"بعيدًا عن النشاط البشري".. 10 أماكن مهجورة استعادتها الطبيعة
الحياة البرية تواجه خطرًا غير مسبوق بسبب النشاط البشري. ومع هذا يرى العلماء أن الحيوانات والأنواع المعرضة للانقراض يمكنها تدارك الأمر إذا أعطيناها الفرصة والوقت المناسبين.
خلص تقرير أجرته منظمة "ريوايلندج يوروب" Rewilding Europe وهي منظمة غير هادفة للربح خلال عام 2022 إلى أن هناك أنواع عديدة من الطيور والثدييات الأوروبية كانت بصدد العودة، ما يسلط الضوء على ميل الحياة البرية إلى الانتعاش وإعادة التوطين إذا أُتيحت لها الفرصة.
في بعض الأحيان، يكون الأمر بغاية البساطة ولا يحتاج إلا أن يغادر البشر مكانًا حتى تحتله الطبيعة من جديد. يحدث هذا الأمر في جميع أنحاء العالم، بدءًا من أطلال معبد تزحف عليه جذور الأشجار، ووصولاً لساحات الحروب القديمة التي أصبحت تعج بالنظم البيئية الجديدة. وهناك أمثلة مذهلة تثبت أنه إذا ذهب الإنسان حضرت الطبيعة نستعرضها فيما يلي:
معبد تا بروهم في كمبوديا
بُني المعبد في أواخر القرن الـ 12 باعتباره ديرًا بوذيًا وجامعة. حينها عاش فيه ما يزيد على 12 ألفًا و500 شخص، بالإضافة إلى 800 ألف في القرى المجاورة. لكن هجره البشر بعد نحو ثلاثة قرون حين نقل إمبراطور الخمير العاصمة بعيدًا عن مدينة أنغكور.
من ذلك الوقت أصبح المعبد مهجورًا لا تمسه يد الإنسان، تاركًا الفرصة للأشجار كي تتمدد حول المباني، وتُغلف حوائط المعبد وتعلو فوق رؤوس الزوار.
قرية "هوتوان" المهجورة في جزيرة شينغشان
يومًا ما كان يقطن هذه القرية ما يزيد على 3 آلاف ساكن، في مكان ناء يبعد عن وسط البلاد بحوالي 5 ساعات، ما يصعب على ساكنيها التعليم والالتحاق بأي وظيفة أو الحصول على الطعام. بدأ السكان يهجرون القرية في تسعينيات القرن الماضي وبحلول عام 2002، أصبحت القرية مهجورة بالكامل.
تحولت قرية كانت يوم ما قرية صيادين إلى مدينة أشباح، وكانت عقودًا من الهجر كفيلة بالسماح للطبيعة باسترداد الأرض لتتسلق النباتات، وتغطي كل شيء تركه البشر وراءهم، حتى أصبحت القرية اليوم وجهة سياحية مشهورة قصدها أكثر من 90 ألف سائح عام 2021.
اقرأ أيضًا:أبرز معالم السياحة في السويد.. تجربة ممتعة في أحضان الطبيعة
السفينة البخارية يونجالا في أستراليا
بعد أكثر من قرن مستقرة في قاع البحر، تحول حطام السفينة الأكبر في أستراليا إلى منظومة بيئية ومحمية طبيعية لعدد من أروع الأحياء البحرية.
في 1911 وبعد عام واحد فقط من إبحار سفينة "تيتانيك"، تسبب إعصار "ياسي" في غرق السفينة "إس إس يونجالا" عند الحيّد المرجاني العظيم، ما أدى إلى فقدان جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 122 شخصًا في البحر. وهي واحدة من أكبر الكوارث البحرية في تاريخ أستراليا. واليوم، أصبح حطام السفينة البالغ طولها 109 أمتار موطنًا لمئات الفصائل من الأحياء البحرية.
المنطقة منزوعة السلاح في كوريا
بعد سبعين عامًا من انتهاء الحرب بين الكوريتين، ما زالت المنطقة الفاصلة بينهما بمساحة 257 كيلومترًا منزوعة السلاح والبشر. تلك المنطقة التي كانت يومًا ما ساحة معركة، وما زالت تتناثر بها هنا وهناك ما تركه الفلاحون والعسكريون، أصبحت بعد تراجع حركة البشر عليها ملجأً للحيوانات البرية.
