جراحات التجميل.. ما الفرق بين أنواعها المختلفة؟ وما هي بدائلها؟
"إذا كنت تريد إنقاص وزنك، فما عليك سوى تناول كميات أقل من الطعام وممارسة المزيد من التمارين الرياضية"، "إن فقدان الوزن يعتمد على قوة الإرادة"، إنها بعض من الجمل التي قد تسمعها إذا كنت تعاني السمنة، ولكن فقدان الوزن فيما يبدو أكثر تعقيدًا من ذلك، إذ ترتبط زيادة الوزن في بعض الحالات بعوامل الوراثة، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، ومشكلات الصحة العقلية و النفسية كالاكتئاب والقلق، فيما قد تؤثر بعض الأدوية في قدرتك على إنقاص الوزن أو حتى الحفاظ على ثباته، وهي الأمور التي ربما تجيب عن سؤال: لماذا يلجأ البعض إلى جراحات التخسيس؟
وهو السؤال المنطقي الذي قد يتبادر إلى الذهن عندما نتحدث حول الطرق المختلفة لإنقاص الوزن والتخلص من البدانة، بعد أن نعانيها، عندما لا نستطيع الانحناء لالتقاط أطفالنا، أو عندما نضطر إلى طلب تمديد حزام الأمان على متن طائرة، أو عندما نخوض تجربة علاج مضاعفات السمنة بأحد المشافي، أو غيرها من الأسباب الشخصية المتنوعة التي قد تدفعنا إلى التفكير في إنقاص الوزن بأي طريقة، وصولاً إلى الحلول الجراحية.
ولكن لماذا نلجأ إلى الجراحات طالما وجدت حلول أخرى توفر آلام الجراحة ومضاعفاتها المحتملة؟ وهو السؤال الثاني الذي أجاب عنه الأطباء والخبراء، مؤكدين ضرورة إجراء جراحات السمنة أو التخسيس عندما لا تنجح الأنظمة الغذائية وممارسة الرياضة في تحقيق أهدافها الخاصة بإنقاص الوزن، وبشكل خاص عندما تكون لدى الشخص مشكلات صحية خطيرة بسبب الوزن الزائد، الذي يؤثر على بعض وظائفه الحيوية.
تحديد كمية الطعام التي نتناولها، قد لا تكون كافية للوصول إلى تلك المستهدفات الصحية الخاصة بكل منا، والمُوصي بها لكل حالة على حدة، ولذلك قد تتجه النصيحة الطبية إلى البدائل الأخرى، كتقليل قدرة الجسم على امتصاص الدهون والسعرات الحرارية، وصولاً إلى جراحات التخسيس والسمنة وعلاجات البدانة، أو حتى استخدام الطريقين معًا للحصول على أفضل النتائج، إذ يمكن أن تقدم الجراحة هنا العديد من الفوائد، لكن جميع أشكال جراحة إنقاص الوزن هي بطبيعتها إجراءات رئيسة يمكن أن تشكل مخاطرًا وآثارًا جانبية، كما تستلزم إجراء تغييرات صحية دائمة على نظامك الغذائي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام للمساعدة في ضمان النجاح على المدى الطويل.
ولكن متى تصبح جراحات التخسيس والسمنة الخيار الأمثل؟ ومن تُستهدف؟ وما هي أنواعها؟ أسئلة سنحاول الإجابة عنها خلال السطور التالية بشيء من التفصيل.
الجراحة الأنسب والخيار الأمثل
بشكل عام يتم إجراء جراحات التخسيس والسمنة -كما ذكرنا سابقاً- لمساعدتك على فقدان الوزن الزائد، وتقليل خطر تعرضك لمشكلات صحية مرتبطة بالوزن قد تصل خطورتها إلى حد تهديد حياتك، مثل:
- بعض أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي وبطانة الرحم والبروستاتا.
- أمراض القلب والسكتة الدماغية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ارتفاع مستويات الكوليسترول.
- مرض الكبد الدهني غير الكحولي أو التهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
- توقف التنفس الشديد في أثناء النوم.
- داء السكري من النوع الثاني.
