هل ينبغي تناول الفاكهة على معدة فارغة؟
يميل بعض الناس إلى تناول الفواكه على معدة فارغة، ظنًا بأنّ ذلك يُساعِد في تحصيل كامل عناصرها الغذائية، لكن هل فكرتَ لوهلة ماذا لو أنّ هذه الفاكهة المُقتحمة للمعدة مليئة بالسكر؟ كيف تكون مستويات السكر في الدم بعد تناولها على معدة فارغة؟ هذا أمر، والأمر الآخر هو أنّ بعض الفواكه مليئة بالفيتامينات الذوّابة بالدُهن، مثل فيتامين د، الذي يُمتصّ بصورةٍ أفضل مع الوجبات الدهنية، فهل حقًا ينبغي تناول الفواكه على معدة خاوية؟
هل ينبغي تناول الفواكه على معدة خاوية؟
حسب مراجعة نُشرت في مجلة "Nutrients"، طُرِح موضوع "تسلسل الوجبات" الذي يُستكشَف فيه تأثير ترتيب أنواع الطعام عند تناولها كالبروتين، والدهون، والألياف، والكربوهيدرات وتأثيرها على الهرمونات وسكر الدم بعد استهلاكها.
ومع أولية الأبحاث المتاحة، فإنّ النتائج تُشِير إلى أنّ مرضى السكري لديهم ثبات في مستويات السكر في الدم بعد تناول وجبة مليئة بالبروتين، والدهون، والألياف قبل تناول الكربوهيدرات "مثل الفواكه".
لذا يُوصِي بعض الخبراء بتناول الفواكه والكربوهيدرات الأخرى بعد الخضار والبروتين والدهون؛ لضبط مستويات السكر في الدم.
وفي دراسةٍ نُشرت عام 2019 في مجلة "Nutrients"، اقترحت أنّ البدء بالوجبات الغنية بالألياف والماء بدلاً من البروتينات أو الكربوهيدرات فقط يُعزِّز الشبع، والفواكه مليئة بالألياف والماء، وهما العنصران المُساعدان على الشبع.
لكن هذا لا يعني بالضرورة عزل هذه العناصر الغذائية عن بعضها كي تشعر بالشبع.
وعمومًا لا يُفضَّل تناول الفواكه على معدة فارغة، فبعض الفواكه، مثل الشمام والمانجو والمشمش، تحتوي على فيتامينات ذوَّابة بالدُهن، ومِنْ ثَمّ ينبغي تناولها بجانب طعامٍ دهني لتعزيز امتصاص هذه الفيتامينات والحصول على فوائدها.
والفيتامينات الذوّابة بالدُهن هي فيتامين أ، وفيتامين ك، وفيتامين هـ، وفيتامين د، وأي فاكهة تحتوي على فيتامين منهم لا يُفضَّل تناولها بمعزلٍ عن الطعام.
مضار تناول الفواكه على معدة فارغة
قد يُؤدِّي تناول الفواكه على معدة فارغة إلى بعض الأضرار، مثل:
1. زيادة مستويات السكر في الدم
صحيحٌ أنَّ تناول الفواكه يُساعِد في تقليل خطر مرض السكري ويحد مضاعفاته، خاصةً أنّها غنية بالألياف وبعض مضادات الأكسدة، كما أنَّها تُساعد في تخفيف الالتهابات، وتقليل ضغط الدم المرتفع.
لكن الفواكه مليئة بالسكريات أيضًا، مثل الفركتوز والغلوكوز، ومِنْ ثَمّ فقد يُؤدِّي تناولها على معدة فارغة إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، الذي قد يضرّ مرضى السكري على وجه الخصوص.
كذلك قد يُؤدِّي تناول الفواكه على معدة فارغة إلى زيادة مستويات حمض اليوريك في الدم، ما قد يُسبِّب آلام المفاصل، وهذا قد يضر مرضى النقرس.
ومن أمثلة الفواكه التي تحمل كمية كبيرة من السكر "لكل 100 غم من الفاكهة":
- الموز: 14.6 غم.
- المانجو: 13.6 غم.
- العنب: 11.9 غم.
- التفاح: 11.1 غم.
- الأناناس: 10.3 غم.
لذا ينبغي تجنُّب تناول الفواكه - خاصةً الغنية بالسكر - على معدة فارغة.
2. حرقة المعدة
الفواكه الحمضية، مثل البرتقال والليمون غنية بفيتامين سي، ووُجِد أنَّها تخفض خطر الإصابة بسرطان المعدة، لكنّها مع ذلك تزيد إفراز حمض المعدة، ما قد يُؤدِّي إلى الشعور بحُرقة في الصدر والمعدة، وهو ما يُوصَف بـ"حُرقة المعدة".
هذه الحُرقة قد تحدث خصوصًا مع تناول الفواكه الحمضية على معدةٍ فارغة، ومِنْ ثَمَّ لا يُنصَح بتناولها أبدًا دون طعامٍ معها أو سابقًا لها.
تناول الفواكه قبل أم بعد الوجبات؟
عوضًا عن تناول الفواكه على معدةٍ فارغة، فإنّه يمكن الاستمتاع بها قبل الوجبات، أو بعدها إذا كانت الفواكه المُتناوَلة غنية بالسكر، كما يتضح فيما يلي:
1. تناول الفواكه قبل الوجبات
نظرًا لكثرة الألياف المُتوفّرة في الفواكه، فإنّ تناولها يُساعِد على الشبع، وكثيرٌ مِمّن يرغبون في خسارة الوزن يتناولون الفواكه قبل الوجبات؛ لتعزيز الشبع، وعدم الإكثار من الأكل.
