الاكتئاب وزيادة الوزن.. ما العلاقة بينهما؟ وكيف تتخلص منهما؟
عندما تسقط في دوامة الاكتئاب، فإنَّها لا تُمزِّق حالتك النفسية فحسب، بل قد يرتدّ أثرها على صحتك الجسدية ومظهرك، فقد ثبت الارتباط بين الاكتئاب وزيادة الوزن، فالمُكتئبون أكثر عُرضةً لزيادة الوزن دونًا عن غيرهم، وقد يكون ذلك بسبب تغيُّر شهية الجسم وانفتاحه على الأطعمة المليئة بالسعرات الحرارية، أو ربَّما قلة النوم المصاحبة للاكتئاب التي قد تساعد على زيادة الوزن، فما سر هذه العلاقة؟ وكيف يمكن تحسين المزاج والحفاظ على الوزن معًا؟
أنواع الاكتئاب حسب تأثيره في الوزن
أشار موقع "medicalnewstoday" إلى تقسيم الباحثين الاكتئاب إلى نوعين:
- النوع الأول: تشمل أعراضه فقدان الشهية وخسارة الوزن، والأرق وبعض الأفكار الانتحارية.
- النوع الثاني: تتضمَّن أعراضه زيادة الشهية، واكتساب الوزن، والشعور بثقلٍ في أطراف الجسم، وكثرة النوم خلال النهار.
والنوع الثاني من الاكتئاب الذي تصحبه زيادة الشهية، قد يُؤدِّي إلى زيادة الوزن، وهو الذي يمثل العلاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن.
هل الاكتئاب يسبب زيادة في الوزن؟
نعم، قد يُسبِّب الاكتئاب زيادة الوزن، فقد يُعزِّز الاكتئاب الشهية، وحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها "CDC"، فإنَّ 43% من المُصابِين بالاكتئاب يُعانُون السمنة، كما أنَّ الأشخاص المُشخَّصين باكتئاب أكثر عُرضةً لزيادة الوزن مقارنةً بغيرهم.
وقد يُسهِم الاكتئاب في زيادة الوزن من خلال:
- تغيير الشهية: يلحظ معظم المُكتئبين تغيُّرًا في شهيتهم إمَّا بزيادةٍ أو نقصان، فإذا ازدادت الشهية إثر الاكتئاب، فقد يزداد النهم تجاه الطعام، بل قد تتضاعف الشهية تجاه أنواع معينة من الطعام، تتسبَّب في زيادة الوزن، مثل الأطعمة عالية السعرات الحرارية، أو الأطعمة الدهنية.
- تغيُّرات هرمونية: قد يُؤدِّي الاكتئاب إلى اختلال توازن بعض الهرمونات في الجسم، مثل زيادة مستويات الكورتيزول، ما يجعل الجسم يبدأ بتخزين الدهون، خاصةً في منطقة البطن، ومِنْ ثَمَّ يزداد الوزن.
- قلة النشاط البدني: يفقد الإنسان شغفه بكثيرٍ من الأمور بعد اكتئابه، ومِنْ ثَمَّ فقد يُواجِه مشقة بالغة في ممارسة بعض التمارين الرياضية أو النشاط البدني عمومًا، ما يزيد خطر الإصابة بزيادة الوزن.
هل كُل مُكتئب سيُعانِي زيادة الوزن حتمًا؟
العلاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن ليست حتمية، فزيادة الوزن ليست من العلامات الرئيسة للاكتئاب، بل قد يُعانِي بعض المُكتئبين تراجُعًا في الشهية، ما يُفضِي إلى خسارة الوزن، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ أعراض الاكتئاب المُتعلِّقة بالوزن تختلف من إنسانٍ لآخر.
ما العلاقة بين السمنة والاكتئاب؟
العلاقة وثيقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن أو السمنة وإن لم تكن حتمية، وقد أشار موقع "choosingtherapy" إلى نقاط التلاقي بين السمنة والاكتئاب، أو بالأحرى تفسير العلاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن كما يتضح فيما يلي:
1- الأكل العاطفي
الأكل أنواع، وغالبًا ما نأكل عندما نجوع، لكنّ ثمّة نوعًا آخر وهو الأكل العاطفي، وهو زيادة النهم تجاه الطعام وكثرة الأكل مع التعرُّض لاضطرابات نفسية أو الشعور بالحزن، وذلك حتى لم يكن الإنسان يشعر بالجوع حقيقةً، وهذا قد يُؤدِّي إلى زيادة الوزن بلا شك.
