لماذا تزداد أعراض البرد والسعال خلال الليل؟ وكيف توقف زحفها؟
كم مرةً لاحظت انسداد أنفك وصعوبة التنفس مع نزلات البرد خاصةً خلال الليل؟ صحيحٌ أنّ الزكام يُصِيبك من وقتٍ لآخر خلال اليوم، لكن أن تزداد الأعراض مع قدوم الليل، سيُبقِي النوم بعيدًا عن عينيك لا محالة، وحقيقة الأمر أنّ المناعة قد يزداد نشاطها ليلًا، كما أنَّ مُجرّد الاستلقاء للنوم يعرقل تصريف المخاط، فما أهم أسباب تفاقم أعراض البرد ليلًا؟ وكيف تنام وتتجاوز هذه الأعراض بالطرق المنزلية؟
لماذا تزداد أعراض البرد خلال الليل؟
قد تزداد أعراض البرد خلال الليل لعِدّة أسباب، مثل:
1. تأثُّر المناعة بالساعة البيولوجية
ينتظم إيقاع الجسم وقيامه بوظائفه سواء كان التمثيل الغذائي أو النوم أو غير ذلك حسب الساعة البيولوجية الكامنة فيه، وقد كشف بحث، حسب موقع "goodrx" عن أنَّ المناعة تابعة للساعة البيولوجية، وأنَّ الخلايا المسؤولة عن التعافي والالتهابات، مثل كرات الدم البيضاء، يزداد نشاطها خلال الليل، وهذا النشاط الزائد قد يكون السبب وراء تفاقُم أعراض نزلات البرد ليلًا.
2. الهرمونات
كذلك الهرمونات واقعة تحت تنظيم الساعة البيولوجية، فالكورتيزول "هرمون التوتر" يبلغ أوج مستوياته في الصباح الباكر، ثُمَّ يتراجع تدريجيًا بمرور اليوم.
والعلاقة بين الكورتيزول والالتهابات مُعقّدة بعض الشيء، فهو قد يزيد أو يُخفِّف الالتهابات، لكن التغيُّر الحادث في مستويات الكورتيزول ليلًا قد يُسهِم في زيادة أعراض البرد.
3. ارتفاع حرارة الجسم ليلًا
حتى لو لم تكن مريضًا، فإنَّ حرارة الجسم تميل إلى الزيادة ليلًا. أضِف إلى ذلك زيادة نشاط الجهاز المناعي، فمن المُتوقّع أن تجد حرارتك مرتفعة بعض الشيء بالليل مع نزلات البرد، ويزداد الشعور بالتعب.
4. تموضع الجسم
عندما يكون المرء مُستلقيًا، وهو وضع النوم، فمن الصعب تصريف المُخاط المُتراكم في الأنف كما ينبغي، ما قد يُسبِّب انسداد الأنف وصعوبة التنفُّس.
5. عدم تشتيت الانتباه
بالنهار من السهل أن تنشغل في كثيرٍ من الأمور تُبقِيك بعيدًا عن الآلام المُصاحبة لنزلات البرد، لكن مع هدوء الليل وقرب موعد النوم، تزول هذه المشاغل تدريجيًا، ولا يتشتَّت انتباهك كما كان بالنهار، ومِنْ ثَمّ تجد نفسك في مواجهة أعراض البرد ليلًا عندما تُحاوِل النوم.
لماذا يزداد السعال ليلًا؟
قد يكون السعال من أعراض البرد، وقد يأتي مع أمراضٍ تنفسية أخرى، إلّا إنّه هو الآخر يزداد حِدّة خلال الليل؛ نتيجة بعض الأسباب المذكورة سلفًا، وأيضًا بسبب ما يلي:
1. الاستلقاء
بينما يكون المرء واقفًا أو متحركًا أو حتى جالسًا، ينصرف المخاط بيُسر عبر الممرات الأنفية، أمّا عند الاستلقاء خلال الليل، فقد يُؤدِّي الاحتقان إلى تقاطُر المخاط في الحلق، ما يُحفِّز الجهاز التنفسي على السعال بكثرة.
2. ضيق الممرات الهوائية ليلًا
تتأثّر الرئة أيضًا بإيقاع الساعة البيولوجية، ما يجعل مجرى الهواء أضيق خلال الليل، ومِنْ ثَمّ تزداد أعراض السعال ويصعب التنفُّس أكثر، وهذا التأثير أوضح لدى المُصابِين بالربو.
لكن حتى من سلموا من الربو، قد يُعانُون بعض المشكلات التنفّسية، أو تدهورًا في وظائف الرئة بعض الشيء خلال الليل.
3. مواد مُسبِّبة للحساسية
قد يُعانِي بعض الناس حساسية تجاه موادٍ مُعيّنة، قد تكون موجودة في مكان نومهم، مثل عث الغبار، وبر الحيوانات الأليفة، وغيرها؛ لذا إن لاحظت أنّك تسعل في الغالب ليلًا في المنزل، بينما في غيره لا تجد ذلك السعال، فرُبّما ثمّة شيء في غرفة نومك يُحفِّز الحساسية والسعال لديك.
