الآثار التاريخية في السعودية.. تتناثر في أرجائها لتزيدها سحرًا
حبا الله المملكة العربية السعودية بكل مقومات الجذب السياحي، فعلى امتداد مساحتها الشاسعة التي تزيد على مليوني كيلو متر مربع، تمتد معالمها وآثارها التاريخية، وتتناثر كحبات اللؤلؤ النفيس في كل أرجائها لتزيدها سحرًا، بينما تحكي قصصًا لا تنتهي وهي تتوغل في عمق التاريخ الذي يسكنها بسلاسة.
لا يحدها تنوع العصور والحقب الحضارية التي مرت على شبه الجزيرة العربية، وعلى تلك البقعة الخالدة التي قُدر لها أن تتربع في القلب من جزيرة العرب، حاملة مشاعل الريادة ومتلحفة بأصالة وعبق الماضي الخالد.
والحقيقة أن المملكة بما تمتلكه وتضمه أرضها من آثار تاريخية متنوعة، لعصور ما قبل التاريخ وفجره وما قبل الإسلام ثم التاريخ الإسلامي، تقدم لزائرها سجلاً حيًّا لتاريخ الحضارة في المنطقة، ومتعة سياحية وثقافية غير مسبوقة.
وإذا خصصنا الحديث هنا حول الآثار التاريخية في المملكة، فإنه سيصعب حصر كل ما في المملكة من معالم ومزارات شاهدة على كل هذه الحضارات والعصور المختلفة التي مرت بها، والتي سجلت منظمة اليونسكو بعض مواقعها بين سجلات التراث الإنساني العالمي، حيث المدائن والممالك والمواقع العتيقة والمتوغلة في القدم، والمباني والقلاع الفريدة والنقوش النادرة، وذلك الإرث التاريخي الضخم الذي يعود لآلاف السنين.
وحسب المؤرخين فقد مرت على المملكة الكثير من الأحداث التاريخية والحضارات قبل أن تنيرها رسالة الإسلام، كما ظلت طريقًا منتعشًا بالتفاعلات وزخم الحياة لقوافل الحج والتجارة التي تركت بصماتها الخاصة في كل جزء سارت فيه مواكبها.
اقرأ أيضًا: انطلاق سباق "لهيب العلا" بمشاركة 200 عداء
وفي السطور التالية نستعرض بعض أبرز هذه الآثار التاريخية في المملكة، وهي الأماكن التي لا يمكن أن تكتمل رحلتك إلى شبه الجزيرة العربية دون زيارتها.
الحجر
يُعد الحجر أحد أقدم مواقع الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، فالمدينة الحجرية الواقعة في محافظة العلا شمال غربي المدينة المنورة، على الطريق الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين والشام ومصر، هي أول المواقع السعودية التي سجلتها منظمة اليونسكو ضمن قائمتها للتراث العالمي، نظرًا لأهميتها التراثية وشهرتها التاريخية، إذ تضم مدائن صالح آثارًا تعود إلى حضارة الأنباط، مع بنايات متنوعة لقلاع وسدود ومعابد، بالإضافة إلى عدد ضخم من النقوش التي لم تُفك رموزها الكاملة حتى الآن، والتي يعود بعضها إلى أكثر من 1700 عام قبل الميلاد، فيما خطت النقوش بالثمودية والنبطية والليحانية والكوفية، إضافة إلى وجود بعض آثار العثمانيين هناك كمحطة وسكة قطار الحجاز، وعدد من الآثار الإسلامية الأخرى.
ويضم الحجر نحو 153 واجهة صخرية منحوتة، وتعد أكبر مستوطنة لمملكة الأنباط بعد البتراء الأردنية.
كما تشتهر المدينة بمقابرها النبطية المنحوتة في الحجر والبالغ عددها ١٣١ قبرًا، و45 قبرًا منها تحمل نقوشًا باللغة الآرامية، ضمن 851 موقعًا ثقافيًّا وطبيعيًّا هناك تضم أهم وأقدم الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، التي تشهد على حضارة عريقة ضاربة في جذور التاريخ، تمنح زائرها تجربة لا مثيل لها.
اقرأ أيضًا: تفاصيل إطلاق منتجع "أزوليك" الفاخر في العلا
الدرعية التاريخية
الدرعية هي العاصمة الأولى للدولة السعودية في بدايتها حتى عام 1824، وبطبيعة الحال فإنها تضم العديد من الأحياء والقصور والحصون الأثرية والمباني التاريخية الرائعة، والتي استحقت أن يتوج بعضها كحي الطريف الذي أسس على الطراز المعماري النجدي في القرن الخامس عشر، ليصبح ثاني معلم سعودي بين قائمة اليونسكو لمواقع التراث العمراني العالمي، كما اختيرت الدرعية عاصمة للثقافة العربية لعام 2030.