ليست المشكلة في مُجرَّد زيادة مقدار الطعام المُتناوَل، لكن قد يشتهي الإنسان الكربوهيدرات خصيصى، مثل البيتزا والمعكرونة، وغيرها، في سبيل تعزيز مستويات السيروتونين لديه، فعندما يكتئب الإنسان، يُحاوِل الجسم زيادة مستويات السيروتونين لمكافحة الاكتئاب بأي طريقة، وهنا مع زيادة الأكل وتحديدًا من الكربوهيدرات، فقد يزداد الوزن بلا شك.
2- تراجُع الحيوية الجسدية
الاكتئاب وصف لتراجُع الحالة النفسية والانغماس في هوةٍ عميقة من الحزن، لكن كذلك الجسم لا ينفك عن حالة المرء النفسية، ومِنْ ثَمَّ فقد يتراجع النشاط البدني، مثل قلة المشي أو الحركة عمّا اعتاده الإنسان قبل أن يكتئب، وهذا يُؤدِّي إلى تراكم السعرات الحرارية في الجسم بدلاً من حرقها، ما قد يُسبِّب السمنة.
3- الالتهاب
يرتبط التوتر المزمن والاكتئاب بحدوث التهابات على مستوى خلايا الجسم، وكذلك وقوع بعض التغيُّرات الهرمونية، بالإضافة إلى تراكم الدهون.
4- الأرق أو قلة النوم
قد لا يأتي الاكتئاب وحده بل يصحبه الأرق والتوتر، وقد يأتي الاكتئاب ثُمَّ يُسبِّب مشكلات النوم لاحقًا، وهنا أحد الجوانب الخفية للعلاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن؛ إذ إنَّ قلة النوم أحد الأسباب الرئيسة لزيادة الوزن، كما أنَّ الأرق أحد أعراض الاكتئاب، ومِنْ ثَمّ فقد تزداد مخاطر السمنة مع المعاناة من الاكتئاب والأرق معًا.
اقرأ أيضًا:هل يمكن أن يكون الاكتئاب وراثيًّا؟
5- تغيُّرات نمط المعيشة
مع الاكتئاب لا يتمكّن الإنسان من أداء أنشطته المعتادة كما كان في السابق، فقد يشعر بثقلٍ غير معهود عند الاستيقاظ مبكرًا لأداء تمارينه الرياضية المعتادة، أو قد يُواجِه مشقة في مجرد الخروج للمشي قليلاً أو غير ذلك مِمّا اعتاده المرء، وهذا كُلّه قد يُضاعِف فرص المعاناة من السمنة.
هل تُؤدِّي السمنة إلى الاكتئاب؟
العلاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن ليست من طرفٍ واحد، بل قد تُؤدِّي زيادة الوزن - أيًا كان سببها - إلى الاكتئاب أيضًا، فقد أشار موقع "psychcentral" إلى أنَّ المعاناة من السمنة تزيد الاكتئاب سوءًا؛ إذ يسمع المُصابِون بالسمنة دومًا تعليقات سلبية حول مظهرهم، ما قد يُضاعِف اكتئابهم.
من ناحية أخرى فقد تتسبَّب زيادة الوزن في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب من خلال:
- تراجُع النشاط البدني.
- تغيُّرات الشهية؛ إذ إن العلاقة بين التغذية السليمة والحفاظ على الصحة النفسية لا تقبل جدالاً.
- تغيُّر في هرمونات الجسم.
هل يُصعِّب الاكتئاب خسارة الوزن؟
"انعدام التلذّذ Anhedonia" أحد أعراض الاكتئاب، التي تعني غياب أي شغف أو متعة فيما اعتاد المرء الاستمتاع به، وقد يُؤثِّر ذلك في نمط الأكل، أو قد يجعل الإنسان لا يُكمِل برنامج خسارة الوزن، أو يستأنف التمارين الرياضية التي بدأها لتوه لضبط الوزن، ما يُوثِّق العلاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن.
أيضًا إذا أثَّر الاكتئاب في قدرة الإنسان على النوم، فقد تصعب عملية خسارة الوزن، خاصةً أنَّ قلة النوم تساعد على زيادة الوزن.
هل تتسبَّب أدوية الاكتئاب في زيادة الوزن؟
قد تكون تغيُّرات الوزن من الآثار الجانبية لأدوية الاكتئاب، وإن كان تأثيرها يختلف من إنسانٍ لآخر، وحسب دراسةٍ فإنَّ مضادات الاكتئاب تزيد خطر زيادة الوزن، بتأثير يختلف من دواءٍ لآخر.