وغالباً ما يتم إجراء جراحات السمنة فقط بعد محاولة إنقاص الوزن الخاضعة للإشراف لمدة ستة أشهر على الأقل، حيث يتم خلالها محاولة تحسين النظام الغذائي وممارسة الرياضة، وبشكل عام، يمكن أن تكون بعض جراحات التخسيس والتخلص من السمنة خيارات مناسبة -حسب كل حالة على حدة- لمن يعانون السمنة المفرطة، التي نستطيع الاستدلال عليها بحساب مؤشر كتلة الجسم، فعندما تصل القيمة هنا إلى (BMI) 40 أو أعلى، توصف الحالة بالسمنة المفرطة، التي تحتاج إلى أنواع معينة من الجراحات في حالة الضرورة، فيما قد تستلزم الحالات التي تتراوح قيمة مؤشر كتلة الجسم فيها بين 35 إلى 39.9 لجراحات قد تتشابه أو تختلف مع الإجراءات السابقة من حيث التأثير أو التقنية، بينما قد تكون مؤهلاً لأنواع معينة من الجراحات إذا كان مؤشر كتلة جسمك يتراوح بين 30 إلى 34 وتعاني مشكلة صحية خطيرة واحدة على الأقل مرتبطة بالوزن.
والحقيقة أن جراحات التخسيس والسمنة وإنقاص الوزن ليست مناسبة لكل من يعاني زيادة الوزن المفرطة، وقد يحتاج المريض هنا إلى تلبية بعض الإرشادات الطبية للتأهل لمثل هذه النوعية من العمليات، ومن ثم فإن من المحتمل أن يكون لديك عملية فحص واسعة النطاق لمعرفة ما إذا كنت مؤهلاً أم لا، وإذا كنت مؤهلاً فسيقدم لك فريق الرعاية الصحية الخاص بك تعليمات حول كيفية الاستعداد لنوع معين من الجراحة، وقد تكون لديك قيود على الأكل والشُرب والأدوية التي يمكنك تناولها، وقد يُطلب منك أيضًا بدء برنامج للنشاط البدني والتوقف عن التدخين واستخدام التبغ.
فيما ستحتاج إلى التخطيط للتعافي بعد الجراحة، كما يجب أيضًا أن تكون على استعداد لإجراء تغييرات دائمة لقيادة نمط حياة أكثر صحة، وقد يُطلب منك المشاركة في خطط متابعة طويلة المدى تتضمن متابعة نظامك الغذائي، وأسلوب حياتك، وسلوكك وحالتك الطبية، بينما يجب أن تتذكر دائمًا أن جراحة السمنة قد تكون باهظة الثمن ماديًا وصحيًا، ولذلك عليك التأكد من استعداداتك المادية قبل خضوعك للجراحة، مع الاستعداد لبعض المخاطر الصحية التي قد تشمل: النزيف، العدوى، ردود الفعل على التخدير، جلطات الدم، مشكلات في الرئة أو التنفس، تسربات الجهاز الهضمي، وغيرها من الأمور التي قد تحدث، ومن ثم فسوف تحتاج إلى النظر في الفوائد والمخاطر جيدًا مع طبيبك قبل اتخاذ قرارك.
وبالتأكيد فإن المخاطر والمضاعفات طويلة المدى لجراحة إنقاص الوزن تختلف اعتمادًا على نوع الجراحة، إذ يمكن أن تشمل: انسداد الأمعاء، متلازمة الإغراق "حالة تؤدي إلى الإسهال أو الاحمرار أو الدوار أو الغثيان أو القيء"، حصوات المرارة، الفتق، انخفاض نسبة السكر في الدم، سوء التغذية، قرحة المعدة، القيء، الارتجاع، أو حتى الحاجة إلى عملية جراحية ثانية أو أي إجراء آخر يتم اتخاذه خلال المراجعة، الاعتلال العصبي المحيطي، هشاشة العظام، فيما قد يتعرض البعض بشكل نادر إلى مضاعفات مميتة، لا قدر الله، بينما تعتمد تفاصيل كل جراحة على الحالة الفردية للمريض، ونوع جراحة إنقاص الوزن التي يجريها، وممارسات المشفى أو الطبيب، كما أن لكل جراحة إيجابيات وسلبيات، لذا عليك التأكد من التحدث مع طبيبك عن كل شيء قبل الإقدام على الجراحة.