وقد حظيت الدرعية برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، فتطورت بشكل مذهل إذ أضيئت أحياؤها الرائعة كحي البجيري بفعاليات مميزة.
اقرأ أيضًا: السياحة في السعودية.. رحلة في جزيرة كدمبل
وكذلك حي سمحان ومبانيه الطينية الأثرية المبدعة، وحي غصيبة أكبر أحياء الدرعية وكان له دور كبير في حماية قوافل الحج والتجارة قديمًا، كنماذج حية تجسد الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية.
وتتميز الدرعية بآثارها الفريدة وطرزها المعمارية وتشكيلاتها الهندسية المميزة، حيث الأبراج التاريخية كالمغيصيبي والقميرية، ومسجد الظهيرة، وبرج فيصل، وسور قليقل، وقصر الأمير سعد بن سعود، وقصر سلوى الذي جرى توظيف إطلالته الخارجية لعروض الصوت والضوء والوسائط المتعددة، لعرض قصة الدولة السعودية الأولى.
منطقة جدة
يعود إرث هذه المنطقة التاريخية إلى أكثر من 500 عام، ومن ثم فإنها تضم الكثير من المواقع الأثرية والأبنية ذات التصاميم المعمارية الفريدة واللافتة، كالحارات والمساجد والأسواق التي لا تزال قائمة منذ نشأة المدينة، التي ترتبط تسمياتها بالكثير من القصص والحكايات والأسرار القديمة.
والأمثلة كثيرة كحارة المظلوم وحارة الشام وحارة اليمن، ومسجد الباشا ومسجد عثمان بن عفان ومسجد الشافعي، وسوق العلوي، وسوق قابل، إضافة إلى سورها التاريخي، وأهميتها بوصفها بوابة رئيسة للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، إذ تعد ضمن أهم وأبرز الآثار التاريخية في المملكة.
اقرأ أيضًا:أفضل الأماكن السياحية في الجبيل.. مدينة اللؤلؤ العريقة
كما تعد جدة نموذجًا للمدن الساحلية الرائعة على البحر الأحمر، قبل أن تسجلها منظمة اليونسكو ثالث مواقع التراث العالمي الإنساني بالمملكة، إذ يعود تاريخ المنطقة إلى ما قبل الإسلام، إذ تحتل مكانة مميزة بين الحضارات المختلفة، فيما كانت نقطة التحول الأبرز لها في بدايات العصر الإسلامي، عندما اتخذها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ميناء لمكة المكرمة، ومن ثم تطورت بشكل مذهل حتى أصبحت ضمن أبرز المناطق التاريخية والحضارية التي تتباهى بالآثار الإسلامية في المملكة العربية السعودية.
نقوش حائل
تعد منطقة حائل من المناطق الأهم لتجمع الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، وهي المنطقة التي وضعتها اليونسكو بين أبرز مناطق العالم للتراث الإنساني.
فهنا تلخص النقوش الصخرية التي تعود لأكثر من 10 آلاف عام قبل الميلاد تاريخ الحضارة الإنسانية، مع إضاءات فريدة تروي قصص وحكايات حول سكان هذه المناطق القديمة وحياة الإنسان وآثار ما قبل التاريخ، حيث تحمل الجبال النقوش التاريخية التي تعود للعصر الحجري مع آثار تمثل ثلاث فترات زمنية مختلفة هي الثمودية والعربية والإسلامية، في مناطق راطا والمنجور وجبة.
اقرأ أيضًا: مدينة حائل.. قوس جبل السمراء والعاصمة الإدارية والإقليمية للمنطقة
وتتميز هذه النقوش بانتشارها على واجهات الجبال الموجودة في جميع أنحاء المنطقة، مشيرة إلى التعددية الثقافية والفن الغني الذي ملأ تلك اللوحات، حيث الحيوانات غير المنحوتة والأشخاص الذين يمارسون حياتهم اليومية.
