"الوقت مهم".. كيف تصارح شريك حياتك بمشكلاتك النفسية؟
يقولون إن أول طرق الحل هو الاعتراف بوجود المشكلة. هذا ما ينطبق تمامًا على صحة العلاقات الإنسانية التي يعاني فيها أحد الطرفين مشكلة نفسية، تستوجب أن يصارح بها شريكه.
الأمر ليس بالطبع بهذه البساطة، فهذه مهمة قد تكون صعبة ومؤلمة على الكثيرين، ليس فقط لأن الأمر متعلق بأزمة نفسية، بل لأسباب أخرى منها عدم قدرة الشخص على فهم طبيعة الأزمة التي يمر بها، أو عدم قدرته على التعبير عنها، أو خشيته من الإفصاح عنها تجنبًا لخسارة شريكه.
التقرير التالي، يسهل المهمة قدر المستطاع، ويخبرك من خلال زاوية علم النفس، كيف يمكنك أن تصارح شريك حياتك بمشكلة نفسية تعانيها.
الإسعافات الأولية النفسية
بداية؛ لا بد من الإشارة إلى أن مشكلات الصحة النفسية تؤثر على تفكير الشخص، وشعوره، وسلوكه، ومزاجه، وحتى تفاصيل يومه مهما كانت صغيرة، من ثم تؤثر كثيرًا على سير الحياة اليومية برتم طبيعي، ما يؤثر بدوره أيضًا على القدرة على التواصل مع الآخرين.
لذا؛ لا تتردد في طلب المساعدة من الأطباء أو المختصين، فهم بإمكانهم تقديم الحل الأمثل دومًا، فقد يتزامن المرض النفسي مع العضوي، ما يستلزم السير في الاتجاهين بالتوازي.
بينما يساعدك التقرير التالي على التهيؤ للبوح بالمشكلات النفسية، وطلب الدعم المناسب من شريكك، فيما يمكن وصفه بـ"الإسعافات الأولية النفسية".
تُعرف منظمة الهلال الأحمر، الإسعافات الأولية النفسية بأنها طريقة لمساعدة الأشخاص عندما يكونون في ضائقة، ومساعدتهم على الشعور بالهدوء والدعم في مواجهة تحدياتهم. إنه يعالج كلاً من الاحتياجات العاطفية والاجتماعية للأفراد، لتمكين الناس من استخدام مواردهم الخاصة، وتعزيز المرونة، واتخاذ قرارات مستنيرة.
ويعتمد أساس الإسعافات الأولية النفسية على نهج إنساني لرعاية ودعم الأفراد الذين يعانون ضائقة، كما أنه ينطوي على الانتباه إلى ردود أفعالهم، والاستماع بنشاط والتعاطف، وتقديم المساعدة العملية، مثل المساعدة في الوصول إلى الاحتياجات الأساسية.
لماذا تخبر شريكك بمشكلاتك النفسية؟
يضع موقع "Verywell Mind" دليلاً للبوح بمشكلتك النفسية لشريك حياتك، من منطلق أن الإفصاح عن أي مشكلة نفسية يساعد على تعزيز الصدق والشفافية والتواصل في العلاقة، ويمنع سوء الفهم والتوترات غير الضرورية. كما أنه سيعطي شريكك فرصة لدعمك، وتعلم كيفية حبك بشكل أفضل، الأمر الذي يمكن أن يعزز علاقتكما.
متى تخبر شريكك بمشكلاتك النفسية؟
الموقع نفسه، يقترح توقيتات مناسبة للبوح بمشكلاتك النفسية لشريك حياتك ومن بينها:
1- عندما تشعر بالارتياح معهم.
2- عندما تتصالح مع حالتك.
3- عندما تكتشف حالتك.
4- عندما تصبح الحالة واضحة.
5- عندما تحتاج إلى الدعم.
6- عند مناقشة حالات صحية أخرى.
خطوات للإفصاح عن مشكلاتك النفسية مع شريكك
1- أخبر شريكك أنك ترغب في مشاركة شيء شخصي معه، مثلاً اطلب منه الإنصات إليك وأخبره أنك ترغب في مشاركة شيء شخصي عنك معه.
2- تجنب التمهيدات الغامضة، مثل أن تقول له: "ما رأيك في المشكلات النفسية التي يعانيها البعض".
3- كن مباشرَا وواضحًا، مثل أن تقول له: "أريد التحدث عن مشكلة أمر بها في عملي أو مع أسرتي أو من الماضي أو أي شيء آخر".
4- قدم له أمثلة، مثل أن تخبره عن موقف معين مررت به شعرت فيه أنك في أزمة وتحتاج إلى دعم نفسي.
5- امنحه الفرصة لطرح الأسئلة، فبإمكان سؤال شريكك أن يفتح لك محاور جديدة للحديث عن مشكلته، ويساعدك على البوح براحة أكثر، كما أنه حق أصيل له ومرآة لكيفية إنصاته وتقبله للأمر.
اقرأ أيضًا:"دون أن تجرح مشاعرها".. 8 طرق لإقناع زوجتك بفقدان وزنها الزائد
كيف تدير المحادثة مع شريكك بشأن صحتك النفسية؟
يقدم موقع "Healthdirect" الإجابة عن هذا السؤال، بأن مجرد التفكير في كيفية بدء المحادثة حول مخاوفك المتعلقة بصحتك النفسية مع شريكك وبينما قد يكون أمرًا مربكًا، لكنّه مفيد جدًا في ضمان استمرار علاقة صحية قائمة على الشفافية والوضوح.
