كيف تتبنى العلامات الفاخرة أحدث التقنيات للبقاء على القمة؟
في عالم سريع الخطى، تتطور فيه التقنيات والتكنولوجيا بشكل مذهل، ربما لا توجد صناعة واحدة لم تتغير، ولعل ذلك يبدو واضحًا بين العلامات التجارية في القطاعات الأكثر تقدمًا كقطاع المنتجات الفاخرة، فلطالما طلب العملاء هنا المزيد من التميز والتطور، حتى قبل ظهور الإنترنت، الذي أوجد بدوره وسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت في إثراء هذه التجارب خلال عصرنا الرقمي، ما دفع الكثيرين إلى التكيف بسرعة مع عالم جديد من المتغيرات، للبقاء على القمة وفي المقدمة، بما يعنيه ذلك من تبني للتكنولوجيا الأكثر حداثة، وبناء حضور قوي عبر الإنترنت، والاستفادة من أحدث الابتكارات لتعزيز تجربة العملاء.
إدراك العلامات الفاخرة لأهمية مواكبة أحدث التطورات التقنية من أجل الاستمرار في تلبية المتطلبات المتطورة للمستهلكين، ظل يمثل الأساس الذي اعتمدت عليه تلك العلامات في بناء سمعتها وترسيخ حضورها على الساحة العالمية، مستعينة بكل ما توفره التكنولوجيا في سبيل إنجاح تجاربها، سواء باستخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز خدمة العملاء، أو الواقع الافتراضي لتعزيز تجاربهم، أو مضاعفة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي للاحتفاظ بالاهتمام، وخلق الإثارة اللازمة لنشر تلك الهالة المطلوبة من الفخامة والتميز حول ما تقدمه من منتجات وأفكار.
استثمار التقنيات للارتقاء بالمنتج
لعل المتتبع لخطوات العلامات الفاخرة في مجال الأزياء الراقية على سبيل المثال، سيكون ملمًا بتلك القفزات التي حققتها بعض العلامات مثل غوتشي Gucci وفيرساتشي Versace وبرادا Prada ولوي فيتون Louis Vuitton وكريستان ديور Christian Dior وبولغري Bulgari ولورو بيانا Loro Piana، وغيرها من الأسماء الرائدة حول العالم، إذ أتقنت هذه العلامات كيفية التنقل بسلاسة في ذلك المشهد التكنولوجي المتغير باستمرار، للبقاء على القمة، محتفظة بما لديها من صورة ذهنية مرادفة للفخامة والرفاهية، بفضل تلك الجودة والحرفية التي تتمتع بها، مضافًا إليها تراثها الغني، ومواكبتها للمتطلبات المتطورة لعملائها.
وقد لعبت التجارة الإلكترونية هنا دورًا رئيسًا في هذا الأمر، إذ سمحت للعلامات بتخصيص تجارب التسوق لكل عميل على حدة، ومن خلال القيام بذلك، تمكنوا من تبسيط العملية وجعل عملائهم يشعرون وكأنهم معروفون ومفهومون تمامًا من فرق مبيعات وتسويق هذه العلامات، ولكن كيف فعلوا ذلك؟
لقد استثمروا الخوارزميات المتقدمة التي تتعلم سلوكيات كل عميل على حدة، كأنماط التصفح وسجل الشراء، وهي ذات التقنيات التي تحلل لتقديم توصيات مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات كل عميل على حدة، وقد جعل الذكاء الاصطناعي كل ذلك ممكنًا.
كما لعب الواقع الافتراضي أيضًا دورًا في الارتقاء بتجربة العملاء بشكل عام، إذ أتاح إمكانية تجربة الملابس والإكسسوارات افتراضيًا، بينما يستمتع هؤلاء بالراحة على أرائكهم في أي مكان يتسوقون منه، ما يزيل التخمين خلال محاولة العثور على الزي المثالي.
كذلك لعب الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا أيضًا في تطوير آليات التصميم والتنفيذ، بينما قدمت بعض العلامات لعملائها شهادات رقمية لضمان أصالة منتجاتها الفاخرة من خلال تتبعها في جميع مراحل الإنتاج والتجهيز، حتى وصولها إلى المتجر، مع إمكانية تسجيل العملاء لملكية مشترياتهم باستخدام ميزات blockchain، لتنتقل بسلاسة من جيل إلى جيل بعد نقل شهادة الملكية عبر أدوات Web3.
يقودنا الحديث هنا إلى Aura Blockchain Consortium وهي تلك الجمعية التي تأسست عام 2021 من قبل خمس مجموعات فاخرة من العلامات الرائدة في مجالات عدة ضمت كل من LVMH وMercedes Benz وOTB وPrada Group وRichemont لمواجهة التحديات المشتركة، متمثلة في توصيل الأصالة وتعزيز الممارسات التجارية المسؤولة اجتماعيًّا، بالإضافة إلى التأكيد على تحقيق الاستدامة التي تركز على العملاء طوال دورة حياة المنتجات الفاخرة، من خلال الاستفادة من استخدام بلوكتشين عالمي واحد مفتوح للعلامات التجارية الفاخرة من كل القطاعات في جميع أنحاء العالم، لتوفر معلومات إضافية وخدمات عدة للارتقاء بتجربة العملاء إلى مستوى جديد.