وتفاقم خطر الإصابة بزيادة الوزن عند من اعتادوا تناول أدوية الاكتئاب لمدة 2 - 3 سنوات، وحسب "medicalnewstoday"، فإنَّ خطر زيادة الوزن بنسبة 5% أو أكثر بلغ 46.3 % لمن وصلوا إلى عامهم الثاني في تناول أدوية الاكتئاب.
وقد تُؤدِّي مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، مثل أميتريبتلين إلى زيادة الوزن، بينما تتسبَّب أنواع أخرى من أدوية الاكتئاب في خسارة الوزن، مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، مثل فلوكسيتين.
اقرأ أيضًا:الاكتئاب المبتسم.. عندما تحزن نفوسنا ويخدعنا المظهر
كيفية تحسين المزاج والتحكم في الوزن من خلال التغذية السليمة
نظرًا للعلاقة الوطيدة بين الاكتئاب وزيادة الوزن، فكثيرٌ من المُكتئبين بحاجةٍ إلى نصائح غذائية لعلاج الاكتئاب والقلق، ومنع زيادة الوزن في نفس الوقت، وقد أشارت مؤسسة التغذية البريطانية "British Nutrition Foundation" إلى بعض هذه النصائح، مثل:
- الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والمأكولات البحرية والمكسرات والبذور.
- تناول منتجات الألبان بكميات متوسطة.
- إضافة الدهون الصحية إلى مائدة الطعام، مثل زيت الزيتون.
- تقليل تناول الأطعمة الدهنية، واللحوم المُصنَّعة، والمشروبات السكرية.
- تقليل الأملاح الموجودة في الطعام.
وتُعدّ حمية البحر الأبيض المتوسط من الأنظمة الغذائية المناسبة لمكافحة الاكتئاب والسمنة معًا، فحسب اختصاصيي التغذية في أستراليا "dietitians australia"، ثبتت فعالية حمية البحر الأبيض المتوسط في علاج الاكتئاب الشديد. ومعلومٌ أنّها أيضًا من الأنظمة الغذائية المكافحة للسمنة، ما يجعلها خيارًا مناسبًا في علاج الاكتئاب وزيادة الوزن.
أفضل الأطعمة للحفاظ على المزاج والوزن المثالي
تشمل أفضل الأطعمة لمحاربة الاكتئاب والحفاظ على الوزن المثالي ما يلي:
1- السمك
تُعدّ الأسماك - خاصةً الأسماك الدهنية كالسلمون والماكريل - من أفضل الأطعمة لمكافحة الاكتئاب، وما ذلك إلَّا لغناها بأوميغا-3، وقد كشفت دراسةٌ منشورة في مجلة علم الأوبئة وصحة المجتمع "The Journal of Epidemiology and Community Health" عن أنَّ الأشخاص الذين يتناولون المزيد من السمك أقل عُرضةً للمعاناة من أعراض الاكتئاب.
2- المكسرات
كذلك المكسرات غنية بأوميغا-3، كما أنَّها مناسبة لخسارة الوزن الزائد، وقد وجدت دراسةٌ تراجُع درجات الاكتئاب بنسبة 26% عند من يتناولون ¼ كوب من الجوز يوميًا.
3- البقوليات
نظرًا للارتباط بين الاكتئاب وزيادة الوزن، فالبقوليات هي الخيار المناسب لتفادي الاثنين؛ إذ تَحفظ مستويات السكر في الدم، وتُحسِّن المزاج، وتمد الجسم بحمض الفوليك، خاصةً الحمص.
4- البذور
مثل بذور الشيا وبذور الكتان، فهي غنية بأوميغا-3، وتمد الملعقة الكبيرة من بذور الشيا 61% من احتياج الجسم من أوميغا-3، بينما تمد الملعقة الكبيرة من بذور الكتان الجسم بـ 39% من الاحتياج اليومي من أوميغا-3.
أيضًا تحتوي هذه البذور على الحمض الأميني "تريبتوفان"، الذي يستخدمه الجسم في تصنيع السيروتونين هرمون السعادة.
أطعمة ينبغي تجنُّبها للحفاظ على المزاج والوزن المثالي
تفادي الاكتئاب وزيادة الوزن مرهونٌ بتجنُّب بعض الأطعمة، مثل:
- السكريات والحلوى، مثل الكعك.
- الحبوب المُكرَّرة، مثل المقرمشات ورقائق البطاطس.
- المقليات.
- الإفراط في الكافيين، بل يُكتفى بـ 2 - 3 فناجين من القهوة يوميًا كحدٍ أقصى، ويُعدّ الشاي الأخضر بديلاً مناسبًا.