رواد الأعمال السعوديون.. وقود المستقبل في المملكة
شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة اهتمامًا ملحوظًا بمشاريع رواد الأعمال، خاصة مع إطلاق رؤية 2030 المباركة، التي عولت بشكل كبير على رواد الأعمال، لكونهم عاملا مهمًا في القوة الاقتصادية، حيث طرحت رؤية 2030 تصورًا استراتيجيًا الغرض منه استغلال أمثل لرواد الأعمال ودعم مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة، التي تعد من أهم محركات النمو الاقتصادي، كما وضعت عدة أهداف لرفع نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الاقتصادي القومي السعودي من 20% حتى 35% بحلول عام 2030.
مفهوم ريادة الأعمال
يتناول أحمد الصباغ في كتابه "وقود المستقبل.. رواد الأعمال في السعودية" مفهوم وأهمية ريادة الأعمال، والسمات التي يمتاز بها رواد الأعمال، وكيف جعلت المملكة في رؤية 2030 لريادة الأعمال مستهدفًا خاصًا ليسهم رواد الأعمال في ازدهار الاقتصاد السعودي عبر العديد من البرامج والمبادرات التي أطلقتها المملكة.
ويكشف الكتاب أن كلمة ريادة الأعمال استخدمت لأول مرة من قبل "ريتشارد كانتيلون" وجان باتيست ساي" في بداية القرن التاسع، للتعبير عن الشخص الذي على استعداد لتأسيس مؤسسة جديدة وتقبل المسؤولية الكاملة عن النتائج غير المؤكدة.
فيما عرف العالم الاقتصادي "شومبيتر" رائد الأعمال بأنه الشخص الذي لديه الإرادة والقدرة لتحويل فكرة جديدة أو اختراع جديد إلى ابتكار ناجح.
ورغم تعدد تعريفات ريادة الأعمال فإنه يمكننا القول إنها تعني مجموعة من العمليات والمراحل التي تعتمد في بداية تشغيلها على أفكار جديدة وإبداعية طرحت لتلبية احتياجات السوق، وتمتاز بإحداثها طفرة سواء في المؤسسة من الداخل أو في السوق الاقتصادي.
أهمية ريادة الأعمال
ترجع أهمية ريادة الأعمال في أنها تمهد للمشروعات التي يقوم بتأسيسها رواد الأعمال للمساهمة بشكل قوي في ايجاد جزء مستقر من الاقتصادات القوية التي يمكن حال الاهتمام بها أن تمثل دعامة لاقتصاد الدولة لحمايته من تقلبات السوق العالمية، كما أنها تمثل جزءًا من الاقتصاد غير الريعي، الذي في حال دعمته الحكومة وشجعته، كما تفعل المملكة، يمكن أن يسهم في دعم الاقتصاد الوطني ككل.
وقد أصبحت ريادة الأعمال جزءًا مهمًا للغاية في التطور الاقتصادي والتكنولوجي والمعرفي في الاقتصاديات الكبيرة والناشئة وذلك لعدة عوامل هي:
هيمنة النموذج الاقتصادي الرأسمالي
يعد هذا النموذج شبه الوحيد للتنمية، الذي أعطى أولوية لتطوير القطاع الخاص، في ظل تقليص الحكومات هيمنتها على النشاط الاقتصادي، وعدم التدخل في السوق، وانتقالها من الممارسة إلى الإشراف.
التطور التقني الكبير
أوجد هذا العامل أدوات مختلفة للأجيال الجديدة التي لم يكن يمتلكها الجيل القديم من رجال الأعمال، حيث يقدم التطور التكنولوجي الهائل في الآلات والحاسبات الإلكترونية والاتصالات وغيرها من المجالات التكنولوجية فرصة لإنشاء مشروعات جديدة، خاصة وأن المشروعات الكبيرة القائمة بالفعل لا تستطيع أن تجاري التطورات التكنولوجية فتبحث عن مشروعات تقدم لها التكنولوجيا.
العولمة
وسعت وعظمت العولمة مساحة التشابك والتعليم السريع في البيئة التنافسية لقطاع الأعمال المحلي والإقليمي والعالمي.
سمات رواد الأعمال
ويشرح الكتاب السمات التي يتصف رواد الأعمال، وهي:
اقتناص الفرص السوقية
تعد هذه الصفة من أهم مميزات رواد الأعمال إذ يتميز رائد الأعمال بأنه رجل قادر على اقتناص الفرصة وامتلاكه للعين الفاحصة، والقدرة على التنبؤ بتغيرات السوق، والفرص التي من خلالها يمكن أن يطور أعماله.