اقرأ أيضًا:كيف عزَّز الذكاء الاصطناعي الرعاية الصحية؟
الضيافة ذات التقنيات المستقبلية
لا يقتصر تأثير أحدث الابتكارات التقنية على عالم الإنترنت، أو العلامات المنتجة للسلع الفاخرة فحسب، فقد استفادت علامات الضيافة والفندقة الراقية هي الأخرى من تلك الثورة التقنية، التي وظفتها بشكل ممتاز، بحيث يظل تربعها على القمة واقعًا متحققًا طوال الوقت، من خلال استخدامها لتكنولوجيا المستقبل، التي استطاعت من خلالها تحسين تجربة ضيوفها، ومن ثم ضمان بقائها ضمن الأسماء الأكثر رواجًا حول العالم.
وقد نجحت كبرى العلامات الفندقية في تحسين تجربة العميل الواقعية، بدءًا من عملية الحجز عبر الإنترنت، مرورًا بعملية تسجيل الوصول التي أصبحت رقمية في معظم الأسماء الكبرى في عالم الضيافة، وهو ما يسمح للضيوف بإكمال العملية بسرعة وسهولة عبر شاشات اللمس الموجودة عادة في ردهات الفنادق، ما يسهل ويسرع العملية، ومن ثم يقلل أوقات الانتظار عند الوصول.
ولا يتوقف استخدام التقنيات الأحدث هنا عند التسجيل، فبمجرد وصولك إلى غرفتك، يمكنك الاستمتاع بمجموعة كبيرة من ميزات التكنولوجيا الذكية، التي تسمح لك بتخصيص كل العوامل المحيطة بك بما يناسب حالتك النفسية وتفصيلاتك الشخصية، كضبط الإضاءة ودرجة الحرارة ونوعية ومستوى الترفيه الذي تفضله، مع التحكم في كل ذلك من مكان واحد عبر جهاز صغير بشاشة تعمل باللمس أو لوحة تحكم مركزية، تستطيع من خلالها منح غرفتك أو جناحك جزء من شخصيتك، والحقيقة أن غالبية علامات الضيافة والفندقة من فئة الخمس نجوم حققت تلك المتطلبات سريعًا، إذ أصبحت تلك اللمسات الخاصة تمثل مواصفات قياسية وأساسيات متعارف عليها، وليست كماليات بالنسبة لهذه الأسماء اللامعة في عالم الضيافة.
كما تطورت الخدمات الفندقية بما يناسب احتياجات الضيوف المتطورة دائمًا، ومنها الاحتياجات التقنية للقياسات الحيوية التي أصبحت متوفرة، كذلك تسهيل الوصول الآمن إلى الخدمات الشخصية، ما يسمح للضيوف بحجز خدمات مثل غسل الملابس وعلاجات السبا والعشاء، وغيرها الكثير من الخدمات التي يمكن الوصول إليها بسهولة ودون عناء، مع إضافة روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي لتوجيه الضيوف أثناء إقامتهم، والإجابة عن الاستفسارات ومساعدتهم في أي وقت من النهار أو الليل، وكلها تقنيات ثورية تبنتها تلك العلامات، فمنحتها القدرة على تقديم تجربة لا مثيل لها للعملاء بطريقة لم يسبق لها مثيل.
تدعيم المكانة بالدعاية والتسويق
تبني العلامات واحتضانها للابتكارات، واستثمار تلك التقنيات لم يكن سوى بداية طريق حرصت مختلف العلامات الفاخرة على تمهيده من خلال خطواتها المدروسة على مدار سنوات طويلة، والتي استفادت منها في وضع خططها الخاصة لتحقيق الندرة والحصرية، مع إبراز مكانتها الخاصة، من خلال أسلوب الدعاية والتسويق الخاص بكل منها، لإبراز فلسفة الفخامة التي تتبعها للتأثير على عقول عملائها وإيقاظ العاطفة والولاء لديهم، بعد بناء جسور الثقة عبر الزمن، وهي الأمور التي سهلتها التقنيات الأحدث ووسائل التواصل التي أنشأت عالم موازي بل ومكملاً لعالمنا.
واستثمرت كل العلامات الفاخرة تقريبًا في كل المجالات ثورة الاتصالات هذه لإنشاء ارتباطات، تجعل الناس يشعرون بالإيجابية عندما يفكرون فيها أو في منتجاتها، مستثمرين العواطف التي تلعب دورًا رئيسًا في إدراكنا وتصرفنا لتقود في النهاية قراراتنا للاقتناء والشراء، ولا يتم ذلك بين العلامات التجارية والعملاء من خلال الإعلانات، أو الإشارات المرئية فقط، ولكنه يتم كذلك من خلال تفاعلات خدمة العملاء الإيجابية أيضًا، وحوافز الولاء والثقة التي تقدمها لعشاقها من خلال البحث عن التقنيات الأحدث، والتطور والابتكار الدائم والتكيف مع المتغيرات المستقبلية باستمرار.
كما لم ينحصر ذلك في مجال معين، حيث امتد تأثير التقنيات ومدى استفادة العلامات الفاخرة منها إلى جميع المجالات تقريبًا، بدءًا من مصنعي السيارات الفاخرة إلى مصممي الأناقة، فيما زاد الاعتماد على الوسائط الاجتماعية، والتسويق الرقمي، والتجارة الإلكترونية، وواجهات العرض الافتراضية، وغيرها الكثير من التقنيات متسارعة التطور، بهدف توسيع قواعد العلامات والوصول إلى العملاء المحتملين، وبناء علاقات تؤدي في النهاية إلى زيادة عمليات الشراء، ومن ثم إثبات قدرات تلك العلامات الفاخرة على الصمود خلال بقائها على القمة، مع قدرتها على خوض تحدي الاستمرار باكتساب مزيد من الولاء والثقة.