الاستعداد لجراحات التخسيس
تعمل جراحات التخسيس وإنقاص الوزن -التي تُعرف أيضًا بجراحات السمنة- على تغيير شكل الجهاز الهضمي ووظيفته بشكل عام، وهناك العديد من هذه العمليات ولكن جميعها تساعدك على إنقاص الوزن عن طريق الحد من كمية الطعام التي يمكنك تناولها، فيما تحد بعض الإجراءات أيضًا من كمية العناصر الغذائية التي يمكن للجسم امتصاصها، وحسب الخبراء فإن جراحة إنقاص الوزن ليست سوى جزء واحد من خطة العلاج الشاملة، إذ سيتضمن علاجك أيضًا إرشادات التغذية والتمارين الرياضية والرعاية النفسية، بينما ستحتاج إلى أن تكون مستعدًا وقادرًا على اتباع هذه الخطة طويلة المدى لتحقيق أهدافك، بعد التأكد من أن الجراحة هي الخيار الأنسب لحالتك، وهو الأمر الذي يحدده الفريق الطبي، الذي يتكون في الغالب من أطباء الرعاية الأولية، والجراحة، والتخدير، والتغذية، والصحة النفسية، وممرضة متخصصة في إدارة الوزن، مع متخصصين آخرين حسب حالتك الطبية.
سيشرح لك أعضاء الفريق ما يمكن توقعه قبل وبعد الجراحة، بينما يقيمون استعدادك ويساعدونك على تحديد خيارك المناسب، مع معالجة المخاوف المختلفة، فيما ستخضع لفحص طبي لتشخيص أي حالات غير معروفة مرتبطة بالسمنة، مع اختبار المشكلات التي قد تجعل الجراحة أكثر تعقيدًا، ومن ثم قد تخضع لاختبارات: توقف التنفس أثناء النوم، أمراض القلب والأوعية الدموية، الكلى، والكبد، ومن المحتمل ألا يتمكن المريض من إجراء الجراحة إذا كان لديه أي من هذه الحالات: اضطرابات تخثر الدم، أمراض القلب الشديدة التي تمنع الاستخدام الآمن للتخدير، الحالات الأخرى التي تزيد من خطر استخدام التخدير.
وعلى مستوى السلوك والصحة النفسية، سيعمل الفريق على تغيير سلوكياتك في تناول الطعام وممارسة الرياضة، وإذا كنت مدخنًا سيطلب منك التوقف عن التدخين قبل 6 أسابيع على الأقل من الجراحة، إذ تعتمد النتيجة النهائية هنا على قدرتك في تحقيق كل ذلك، كما أن التمتع بصحة نفسية جيدة أمر مهم لمتطلبات اتباع خطة العلاج الخاصة بك، ومن ثم سيحاول الفريق تحفيزك على تبني تغييرات نمط الحياة مع تحديد الأهداف و تثقيف نفسك حول التغذية الصحية وممارسة الرياضة، وفهم التحديات التي تواجهك، وخطط ما بعد الجراحة، وسلوكيات الأكل المناسبة لحالتك، مع محاولة السيطرة على اضطرابات المزاج، والمشكلات النفسية والعقلية الأخرى التي قد تشكل عقبة أمام تحقيق أهداف الجراحة، وبعد ذلك سيعمل الفريق على وضع خطة العلاج، التي تتضمن إرشادات التغذية قبل وبعد الجراحة، خطة التمارين الرياضية المناسبة، والعلاجات المصاحبة، لتحقيق أفضل النتائج الممكنة لإنقاص الوزن.
ورغم ذلك يمكن تأجيل جراحة إنقاص الوزن أو حتى إلغاؤها إذا قرر فريق الرعاية الصحية الخاص بك أنك: لست مستعدًا نفسيًا أو طبيًا لإجراء الجراحة، أو لم تقم بإجراء التغييرات المناسبة في عاداتك الغذائية أو ممارسة الرياضة، أو أنك اكتسبت وزنًا في أثناء عملية التقييم، أما إذا تجاوزت كل ذلك، فسيكون عليك معرفة أنواع جراحات التخسيس وإنقاص الوزن الأكثر شيوعًا، ومدى سلامة وفعالية كل منها، وهي الأمور التي نتناولها في السطور التالية.
اقرأ أيضًا:من «باليو» إلى «حمية البحر المتوسط».. 5 أنظمة مُجربة لخسارة الوزن
أنواع جراحات التخسيس
هناك العديد من الإجراءات الطبية التي قد يوصي بها الأطباء لإنقاص الوزن حسب حالة كل مريض على حدة، ومن بين هذه الإجراءات الشائعة جراحات السمنة والتخسيس، التي تتعدد أنواعها حسب المنطقة التي تركز عليها من الجسم، وهي الأنواع التي سنحاول إلقاء الضوء عليها في السطور التالية.