اقرأ أيضًا:أفضل صناديق الاستثمار في السعودية.. أرباح دون مخاطر
القدرة على المخاطرة
تعد هذه الميزة هي الأكثر أهمية التي يمكن أن تفرق بين شخص اختار طريق الوظيفة التقليدية، وشخص آخر اختار أن يسلك طريق العمل الحر، وإذا كانت القدرة على المخاطرة تميز هؤلاء الذين يعملون في مجال العمل الحر، فهي أجدر بأن توجد بشكل أكبر في رواد الأعمال الذين يقبلون بالمخاطرة.
القدرة على تقديم الابتكارات
الابتكار جزء مهم من أنشطة رواد الأعمال وعنصر أساسي لتكوين الثروة، خاصة أن تقديم الابتكار هو المهمة الأساسية لصاحب المشروع، وليس الابتكار محصورًا فقط في تطوير منتج أو تقديم تكنولوجيا جديدة، ولكنه يتعدى ذلك إلى ابتكار أو إدخال طريقة جديدة في توزيع الخدمة، أو إنتاج المنتج بطريقة أقل تكلفة وأكثر ملاءمة من أجل إضافة قيمة إضافية إلى المستهلك والسوق.
رؤية 2030 ورواد الأعمال
تعتمد رؤية 2030 على ثلاثة محاور، الأول مجتمع حيوي يتمتع بحياة صحية سليمة وثقافة متنوعة، ومعدلات عمر مرتفعة، والثاني اقتصاد مزدهر، والثالث وطن طموح.
ويهدف المحور الثاني تفصيلًا إلى تحفيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل عن طريق الاهتمام بمسارات متنوعة، مثل دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة باعتبارها محركًا أساسيًّا للنمو الاقتصادي إذ تعمل على خلق فرص العمل وتدعم الابتكار وتعزز الصادرات.
اقرأ أيضًا:مفهوم المنافسة في ريادة الأعمال.. ما هي الإيجابيات والسلبيات؟
وتحقيقًا لهذه الرؤية وضع المسؤولون مستهدفًا مهمًّا خاصًّا بريادة الأعمال والمشاريع الناشئة في رؤية 2030، إذ تُدرس المملكة مقررات الريادة في المراحل المختلفة للتعليم العالي في المعاهد والجامعات بهدف غرس مفاهيم الريادة في نفوس الشباب السعودي.
وقامت حكومة المملكة في نهاية 2017 بضخ ما قيمته 72 مليار ريال سعودي لتحفيز القطاع الخاص، وخصص الجزء الأكبر من هذا المبلغ لبرامج ومبادرات مختلفة تدعم نمو قطاع ريادة الأعمال، لتعزيز القدرات التنافسية للقطاع الخاص بشكل عام، وقطاع ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة بشكل خاص.
اتجهت المملكة لتعزيز المشروعات الريادة بتأسيس عدد من الصناديق الخاصة، بالإضافة لإتاحة التمويل الميسر من دون فوائد للمشروعات الصغيرة، فضلا عن الترويج لإنتاج وابتكارات رواد الأعمال المتفوقين من خلال إشراكهم في المحافل الدولية لريادة الأعمال.
فقد أطلقت المملكة برنامج "مراس" الذي يوفر جميع الخدمات المقدمة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص التي يحتاج إليها رواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة لتأسيس مشروعاتهم وشركاتهم.
وأنشأت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت" وهي مبادرة مشترطة بين الهيئة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
وقد أصدرت مجموعة من المبادرات والبرامج التي تهدف لتسريع ونمو ريادة الأعمال من أبرز الأمثلة على ذلك ما يعرف ببرنامج "مسك الابتكار" الذي استطاع توظيف تجربة تقنيات ومنهجيات "وادي السيليكون" الشهيرة.
كما أطلق برنامج مسك الابتكار مبادرة "السعودية تبرمج"، كما نظمت فعاليات متعددة في البرمجة التي تسمى "هاكاثون" شارك فيها آلاف المطورين والمبرمجين، ومن الأمثلة على ذلك "هاكاثون الحج" الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السبيراني والبرمجة والدرونز، ودخل موسوعة جينيس لأكثر عدد من المشاركين والمتهمين بالبرمجة.
وبداية من عام 2017 منحت رواد الأعمال الدوليين رخص ابتكار تمنحهم الفرص للتوسع وممارسة أنشطة أعمالهم الريادية في المملكة من خلال التعاون مع منصات معتمدة مثل الجامعات السعودية وحاضنات ومسرعات الأعمال، بالإضافة إلى ذلك أطلقت الهيئة العامة للاستثمار مبادرة "الاستثمار الجري" حيث يستطيع رواد الأعمال استخراج تراخيص استثمارية فورية في مدة لا تتجاوز ثلاث ساعات.
وتمثل المنظمات غير الحكومية في المملكة لبنة أساسية في منظومة ريادة الأعمال السعودية، ومنها منظمة "انديفور" السعودية التي تدعم رواد الأعمال المحليين المؤثرين في تسريع منشآتهم الريادية.