السعال المزمن.. هل يتسبَّب في كسر الضلوع؟
يتردَّد السعال كثيرًا على الإنسان على مدار العام، فقد يصحب نزلات البرد، أو التهاب الجيوب الأنفية، بل ارتجاع المريء أحيانًا، وسرعان ما يزول السعال ولا يدوم طويلاً، لكن النوبات الشديدة من السعال، واستمراره أكثر من 3 أسابيع، قد يُسبِّب مخاطر جسيمة، خاصةً إذا كانت قوة السعال أكبر من قدرة تحمل الأنسجة المرنة في الضلوع، فهل يُمكن أن يُؤدِّي ذلك إلى كسر الضلوع؟
هل يمكن أن تنكسر الضلوع بسبب السعال؟
نعم، قد تنكسر الضلوع بسبب السعال، ورغم عدم شيوع ذلك فإنَّه قد يحدث مع السعال الشديد، كما تزداد فرص الإصابة به في بعض الحالات، مثل:
- هشاشة العظام، أو تدنّي كثافتها.
- المعاناة من مشكلاتٍ مزمنة في العظام، مثل تكوُّن العظم الناقص "osteogenesis imperfecta".
- الخضوع لعلاجٍ طويل الأمد بالستيرويدات "أدوية الكورتيزون"؛ لأنَّها تخفض كثافة العظام.
- السيدات اللاتي يستمرّ السعال لديهن 3 أسابيع أو أكثر.
وقد بيَّنت دراسةٌ أنَّ 85% مِمّن كُسرت ضلوعهم بسبب السعال، كان السعال مستمرًا لديهم لمدة 3 أسابيع على الأقل، و65% منهم كانوا مُصابِين بهشاشة العظام.
كما أن نحو 78% من المُصابِين بكسر الضلوع كُنّ من الإناث، ومِنْ ثَمَّ فالسيدات اللاتي يستمر السعال لديهن 3 أسابيع فأكثر ويُعانِين هشاشة العظام في الوقت نفسه، هُنّ الأكثر عُرضةً لكسر الضلوع بسبب السعال.
أمَّا الأفراد الذين لا يُعانُون أيًا من المشكلات السابقة، فقليلاً ما تنكسر ضلوعهم بسبب السعال، وإنَّما قد تبرز لديهم مشكلات أخرى، مثل:
- كدمات الضلوع.
- شد العضلات بين الضلوع "العضلات الوَرْبية".
وهذه الكدمات أو الشد العضلي مؤلمة إلى حدٍ ما عند ظهورها على المريض.
أيُّ الضلوع أكثر عُرضةً للكسر بسبب السعال؟
عادةً يكون كسر الضلوع الناجم عن السعال في الناحية اليمنى من الجسم، خاصةً الضلع العاشر، وذلك لا يمنع احتمال أن يكون الكسر في الضلوع اليُسرَى وإن كان ذلك أقل شيوعًا.
علامات كسر الضلوع
تتشابه أعراض كسر الضلوع مع أعراض كدمات الضلوع، وأفضل شيء للتمييز بينهما الاختبارات التصويرية مثل الأشعة السينية، أو الأشعة المقطعية، لكن سواء أُجريت هذه الاختبارات أم لا، فإنَّ علامات كسر الضلوع أو كدماتها تتضمّن ما يلي:
- الكدمات أو تغيُّر لون الجلد على الضلوع.
- الألم عند لمس منطقة مُعيَّنة من الضلوع.
- عدم الراحة عند أخذ نفسٍ عميق.
- صعوبة الاستلقاء على الجانب المُصاب من الجسم.
- الانزعاج الشديد عند السعال أو العطس.
وتدلّ بعض العلامات الأخرى على كسر الضلوع، مثل:
- بروز الضلع المكسور بزاوية مختلفة عن المُعتاد.
- حركة الضلع في اتجاه مغاير للضلوع الأخرى مع الشهيق والزفير.
- المعاناة من ألمٍ شديد مع التنفُّس العميق.
اقرأ أيضًا:هل التنفس من الفم يغير شكل الوجه؟ 10 أضرار
كيف تُعالِج إصابة الضلع؟
من المهم علاج كسر أو كدمات الضلوع إثر السعال؛ كي يتمكَّن المرء من التنفس دون خوفٍ من الألم، وقد يشمل العلاج ما يلي:
1- تسكين الألم
يُمكِن تسكين آلام الضلوع بوسائل عديدة، منها:
- المُسكِّنات التي لا تستلزم وصفة طبية: مثل إيبوبروفين، أو باراسيتامول، لكن يُفضَّل استشارة الطبيب قبل الإقدام على تناول أي مسكنٍ، خاصةً إن كُنتَ تُعانِي مشكلات في الكلى، أو كُنتَ تتناول أدوية أخرى.
