معرض 'العلا واحة العجائب' في الصين .. عبق التاريخ ينبعث في الشرق
انطلقت فعاليات معرض "العلا: واحة العجائب" في قلب العاصمة الصينية، بكين، بارزا كجسر ثقافي يعبر به زوار المعرض نحو ماضي العلا العريق بتفاصيله الفخارية والمنحوتة.
هذا الحدث الثقافي المميز يقام في القصر الإمبراطوري المسمى "المدينة المحرمة"، ليقدم لزواره تجربة فريدة، حيث يروي سيرة إرث سعودي يتوارث العمق التاريخي والثقافي عبر الأجيال.
تفاصيل معرض العلا: واحة العجائب
مع انطلاقه في السابع من يناير، ينتظر أن يقدم المعرض، الذي ستستمر فعالياته حتى يوم الثاني والعشرين من شهر مارس القادم، عرضًا متميزًا يضم أكثر من 235 قطعة أثرية.
وهي القطع التي تشمل مجموعة مميزة من المنحوتات والفخاريات والنقوش العريقة، التي من ضمنها 50 قطعة لم تعرض من قبل، مما يعكس حرص الهيئة الملكية لمحافظة العلا وشريكها الفرنسي على تقديم تحف تاريخية في أجواء تهدف لتكون رمزًا للتبادل الثقافي والحضاري.
رحلة عبر التاريخ
تنقسم المعروضات إلى أربع محطات زمنية تأخذ الزائر في رحلة تاريخية باهرة من دادان إلى الحجر، مرورًا بالمدينة الأثرية القرح، وانتهاءً بالبلدة القديمة في العلا.
ويتوج هذا العرض أفلاما وثائقية تحكي قصة المقابر المنحوتة والمستكشفات الأثرية مثل المدينة النبطية، التي يكتسب هذا المعرض من خلالها أهمية مضاعفة لكونه يؤرخ لأول موقع سعودي مسجل في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
اقرأ أيضا: فيديو |عين على المملكة.. محافظة العلا
الحضور والافتتاح
بحضور السفير السعودي لدى الصين عبدالرحمن الحربي وممثل الهيئة الملكية رئيس قطاع التواصل والعلاقات العامةـ عبدالرحمن الطريري، إلى جانب السفراء والشخصيات الدولية، شهد المعرض حفل افتتاح حظي بتقدير واهتمام كبير، وهو ما أظهر حجم الاهتمام الدولي الذي تستقطبه الثقافة والتاريخ السعودي.
أهداف المعرض والرؤية
يسعى المعرض ليكون نافذة سعودية تمنح العالم إطلالة على الثقافة والإرث التاريخي للعلا، معززًا الجهود الرامية لتحقيق رؤية العلا المنسجمة مع أهداف رؤية السعودية 2030. وتقف الأعمال المصورة لـ "يان أرثر بيرتراند" شاهدة على تنوع وغنى المكان الذي يطل من شرفاته الماضي ممزوجًا بالتطلعات المستقبلية.
مدلول الافتتاح في ميزان الثقافة والاقتصاد
مثل هذا الحدث الثقافي يتجاوز أهميته الحدود الفنية ليتخذ مكانة اقتصادية ودبلوماسية رفيعة. ينثر معرض "العلا: واحة العجائب" بذور التفاهم والمعرفة المتبادلة ويُعد نقطة تلاقح ثقافي تؤدي إلى إنعاش السياحة والاقتصاد، مانحًا الصين وروادها تذوقًا رفيعًا للثقافة العربية والسعودية.
ومن ثم يندرج المعرض ضمن استراتيجية أوسع للدبلوماسية الثقافية، التي تعد عنصرًا أساسيًا في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، كما أنه يعطي إيماءة للدور الذي يمكن أن تلعبه المملكة على الساحة العالمية كرائدة في سرد قصص المنطقة وتاريخها الموغل في القدم.
استدامة الثقافة والإرث الإنساني
تنبع أهمية المعرض ليس فقط في عرض القطع الأثرية والتاريخية، بل أيضًا في دوره كمنصة لإبراز جهود المملكة العربية السعودية في مجال الحفاظ على الإرث الثقافي والإنساني والمبادرة نحو الاستدامة.
ويظهر المعرض كيف تتكامل الجهود الأثرية مع المساعي المبذولة من أجل المحافظة على البيئة، مؤكدا على مساعي السعودية في التوفيق بين الترويج السياحي وحماية الإرث الحضاري.
تعزيز العلاقات الدولية
يعد المعرض نموذجًا مثاليًّا للتبادل الثقافي بين السعودية والصين، الأمر الذي يرسّخ فهما أعمق وتبادل القيم الثقافية بين الشعبين. يمكن لهذه الفعاليات أن تسهم في تعميق علاقات التعاون الاستراتيجي وتشجيع الحوار الحضاري، ما يُعد عنصرًا حيويًّا في بناء جسور التفاهم والسلام في العالم.
