محمية "عروق بني معارض".. هنا الطبيعة في أبهى صورها
مؤخرًا سجلت منظمة اليونسكو، محمية "عروق بني معارض" السعودية، ضمن قائمة التراث العالمي، كأول موقع للتراث العالمي الطبيعي على أراضي المملكة.
وليس غريبًا وجود مثل تلك المحميات الطبيعية الخلاّبة داخل أراضي المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بالتنوع الإحيائي، لموقعها الاستراتيجي بين قارتي إفريقيا وآسيا، وامتدادها على مساحة جغرافية شاسعة لتكون بمثابة ملاذًا مفضلاً وطبيعيًّا للحيوانات المهددة بالانقراض، وأهم محطات هجرة الطيور.
وبذلك تنضم محمية عروق بني معارض، إلى ستة مواقع سعودية أخرى مسجلة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهي واحة الأحساء، وحي الطريف في الدرعية، وموقع الحِجر الأثري، ومنطقة حمى الثقافية، وجدة التاريخية، والفنون الصخرية في منطقة حائل.
وجاء إدراج محمية "عروق بني معارض" في قائمة التراث العالمي لليونسكو، نتيجةً للجهود الوطنية المشتركة من وزارة الثقافة، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وهيئة التراث، وذلك ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، المتمثلة في الوصول بعدد المواقع السعودية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى الضعف.
اقرأ أيضًا:بعد اختيارها من أفضل مدن العالم.. ما أهداف مشروع "الرياض الخضراء 2030"؟
تاريخ محمية عروق بني معارض
طبقًا للمعلومات الرسمية السعودية، تقع المحمية على طول الحافة الغربية للربع الخالي، وتُشكّل الصحراء الرملية المتصلة الوحيدة في آسيا الاستوائية، وأكبر بحرٍ رمليٍ متواصل على سطح الأرض. وتبلغ مساحة المحمية ما يقارب 12787 كيلومترًا مربّعًا.
تأسست المحمية بموجب مرسوم ملكي في عام 1995 لغرض حماية المناظر الطبيعية في صحراء الربع الخالي، ولتكون موطنًا لإعادة إدخال الأنواع الرئيسة للحيوانات البرية في شبه الجزيرة العربية بما في ذلك المها العربي، وغزال الريم، وغيرها ضمن موائلها الطبيعية الأصلية التي انقرضت منها في الماضي.
وطبقًا للموقع الرسمي لإمارة منطقة نجران، فإن المحمية تقع على الحافة الجنوبية الغربيّة للرّبع الخالي.
وتضمّ المحميّة عددًا من التّشكيلات الأرضية، والمواطن الفطريّة الطّبيعيّة المهمة منها كثبان رمليّة مرتفعة وهضبة جيريّة متقطّعة.
وطبقًا لموقع "الإيكوموس السعودي- اللجنة الوطنية للمجلس الدولي للمعالم والمواقع"، تعد المحمية مملوكة للدولة بالكامل، مع الاعتراف بحقوق الاستخدام التقليدية المتعلقة بشكل أساسي برعي الإبل.
وتُدار المحمية من قبل الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وهي وكالة وطنية مكلفة بإنشاء وإدارة خطة نظام المحميات الوطنية منذ عام 1986، حيث أنشأت خمس عشرة محمية في جميع أنحاء المملكة.
صُنفت المنطقة إلى ثلاث مناطق إدارة، كل منها يقابل واحدة أو أكثر من فئات المناطق المحمية التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وفقًا لأهداف إدارتها وتدابير التحكم في الاستخدام.
وبموجب ترتيبات تصنيف الإدارة الوطنية تنقسم المنطقة المحمية إلى ثلاث مناطق، محمية طبيعية أساسية بحوالي 30٪ من المساحة الإجمالية، ومنطقة رعي مُدارة بحوالي 30٪ من المساحة الإجمالية، ومحمية صيد أوسع خاضعة للمراقبة "دون صيد" بحوالي 40٪ من المساحة المحمية.
موقع ومزايا محمية عروق بني معارض
تقع محمية عروق بني معارض على الحافة الغربية للصحراء الرملية الكبرى في الربع الخالي جنوب جرف طويق الكبير داخل منطقتي الرياض ونجران على بُعد 700 كيلومتر جنوب العاصمة الرياض.
أقرب مدينة كبيرة للمحمية هي مدينة نجران الواقعة على بُعد 300 كيلومتر إلى الجنوب منها، كما تقع العديد من البلدات والقرى المجاورة على مسافة بعيدة إلى الشمال الغربي من المنطقة بما في ذلك السليل ووادي الدواسر وسلطانة.
وتتميز المحمية بتنوع أنظمتها البيئية التي توفّر موائل طبيعية حيوية تجعلها مثالاً استثنائيًّا للتطور البيئي والإحيائي المستمر لمجتمعات النباتات والحيوانات الفطرية.
وتضم المحمية أكثر من 120 نوعًا من النباتات البرية الأصيلة، إضافةً إلى الحيوانات الفطرية المهددة بالانقراض التي تعيش في واحدة من أقسى البيئات على الكوكب الأرض، بما في ذلك القطيع الوحيد الحر من المها العربي في العالم، والظباء الجبلية، والرملية.
