رغم كثرة الأكل.. لماذا لا تشبع أحيانًا؟
قِلَّة النوم، والتوتر المستمر من أبرز الأسباب وراء استمرار إحساس الجوع طوال اليوم رغم الأكل، بل الأسوأ أنَّ مثل هذه المشكلات قد تزيد النهم تجاه الطعام، ما يُنذِر بزيادة الوزن، والتعرُّض لمشكلاتٍ صحية لا حصر لها، وبين هرمونَي الجوع والشبع تتأرجح رغبة المرء في الأكل من عدمه، فكيف تَحفَظ التوازن بينهما؟
الجوع وطاقة الجسم
الجوع هو إحساسٌ يُعلِمك به الجسم حاجته إلى الطعام، وقد تشرع المعدة في إصدار أصوات، يُفضِي تجاهلها إلى الجوع وانحدار طاقة الجسم.
عندما يحتاج الجسم إلى الطعام، يُفرَز هرمون الغريلين "هرمون الجوع"، ما يجعل المرء بحاجةٍ إلى الأكل، أمَّا بعد الأكل، يُفرَز هرمون اللبتين، الذي يُشعِرُك بالشبع والامتلاء.
أنواع الجوع
لا يحدث الجوع فقط عند الحاجة إلى الطعام، بل هو أنواعٌ مختلفة، مثل:
1- الجوع الجسدي
هو الجوع الطبيعي الذي يشعر به أي إنسانٍ في حاجةٍ إلى الطعام؛ إذ تزداد مستويات هرمون الغريلين في الدم، ويظل المرء بحاجةٍ إلى طعامٍ لإمداد الجسم بالطاقة.
2- الجوع الاستباقي
نوعٌ من الجوع يحدث عندما يُتوقَّع وجود طعامٍ، حتى لو لم يكن الجسم بحاجةٍ حقيقية إلى الطعام الآن، فلو كان المرء يتناول غداءه دومًا وقت الظهر، فقد يشعر بآلام الجوع مع اقتراب ذلك الوقت، حتى لو لم يكن جائعًا فعلاً.
3- الجوع العاطفي
مررتَ بيومٍ شاقٍ، ثُمَّ وجدت نفسك تشتهي طعامًا مالحًا، أو تمرّ بأزمة نفسية، وتجد الحل في تناول كمية وفيرة من الشيكولاتة.
لعلَّك انتبهت عزيزي القارئ أنَّ هذا الجوع يُفضِي إلى اشتهاء لون مُعيَّن من الطعام، ومن الصعب ضبط هذه الشهية، خاصةً إذا تزامنت مع الجوع الجسدي.
جديرٌ بالذكر أنَّ الجوع العاطفي ينشط نتيجة التوتر، الحزن، أو القلق.
لماذا لا تشبع رغم الأكل؟
قد لا يشبع المرء رغم الأكل؛ لأي من الأسباب الآتية:
1- أنت مدين لجسمك بنومٍ
عندما يحتاج الجسم إلى النوم، ثُمَّ تتراجع عدد ساعات النوم إلى ما هو أقل من احتياج الجسم، يبدأ الشعور بالتعب، ومعه قد يشعر الإنسان بجوعٍ أيضًا أكثر من المُعتاد.
ليس هناك سرٌ؛ إذ إنه مع قلة النوم، تزداد مستويات الغريلين "هرمون الجوع"، وتتراجع مستويات اللبتين "هرمون الشبع"، وقد بيَّنت الأبحاث أنَّ زيادة الغريلين، قد تُفضِي إلى اشتهاء الطعام كثيرًا.
أيضًا، فإنَّ قلة النوم، قد تُؤثِّر في إنتاج الببتيد المُشابه للجلوكاجون 1 "GLP-1"، وهو يُفرَز عادةً بعد الأكل؛ لضبط مستويات السكر في الدم، والإحساس بالشبع؛ لذا فإنَّ تأثّر هذا الببتيد أو انخفاض مستوياته إثر قلة النوم، ستزيد الشعور بالجوع.