الترويج للسياحة
يسلط المعرض الضوء على العلا كوجهة سياحية عالمية، مما يتيح فرصة ذهبية لترويج السياحة الثقافية للمملكة. ويُعد هذا جزءًا من استراتيجية أوسع للتنمية الاقتصادية والترويج للتنوع الثقافي والطبيعي الذي تزخر به المملكة، وبالأخص منطقة العلا.
ويعد المعرض محفزا للتفكير والإلهام من خلال تقديمه للتاريخ الطويل والغني للجزيرة العربية. من خلال توفير فرصة للتفاعل الحميم مع النقوش القديمة والأشغال الفنية الرفيعة، يُمكن للزوار أن يحصلوا على فهم أعمق للحضارات التي سكنت المنطقة وأثرتها بثقافاتها وفنونها.
لا شك أن الاهتمام الدولي الذي يجلبه المعرض سيكون له ارتدادات إيجابية على الاقتصاد المحلي. من خلال جذب المستثمرين والزوار الدوليين، يمكن أن تتحقق فوائد مادية ملموسة تتمثل في زيادة الإيرادات من قطاع السياحة، وكذلك تعزيز العلامة التجارية للسعودية كمركز للثقافة والفن.
وبهذا الصدد يمكن القول إن معرض "العلا: واحة العجائب" يتخطى كونه معرضًا فنيًّا ليصبح منارة للهوية والإنجاز السعودي، خاصة وأنه يعبر عن العزم السعودي على المشاركة بفاعلية في رواية التاريخ العالمي.
وهو ما يتم عبر تسليط الضوء على الجمال والتنوع والغنى الحضاري لمحافظة العلا والجزيرة العربية ككل، ويوضح التزام المملكة بالتواصل الثقافي وترسيخ مكانتها كرائدة في مجال الثقافة والفن على مستوى العالم.
العلا واحة العجائب .. لغة تاريخية تتجلّى في الصين
في زوايا القصر الإمبراطوري العريق، المعروف بـ"المدينة المحرمة"، وفي موقع أسطوري مُصنَّف ضمن كنوز التراث العالمي لليونسكو، ينبعث صدى عريق لحضارات أضاءت فصول التاريخ من قلب الجزيرة العربية.
وقد استقبل هناك معرض "العلا واحة العجائب" زواره من كل مكان، حيث ستستمر الفعاليات حتى يوم 22 مارس، معلنًا عن شراكة ثقافية فرنسية سعودية، تتوجها الهيئة الملكية لمحافظة العلا والوكالة الفرنسية لتطوير العلا.
اقرأ أيضا: لماذا أثارت الهياكل المثلثة والقبور المنحوتة في محافظة العلا حيرة خبراء الآثار الدوليين؟
المعرض، الذي يأتي تأكيدًا على عمق الروابط الثقافية وإثراء لتاريخ الإنسانية، يُحيط البصر بما يزيد على 235 قطعة فنية محفوظة في أحضان التراب والزمان، تعبّر عن مهارة وإبداع الأنام. خمسون منها تكسر حاجز الزمان لتُعرض للمرة الأولى، دلالة على تحفة فنية لم تلامسها الأعين من قبل.
المسار يبدأ من دادان، موطن التماثيل السامقة التي تروي حكايات الدادانية واللحيانية، ولا يتوقف إلا على أعتاب البلدة الأثرية القديمة في العلا، مرورًا بأفلام تنقِّب عن أسرار المقابر المنحوتة وتجسد عظمة الحضارة النبطية التي كانت تُعتبر المدينة الجنوبية الرئيسية في المملكة، وتعتز بكونها أول موقع سعودي يُدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ويأتي المعرض مزينًا بأعمال المصور العالمي يان أرثر بيرتراند، والتي تُزهر بجمال الطبيعة في العلا وثرائها الثقافي، ليس فقط كعرض بصري، بل كرسالة تصل بين الأجيال وتنقل الروح السعودية إلى آفاق بعيدة.
وتأتي هذه النسخة بعد نجاح باهر للهيئة الملكية في باريس عام 2019، مؤكدة على ثقل المملكة في مضمار الثقافة العالمية ودورها الريادي في نقل تراث وتاريخ الجزيرة العربية إلى العالم.
وقد تعهد هذا المعرض بتحقيق رؤية العلا وانعكاسها على "رؤية السعودية 2030"، ليفتح بذلك قنوات التواصل الثقافي ويمنح التاريخ الفرصة لأن يحكي قصته للإنسانية جمعاء.
معرض "العلا واحة العجائب في الجزيرة العربية" يُعيد ملامسة روح التاريخ وجماله، يبني جسور التفاهم، وينقل الذاكرة التاريخية إلى حيث يتنفس الفن والإبداع في أروقة الثقافات المتعددة، وعلى صفحات أجيال اليوم والغد.