16.6 مليون زائر للسعودية.. الشرق الأوسط يقود انتعاش السياحة العالمية
تشهد المنطقة العربية انتعاشًا ملحوظًا في قطاع السياحة، إذ استعادت السياحة الدولية نحو 90% من مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19 بنهاية العام الماضي 2023، وفقًا لبيانات منظمة السياحة العالمية.
وهو النجاح الذي رجعه كثير من المراقبين والمتابعين إلى التدابير التي اتخذتها دول المنطقة، بما في ذلك ما تم بذله من جهود لتيسير التأشيرات وتطوير وجهات جديدة والاستثمار في المشاريع السياحية.
وفي ظل التحولات الاقتصادية والتحديات الجيوسياسية، يشهد قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط مجموعة متزايدة من الفرص والتحديات، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن التكامل بين القطاع الحكومي والخاص والاستثمارات المستدامة يستدعي التعامل مع التحديات واستغلال الإمكانيات الواعدة.
انتعاش السياحة بالشرق الأوسط
يتصدر الشرق الأوسط انتعاش حركة السياحة على مستوى العالم، إذ ارتفع عدد الوافدين بنسبة 20% عن مستويات ما قبل الجائحة في الأشهر التسعة الأولى من 2023، متجاوزًا حتى مستويات عام 2019.
ويعود هذا الأداء المتميز إلى تطوير وتنويع الوجهات السياحية، وتسهيل إجراءات السفر، والاستثمارات في مشاريع سياحية جديدة.
أهمية السياحة للاقتصاد
تعد السياحة ركيزة أساسية في اقتصادات دول المنطقة، حيث تلعب دورًا حيويًا في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز التنمية المستدامة. وتمثل السياحة أيضًا حلاً للتحديات البيئية وتعزيز انتقال الاقتصادات نحو الاستدامة.
التحديات والفرص
رغم التحديات الناجمة عن الجائحة، يتزايد الاهتمام بالاستثمار في قطاع السياحة. غير أن الأمر يتطلب الاستمرار في التركيز على التنوع وتحسين البنية التحتية وتعزيز الاستدامة. وتشير التوقعات إلى أن السياحة ستظل مصدرًا لفرص العمل ودافعًا للنمو الاقتصادي في المنطقة.
تأثير الاستثمار الأخضر
تبرز أهمية الاستثمار الأخضر في بناء قطاع سياحي أكثر استدامة، وقد أشار بهذا الصدد الأمين العام للأمم المتحدة إلى ضرورة توظيف الاستثمارات الخضراء لدعم السياحة وتحقيق الازدهار الاقتصادي، مع ضرورة الارتقاء بالقطاع ليكون مساهمًا رئيسًا في التنمية المستدامة.
اقرأ أيضًا: مشروع الحفاظ على مدينة الحجر الأثرية في العُلا.. تكامل حقيقي مع رؤية المملكة 2030
توقعات المستقبل
تعكس التطورات الحالية في المنطقة تحولاً نوعيًا في الاستثمار السياحي، مع أهمية التركيز الحكومي على الاستدامة وتحسين البنية التحتية. وأشار الخبراء إلى أن المنطقة تشهد انطلاقة جديدة وفرصًا واسعة للاستثمار في السياحة، وسط إشراك متزايد للتكنولوجيا واستثمارات مستدامة.
وبالنظر إلى أن السياحة تعد شريانًا حيويًا للاقتصاد، يجد المستثمرون في المنطقة العربية فرصًا كبيرة للاستفادة من انتعاش السياحة، وهو الأمر الذي يتطلب مزيدًا من الاستثمار في عمليات الاستدامة والابتكار لتعزيز التنافسية وجعل القطاع جاذبًا بشكل أكبر للزوار والمستثمرين على حد سواء.
نمو قوي وفرص استثمارية واعدة
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والتأثيرات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، يبدو أن قطاع السياحة في المنطقة العربية يختبر فترة من النمو القوي والتحسن الاقتصادي. بينما يواجه المستثمرون في جميع أنحاء العالم تحديات مستمرة، وهنا يبرز الاستثمار في السياحة كفرصة جذابة تستحق الانتباه.
تعافي السياحة الدولية
أظهرت أحدث بيانات صادرة عن منظمة السياحة العالمية "UNWTO" أن السياحة الدولية تمكنت من استعادة نحو 90% من مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19 بنهاية عام 2023، مع حدوث زيادة نسبتها 38% في عدد السياح الدوليين، وقاد الشرق الأوسط هذا التعافي بارتفاع عدد الوافدين بنسبة 20% عن مستويات عام 2019 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023.
تحليل أداء القطاع الفندقي
وصرحت بهذا الخصوص هلا مطر شوفاني، رئيسة شركة "آتش في إس" للاستشارات الفندقية، بتوضيحها أن هناك نموًا قويًا في أداء السياحة والفنادق في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضافت أن المنطقة نجحت بالفعل في تجاوز مستويات الإشغال لعام 2019، في ظل حدوث زيادة تُقدر نسبتها بـ 35% في النمو السنوي خلال شهر سبتمبر من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
التحديات والفرص
وعلى الرغم من وجود تحديات من أبرزها ارتفاع تكاليف البناء وأسعار الفائدة، تستمر المملكة العربية السعودية وكذلك دولة الإمارات في إعطاء الأولوية للسياحة كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي. وتدير الإمارات حاليًّا نحو 208 آلاف غرفة فندقية بمعدل إشغال يبلغ 70%، وتخطط لإضافة 45,000 غرفة أخرى.
