"هكذا ترى الألوان زاهية".. ماذا تعرف عن الخلايا المخروطية للعين؟
ما إن تقع عينك على ما حولك إلّا وترى الألوان زاهية في كل شيءٍ، وعندما تقتني أثاث منزلك أو ملابسك، فإنّ تناسق الألوان ضروري لأناقتك وجاذبيتك، فتخيّل لو كانت الحياة رمادية من حولك، كيف يكون طعمها؟ خلقنا الله بقدرةٍ على إبصار الألوان بمختلف درجاتها وأنواعها، إذ تحتوي شبكية العين على خلايا مُخصَّصة لذلك الغرض، هي الخلايا المُستقبِلة للضوء، فكيف تعمل هذه الخلايا تحديدًا وتُمكِّننا من رؤية الألوان كما تراها الآن؟
ما هي الخلايا المُستقبِلة للضوء؟
تنقسم الخلايا المُستقبِلة للضوء "Photoreceptor cells" في العين إلى نوعَين: مخاريط وقُضبان، وتعمل هذه الخلايا عبر استشعار الضوء والألوان، وإرسال الرسائل بما تتلقّاه إلى الدماغ عبر العصب البصري.
وتُعدّ المخاريط أو الخلايا المخروطية حسّاسة للضوء الساطع، أمّا القضبان فهي حسّاسة لمستويات الإضاءة المنخفضة، ومِنْ ثمَّ تُساعِد في الرؤية الليلية، والتمييز بين اللونَين الأسود والأبيض، وتحتوي عين الإنسان على كمية أكبر من القُضبان مقارنةً مع المخاريط "Cones".
تركيب مخاريط العين
تتركّز الخلايا المخروطية في جزءٍ من شبكية العين يُعرَف باسم النقرة "fovea"، التي تسمح بتركيز التفاصيل الصغيرة عند رؤيتها تحت الضوء الساطع، وسُمِّيت الخلايا المخروطية بهذا الشكل؛ نظرًا لشكلها الشبيه بالمخروط.
أنواع الخلايا المخروطية
تُوجَد في شبكية العين ثلاثة أنواعٍ مختلفة من المخاريط:
- المخاريط الحمراء، وتُمثِّل 60% من الخلايا المخروطية للعين.
- المخاريط الخضراء، وتُمثِّل 30% من الخلايا المخروطية للعين.
- المخاريط الزرقاء، وتُمثِّل 10% من الخلايا المخروطية للعين.
اقرأ أيضًا:هل تُسبِّب المراوح جفاف العين؟
وظيفة الخلايا المخروطية
تحتوي الخلايا المخروطية على أصباغٍ ضوئية، تُعرَف بالأحماض الأمينية "أوبسين"، وهي حسّاسة للأطوال الموجية المختلفة للضوء المرئي، فمثلاً قوس القزح يحمل كل لونٍ فيه طول موجي مختلف عن الآخر، وتستطيع مخاريط العين التقاط هذه الأطوال الموجية المختلفة، بما يُمكِّننا من رؤية الألوان.
يُمكِن لأعيننا استقبال ترددات ضوئية قصيرة تصل إلى 380 نانومترًا، وطويلة تصل إلى 700 نانومتر، وعلى الرغم من أنّ المخاريط تستجيب بشكلٍ أساسي للضوء في منطقة الألوان الخاصّة بها، إلاّ أنّ هناك تداخلاً بينها، فكلٌ منها قادرٌ وحده على الاستجابة لمجموعة مُتنوِّعة من الأطوال الموجية.
جديرٌ بالذكر أنّ مخاريط العين يستجيب كل منها عادةً لطولٍ موجيٍ مُحدَّد:
- المخاريط الحمراء، تُحفّز بالأطوال الموجية الطويلة.
- المخاريط الخضراء، تُحفَّز بالأطوال الموجية المتوسطة.
- المخاريط الزرقاء، تُحفَّز بالأطوال الموجية القصيرة.
كيف ترى الألوان؟
تعكس الألوان الحياة في كل ما تراه من حولك، فهل تخيلت يومًا كل شيءٍ بالأبيض والأسود؟ لعلّ البهجة لن تكون موجودة في هذا العالم إذن، وما يجعلك تُبصِر هذه الألوان الزاهية من مبانٍ لامعة، وطرقات نظيفة، وأشجار مُثمِرة، وأزهارٍ مُتفتّحة، هي الخلايا المخروطية أو مخاريط العين.
لنفترض أنّك تنظر إلى زهرةٍ صفراء، فإنّ الضوء سيرتدُّ من عليها، مُحفِّزًا المخاريط الحمراء والخضراء في عينيك، ثُمّ تنتقل الإشارة من العصب البصري إلى الدماغ، التي تُفسِّر نوع الإشارة حسب قوتها، وفي تلك الحالة تربطه باللون الأصفر.
هذا في ضوء النهار، أمّا في الضوء الخافت، أو بالليل، فإنّ القضبان هي من تعمل وحدها، ومِنْ ثَمّ لا تُرى الألوان بوضوح، بل يظهر كل شيءٍ رمادي أو قريبًا من ذلك.
