أيهما أفضل للعين: الوضع النهاري أم الليلي في الشاشات؟
مع التحديق المستمر إلى الشاشات وانتقال أبصارنا بين الهواتف وأجهزة الحاسوب باستمرار، لا نأبه بدرجة سطوع الشاشة، ومدى تأثيرها على العين، ثُمّ نتفاجأ بنهاية اليوم - أو ربّما أقرب من ذلك - بحُرقة العين واحمرارها، وربّما صعوبة النظر إلى الشاشات، وبهذا الصدد فإنّ الوضع الليلي للأجهزة يُساعِد في تخفيف إجهاد العين، كما يحميها من الضوء الأزرق، ويُساعِد على النوم، خاصةً لمن يُطِيلون النظر إلى الشاشات الإلكترونية.
ما هو الوضع الليلي؟
الوضع الليلي "Night mode" أو السمة الداكنة هي أحد إعدادات الشاشة في أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، إذ يعرض ذلك الوضع الداكن نظام ألوانٍ عكسي - النصوص فاتحة اللون والأيقونات على خلفية داكنة -.
الإعداد الافتراضي على معظم الأجهزة الإلكترونية هو وضع الضوء النهاري "light mode"، وهو أن تكون النصوص سوداء على خلفية بيضاء.
وعندما يُستخدَم الوضع الليلي أو السمة الداكنة للهاتف، فهذا يُساعِد على تقليل التعرُّض للضوء الأزرق المُنبعِث من الشاشات، كما يساعِد في الوقاية من إجهاد العين الرقمي، الذي قد يحدث مع النظر إلى الشاشات لأوقات طويلة.
مزايا الوضع الليلي
للوضع الليلي أو المظلم مزايا عديدة، مثل:
1. تخفيف وهج الشاشات
النظر المستمر إلى شاشة ساطعة أو شديدة الوهج عندما تكون الإضاءة من حولك منخفضة أمر مُزعِج لعينك بلا شك، وعند استخدام الوضع الداكن، فإنّ ذلك الوهج يقل بدرجةٍ كبيرةٍ، ما يجعل الرؤية مُريحة للعين.
وإن لم تكن ترغب في تجربة الوضع الليلي، وتود الحفاظ على عينك من الوهج، فيُمكِن ببساطة تعتيم الشاشة يدويًا "تقليل سطوع الشاشة".
2. حجب الضوء الأزرق
ينبعث الضوء الأزرق من الشاشات الإلكترونية، سواء كانت شاشة الحاسوب أو الهاتف الذكي، والتعرُّض للضوء الأزرق قد يُؤدِّي إلى آثارٍ جانبية، مثل صعوبة النوم وإجهاد العين، وباستخدام الوضع الليلي، فإنّ التعرُّض للضوء الأزرق يقل كثيرًا.
لكن في الوقت نفسه تحتوي العديد من الهواتف على مُرشّح للضوء الأزرق في إعدادات العرض، إذ يضبط كمية الضوء الأزرق المُنبعث من الشاشة، وهذا خيار جيد لك إن لم تكن تستطيع الرؤية كما ينبغي في الوضع المُظلم.
3. سهولة القراءة من خلاله
باستخدام الإعدادات الافتراضية للهاتف، فإنّ النصوص تكون سوداء والخلفية بيضاء، وهذا مناسب لبعض الناس، أمّا الوضع الليلي فيجعل الخلفية داكنة والنصوص بيضاء أو رمادية.
يُساعِد الوضع الليلي في تقليل التبايُن بين النص والخلفية، ما يجعل الخطوط العريضة واضحة لعينيك، فتسهُل قراءة النصوص، ولا تُجهَد العين كثيرًا، كما أنّ ذلك الوضع مفيدة للقراءة ليلاً، إضافةً إلى أنَه يحمي العين من الضوء الأزرق، وهذا مُلائم لمن يقرأون كثيرًا على الهواتف وأجهزة الحاسوب.
4. إطالة عُمر البطارية
يزيد الوضع الليلي عمر بطارية الهاتف الذكي، وذلك ليس متعلّقًا بصحة الإنسان، لكن الحِفاظ على بطارية الهاتف من الأمور المُفِيدة بلا شك، إذ يُؤدِّي استخدام الوضع المظلم إلى إطالة عمر البطارية بنسبة 30%، ما يجعلك غير محتاج إلى شحن هاتفك كثيرًا.
اقرأ أيضًا:الضوء النبضي المكثف.. كيف يعالج جفاف العين؟
فوائد الوضع الليلي لصحة العين والجسم
لم تُحسَم بعد فوائد الوضع الليلي لصحة العين، لكن يدّعي بعض الناس أنّه مفيد لأعينهم، وحسب موقع "healthline"، فإنّ من فوائد الوضع الليلي لصحة العين ما يلي:
1. تخفيف إجهاد العين
إذا كُنت تقضي ساعات طويلة أمام الشاشات الإلكترونية، فقد تُلاحظ احمرار عينيك، أو تعبها وجفافها، وهذا يُعرَف بإجهاد العين الرقمي، وتعديل درجة سطوع الشاشة يُساعِد على قراءة النصوص بسهولة، وتقليل خطر الإصابة بإجهاد العين.