عملية تحويل مسار المعدة
تعد عملية تحويل مسار المعدة على شكل حرف "واي" Roux-en-Y-gastric bypass (RYGB) هي الطريقة الأكثر شيوعًا لتجاوز المعدة، ومن ثم محاولة إنقاص الوزن والتخلص من السمنة عن طريق تقليل كمية الطعام التي يمكنك تناولها في جلسة واحدة، مع سرعة الشعور بالشبع، وكذلك تقليل امتصاص الدهون والسعرات الحرارية، وتتم هذه العملية على ثلاث خطوات، تبدأ بقطع الجراح للجزء العلوي من المعدة وإغلاقه، لفصله عن بقية المعدة من خلال التدبيس، ما يؤدي إلى إنشاء كيس صغير في القسم العلوي منها، ومن ثم تنتج حقيبة بحجم حبة الجوز تقريبًا، لا يمكنها استيعاب أكثر من أونصة من الطعام تقريبًا، وهي كمية صغيرة للغاية مقارنة بالمعدة الكاملة التي يمكنها استيعاب حوالي 3 مكاييل من الطعام، وهو ما يعني جعل المواد الغذائية الأساسية التي تدخل إلى معدتك أقل كثيرًا، لذا ستأكل أقل لأنك ستشعر بالشبع سريعًا.
بعد ذلك يقوم الجراح بتقسيم الأمعاء الدقيقة إلى قسمين، جزء علوي وآخر سفلي، ليربط الجزء السفلي مباشرة بجيب المعدة الصغير أو بتلك الحقيبة، بحيث يذهب الطعام المبتلع إلى هذا الكيس الصغير من المعدة، ثم يتجه مباشرة إلى الأمعاء الدقيقة، متجاوزًا معظم المعدة والقسم الأول من الأمعاء الدقيقة، وبدلاً من ذلك، يذهب الطعام مباشرة إلى الجزء الأوسط من الأمعاء الدقيقة، ما يعني أن جسمك سيمتص سعرات حرارية أقل.
في الخطوة الثالثة، يقوم الجراح بإعادة توصيل الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة بموقع جديد في الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة، وهذا يسمح للعصارات الهضمية في المعدة بالتدفق من الجزء الالتفافي من هذه الأمعاء إلى الجزء السفلي منها، بحيث يمكن هضم الطعام بالكامل، فبالرغم من أن الجزء الذي تم تجاوزه من المعدة والأمعاء الدقيقة لا يخزن الطعام، فإنه لا يزال يساهم بالأحماض المعدية والإنزيمات في عملية الهضم، فيما يغير مستويات الهرمونات والبكتيريا والمواد الأخرى في الجهاز الهضمي، والتي قد تؤثر على الشهية والتمثيل الغذائي.
عملية تكميم المعدة
عملية تكميم المعدة Sleeve Gastrectomy التي تُعرف أيضًا باسم تكميم المعدة العمودي، هي إجراء يقوم فيه جراح السمنة بإزالة جزء كبير من المعدة، يصل إلى نحو 80% منها، ثم خياطة الجزء المتبقي من المعدة، لتبدو مثل جيب أو كم طويل يشبه الأنبوب أو الموزة تقريبًا، فيما يتم إغلاقها بالدبابيس، وبالطبع فإن مثل هذه المعدة الصغيرة لا تستطيع استيعاب كمية كبيرة من الطعام، كما أنها ستنتج كمية أقل من هرمون الجريلين الذي ينظم الشهية، ما قد يقلل من الرغبة في تناول الطعام وكميته أيضًا، وهو ما سيجعلك تشعر بالشبع سريعًا، حيث يؤثر إخراج جزء من المعدة هنا على الهرمونات أو البكتيريا الموجودة في الجهاز الهضمي، والتي تؤثر بدورها على الشهية والتمثيل الغذائي، كما ذكرنا سابقًا.
وتشمل مزايا هذا الإجراء الجراحي إحداث فقدان كبير للوزن، بالإضافة إلى عدم تغيير مسار الأمعاء، كما أن هذه العملية الجراحية تتطلب إقامة لفترة أقصر في المستشفى مقارنة بمعظم الإجراءات الأخرى، حيث يمكن تنفيذها بالمنظار، والذي يتضمن إدخال أدوات جراحية من خلال شقوق صغيرة متعددة في الجزء العلوي من البطن، لكن هذا هذه الجراحة لا يمكن عكسها، بمعنى أنه لا يمكن إعادة المعدة إلى وضعها السابق، حيث تتم إزالة جزء من المعدة بشكل دائم لا يمكن استعادته.