وبحسب ما أظهرته بيانات منظمة السياحة العالمية بهذا الخصوص، فقد استقبلت دولة الإمارات 22.6 مليون سائح في عام 2022، وقد أسهموا بإدخال 49.3 مليار دولار في الناتج المحلي. كما استقبلت المملكة العربية السعودية ما يصل إلى 16.6 مليون سائح عام 2022، وأسهموا بإدخال 23.5 مليار دولار.
تنويع الفنادق والتحول الرقمي
وبالرغم من التأخيرات المتوقعة في أجندة تطوير الفنادق بسبب الزيادة الحاصلة في تكاليف البناء، لكن تبقى هناك ركيزة قوية للتحول الرقمي وتطوير البنية التحتية السياحية. ومع وجود مشاريع كبيرة تشمل حوالي 350 فندقًا ونحو 150 ألف غرفة، تشهد أسواق الإمارات والسعودية ارتفاعًا في الطلب.
اقرأ أيضًا: جدة التاريخية.. هنا العراقة والميادين التاريخية والحدائق المتنوعة
التحديات والفرص في المنطقة
والحقيقة أن هناك عوامل متعددة تسهم بشكل مباشر في تزايد جاذبية الاستثمار في السياحة بالمنطقة، مع التركيز على تنويع الاقتصاد واعتماد السياحة كمصدر رئيس للإيرادات، إذ شددت بهذا الخصوص بسمة الميمان، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية، على أهمية دور الحكومات في تمكين السياحة من تحقيق إمكاناتها وتعزيز الاستدامة.
وبيّنت الأرقام الحديثة والتصريحات الرسمية أن القطاع السياحي في المنطقة يمر بمرحلة من الانتعاش والتحسن، ما يجعله مجالاً استثماريًا واعدًا، وإذ يتعين على المستثمرين النظر بجدية إلى هذه الفرص وتقييم المشاريع المستدامة والابتكارات لضمان استمرارية النمو في هذا القطاع الحيوي.
تحديات وفرص قطاع السياحة في الشرق الأوسط
على الرغم من التحسن الملحوظ الذي يشهده قطاع السياحة في المنطقة العربية، إلا أنه لا يخلو من بعض التحديات التي قد تعيق نموه وتحتاج إلى تعامل حكيم من جانب الحكومات والجهات الاستثمارية على حد سواء.
ومن أبرز هذه التحديات ما يلي:
1.التوترات الجيوسياسية:
الأحداث الجارية في المنطقة تثير توترات جيوسياسية قد تؤثر على صورة المنطقة وتسهم في تقليل الإقبال السياحي.
2. تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي:
تعد التوقعات المتزايدة لتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار الفائدة تحديات تؤثر على استعداد المستهلكين للسفر.
3.التحديات البيئية:
زيادة التلوث والتدهور البيئي تمثل تحديات تتطلب حلولاً مستدامة لضمان استمرارية القطاع.
4. التوترات الاقتصادية:
تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة تكاليف الحياة يمكن أن يؤديان إلى تقليل ميزانيات السفر لعديد من السياح.
5. تحديات التشريعات والتأشيرات:
قد تكون التعقيدات الحاصلة في الإجراءات اللوجستية والتأشيرات عائقًا أمام جذب السياح.
الفرص المتاحة
1. التنويع في الاستثمار:
فرص كبيرة تنشأ من خلال تنويع الاستثمار في مشاريع سياحية مبتكرة ومستدامة.
2. التركيز على الاستدامة:
الاستثمار في فنادق صديقة للبيئة ومشاريع تروّج للسياحة المستدامة يعزز الجاذبية.
3. الابتكار في التسويق:
استخدام التكنولوجيا ووسائل التسويق الرقمي للترويج للوجهات وجذب السياح.
4. تسهيلات الاستثمار:
توفير حزم تحفيزية وتسهيلات تمويلية لجذب المزيد من المستثمرين إلى القطاع.
5. تعزيز التعاون الحكومي:
التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص يلعب دورًا مهمًّا في تحسين البيئة الاستثمارية.
اتجاهات السياحة والضيافة في العام 2024
تتطلع الصناعة إلى اتجاهات محددة في عام 2024 ونلقي الضوء على أبرزها في النقاط التالية:
1. الفنادق المستدامة:
تزايد الطلب على الفنادق المستدامة والصديقة للبيئة يفتح أبوابًا للاستثمار في هذا المجال.
2. العافية والمنتجعات الطبية:
زيادة الاهتمام بالعافية والمنتجعات الطبية تجعلها فرصة استثمارية واعدة.
3. الفنادق الاقتصادية:
زيادة الطلب على الإقامة بأسعار معقولة تجعل الفنادق الاقتصادية جذابة.
4. فنادق الوجهة:
تزايد الاهتمام بالفنادق ذات الهوية والتراث يفتح أفقًا للمزيد من الاستثمارات في هذا القطاع.
5. الابتكار التكنولوجي:
اعتماد التكنولوجيا في تقديم تجارب سفر فريدة ومحسّنة.
ويمكن القول في الأخير إنه على الرغم من كل هذه التحديات القائمة، لكن يبقى قطاع السياحة في المنطقة قطاعًا مليئًا بالفرص، ويتطلب النجاح استراتيجيات مستدامة وتعاونًا فعّالاً بين القطاع العام والخاص.