وستنقلك هذه الصور إلى الماضي البعيد لتشاهد كيف كانت الحياة آنذاك، تتخللها مشاهد تفصيلية تعود لأكثر من 5500 عام قبل الميلاد، من مستوطنات وتجمعات مختلفة وبشر قضوا أعمارهم بين أحجار هذه المنطقة الساحرة، التي كانت ذات يوم أرضًا عشبية غنية بالسافانا، قبل أن تهجرها الجموع لتختفي بين أحجارها الكثير من الأسرار التي لم تكشف عنها بعد.
واحة الأحساء
تعد واحة الأحساء من أكبر وأشهر واحات النخيل الطبيعية في العالم، إذ تضم أكثر من 3 ملايين نخلة منتجة لأجود أنواع التمور، كما تتباهى بموقع أهّلها لأن تؤدي دورًا مهمًا في تاريخ المنطقة، حيث دعمت الصلات الحضارية مع بلاد الرافدين ومصر والشام.
وفي المجتمع التاريخي للأحساء تبرز الهفوف ضمن المناطق الأولى المأهولة بالسكان بالربع الخالي. ولعل كل ذلك كان سببًا أوليًا لضمها لقائمة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي، بوصفها خامس موقع من مواقع الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية ينضم لهذه القائمة.
اقرأ أيضًا:منتجع «هابيتاس العلا».. مزيج الطبيعة الخلابة والروائع البشرية
وتضم الهفوف سوق القيصرية الذي تأسس عام 1822، ولا يزال إلى يومنا هذا أقدم أسواق المملكة العربية السعودية، بينما تتباهى المدينة بالشوارع القديمة والعديد من المعالم بما في ذلك بيت البيعة، ومسجد القب، مع التاريخ المثير للمدينة ومنازلها، والتي تجذب الزائر لاستكشافها بما تعكسه من ماضٍ ساحر، يتجلى حتى في شكل أبوابها ونوافذها الخشبية.
العلا التاريخية
تعد العلا واحدة من أكثر مناطق تمركز الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية شهرة، وهي تمثل واحة في الصحراء الممتدة شمال غربي المدينة المنورة، على طريق البخور التاريخي للتجارة بين الهند وشبه الجزيرة العربية، بينما لا تزال تحتفظ بسحرها التراثي المميز.
إذ يمكن للزوار الاستمتاع بمشاهدة بعض أكثر البيوت التاريخية العتيقة المحفوظة حول العالم، وهي المنازل المبنية من الطوب اللبن والحجر والتي يعتقد علماء الآثار أن نحو 800 مبنى منها يعود تاريخ إنشائه لأكثر من 2000 عام مضت، بينما يعرض متحف العلا الفريد رؤية موسعة لتاريخ المنطقة وطبيعتها وثقافتها المميزة.
وتعود تسمية المدينة إلى النخيل الشاهق الذي يطل على عيني ماء بين جبلين كبيرين، وتعد العلا العاصمة الثانية تاريخيًا لمملكة الأنباط القديمة بعد مدينة البتراء. وقد تطورت خلال السنوات الماضية بشكل مذهل، إذ ضمت العديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية التي تقام فيها بين بعض أهم الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية.
قلعة تبوك
في مدينة تبوك شمال شرقي المملكة العربية السعودية تقع قلعة تبوك التي أنشئت في العصر العباسي، والتي أعيد ترميمها على مدار القرون مرارًا، مرورًا بالعصر العثماني في عهد السلطان سليمان القانوني، وصولاً للعصر الحديث حيث تحولت أخيرًا إلى متحف يضم العديد من الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية.
اقرأ أيضًا: مشاهد ساحرة لـ«جبال اللوز» في تبوك (فيديو)
وبالرغم من مرور الكثير من التغيرات والأحداث لا تزال القلعة ترتبط بالعصر الإسلامي الأول حيث غزوة تبوك، بينما تتميز بطرازها المعماري الرائع، إذ تتكون من دورين يحتوي الأول على فناء مكشوف وعدد من الحجرات بالإضافة إلى مسجد وبئر، بينما يؤدي الدرج إلى الدور العلوي الذي يحتوي على مسجد مكشوف يعلو المسجد السفلي وغرف ودرج يؤدي إلى الأبراج التي تستخدم للحراسة والمراقبة، بينما يزينها كتابة زخرفية مرسومة على بلاطات خزفية فريدة معلقة على الباب الرئيس للقلعة التي عدت لقرون إحدى محطات الحج الرئيسة على الطريق القديم الواصل ما بين الشام والمدينة المنورة.
قصر المصمك
أنشئ هذا الحصن الذي يعد ضمن أهم ثمانية مواقع تضم الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية قبل نحو 158 عامًا، حيث أقيم في الركن الشمالي الشرقي للرياض القديمة قرب سورها القديم.