أمّا لو لم تكُن الظلمة تامّة، والسواد حالكًا، كما في الغسق أو الشفق، فإنّ القضبان والمخاريط تعمل معًا، ما يُمكِّنك من رؤية بعض الألوان، بالإضافة إلى ظلال الرمادي.
حدة الإبصار ورؤية التفاصيل المُلوَّنة
تُساعِدنا المخاريط المُركَّزة في نقرة العين على التقاط التفاصيل الدقيقة كالأحرف الصغيرة، ورؤيتها بوضوح، ففي النقرة تبلغ كثافة الخلايا المخروطية 200 ضعف أي مكانٍ آخر في شبكية العين، كما أنّ هذه المنطقة تخضع فيها أشعة الضوء لأدنى درجةٍ ممكنة من التشتُّت مقارنةً بباقي أجزاء العين.
اقرأ أيضًا:الضوء النبضي المكثف.. كيف يعالج جفاف العين؟
نظرية الرؤية ثلاثية الألوان
تُسلِّط هذه النظرية الضوء على كيفية مُحافَظة مخاريط العين على رؤيتنا للألوان، فكلّ الألوان التي نراها، تتحلّل في النهاية بوساطة 2 أنواع مختلفة من المخاريط، والتي تنشط بالطول الموجي للضوء الساقط عليها، فيُمكِن أن يمتزج نشاط المخاريط الزرقاء مع المخاريط الخضراء ، والمخاريط الحمراء عند رؤية الألوان.
ويُفسِّر الدماغ اللون الذي نراه حسب نسبة الضوء المرصود من قِبل كل خليةٍ مخروطية من الأنواع الثلاثة على حدة، ما يجعلك ترى الأشياء باللون الحالي لها.
ماذا يحدث لو أُصِيبت الخلايا المخروطية للعين؟
إذا لم تعمل مخاريط العين وتقوم بوظيفتها على أكمل وجه، فمن المُحتمَل أن يكون الإنسان مُصابًا بعمى الألوان، ولا يعني عمى الألوان بالضرورة أنّ كل شيءٍ تراه صار بين الأبيض والأسود، بل الغالب أنّه يرى معظم الألوان بوضوح كأي شخصٍ آخر، لكنّها ألوان مُعيّنة فقط هي التي لا يتمكّن من رؤيتها.
فقد تكون بعض مخاريط العين تضرَّرت، وليس كلها، والنوع الأكثر شيوعًا من عمى الألوان هو عمى الأخضر والأحمر، والذي قد يُولَد به الإنسان، أو يرثه من أحد الأبوين، ويُصِيب هذا النوع 8% من الذكور، و0.5% فقط من الإناث، ففي هذا النوع يصعب التمييز بين الأحمر والأخضر، وقد يبدو اللون بنيًا بدلاً من لونه الحقيقي.
ضمور "حثل" الخلايا المُستقبِلة للضوء
هناك مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي قد تُؤثِّر في الخلايا المخروطية والقضبان في شبكية العين، وبحلول منتصف مرحلة البلوغ، قد تُؤدِّي هذه الاضطرابات إلى العمى، وقد يُعانِي المُصابُون بهذه المتلازمة بعض الأعراض، منها:
- فقدان البصر بمرور الوقت.
- زيادة الحساسية تجاه الضوء.
- انخفاض حِدّة البصر.
- بقع عمياء في مجال الرؤية.
- فقدان رؤية الألوان.
الرؤية أحادية اللون الأزرق
أحد الاضطرابات الوراثية أيضًا، ويُصِيب الذكور بشكلٍ أساسي، وفيه تعمل المخاريط الزرقاء بشكلٍ طبيعي، بينما لا تعمل الخلايا المخروطية الحمراء ولا الخضراء كما ينبغي، ما يُؤدِّي إلى الرؤية أحادية اللون الأزرق "Blue cone monochrmacy"، وهنا قد تظهر بعض العلامات، مثل:
- اضطراب رؤية الألوان.
- انخفاض حِدّة البصر.
- الحساسية تجاه الضوء.
- رأرأة العين، وهي حركات دورية متذبذبة للعين لاإراديًا.
أهمية فيتامين أ في الحفاظ على رؤية الألوان
كي يستمتع الإنسان برؤية الألوان من حوله، فإنّ فيتامين أ مُكوِّن رئيس لمادة الرودوبسين، وهو البروتين الموجود في الخلايا المُستقبِلة للضوء، ومِنْ ثَمّ فالحصول على ما يكفي من فيتامين أ ضروري للحفاظ على الرؤية عمومًا، وعلى رؤية الألوان خصوصًا.
ينبغي الحصول على 900 ميكروغرام من فيتامين أ للرجال يوميًا، ونحو 700 ميكروغرام منه للنساء يوميًا، ويُمكِن الحصول عليه عبر مصادره الغذائية، مثل:
- صفار البيض.
- كبد البقر والدجاج.
- زيت كبد الحوت.
- السلمون.
- البطاطا الحلوة.
- الجزر.
- الكرنب.
- الفلفل الأحمر.