اقرأ أيضًا:منعًا للملل.. وجبات صحية ولذيذة لخسارة الوزن
عملية تحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية مع تبديل الاثني عشر
تحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية مع تبديل الاثني عشر Bilio-pancreatic diversion with duodenal switch (BPD-DS) تعتبر عملية جراحية غير شائعة لإنقاص الوزن، ويطلق عليها "الجراحة المختلطة" حيث تتكون من جزأين منفصلين، تتضمن الخطوة الأولى منها إجراء عملية تكميم للمعدة كما شرحنا خلال السطور السابقة، وخلال الخطوة الثانية، يقوم الجراح بتقسيم الأمعاء الدقيقة إلى قسمين بإغلاق الجزء الأوسط منها، وربط الجزء الأخير مباشرة بالجزء الأول من الأمعاء الدقيقة، والذي يسمى الاثني عشر، ليتحرك الطعام عبر قناة واحدة، متجاوزًا نحو 80 إلى 85% من الأمعاء الدقيقة، ما يقلل من عدد السعرات الحرارية وكمية العناصر الغذائية الممتصة، بينما لا تتم إزالة الجزء المنفصل، من الأمعاء من الجسم، وبدلاً من ذلك يتم إعادة توصيله بنهاية الأمعاء، ما يسمح للعصارات الهضمية المختلفة كالصفراوية وعصارات البنكرياس بالتدفق عبر القناة المعوية الأخرى والاختلاط مع الطعام عند دخولها إلى القولون.
وتحد هذه الجراحة من الكمية التي يمكنك تناولها من الطعام، كما تقلل من امتصاص العناصر الغذائية، ومن ثم تؤدي إلى فقدان المزيد من الوزن، مع ذلك من المرجح أيضًا أن تتسبب في نقص الفيتامينات والمعادن والبروتينات في الجسم، ومن ثم فإنها تعد إجراء ينطوي على مخاطر كبيرة، ولهذه الأسباب لا يقوم الجراحون بإجرائها في كثير من الأحيان، ومع ذلك قد يوصي بها البعض للمرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة وبعض الحالات الصحية الأخرى، وبعد الجراحة قد يمر المريض بآثار جانبية كنتيجة لإنقاص الوزن السريع خلال ما يصل إلى ستة أشهر، مثل: آلام الجسم، الشعور بتعب مشابه للإنفلونزا، الشعور بالبرودة، جفاف الجلد، ترقق الشعر وفقدانه، وتغيرات الحالة المزاجية.
عملية تحويل مجرى الاثني عشر
عملية تحويل مجرى الاثني عشر بشكل العروة Single anastomosis duodeno-ileal bypass with sleeve gastrectomy (SADI-S) / (BPD-DS)، تشبه جراحة "BPD-DS" التي سبق الحديث عنها خلال السطور السابقة، لكنها تعد تعديلاً حديثًا وآمنًا وفعالاً، حيث تجنبت الأخطار التي أشرنا إليها، فيما تتضمن العملية أيضًا خطوتين، تتمثل الأولى في تكميم المعدة، وفي الخطوة الثانية يتم إغلاق جزء من الأمعاء الدقيقة "الاثني عشر" أسفل كم المعدة الجديد مباشرةً، ثم توصيل هذه الفتحة الموجودة أسفل المعدة الجديدة بجزء من الأمعاء الدقيقة السفلية يسمى اللفائفي، ما يعني تمرير الطعام عبر حوالي 10 أقدام فقط من الأمعاء الدقيقة، بدلاً من 25 قدمًا في الوضع والطول الطبيعي للأمعاء.
كانت العملية السابقة تتجاوز أكثر من 80% من الأمعاء الدقيقة، وتشتمل على أخطار منها نقص الفيتامينات المستمر، أو سوء التغذية بالبروتين على الرغم من تناول المكملات الغذائية بسبب تجاوز قسم كبير من الأمعاء، ما يحد من قدرة المريض على امتصاص الفيتامينات والبروتينات المهمة، فضلاً عن كمية الدهون، واليوم يتم إجراء "SADI-S" مع تجاوز ما يقرب من نصف الأمعاء الدقيقة فقط، وترك هذا الجزء من طول الأمعاء يساعد على امتصاص العناصر الغذائية، ومن ثم يقلل من الأخطار السابقة، ومع ذلك سيكون على المريض الالتزام التام بتناول مجموعة معينة من الفيتامينات والبروتين يوميًّا لبقية حياته.