وهو الحصن والقصر الذي شهد كفاح الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية الحديثة عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، وتعود تسمية القصر بهذا الاسم نظرًا لسماكة جدرانه وبنائه القوي من الطوب الطيني، الذي أهّله لاستخدامات متعددة على مدار تاريخه، إذ استخدم مقرًا للحكم وحصنًا ومستودعًا للأسلحة والذخيرة وغيرها من الاستخدامات، إلى أن تحول إلى أحد أبرز المعالم التاريخية بالمملكة.
ويقدم متحف القصر عرضًا متحفيًا فريدًا، مستعينًا بمواد سمعية وبصرية متميزة، بينما يبرز خرائط وصورًا متعاقبة للمملكة ومسيرتها حتى التوحد الكامل، مع عرض المقتنيات والقطع الأثرية التاريخية بين جدرانه وأبراجه وأبنيته التي تشتمل على مسجد ومجلس وبئر وثلاث وحدات سكنية وفناء كبير، تباهت بعد ترميمها بجمالها الأصيل وما تحمله من عبق ومعان رائعة للكفاح من أجل الوحدة وإعلاء شأن الدولة والمجتمع.
قرية الأخدود
تقع قرية الأخدود في منطقة نجران جنوب المملكة العربية السعودية، وهي تضم بقايا أسوار تلك القرية القديمة.
وقد جرى اكتشاف نقوش ورسومات تعود إلى قرون طويلة من الزمن، كما تزخر المنطقة بأكبر عدد من الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، التي يعود بعضها لنحو ألفي عام، وبينها منظر العظام الهشة والرماد الكثيف الشاهد على محرقة الأخدود الشهيرة المذكورة في القرآن الكريم، بينما تتجلى بقايا النقوش والرسومات المنحوتة على الصخور، والرحى العملاقة وبقايا المسجد، فيما يجاورها قصر الإمارة التاريخي، وآبار حمى، والعديد من القرى التراثية المنتشرة على ضفاف وادي نجران.
اقرأ أيضًا:«عروس الجبال».. أهم وأجمل الأماكن السياحية في «أبها»
آبار حمى
كانت هذه البقعة التي تقع بين نجران ووادي الدواسر ممرًا لطرق القوافل في الجزيرة العربية، التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وفجر التاريخ القديم.
ومن ثم فقد تميزت المنطقة بانتشار الرسوم الصخرية على الجبال، إذ يوجد بها أكثر من 13 موقعًا يحتوي على رسوم لمناظر الرعي والصيد في تلك الفترة، والأشكال الآدمية وأدوات الحرب والموسيقى.
كما تضم عددًا من التشكيلات الحجرية والمقابر الركامية والآبار التي ساهمت في صنع هذا المعلم الأثري التاريخي، الذي تشكل من 6 آبار صخرية عدت من أهم المواقع والآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، وبالتأكيد في نجران إذ كانت تمر من خلالها القوافل التجارية القادمة من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها للتزود بالماء خلال الترحال، فساهمت في صنع حياة وتاريخ لا يمحى.
قرية الفاو
كانت هذه القرية التي تقع في الجنوب الغربي لمدينة الرياض حاليًا عاصمة مملكة كندة الأولى منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الرابع الميلادي، وتعد من أهم مواقع الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، حيث كشفت الحفائر الأثرية عن وجود مدينة متكاملة بتنظيمها ومرافقها المعمارية الفريدة التي تمنح صورة عن المدن العربية القديمة قبل الإسلام.
اقرأ أيضًا: لقطات خلابة لجزيرة أم شجيرات في تبوك (فيديو)
وتقع القرية على الطريق التجاري القديم المعروف بطريق نجران الجرهاء، في مسار وادي الدواسر جنوبًا، ممتدة إلى سلسلة جبال طويق وإلى شمال شبه الجزيرة العربية حيث العراق وبلاد الشام.
وقد كانت سابقًا ملتقى لقوافل شمال وشرق شبه الجزيرة العربية، وتميزت بسبب موقعها هذا ومعالمها الأثرية الأصيلة كالأسوار وشبكات الطرق والبيوت والأسواق والمعابد والمقابر والآبار.
