هل تعرف "السفر البطيء"؟ هكذا تحقق من ورائه تجربة لا تُنسى
ظهر مؤخرًا على الساحة مصطلح جديد يعرف بـ "السفر البطيء"، فكرته هي إمهال النفس ومنحها الفرصة للاستكشاف والتأمل عند السفر لضمان الحصول على تجربة استثنائية ومختلفة.
"تريند جديد" في عالم السفر والترحال، أُطلق عليه اسم "السفر البطيء" وهو ما نحاول أن نبرزه ونلقي عليه الضوء في سياق هذا التقرير لتوضيح تعريفه، ومغزاه، وكيفية الاستفادة منه طوال وقت السفر.
السفر البطيء هو مصطلح بدأ يسمعه كثيرون على غرار مصطلح "السياحة البطيئة"، ولمن لا يعرف هو عبارة عن نهج مدروس للاستكشاف يركز على التفاعل مع الثقافات المحلية، والتعمق في قلب الوجهة محل الزيارة، من خلال دليل مفصّل خطوة بخطوة لتحويل الرحلة إلى تجربة ثرية، مع التعرف على بعض النصائح العملية التي تساعد على دمج هذا المفهوم في قادم السفريات.
ولتوضيح المقصود بالمصطلح بشكل أكبر، يمكن القول إن الفكرة هي تمكين السائح أو الزائر من التمعن في تفاصيل الوجهة التي يزورها، ومن ثم الاستمتاع بالمناظر المحيطة به، والتعرف أكثر وأكثر على المكان، وكل ما يخص تفاصيله سواء الجغرافية، التاريخية، الحضرية أو حتى السكانية.
وأوضح خبراء متخصصون في مجال السفر أن الأمر ليس مرتبطًا بسرعة أو بطء التجوال في أثناء السفر، بل مرتبط بالعقلية، إذ يجدر بمحبي السفر أن يتعاملوا مع الأمر على أنه التزام بتعلم المزيد عن المكان محل الزيارة، واستكشاف المزيد عن ثقافته المحلية، وعن سكانه المقيمين.
تاريخ السفر البطيء
رغم أن مصطلح السفر البطيء ليس مصطلحًا جديدًا بالضرورة، لكنه سرعان ما صار من المواضيع الرائجة في أوساط محبي السفر والترحال، وخاصة ممن يفضلون الاستمتاع بأدق تفاصيل رحلاتهم.
ربما كانت بداية ظهور مصطلح "السفر البطيء" مع ظهور مصطلح "الطعام البطيء"، حين تحدث "كارلو بيتريني" وهو عالم اجتماعي إيطالي أسس منظمة "الوجبة البطيئة"، عن أهمية معرفة مصادر الوجبات التي نتناولها، ونستمتع بها مع المحيطين.
ما المقصود بـ"السفر البطيء"؟
مع زيادة التركيز على أهمية السفر بشكل أخلاقي ومسؤول، بات يدرك عدد أكبر من الناس أن جزء من السفر المستدام هو ضرورة التركيز أكثر على الحاضر بدلاً من الاندفاع بلا هدف للوجهة التالية.
وليس المقصود بـ"السفر البطيء" الطريقة التي يمكن أن نصل بها إلى مقاصدنا، وإنما التأكد من تفاعلنا مع السكان المحليين، الطبيعة وغيرها من المعطيات الموجودة هناك بصورة أفضل. ولك أن تعلم أن الفارق الرئيس بين السفر البطيء والسفر التقليدي هو عدم الاستعجال في اتخاذ قرار السفر للوجهة التالية، وإنما التركيز على الوضع الراهن والوجهة الحالية للاستفادة من التجربة.
اقرأ أيضًا:"القارة الأكبر تتجمل".. أغلى 5 وجهات سفر فاخرة في آسيا
ما هي مبادئ السفر البطيء؟
- الانغماس المحلي في كافة تفاصيل المكان.
- الاستدامة بمعنى الاستعانة بكل ما هو محلي في التعاملات، مثل الأكل والتنقلات.