ويجد الأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات الإلكترونية أنّ استخدام إعداد عرض الوضع الداكن "Dark mode" على أجهزتهم، يُخفِّف التعب عن أعينهم مقارنةً مع النظر إلى الشاشة وهي ساطعة أو في الوضع الضوئي "Light mode".
كذلك إذا كُنتَ تقضي وقتًا طويلاً في القراءة من خلال شاشة الهاتف أو الحاسوب، فإنَّ الوضع الداكن سيكون مُفيدًا لك للغاية؛ لأنّه يزيد التباين بين النص الذي تقرأه والخلفية، ما يُسهِّل على العين القراءة، ويجعل استخدام الأجهزة أيسر.
2. تقليل الضوء الأزرق والمساعدة على النوم
يُقلِّل الوضع الليلي شِدّة الضوء الأزرق المُنبعِث من الشاشة، لكن ما الذي يفعله الضوء الأزرق بالعين تحديدًا كي تحميها منه؟ الحقيقة أنَّ الضوء الأزرق المُنبعِث من الشاشات الرقمية، يُثبِّط إنتاج الميلاتونين في الدماغ، وهو الهرمون الذي يجعلك تنام، ويُنظِّم الساعة البيولوجية المُتحكِّمة في إيقاع كل وظائف الجسم تقريبًا، مثل تنظيم درجة الحرارة وموعد النوم والاستيقاظ والتمثيل الغذائي وما إلى ذلك.
لذلك قد يُعانِي كثيرٌ من مُستخدِمِي الهواتف وأجهزة الحاسوب الأرق وصعوبة النوم، بفعل الضوء الأزرق الذي يُثبِّط الميلاتونين. أمّا مع استخدام الوضع الليلي، خاصةً في آخر النهار أو بالليل، فإنه يحجب هذه التأثيرات، ويُساعدك على النوم وتفادي الأرق.
لكن رغم أنّ الوضع الليلي يحجب جزءًا من الضوء الأزرق، إلّا أنّه لا يقضي على المشكلة نهائيًا، ويُمكِن لحجب الضوء الأزرق استخدام نظّارات الضوء الأزرق المُخصَّصة لهذا الغرض، خاصةً إذا كُنتَ تستخدم الأجهزة الإلكترونية لأوقاتٍ طويلة.
ما الذي تدّعيه الأبحاث حول الوضع الليلي؟
ركّزت بعض الأبحاث على دراسة تأثير الوضع الليلي على قدرة الناس على النوم، وحسب دراسةٍ عام 2019، فإنّ إعدادات الوضع المظلم من آبل "apple" لم تُظهِر اختلافًا ملحوظًا في إنتاج الميلاتونين بين الأشخاص الذين استخدموا الوضع المظلم على جهاز آيباد قبل النوم، والأشخاص الذين لم يستخدموا الوضع المظلم.
واقترح مُؤلِّفو الدراسة أنّ الوضع الليلي وحده لن يكون كافيًا لاستعادة إيقاع الساعة البيولوجية، كما بدا أنَّ تقليل سطوع الشاشة مهم بدرجة الوضع الليلي نفسها "أو ربّما يكون أشدّ أهمية"، إذ بدا أنّ الوضع الليلي مُؤثِّر في تخفيف إجهاد العين، وأشدّ تأثيرًا في تيسير النوم، حسب "healthline".
وتُوصِي الأكاديمية الأمريكية لطب العيون "AAO" بتقليل الوهج والسطوع بتغيير الإعدادات على الشاشة، بالإضافة إلى ضبط الأجهزة على الوضع المظلم أو الليلي.
نصائح أخرى لحماية العين
إذا كان الضوء الأزرق هو المشكلة الرئيسة، فإنّه يُفضَّل الحصول على نظّارات الضوء الأزرق لحجبه عن العين، ولا بأس بالوضع الليلي للأجهزة بالطبع، وإلى جانب ذلك، فإنّ النصائح الآتية قد تكون مفيدة لك أيضًا:
- شُرب كميات مناسبة من الماء على مدار اليوم؛ لحماية العين من الجفاف.
- اتّباع طريقة 20-20-20 لتخفيف إجهاد العين الرقمي، وهو طريقة تُعني بتجنُّب الشاشة كل 20 دقيقة والنظر لمدة 20 ثانية على الأقل لمسافة تبعد 20 قدم "6 أمتار".
- إبقاء الهاتف خارج غرفة النوم إذا اقترب موعد النوم، كما يُفضَّل تفعيل الوضع الليلي في الساعتين السابِقتين لوقت النوم.
- استخدام قطرات الدموع الصناعية لترطيب العين وحمايتها من الجفاف، خاصةً إذا كُنت تُحدِّق إلى الشاشات لفترات طويلة.