هل تُسبِّب المقلاة الهوائية السرطان؟
تخدم المقلاة الهوائية صحة الإنسان من عدة جوانب؛ إذ يقل عدد السعرات الحرارية في الطعام؛ لأنّها تعتمد على كمية ضئيلة من الزيت، كما تحميه من مشكلات صحية عديدة، مثل السمنة وأمراض القلب، ومع ذلك فقد يخشى بعض الناس من إمكانية أن تُسبِّب المقلاة الهوائية سرطانًا، لكن ذلك مرهونٌ بدرجة الحرارة المستخدمة ومدة طهي الطعام التي قد تختلف من إنسان لآخر، فهل حقًا تُسبِّب المقلاة الهوائية سرطانًا؟
الفرق بين القلي الهوائي والقلي العميق
صُمِّمت المقلاة الهوائية لقلي الطعام بطريقة صحية خالية من جلّ أضرار القلي العميق، والطعام المقلي بوساطة القلي العميق يحتوي على قدرٍ من الدهون أعلى من غيره من أنواع الطعام الأخرى.
وتعتمد المقلاة الهوائية على كمية ضئيلة من الزيت لطهي الطعام، بخلاف القلي العميق، ما يجعل طعامها أصحّ للجسم، ويخفض عدد السعرات الحرارية الداخلة إليه.
وتقليل مقدار الزيت المُستخدَم مفيد من نواحٍ عديدة؛ لأنَّ دخول الدهون الآتية من الزيوت النباتية إلى الجسم، قد يُسبِّب مشكلات عديدة، مثل زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع مُعدَّلات الالتهاب، وهو ما تحدّه المقلاة الهوائية كثيرًا باعتمادها على كمية ضئيلة من الزيت.
كيف تعمل المقلاة الهوائية؟
تعمل المقلاة الهوائية من خلال تدوير الهواء الساخن حول الطعام، وبإضافة ملعقة كبيرة واحدة من الزيت، تحصل على طعام مقلي لذيذ بدهونٍ أقل وسعرات حرارية أدنى مِمّا هي عليه مقارنةً مع القلي العميق.
ويدّعي الباحثون أنَّ مقالي الهواء تستخدم الهواء الساخن الذي يحتوي على قطرات الزيت لإخراج الرطوبة من الطعام، ما يجعل الطعام مقرمشًا ومماثلاً للأطعمة المقلية بالقلي العميق، رغم قلة مستويات الدهون فيها.
مزايا المقلاة الهوائية
ينطوي استخدام المقلاة الهوائية في طهي الطعام على مزايا عديدة، فقد أشار تحليل عام 2021 لـ 19 دراسة إلى ارتباط تناول الأطعمة المقلية "قلي عميق" بالإصابة بمرض الشريان التاجي بنسبة 22%، وقصور القلب بنسبة 37%، والسكتة الدماغية بنسبة 37%، وقد حدّت المقلاة الهوائية من هذه المخاطر، وبرزت فوائدها فيما يلي:
1- المساعدة في خسارة الوزن
تناول المقليات قليًا عميقًا بانتظام مُرتبط بالسمنة، فقد أشارت مُراجعة منشورة في مجلة "Nutrients" إلى أنَّ تناول هذه المقليات أكثر من 4 مراتٍ أسبوعيًا يزيد خطر الإصابة بالسمنة بنسبة 37%، مقارنةً بمن يتناولون المقليات أقل من مرتين أسبوعيًا.
وهذا ليس مُفاجئًا؛ إذ يحتوي 100 غم من البطاطس المقلية على 2.7 غم من الدهون المُشبعة و274 سعرًا حراريًّا، بينما نفس البطاطس المقلية بالقلي الهوائي، تحتوي على دهون مشبعة أقل بنسبة 75%، حسب دراسةٍ في مجلة علوم الأغذية "Journal Food Science"، ما يخفض خطر الإصابة بالسمنة بلا شك.
جديرٌ بالذكر أنَّ السمنة وحدها قد تزيد خطر الإصابة بكثيرٍ من الأمراض، مثل ارتفاع ضغط الدم، زيادة الكوليسترول، مرض السكري من النوع الثاني، أمراض القلب، وخشونة المفاصل، وغيرها.
2- تقليل التعرّض للزيت المُعاد تسخينه
لا تحتاج المقلاة الهوائية إلّا إلى كميات صغيرة من الزيت لطهي الطعام، أمَّا في القلي العميق فتُستخدَم كمية كبيرة من الزيت، بل وقد يُعاد تسخينه مرة تلو الأخرى. صحيحٌ أنّ ذلك يُوفِّر الزيت لكنّه يُحاصِر الإنسان بمشكلات صحية لاحقًا.