عملية حزام المعدة القابل للتعديل
تنتمي هذه الجراحة إلى جراحات المراجعة، أو الجراحات التصحيحية Revision Surgery، وفيها يضع الجراح حلقة ذات شريط داخلي قابل للنفخ حول الجزء العلوي من المعدة لإنشاء كيس صغير، فيما يحتوي هذا الشريط الداخلي على بالون دائري بداخله، مملوء بمحلول ملحي، ويمكن للجراح ضبط الشريط لتغيير حجم فتحة هذه الحقيبة مرورًا ببقية المعدة، عن طريق حقن المحلول الملحي، أو إزالته من خلال جهاز صغير يسمى المنفذ، يتم وضعه تحت الجلد، ومن ثم يمكن تعديله لتعديل حجم معدتك في أي وقت، ومثل عملية تكميم المعدة وتحويل مسار المعدة، فإن عملية ربط المعدة تجعلك تشعر بالشبع بعد تناول كمية صغيرة من الطعام.
بعد الجراحة، ستحتاج إلى عدة زيارات متابعة لضبط حجم فتحة الشريط، وإذا تسبب الشريط في حدوث مشكلات، أو إن لم يساعدك على فقدان الوزن الكافي، فقد يقوم الجراح بإزالته، وبشكل عام تعد جراحة ربط المعدة القابلة للتعديل أقل شيوعًا، مقارنة بتكميم المعدة أو تحويل مسار المعدة، لأنها ترتبط بمضاعفات أكثر، كالحاجة إلى إزالة الحزام بسبب عدم تحمل المعدة، حتى وإن كانت تؤدي إلى فقدان الوزن بشكل ملحوظ، وهو الأمر الذي يدفعنا لتناول موضوع قريب عنوانه الأبرز أجهزة إنقاص الوزن.
أجهزة إنقاص الوزن
تنطوي جميع العمليات الجراحية -حسب الأطباء- على قدر من المخاطر، إلا أن هناك العديد من الخيارات التي يمكن وصفها بغير الجراحية، وهي خيارات متاحة لإنقاص الوزن والتخلص من السمنة، بشرط موافقة الطبيب المختص بكل حالة على حدة، ومنها أجهزة إنقاص الوزن التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وهي الأجهزة التي لا تتطلب إجراء تغيرات في معدتك، أو أمعائك الدقيقة بشكل دائم، ورغم أن هذه الأجهزة تؤدي إلى فقدانًا أقل للوزن مقارنة بجراحات إنقاص الوزن، إلا أنها تبدو جيدة في الاستخدام المؤقت، إذ يتم استخدام بعضها بهدف تعليم المرضى تغيير عاداتهم الغذائية ومستويات نشاطهم البدني.
وهناك عددًا متزايدًا من هذه الأجهزة، ومنها البالون، حيث يتم استخدام واحدًا أو أكثر من البالونات القابلة للنفخ، والتي يتم إدخالها عن طريق المنظار، أو عن طريق الفم والمريء إلى المعدة، مع إعطاء المريض مسكنًا قبل الإجراء، وبمجرد دخول البالونات إلى المعدة، يتم نفخها بمحلول ملحي ليأخذ مساحة في معدتك ومن ثم يساعدك على الشعور بالشبع، وهذا الخيار مخصص للاستخدام في أثناء إجراء تغييرات على خطة تناول الطعام ومستوى النشاط البدني، وسوف تحتاج إلى إزالة البالونات بعد 6 أشهر إلى سنة.
أما في جهاز البالون الأحدث، فيتم وضع بصيلة في المعدة متصلة ببصيلة أصغر توضع في أقصى نهاية المعدة، حيث تتصل المعدة بالأمعاء الدقيقة، ويعمل هذا الجهاز على إبطاء عملية خروج الطعام من المعدة ودخوله إلى الأمعاء الدقيقة، وقد تم تصميمه أيضًا للاستخدام المؤقت لمدة تصل إلى 12 شهرًا، أثناء المشاركة في برنامج غذائي وممارسة التمارين الرياضية، وبعد هذه الفترة تتم إزالته.