وقد وجدت دراسة أنّ الأشخاص الذين يتناولون الفواكه قبل الوجبات، أحسّوا بالشبع، مقارنةً بمن يتناولون الفواكه بعد الوجبات "لا يعني ذلك أنّهم تناولوا الفواكه على معدة فارغة تمامًا".
اقرأ أيضًا:فوائد فيتامين A ومصادره والجرعات الموصى بها
2. بعض الفواكه مناسبة بعد الوجبات
بعض الفواكه مليئة بالسكر كما سبقت الإشارة إليها، مثل المانجو والموز، ومِنْ ثَمَّ يُفضَّل تناولها بعد الوجبات؛ كي لا تزداد مستويات السكر في الدم بشِدَّة.
هل تتأثّر القيمة الغذائية للفواكه بتناولها قبل أو بعد الوجبات؟
أشار موقع "healthline" إلى بعض المفاهيم الخاطئة عن تناول الفواكه، والتي كان من بينها أنّ تناول الفواكه قبل أو بعد الوجبات يُؤثِّر في قيمتها الغذائية سلبًا، ومِنْ ثَمَّ فالأفضل تناولها على معدة فارغة، وهذه خرافة بحد ذاتها.
يمتلك جسم الإنسان ذكاءً كافيًا لاستخراج العناصر الغذائية من الطعام المُتناوَل أيًا كان نوعه، فعندما يتناول المرء وجبة، تُخزِّن المعدة الطعام، وتُطلِق كمية صغيرة منه كل فترةٍ من الوقت؛ حتى يتيسَّر للأمعاء امتصاص أقصى قدرٍ من العناصر الغذائية.
أيضًا، فإنّ الأمعاء الدقيقة خلقها الله سبحانه وتعالى قادرة على امتصاص أكبر كمٍ من العناصر الغذائية؛ إذ يبلغ طولها 6 أمتار مع مساحة امتصاص تزيد على 30 مترًا مربعًا، أَفَتعْجز هذه الأمعاء الهائلة عن تحصيل العناصر الغذائية من الفواكه بجانب الوجبات؟
يسهل امتصاص العناصر الغذائية من الفواكه وبقية الوجبة الغذائية من قِبل المساحة الامتصاصية الضخمة للأمعاء، سواءٌ كان أكل الفواكه مع الوجبات أم على معدة فارغة.
ما هو أفضل وقت لتناول الفواكه خلال اليوم؟
يُمكِن تناول الفواكه في أي وقتٍ من اليوم، ولا يُوجَد دليل على تجنّب الفاكهة قبل أو بعد الوجبات، فهي مُفيدة ومُغذّية في أي وقتٍ تناولتها فيه، لكن قد يُفضَّل تناولها في وقتٍ دون وقتٍ لبعض الأشخاص حسب أهدافهم المعيشية:
1. عند الرغبة في خسارة الوزن
تُساعِد الفواكه في خسارة الوزن؛ لغناها بالألياف التي تُطِيل فترة الشبع، ما يُؤدِّي إلى تناول سعرات حرارية أقل، وخسارة الوزن الزائد.
وأفضل وقت لتناول الفواكه لخسارة الوزن مع أو قبل الوجبات مباشرةً، فهذا يُساعِدك على عدم تناول كثيرٍ من الطعام، ومِنْ ثَمّ تيسير خسارة الوزن.
2. حال الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني
يُفضَّل تناول الفواكه مع الوجبات لمرضى السُّكري، فإنّ تناولها مع الأطعمة الأخرى، سواء كانت غنية بالبروتين، أو الدهون، أو الألياف، يُبطِئ دخول سُكّر الفاكهة إلى الأمعاء الدقيقة، ما يمنع ارتفاع مستويات السكر في الدم بغتة، والذي قد يحدث مع تناول الفواكه وحدها.
اقرأ أيضًا:تجربتي مع نقص فيتامين ب 12 وأعراضه الجسدية والنفسية
3. السكري الحَمْلي
هو داء السكري الذي يُصِيب السيدات خلال فترة الحمل، ومثل مرض السكري من النوع الثاني، يُفضّل أن يكون تناول الفواكه مقرونًا مع الوجبات، ويُنصَح بعدم تناول كمياتٍ كبيرة من الفاكهة والكربوهيدرات الأخرى في الصباح إذا كانت هناك مشقّة في ضبط مستويات السكر في الدم.
فقد أشار بحث، حسب "healthline"، إلى أنَّ المُصابِين بسكري الحمل قد تكون مستويات السكر لديهم أعلى بعد الإفطار، مقارنةً بما يكون عليه في أي وقتٍ آخر من اليوم.
هل ينبغي تجنُّب الفواكه قبل النوم؟
بوجهٍ عام، لا يُفضَّل تناول الوجبات الكاملة في الساعات السابقة للنوم؛ لأنّها قد تُؤثِّر في النوم سلبًا، أو تزيد مستويات السكر في الدم خلال الليل.
هذا في الوجبات الكاملة، أمّا الوجبات الخفيفة، فمن غير المُرجَّح أن تُؤثِّر الفواكه في النوم، مقارنةً مع الأطعمة الأخرى، خاصةً المُصنّعة، بل قد يُفضَّل تناول الفواكه عن غيرها من الطعام.
ويُمكِن تناول الموز الذي يمد الجسم بالبوتاسيوم، ويمنع تقلّص عضلات الساق ليلاً، أو الفواكه الغنية بالمغنيسيوم، مثل المشمش أو التمر، فهي تُساعِد على الاسترخاء والنوم دون عناءٍ كبير.