هل يُؤثِّر البرد على النوم؟
حسب دراسةٍ في "SN للطب السريري الشامل SN Comprehensive Clinical Medicine"، فقد أورد أكثر من 40 % من الناس أنّ نومهم أكثر من المُعتاد ساعد في التعامل مع نزلات البرد.
جديرٌ بالذكر أنّه من الطبيعي أن يجد الإنسان مشقّة في النوم مع نزلات البرد ابتداءً، وحسب استبيان شمل عِدّة دول، أفاد 46 % من الناس أنّ الإصابة بنزلة برد أو إنفلونزا تُعيقهم عن النوم جيدًا، كما أورد 94% أنّهم عندما يُعانُون أعراض البرد، فإنّها قد تُوقِظهم من النوم ليلًا.
كيف تنام ليلًا رغم أعراض البرد؟
أعراض البرد المُتزايدة ليلًا تمنع النوم، وقلة النوم تُهدِّد الصحة وتُؤثّر سلبًا على المناعة؛ لذا إليك النصائح الآتية للتعامل مع نزلات البرد المُتفاقِمة ليلًا:
1. أخذ حمام دافئ
قد يساعد استنشاق البخار في تلطيف الأنف والحنجرة، كما يُساعِد الاستحمام بماءٍ دافئ في استرخاء العضلات، وتسهيل النوم.
2. تناول العسل
تُوجد بعض الأدلة المفيدة بأنّ تناول ملعقة من العسل قبل النوم ب30 دقيقة، يُساعِد في تخفيف السعال وتحسين النوم لدى الأطفال المُصابين بنزلات البرد.
أمّا البالغون، فما زالت الدراسات التي تناولت تأثير العسل أوّلية، لكنّها أظهرت أيضًا أنّ العسل قد يُساعِد في تحسين أعراض البرد، كما تُوصِي به مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها "CDC"، خاصةً للأطفال.
3. رفع الرأس والرقبة
السعال من أعراض البرد، وقد يحدث نتيجة التنقيط الأنفي الخلفي "نزول المخاط وتراكمه في الجزء الخلفي من الحلق"، وهذا التنقيط يزداد مع الاستلقاء بفعل الجاذبية.
لذا إن وجدت أعراض البرد، ومنها السعال خصوصًا، تزداد مع الاستلقاء، فلا مانع من رفع مستوى الرأس والرقبة قليلًا باستخدام عِدّة وسادات مثلًا بدلًا من وسادة واحدة، المهم أنّ تكون الرأس في مستوى أعلى من الجسم قليلًا، وهذا مُناسِب للبالغين، ولا يُلائِم الأطفال.
4. شُرب السوائل الدافئة
الشاي الساخن ومرق الدجاج، والمشروبات الدافئة من العلاجات المنزلية الفعّالة في تخفيف أعراض البرد، خاصةً أنّها تساعد في تقليل احتقان الأنف.
5. الأدوية
يُفضِّل بعض الناس اختصار المسافات والتعامل مع نزلات البرد بأسرع وسيلةٍ ممكنة، وفيما يلي أهم الأدوية في التعامل مع نزلات البرد وتحسين النوم أيضًا، حسب موقع "goodrx":
- مُزيلات الاحتقان: تُقلِّل هذه الأدوية تدفُّق الدم إلى الأنف؛ لتقليل احتقانها، مثل سودوإفدرين، وأوكسيميتازولين.
- مضادات الهيستامين "أدوية الحساسية": تكبح عمل الهيستامين، المادة الكيميائية المُسبِّبة لبعض الأعراض، مثل العطس وسيلان الأنف، كما تساعد هذه الأدوية على تجفيف المخاط والمساعدة على التنفس بصورةٍ أفضل، مثل ديفينهيدرامين، أو سيتريزين، أو ليفوسيتريزين.
- مُثبِّطات السّعال: تُستخدَم للتغلّب على الكحة الجافة، وتعمل على تثبيط رد فعل الجهاز التنفّسي من خلال الجهاز العصبي، مثل ديكستروميثورفان.
- طاردات البلغم: تُخفِّف مخاط مجرى الهواء، وتساعد في طرده عبر السعال، مثل جوايفينيزين.
- مُضادات الالتهاب غير الستيرويدية "المُسكّنات": لتسكين الآلام المنتشرة في جنبات الجسم، وتخفيف الحرارة، مثل إيبوبروفين.
- الباراسيتامول: مُسكِّن للألم وخافض للحرارة، لكنّه لا يُؤثِّر كثيرًا على المعدة مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، وإن كانت الأخيرة أكفأ في مكافحة الالتهابات كما يتضح من اسمها.