وطبقًا للموقع ينصح خبراء علم النفس، بالتفكير في بعض الأمور الشائعة التي ينبغي تجنبها عند مناقشة قضايا الصحة النفسية، والتركيز خلال التحاور معه على عدة أمور أخرى ومن بينها:
1- فكر في المدة التي قضيتها في علاقتك مع شريكك، فجزء مهم من راحتك في البوح بمشكلاتك النفسية.
2- قد يكون من الأفضل عدم ترك الأمر لفترة طويلة. عندما تكون مستعدًا، بادر بإخباره.
3- ابحث عن الوقت الذي يكون فيه الشخص الآخر قادرًا على تلقي المعلومات بشكل أفضل.
4- تعرف على موقفهم من الأمراض النفسية.
5- لا تكشف كل شيء دفعة واحدة.
6- فكر في مناقشة كيفية تأثير مشكلتك النفسية على حياتك اليومية، وكيف يمكن أن تؤثر على علاقتك.
7- تدرب على ما تريد قوله مسبقًا مع شخص تثق به، أو قله بصوت عالٍ لنفسك.
ما مدى صعوبة إخبار شريكك بمشكلاتك النفسية؟
بينما يجيب موقع "National Alliance on Mental Illness" على هذا السؤال، بأنه إذا كانت لديك الرغبة في مشاركة هذا النوع من المعلومات مع شخص ما وخاصة شريكك، فهذه علامة على أن هذا الشخص مميز وتود الاحتفاظ به.
كما أن رغبتك في الإفصاح عن أمورك الخاصة، تعني على الأرجح أنك تريد أن تكون حقيقيًا وشفافًا معه لتحقيق قدر أكبر من العلاقة الآمنة طويلة الأمد.
وسوف يفهم الشريك الجيد أهمية تفكيرك به بدرجة كافية للكشف عن المعلومات الحساسة مثل الحديث عن مشكلة نفسية خاصة ما إذا كانت تتعلق بالماضي. لذا فإن الشخص المناسب سوف يرى أن إفصاحك أمر جيد.
كما أن الخوف أمر طبيعي ولكنه عامل مهم، فقد لا ترغب في الكشف عن مشكلاتك النفسية لأنك لا تعرف كيف سيكون رد فعل شريكك. حتى لو كنت لا تعرف كيف سيكون رد فعلهم، فهذا لا يعني أنهم ليسوا الشخص المناسب لك.
ربما لا تعرف على وجه اليقين ما يعرفونه، أو ما يفكرون فيه بشأن المرض النفسي. وربما ليس لديهم خبرة مباشرة مع المرض النفسي من قبل. وربما يرون تشخيصك لوضعك النفسي، على غير تقديرك له. فلا تقلق من أن خبرتهم المحدودة قد تدفعهم إلى رؤيتك بشكل مختلف.
كل ما عليك فعله هو:
1- افهم سبب صعوبة الكشف عن هذه المعلومات. لكن من الأفضل أن تعرف مبكرًا ما إذا كان شريكك سيرفضك لأنك لا تريد أن تضيع وقتك مع شخص لن يتقبل مرضك.
2- الشفافية يمكن أن تكون مصدر راحة وتقوي العلاقة، فعلى الرغم من أن مشكلتك النفسية لا تحدد هويتك، لكن إخفاء المعلومات عن نفسك أمر مرهق عاطفيًا، بالإضافة إلى الإرهاق الناتج عن إخفاء التشخيص.
3- حجب هذه المعلومات يمكن أن يبطئ أو يعيق علاقتك مع شريكك.
4- سيحترم الشخص المناسب رحلتك، بل سوف يُعجب بشجاعتك في مواجهة مشكلتك النفسية وإصرارك على طلب الدعم. سيعرف حدودك وعيوبك، وسيحب هذا الجانب منك أيضًا.
اقرأ أيضًا:كيف تعرف أن علاقتك بزوجتك سامة أو مرضية؟
مخاطر عدم الكشف عن مشكلاتك النفسية لشريكك
يشير موقع "العلاقات نيو ساوث ويلز" إلى أنه في النموذج التقليدي للصحة العقلية، يكون الشخص الذي يسعى للعلاج هو التركيز الأساسي، وتخفيف الأعراض هو الهدف. ولا يزال هذا النهج شائعًا، على الرغم من الأدلة التي تدعم أهمية العلاقات في علاج الأمراض النفسية.
العلاقات الإيجابية ليست فقط مركزية للصحة العقلية الجيدة، بل يمكن أن يكون للأسرة ومقدمي الرعاية المساعدة دور في تقليل الأعراض مثل الانتحار والقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى زيادة الامتثال للعلاج والتمكين الذاتي.
قد يكون دعم شخص مصاب بمرض نفسي مجزيًا، ولكنه قد يكون أيضًا متطلبًا. كما يمكن أن تكون تحديات الصحة النفسية ظرفية ومؤقتة وغير عادية، أو يمكن أن تكون جزءًا من شيء يتطلب إدارة طويلة الأجل، ومن المحتمل أن تؤثر الظروف على مقدار الدعم الذي يمكنك تقديمه.
كما أنه في بعض الحالات، يمكن أن تبدو ديناميكيات العلاقات والأسرة جزءًا من مشكلة الصحة النفسية، وتؤدي إلى الصراع طويل الأمد، أو القطيعة، أو التطفل، أو التعسف، أو الاستبداد، أو الصدمات، أو العنف المنزلي، أو مشاكل المخدرات والكحول وغيرها ما قد تؤدي إلى خسائر فادحة.