ ثَمّ يُفضَّل اتّباع النصائح الآتية كي تعلم كيفية التعامل مع هذه المتلازمة بطريقة صحيحة:
- ارصد التغيّرات الطارئة في مزاجك، وحاول أن تنزع فتيل الموقف الذي دفع بك إليها، أو الاسترخاء وعدم الانجرار وراء الغضب.
- استمع بهدوء عندما يصف شريكك تغيرات المزاج التي طرأت عليك مؤخرًا.
- تعلُّم تقنيات إزالة الاسترخاء، مثل التأمل، وتمارين التنفس.
- ممارسة التمارين الرياضية، فهي تُساعِد في تحسين المزاج.
- تناول أطعمة صحية، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط.
- جرِّب الحصول على استشارة نفسية، فذلك قد يساعدك في التعامل مع التوتر.