- لاصقات ليدوكايين: تُوضَع مباشرةً على المنطقة المُصابة.
- الثلج: يُمكِن وضع الثلج على المنطقة المُصابة كل ساعة ولمدة 15 دقيقة، لكن لا تضع الثلج على الصدر مباشرةً، وإنّما يُفضَّل تغطيته بقماشٍ؛ كي لا يتضرَّر الجلد.
- وضع الجسم: لا ينبغي النوم أو الاستلقاء على الجانب المُصاب؛ كي لا تشعر بالألم خاصةً عند النوم.
جديرٌ بالذكر أنّ الألم الناجم عن كسر الضلوع مُؤقّت، لا يدوم إلى الأبد، فبمجرّد أن تبدأ العظام في الالتئام، يصير الألم أخفّ وطأة على المريض.
وتُعدّ المسكنات دون وصفة طبية خيارًا آمنًا، وكافيًا لمعظم المُصابين بكسر الضلوع، ودليل نجاحها تمكّن المريض بعد ذلك من أخذ نفسه كاملاً بلا ألم.
2- جهاز تحفيز التنفس
ينبغي للمرء أن يكون تنفّسه عميقًا بأقصى قدرٍ ممكن، سواء كان ذلك في الشهيق أو الزفير، خاصةً مع كسر الضلوع، وهذا للوقاية من الالتهاب الرئوي وانخِماص الرئة.
يُحاوِل الجسم كبح الشعور بالألم تلقائيًّا، وذلك من خلال الأنفاس الضحلة، وعدم أخذ أنفاسٍ عميقة، وهذا لا يسمح للرئتين بالتوسّع أو الانكماش بشكلٍ صحيح، ما يزيد خطر الإصابة بالالتهاب الرئوي.
لذا يلجأ بعض المرضى إلى استخدام جهاز تحفيز التنفّس الذي يُساعِدهم في التنفّس العميق، وتمدُّد الرئة؛ للوقاية مستقبلاً من الالتهاب الرئوي.
3- تقييد النشاط البدني
بدايةً ينبغي الامتناع عن ممارسة التمارين الرياضية الشاقة كالجري إلى أنَّ يلتئم الضلع المكسور، ويُعدّ المشي والأنشطة البدنية الخفيفة مناسبة لك طالما أنَّها لا تزيد الألم، والقاعدة في كل ذلك أنَّ أي نشاطٍ بدني يُسبِّب الألم أو يزيده، ينبغي تجنُّبه.
كم يستغرق التئام الضلوع المكسورة؟
عادةً تحتاج الضلوع إلى 6 - 8 أسابيع كي تلتئم، لكن بعض الكسور تستغرق وقتًا أطول يصل إلى نحو 3 أشهر، أمَّا لو تعرَّضت الضلوع لكدماتٍ فقط، فلن تستغرق أكثر من 6 أسابيع كي تتعافى.
ويسعك التأكُّد من التئام الجروح بنجاح من خلال:
- سهولة أداء الأنشطة والتمارين البدنية دون المعاناة من ألم في الصدر.
- يُسر التنفّس العميق، وغياب الألم في أثنائه.
- إمكانية السعال، العطس، والضحك دون الشعور بألم.
اقرأ أيضًا:لتكسب الحرب ضد"نزلات البرد" في الشتاء تَعرف على هذه المناورات الـ11
متى تزور الطبيب؟
من أصعب ما يُواجه المُصاب بكسر الضلوع، صعوبة أخذ أنفاسٍ عميقة؛ لمصاحبة الألم لها، ما يُؤدِّي إلى تراكم المخاط والرطوبة في الرئتين، ومِنْ ثَمّ زيادة خطر الإصابة بالالتهاب الرئوي.
أيضًا فإنَّ كسر الضلع قد يضرّ أعضاء الجسم الأخرى، ومِنْ ثَمّ فقد يُسبِّب انخماص الرئة أو النزيف الداخلي، ولأجل ذلك فإنَّ زيارة الطبيب ضرورية للغاية حال المعاناة من مشكلات صحية خطيرة إثر كسر ضلعٍ ما، ومن أهم الأعراض التي تستدعي زيارة الطبيب:
- ألم الصدر في أثناء الشهيق والزفير.
- استمرار السعال المصحوب بمخاط.
- ارتفاع درجة الحرارة، التعرق، والقشعريرة.
- ضيق التنفُّس أو صعوبته.
- تغيُّر لون الجلد إلى الأزرق، وهذا دليل على نقص الأكسجين الشديد.
- زيادة مُعدَّل ضربات القلب.