وباتت اليوم المنطقة موطنًا مزدهرًا لأكثر من 6 آلاف نوع من النباتات والحيوانات، ومن بين 267 نوعًا مهددًا بالانقراض في كوريا، يعيش 38% منها في المنطقة منزوعة السلاح، وفقًا للمعهد الوطني للبيئة.
ومنذ عام 2019، افتُتحت عدة مسارات للمشي في المنطقة كوسيلة لإعادة حياة البشر فيها، لكن الأمر لم ينجح نظرًا لاستمرار الصراع بين الكوريتين.
قرية المدام في الإمارات العربية المتحدة
حين تتخيل سيطرة الطبيعة على منطقة ما، أول ما يجول بذهنك سيكون تشعب اللون الأخضر، لكن هنا في قرية المدام بالإمارات العربية المتحدة الطبيعة لونها أصفر.
تقع قرية المدام على بعد 170 كيلومترًا من دبي، ولكنها عبارة عن مدينة أشباح مصغرة تحولت مؤخرًا إلى مزار سياحي.
وبالنظر إلى البيوت المصطفة والمسجد الأنيق، تبدو القرية وكأنها تُركت على عجل وخلف أناسها وراءهم منشآت استوطنتها رمال الصحراء بعدهم.
بُنيت القرية في سبعينيات القرن الماضي لتكون موطنًا للبدو الذين كانوا يسكنون الصحراء قبلها وكان يسكنها نحو 100 شخص، لكنها هُجرت بعد بنائها بعقدين من الزمان، ويقال إن السبب هو تشييد المدن الكبرى الأكثر تقدمًا مثل دبي، فهاجر السكان لتلك المدن بحثًا عن فرص أفضل في الحياة، تاركين وراءهم منازلهم تغطيها الرمال كليًا حتى كادت تختفي.
اقرأ أيضًا:السياحة في قبرص.. مزيج من المعالم الكلاسيكية والعصرية
فوكوشيما في اليابان
زلزال مروع هز شرق اليابان وتسبب في حدوث موجات تسونامي في 2011، ونتج عنه ثاني أكبر كارثة نووية في العالم فخلّف وراءه مدينة مهجورة.
في الأيام التالية للكارثة، حددت الحكومة اليابانية منطقة محظورة بنطاق 20 كيلومترًا، وأجبرت أكثر من 150 ألف ساكن على إخلاء منازلهم، ثم بدأت أوامر الإخلاء تتراجع شيئًا فشيئ وسُمح لبعض السكان بالعودة، لكن هناك مناطق لا يُسمح فيها للبشر بالعيش إلى الآن.
قد تتخيل أن مناطق الكوارث النووية عبارة عن أراضٍ قاحلة، لكن الأبحاث تشير إلى خلاف ذلك. قال جيمس بيزلي، أستاذ الغابات والموارد الطبيعية في جامعة جورجيا بالولايات المتحدة إن هناك قدرًا كبيرًا من الحيوانات المتنوعة على نحو لا يُصدق في المنطقة المحظورة، مضيفًا أن أعداد الخنازير البرية هناك أصبحت كبيرة لدرجة أنه "أصبح يتحتم علينا السيطرة عليها في أجزاء من المنطقة المحظورة".
قلعة "ستاك روك فورت" في ويلز بالمملكة المتحدة
تقع القلعة قبالة سواحل غرب ويلز، وهي جزيرة مهجورة عبارة عن كبسولة زمنية تعود بك عصور إلى الوراء. بٌنيت القلعة في خمسينيات القرن التاسع عشر لصد الهجمات القادمة من البحر، وكانت تضم الكثير من الأسلحة والضباط والعساكر لكن الحاجة إليها قلت شيئًا فشيئًا. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى تمركز فيها مجموعة قليلة من الجنود حتى نُزعت منها الأسلحة تمامًا عام 1929.
ولما كانت مهجورة تمامًا منذ ما يقرب من 100 عام، تسللت إليها الطبيعة والحياة البرية حتى استعادتها تمامًا. وصرح الوصي الجديد على القلعة نيكولاس مولر لشبكة "سي إن إن": "نباتات البندق تنمو في القلعة وتعيش فيها مجموعة من الطيور البحرية، بما فيها 3 أنواع على الأقل من النوارس يتراوح عددها بين 300 و500".