قرية رجال ألمع
تقع هذه القرية في منطقة عسير جنوب غرب المملكة، وتبعد عن مدينة أبها حوالي 52 كيلومترًا باتجاه الغرب، وتعد إحدى الوجهات البارزة بين الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، نظرًا لموقعها الساحر ومبانيها الفريدة، حيث تتكون من نحو 60 قصرًا أو حصنًا مشيدة من الحجارة والطين والأخشاب، بطريقة مبدعة تجمع بين النواحي الجمالية والإتقان والاستغلال الأمثل للمساحات، بالإضافة إلى أبراجها المرصعة بحجر الكوارتز الأبيض.
ظلت القرية تربط بين القادمين من اليمن وبلاد الشام مرورًا بمكة المكرمة والمدينة المنورة، ما جعلها مركزًا تجاريًا مهمًا، ولذلك شهدت ثورة بنائية نتج عنها عدة قصور رائعة، كقصر الحاكم والدرعية ومعجب وجابر. كما تضم القرية متحفًا يضم العديد من القطع التراثية القديمة، التي تحكي حياة سكان القرية عبر التاريخ.
اقرأ أيضًا:السياحة في الطائف... أشهر المعالم السياحية التي عليك زيارتها
مغاير شعيب
كانت مغاير شعيب الواقعة في منطقة تبوك شمال غربي السعودية من المناطق الزراعية خلال الفترة الممتدة من عام 100 قبل الميلاد حتى عام 550 للميلاد، إلى أن أصيبت بالتصحر ومن ثم هجرها سكانها بحثًا عن الماء والغذاء.
ورغم ذلك لا تزال هذه المدائن شاهدة على ما تميزت به حضارة العرب الأنباط، حيث الكهوف المنحوتة داخل الجبال والزخارف الهندسية الحرفية المتفردة، التي تشهد على عظمة تلك الحضارات الأصيلة التي استوطنت الجزيرة العربية، تاركة لنا بعض أبرز الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية.
القلعة العثمانية بفرسان
على الرغم من صغر حجم هذه القلعة مقارنة بباقي القلاع في المملكة العربية السعودية، فإنها تعد موقعًا أثريًا مهمًا وشهيرًا، يشهد على الوجود العسكري العثماني بالجزيرة في أوائل القرن العشرين، إذ يتمتع ذلك الحصن الأثري على جزيرة فرسان برؤية بانورامية من ساحل المملكة، بينما يتباهى بروعة التصميم والمعمار.
اتخذت القلعة الشكل المستطيل ذا المدخل الواحد، بينما اشتملت على ساحة وشرفة وعدد قليل من الغرف الصغيرة، وغرفة واحدة ضخمة للمدفع وغرفة مجاورة توفر الوصول إلى السطح، فيما جرى تزويد القلعة ببئر لمدها بالمياه.
اقرأ أيضًا: لقطات ساحرة للطبيعة الخلابة بتبوك لن تصدق وجودها في السعودية (فيديو)
كل ذلك في مساحة محدودة أبرزت روعة وإبداع الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، الذي لا يتوقف عند حدود هذه المواقع التي تناولناها خلال السطور السابقة، فالقائمة كبيرة لدرجة أنه لا يسعنا حصرها في موضوع واحد، حيث تضم على سبيل المثال وليس الحصر أماكن كثيرة، كأبها، ومتحف تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام، والمتحف الوطني، وقصر الحمراء، وعين زبيدة، وقرية ذي العين، وغيرها الكثير من الآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية، والأماكن الجاذبة التي تنتظر الباحثين عن عبق التاريخ والثقافة العربية.
والحقيقة أن أي حديث عن الأماكن والآثار التاريخية في المملكة العربية السعودية لن يكون منصفًا، لأسباب كثيرة لعل من أهمها أصالة هذه الأرض الممتدة على مساحة شاسعة من الجزيرة العربية، التي احتضنت على مدار التاريخ حضارات عديدة وممالك تلو الأخرى، بينما تناثرت على خارطتها مئات إن لم يكن آلاف المناطق الآثرية التي لا يزال بعضها في انتظار الاكتشاف.
فهنا سيجد الباحث والزائر آثار ما قبل التاريخ، بينما ستدهشك آثار فجر التاريخ والآثار الإسلامية، وصولاً إلى الآثار العثمانية، فيما ستخطف أنفاسه شواهد بناء الدولة السعودية الحديثة، وصولاً إلى خطواتها الواثقة لتحقيق رؤيتها المستقبلية الشاملة والأكثر طموحًا في ظل قيادة واعية تعرف بدقة ماذا تفعل وماذا تريد لشعبها ومستقبلها.