وقد بيَّن بحثٌ أنَّ الأفراد الذين قضوا وقتًا في السرير أقل من المُعتاد بنسبة 33%، زاد إحساس الجوع لديهم، ونهمهم تجاه الطعام، إضافةً إلى تناولهم مزيدًا من الشوكولاته، بل كميات كبيرة من الطعام في اليوم التالي؛ لذا فتأثير قلة النوم غير بعيد، بل يظهر في اليوم التالي وفق هذه الدراسة.
اقرأ أيضًا:دون حميات قاسية.. أفضل أنواع الأكل الصحي لأجساد الرجال
2- غياب التوازن بين العناصر الغذائية
ثلاث مُغذِّيات كُبرى هي ما يحتاج إليه الجسم؛ الكربوهيدرات، الدهون، والبروتينات، وعدم التوازن بينها في الوجبات، يبقِيك جائعًا.
فمثلاً إذا تناول المرء وجبة غنية بالكربوهيدرات، فستبلغ مستويات السكر في الدم ذروتها، ثُمّ تنحدر سريعًا، ما يُسبِّب الجوع، كما أنَّ الوجبات الخالية من الدهون الصحية، تزيد شهيتك تجاه السكريات.
وقد بيَّنت دراسةٌ أنَّ الوجبات الفقيرة في الدهون الصحية، قد يعقبها جوع أشدّ، مقارنةً مع الوجبات الفقيرة بالكربوهيدرات.
بينما يُساعِد تناول الأطعمة المليئة بالبروتينات على الشعور بالشبع على مدار اليوم، ومِنْ ثَمَّ ينبغي مراعاة التوازن بين العناصر الغذائية في الوجبة بأن تحتوي على قدرٍ مناسبٍ من الكربوهيدرات، الدهون الصحية، والبروتينات.
3- الكربوهيدرات المُكرَّرة
مهما أكثرت من تناول الكربوهيدرات المُكرَّرة، فلن تُساعِد على الشبع؛ لأنَّها خالية من الألياف والعناصر الغذائية المُشبِعة، كما أنَّها تزيد سكر الدم سريعًا، ما يُفضِي إلى انخفاضه أيضًا بسرعة، ومِنْ ثَمَّ الجوع.
من أمثلة الأطعمة المحتوية على الكربوهيدرات المُكرَّرة:
- الخبز الأبيض.
- الدقيق الأبيض.
- المعكرونة.
- الحلوى.
- المعجنات.
يُفضَّل الاستعاضة عن الكربوهيدرات المُكرَّرة بالكربوهيدرات المُعقَّدة؛ للشبع، مثل:
- الفواكه والخضراوات.
- البقوليات.
- الشوفان.
- الأرز البني.
- الحبوب الكاملة.
4- انهيار مستويات السكر في الدم
تنهار مستويات السكر في الدم عند تفويت وجبة رئيسة عادةً، لكن الأمر نفسه قد يحدث أيضًا بعد بضع ساعاتٍ من تناول وجبة ما.
أيضًا، قد تتراجع مستويات السكر في الدم سريعًا بعد تناول وجبةٍ مليئةٍ بالكربوهيدرات، أو التوتر، أو بعد أداء نشاطٍ رياضي.
ولتفادي هذه المشكلة، يُنصَح بتناول الطعام على فتراتٍ منتظمة؛ للحفاظ على ثبات سكر الدم، وتجنّب الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات، وكذلك الكربوهيدرات المُكرَّرة.
اقرأ أيضًا:أيهما أفضل.. أكل الفواكه أم شُرب العصائر؟
5- الجفاف
ربَّما لا تكون جائعًا، وإنَّما عطشًا فقط، فالجسم لا يُميِّز كثيرًا بين الجوع والعطش، كما أنَّ الطعام يُوفِّر له قدرًا من الماء وإن كان أقل ممَّا يتوفَّر مع شرب الماء مباشرةً.
يُساعِد شُرب الماء قبل الأكل على تقليل قدر الطعام المُتناوَل، وتعزيز الشبع، مقارنةً بمن لا يشربون الماء مع الأكل أو قبله.
لذا أبقِ زجاجة مياه قريبةً منك باستمرار، واشرب الماء من وقتٍ لآخر، فالرجل يحتاج إلى نحو 15.5 كوب من الماء كل يوم "3.7 لتر"، أو أكثر من ذلك في الطقس الحار، أو مع النشاط البدني الشاق.