متى ما سُخِّن زيت الطهي بدرجة حرارة عالية، فإنَّه يُغيِّر تكوينه، ويُطلِق مادة كيميائية - قد تكون مُسرطِنة - تُعرَف بـ"الأكرولين"، وإذا تكرَّر تسخين الزيت، تزداد كمية الأكرولين.
أيضًا قد يتسبَّب استنشاق الزيت المُعاد استخدامه وابتلاعه في حدوث تغيُّرات كروموسومية تُؤدِّي إلى الإصابة بالسرطان، وقد ذكرت مراجعة للدراسات أُجريت عام 2019 أنَّ زيت الطهي المُعاد تسخينه مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي والرئة والقولون والبروستاتا.
كذلك وجدت الدراسات المُجراة على الحيوانات أنّ تناول الزيت المُعاد تسخينه، قد يُؤدِّي إلى انتشار سرطان الثدي إلى أعضاء بعيدة، خاصةً الرئتين.
ولأنّ المقلاة الهوائية تستخدم كمية صغيرة فقط من الزيت، فإنّ خطر هذه المشكلات ينحدر كثيرًا.
3- طهي آمن
حسب الجمعية الوطنية للحماية من الحرائق، فإنّ الشوايات والمقالي العميقة لها نصيب الأسد من مُعدّل حرائق المنازل كل عام، كما تُمثِّل المقالي العميقة أكبر مُعدّل للوفيات عند مقارنتها مع جميع أنواع حرائق الطهي المنزلية الأخرى.
حتى في حالة عدم وجود حريق، تميل المقالي العميقة إلى التسبُّب في حروق أكثر شِدّة من الأنواع الأخرى من الحروق الحرارية.
ولأنَّ المقالي الهوائية تستخدم الحد الأدنى من الزيت، فهي تمنع مخاطر هذه الحرائق، ما يجعل عملية الطهي آمنة.
هل تُسبِّب المقلاة الهوائية سرطانًا؟
لا تُسبِّب المقلاة الهوائية سرطانًا على الأرجح، بل قد يتسبَّب القلي العميق وإعادة تسخين الزيت في زيادة خطر تكوّن المواد المسرطنة، مثل الأكريلاميد والهيدروكربونات العطرية مُتعدِّدة الحلقات.
الأكريلاميد
يتكوّن الأكريلاميد في بعض الأطعمة مع طرق الطهي عالية الحرارة، مثل القلي والتحميص، ولا يأتي الأكريلاميد من زيت الطهي نفسه، بل عندما يتعرّض السكر والحمض الأميني أسباراجين في الطعام لدرجات حرارة مرتفعة للغاية.
يتواجد الأسباراجين بصفة رئيسة في المصادر النباتية، مثل الحبوب الكاملة وفول الصويا، والمكسرات والبقوليات، والبطاطس، وكذلك بعض المصادر الحيوانية، مثل الدواجن ولحم البقر، والبيض وبعض الأسماك، والمأكولات البحرية ومنتجات الألبان.
ومن بين جميع طرق الطهي، فإنّ القلي العميق أغزرها في تكوين الأكريلاميد، ونظرًا لأنّ القلي الهوائي يستخدم كمية قليلة من الزيت، فإنّه يُنتِج كمية أقل من الأكريلاميد، ومِنْ ثَمّ لا تزيد المقلاة الهوائية خطر السرطان بدرجة كبيرة.
أخطاء في استخدام المقلاة الهوائية قد تُسبِّب السرطان
قد تُؤدِّي بعض الأخطاء في استخدام المقلاة الهوائية إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان، مثل:
1- ضبطها على درجة حرارة مرتفعة للغاية
يُفضّل أن تكون درجة الحرارة المستخدمة في القلي الهوائي أقل من 180 درجة مئوية؛ لأنّ درجات الحرارة المرتفعة قد تُسبِّب تفاعلاً كيميائيًا بين النشويات والأحماض الأمينية، بما يُكوِّن مواد محتملة التسرطن.
2- عدم تحضير البطاطس
يُفضّل نقع البطاطس في الماء قبل قليها، فهذا يُساعِد في خفض محتواها من النشويات، الذي يُكوِّن الأكريلاميد لاحقًا.
3- قلي الأطعمة المُصنّعة
تزخر الأطعمة المصنعة بالمواد الحافظة، وربّما يُؤدِّي تسخينها بوساطة المقلاة الهوائية إلى زيادة الزيت، كما أنّ الدهون التقابلية تنشأ من جراء هذا القلي، ما قد يزيد خطر الإصابة بمشكلات صحية.
لماذا تشتمل المقلاة الهوائية على تحذير من السرطان؟
لأنّ خطر السرطان يزداد مع تناول الطعام المطبوخ في درجات حرارة عالية ولفترات ممتدة، ومِنْ ثَمَّ لا يُنصَح باستخدامها في درجات حرارة مرتفعة جدًا، أو طهي الطعام فيها لفترات طويلة.