وثمة خيار آخر هو جهاز تفريغ المعدة من خلال وصلة خارجية، ويتضمن هذا الجهاز أنبوبًا يتصل من داخل المعدة بمنفذ في الجزء الخارجي من البطن، يتم إفراغه بعد حوالي 20 إلى 30 دقيقة من تناول الطعام، عبر الأنابيب والمنفذ إلى المضخة بفتح صمام المنفذ، لتقوم المضخة بتصريف المحتويات إلى المرحاض، بحيث لا يمتص الجسم أكثر من 30 بالمائة من السعرات الحرارية التي تناولها المريض، فيما يمكن إزالة الجهاز في العيادة في أي وقت، ولكنه قد يتطلب إجراء عملية جراحية لإغلاق الفتحة إذا لم يتم إغلاقها بمرور الوقت.
ماذا تتوقع بعد جراحات السمنة والتخسيس وإنقاص الوزن؟
هناك عددًا من التعليمات والإجراءات التي يجب أن يتوقعها المريض ويلتزم بها بعد جراحات إنقاص الوزن، ومنها:
- لن يُسمح لك عمومًا بتناول الطعام لمدة يوم أو يومين بعد الجراحة حتى تتمكن معدتك وجهازك الهضمي من التعافي.
- بعد ذلك ستتبع نظامًا غذائيًا محددًا لبضعة أسابيع، يبدأ بالسوائل فقط، ثم الأطعمة المهروسة واللينة جدًا، وفي النهاية الأطعمة العادية.
- قد يكون لديك العديد من القيود أو الحدود بشأن مقدار ما يمكنك تناوله وشربه، مع ضرورة مضغ الطعام جيدًا.
- ستحتاج إلى تناول المكملات الغذائية التي يصفها لك اختصاصي الرعاية الصحية، للتأكد من حصولك على ما يكفي من الفيتامينات والمعادن.
- ستخضع لفحوصات طبية متكررة لمراقبة صحتك في الأشهر القليلة الأولى بعد جراحة إنقاص الوزن.
- قد تحتاج إلى اختبارات معملية وفحوصات دم وفحوصات مختلفة بشكل متكرر.
- في حالة الجراحات التقليدية يتوقع وجود آثار لشقوق تقليدية كبيرة في البطن، ولكن الخبر السار أن معظم أنواع جراحات السمنة اليوم تتم باستخدام المنظار وليس الجراحات المفتوحة، ومن ثم فلن تعثر سوى على شقوق صغيرة في البطن.
- قد تعني الجراحة بالمنظار أيضًا إمكانية التعافي بشكل أسرع وفي وقت أقصر، إلا أنها ليست الخيار الأمثل للجميع، حيث إن لكل حالة ما يناسبها حسب رؤية الفريق الطبي.
- تستغرق مثل هذه الجراحات عادة ما بين ساعة ونصف الساعة إلى عدة ساعات، وبعدها تتم الإفاقة في غرفة الإنعاش، حيث يتم مراقبة المريض بحثًا عن أي مضاعفات، واعتمادًا على الإجراء الخاص بكل مريض، قد يحتاج البعض إلى البقاء بضعة أيام في المستشفى.
- يعتمد مقدار الوزن الذي تفقده على نوع الجراحة و التغيرات في عادات المريض ونمط حياته.
- يجب ملاحظة وزنك بشكل دائم بعد الجراحة، وإذا اكتشفت أنك لا تفقد الوزن أو أنك تستعيده أو تعاني من مضاعفات، راجع طبيبك على الفور.
- بعد الجراحة سوف تحتاج إلى الراحة والتعافي، ورغم ذلك قد يساعدك المشي والتحرك في أرجاء المنزل على التعافي بسرعة أكبر، فاستشر طبيبك في هذا الأمر.
- عملية إزالة الجلد الزائد و المترهل بمنطقة البطن والذراعين الناجم عن فقدان الوزن، قد يستلزم جراحة إضافية يجريها جراح التجميل.
- يمكن أن تحدث زيادة الوزن رغم إجراء جراحات السمنة إذا لم تتبع تغييرات نمط الحياة الموصى بها، فقط تذكر دائمًا أن الوصول إلى هدفك لا يعتمد فقط على الجراحة، ولكن أيضًا على الالتزام بعادات نمط الحياة الصحية، كممارسة النشاط البدني بانتظام وتناول الأطعمة الصحية.