6- التوتر
يجنح بعضنا إلى تناول وجبة خفيفة سُكرية عند التوتر؛ لتحسين الحالة النفسية، لكن إن صار التوتر مزمنًا، فقد تُعانِي جوعًا مزمنًا بسببه.
بيَّن بحثٌ أنَّ مستويات هرمون اللبتين "هرمون الشبع" تتراجع بعد التوتر الغامر، بينما تزداد مستويات هرمون الغريلين "هرمون الجوع".
أضِف إلى ذلك أنَّ التوتر يزيد مستويات الكورتيزول في الدم، وهو هرمونٌ يُعزِّز الشهية، ويزيد النهم تجاه الطعام، بل قد يزيده تحديدًا تجاه الطعام غير الصحي، كالسكريات، الأطعمة المالحة، أو الدهنية.
ولا تغفل كذلك عن أنَّ الحرمان من النوم يُعزِّز التوتر، ما يُسهِم في استمرار إحساس الجوع رغم الأكل، ومِنْ ثَمَّ يُنصَح دومًا بتجنُّب التوتر ما قدرتَ على ذلك.
7- التشتُّت في أثناء الأكل
من المُمل الانهماك في تناول الطعام دون النظر إلى شاشة التلفاز أو الهاتف الجوال، أليس كذلك؟ لسوء الحظ أنَّ ذلك يُشتِّت المرء عن الطعام، لدرجة أنَّه قد لا يلحظ امتلاء بطنه وشبعه.
كشفَ بحثٌ عن أنَّ التشتّت في أثناء الأكل، يُؤدِّي إلى كثرة الأكل وقت التشتُّت، ولاحقًا خلال باقي اليوم أيضًا.
ثمّة عوامل أخرى مُشتِّتة، ومُوتِّرة في نفس الوقت، كتناول الطعام خلال الرد على البريد الإلكتروني، أو حال الانشغال في عملٍ ما، فهذا التوتر يُسهِم في الجوع أيضًا رغم أنَّك أكلتَ لتوّك.
8- الأدوية
بعض الأدوية تفتح الشهية، وتزيد النهم تجاه الطعام، بل ذلك قد يكون أثرًا جانبيًا عسير تفاديه، ومن هذه الأدوية:
- مضادات الاكتئاب.
- أدوية الصرع.
- أدوية الحساسية.
- السترويدات.
- مضادات الذهان.
اقرأ أيضًا:جدول أكل صحي للحمية القاسية والمعتدلة
9- بعض الأمراض
ربَّما تنام جيدًا، ولا تتوتَّر، ولا تتناول أدويةٍ ما، وتشرب الماء بانتظامٍ، وتتناول طعامٍ صحي، ولا تُرهِق بدنك بكثرة، ومع ذلك تشعر بالجوع باستمرار، وربَّما يكون ذلك بسببٍ مرضٍ ما، مثل:
- مرض السكري من النوع الثاني.
- اضطراب القلق.
- الاكتئاب.
- فرط نشاط الغدة الدرقية.
- هبوط سكر الدم.
- داء غريفز.
ماذا تأكل كي لا تجوع؟
تُعدّ الأطعمة عالية البروتين، الألياف، والدهون الصحية، بطيئة الهضم، مُحافِظة على مستويات السكر في الدم، وتُبقِيك شبعانًا فترة معقولة، ومن بينها:
1- الأطعمة عالية البروتين
- اللحوم كالدجاج، واللحوم الحمراء.
- البيض.
- البقوليات.
- البذور والمكسرات.
- فول الصويا.
- المأكولات البحرية والأسماك.
2- الأطعمة عالية الألياف
- الحبوب الكاملة كالشوفان.
- البقوليات.
- بذور الشيا ودوَّار الشمس.
- الفواكه والخضراوات.
3- الأطعمة الغنية بدهونٍ صحية
- الأسماك الدهنية كالسلمون والسردين والماكريل.
- المكسرات.
- زيت الزيتون.
- الأفوكادو.
- بذور الشيا والكتّان.