وتستوفي محمية "عروق بني معارض" معايير التراث العالمي بوصفها صحراء رملية تشكل منظرًا بانوراميًّا استثنائيًا على مستوى العالم لرمال صحراء الربع الخالي، مع بعض أكبر الكثبان الخطية المعقدة في العالم، وتجسد قيمة عالمية رائعة.
وتحتوي على مجموعة من الموائل الطبيعية واسعة النطاق والحيوية لبقاء الأنواع الرئيسة، وتشمل خمس مجموعات فرعية من النظم البيئية الوطنية في المملكة، وهو أمرٌ حيوي للحفاظ على التنوع الإحيائي في الموقع.
وتتميز المحمية بتنوع نُظمها البيئية التي توفر موائل طبيعية حيوية، ما يجعل منها مثالاً استثنائيًّا للتطور البيئي والإحيائي المستمر لمجتمعات النباتات والحيوانات الفطرية؛ لتكون بذلك أغنى منطقةٍ معروفةٍ من الناحية الإحيائية في الربع الخالي، حيث يلتقي أكبر بحر رملي في العالم مع ثاني أطول سلسلة جبلية في الجزيرة العربية؛ لتشكل لوحة طبيعية فريدة وثراء في التنوع رغم صعوبة المناخ.
ومن أكثر النباتات شيوعًا فيها الغضى والأثموم وأشجار الطلح والبان والحرمل والطّرف والعشر.
ومن أهم الحيوانات الموجودة في المحميّة الذّئب والقطّ الرّملي والثعلب الرّملي والضبع المخطط والوبر والأرنب البري، ومن الطّيور الحبارى والقطا والحجل والصّرد الرّمادي والرّخمة المصريّة وعدة أنواع من القنابر وأنواع عديدة من الزّواحف منها الضّب والورل.
اقرأ أيضًا:"فورسيزونز".. الضيافة في أبهى صورة بكل دول العالم
محمية عروق بني معارض.. موطن المها
وتعد المحميّة آخر المواطن في الجزيرة العربية التّي شوهد فيها المها العربي عام 1979م، كما أن النّعام العربي وظبي الرّيم وظبي العفري والوعل كانت موجودة سابقًا في المنطقة.
وتم تنفيذ برنامج إعادة توطين المها وظباء الرّيم والإدمي في المحميّة بنجاح خلال عامي 1995م، 1996م، وقد تأقلمت تلك الحيوانات وتكاثرت طبيعيًا في بيئة المحمية وتتنامى بشكل مستمرّ.
وفي محاولة لإعادة المحمية لسابق عهدها؛ أطلقت المملكة العربية السعودية مشروعًا لتربية المها العربي وقطعان غزال الريم العربي وغزال الجبل، ثم إعادة هذه الحيوانات إلى مسكنها الطبيعي في محمية بني معارض، وبين عامي 1995 و2013 أُطلق نحو 149 من المها العربي في المحمية.
وفي يناير 2022، أطلق الأمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد، أمير منطقة نجران، 40 من المها الوضيحي و10 ظباء في محمية عروق بني معارض.
وحينها، أوضح الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، محمد علي قربان، أن عملية إطلاق الكائنات الفطرية، تأتي ضمن البرنامج الوطني لإكثار وإعادة توطين الأنواع المحلية المهددة بالانقراض في المحميات والمتنزهات الوطنية في جميع مناطق المملكة، تعزيزًا للمجموعات المطلقة في المحمية بهدف إثراء التنوع الإحيائي في بيئاتها الطبيعية وتعزيز التوازن البيئي، وترسيخ مفهوم الاستدامة البيئية، والإسهام في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، لبناء بيئة إيجابية جاذبة وتحسين مستوى جودة الحياة، بما يتماشى مع الجهود العالمية للحفاظ على البيئة.
وأكد أن محمية عروق بني معارض من المناطق المهمة التي تمتلك مقومات طبيعية ثرية، مشيرًا إلى أن جميع عمليات الإطلاق تتم وفقًا لدراسات علمية، للتأكد من ملاءمة المكان لتأقلم الكائنات فيها.
عروق بني معارض.. محمية ذكية
تعد محمية "عروق بني معارض" أول محمية نموذجية في المملكة تطبق تقنيات المراقبة الحديثة بطائرات التحكم عن بعد "الدرونز"، واستخدامها في إجراء المسوحات البيئية ودراسة الحياة الفطرية بالمحمية.
وعلى الرغم من البيئة الصحراوية للمحمية فإنّها تتمتع بأجواء شتوية رائعة؛ وبها العديد من الأنشطة والفعاليات التي يتمتع بها زوارها بخلاف الاستمتاع والاستجمام بجمالها الطبيعي.
ويوجد في المحمية، العديد من الأنشطة السياحية والترفيهية، من بينها رحلات السفاري بالسيارات عبر مسارات محددة، ومنطاد الهواء الساخن، والتخييم، والتزلج على الكثبان الرملية، وركوب الجمال، ورصد النجوم بالتليسكوب، وغيرها من التجارب والأنشطة.
وقد تصل درجات الحرارة في الشتاء، إلى 7 وحتى تحت الصفر، أما في فصل الصيف فالمناخ حار، وقد ترتفع درجات الحرارة إلى 40 أو 50 درجة مئوية، بينما يندر هطول الأمطار على المنطقة، وتشهد المنطقة هبوب العواصف الرملية على مدار العام.