- إشباع الذات وإمتاعها بكل صغيرة وكبيرة في المكان قبل مغادرته.
ما هي فوائد السفر البطيء؟
- اكتساب مهارة التفاهم الثقافي.
- تعلم مهارات اكتشاف الذات، وإنماء الجوانب المرتبطة بالشخصية.
- الحد من الآثار السلبية للسياحة الجماعية.
- المساهمة في الاقتصادات المحلية بشكل مستدام.
- تعلم طريقة التأمل الذاتي، والانعزال عن العالم بكل تفاصيله المزعجة.
ما هي أبرز الخرافات التي لا يجب تصديقها عن السفر البطيء؟
- أنه يتطلب المزيد من الوقت للقيام بكثير من النشاطات الاستكشافية.
- أنه يتطلب المزيد من الأموال كونه يرتبط بتمضية وقت أطول في المكان.
كيف يمكنك الاستفادة من "السفر البطيء" في رحلاتك؟
- اختيار المقصد المناسب، واعداد خطة لعب تفيدك في التعرف على نفسك وعلى الآخرين.
- اعداد جدول مرن يتيح لك الاستمتاع بكافة التفاصيل دون استعجال.
- البقاء مدة طويلة في مكان واحد.
- التفاعل بشكل أكبر من السكان المحليين.
- إعطاء الأولوية لخوض التجارب بدلاً من مشاهدة المعالم السياحية.
- معرفة أن السفر بمفردك هو أسهل طريقة للاستمتاع بمفهوم السفر البطيء.
ما هي أبرز المقاصد التي يمكنك التوجه إليها لاستكشاف مفهوم السفر البطيء؟
- مدينة برشلونة "إسبانيا".
- إقليم توسكانا "إيطاليا".
- مدينة آواخاكا "المكسيك".
- وادي دورو "البرتغال".
- أيسلندا.
- ولاية نيو مكسيكو "أمريكا".
- صحراء أتاكاما "تشيلي".
- باتاغونيا "منطقة طبيعية في الطرف الجنوبي من أمريكا الجنوبية".
ما هو مستقبل السفر البطيء؟
مع تزايد انتشار ورواج تريند "السفر البطيء" عبر كثير من المواقع المتخصصة في السفر وعلى السوشيال ميديا، يتوقع أن يتم استغلال هذا الزخم على نطاق أكبر خلال الفترة المقبلة، إذ باتت المسألة مسألة وقت فقط، وسيكون بمقدور المهتمين التعرف على مقاصد وأنشطة جديدة لاستكشافها في مناطق لم يسبق لكثيرين أن تخيلوا حتى فكرة الذهاب إليها في يوم من الأيام.
وبالاتساق مع ذلك، ستسنح المزيد من الفرص لدعم المجتمعات المحلية في تلك المناطق، بحيث يكون بمقدورها الاستفادة اقتصاديًا من السياحة، وتعلم المزيد عن ثقافاتها ومناظرها الطبيعية.
وأكد خبراء بهذا الخصوص أن ذلك هو الجانب الإيجابي بشأن السفر البطيء، فضلاً عن ذهاب البعض إلى الحديث عن تحول الأمر إلى "بيزنس ناشئ"، يسمح للراغبين باختيار الجولات وأماكن الإقامة بعناية لضمان الحصول على أفضل قيمة مقابل المال الذي يدفعونه في أي من سفرياتهم.
وبالفعل بدأت تستغل بعض الشركات ذلك "التريند" لتقدم الخدمة لمن يرغب مقابل مبلغ من المال، ويُنتظر أن يتزايد عدد المهتمين بهذا الاتجاه النامي في مجال السفر بشكل أكبر في الفترة المقبلة.
وختم الخبراء بقولهم إنه في ظل انشغال كثيرين بحياتهم الآن أكثر مما كانوا عليه في مرحلة ما قبل جائحة كورونا، فإن الوقت ربما قد حان لتجربة الحياة بوتيرة أبطأ، والاستمتاع بمفهوم السفر البطيء وبكل ما ينطوي عليه من تفاصيل من شأنها تعزيز تجربة السفر من البداية للنهاية.