كيف تترك الصفقة الأكبر في عالم الألعاب أثرها على بلاي ستيشن؟
لأكثر من عام ونصف العام استمرت المناقشات عن إحدى أكبر صفقات الاستحواذ في تاريخ شركات الألعاب وربما الشركات التقنية أجمع، مقابل 68.7 مليار دولار عرضت مايكروسوفت أن تستحوذ على شركة واستوديو أكتيفيجن-بليزارد.
شركة أكتيفيجن-بليزارد هي إحدى أكبر الشركات في عالم الألعاب، وتمتلك مكتبة واسعة من العناوين الكبيرة والمميزة، وفي مقدمتها تأتي سلسلة ألعاب Call Of Duty التي تقدر بمفردها بأكثر من 30 مليار دولار مع أكثر من 500 مليون نسخة مباعة منذ ظهورها للمرة الأولى.
رغم أن الصراع في ظاهره كان على صفقة الاستحواذ بأكملها، فإنّ المعارضين وقفوا أمام الصفقة تحديدًا لمنع الاستحواذ على سلسلة Call Of Duty، لأنها وبكل المقاييس ركن أساسي في عالم الألعاب الجماعية والرياضات الإلكترونية.
سوني.. المعارض الأكبر
شركة سوني المالكة لمنصة بلاي ستيشن ومجموعة من استوديوهات تطوير الألعاب كانت المعارض الأكبر لإتمام هذه الصفقة، وأمضت الفترة الماضية بأكملها تحاول منع الاستحواذ، وذلك لأنها قد تخسر الكثير من شهرتها وقوتها في عالم الألعاب إذا ما اختفت ألعاب Call Of Duty من على منصات بلاي ستيشن وأصبحت حصرية لأجهزة إكس بوكس فقط.
من أجل فهم أهمية سلسلة ألعاب Call Of Duty لمنصات بلاي ستيشن، يجب أن نعود إلى تلك المستندات التي قدمها جيم رايان الرئيس التنفيذي للشركة في محاولة لإقناع هيئة التجارة الفيدرالية بإيقاف الصفقة.
كشفت هذه المستندات عن حجم لاعبي Call Of Duty على منصة بلاي ستيشن لعام 2021، وبحسب المستندات، فإن السلسلة تمتلك أكثر من 14 مليون لاعب على أجهزة بلاي ستيشن يمضون في المتوسط 116 ساعة داخل عالم اللعبة، وقد حققت سلسلة Call of Duty مبيعات تصل إلى 1 مليار دولار على أجهزة بلاي ستيشن في عام 2021.
رغم أن هذه الأرقام تظهر الحجم الحقيقي لسلسلة Call Of Duty على منصة بلاي ستيشن، فإنّها لا تظهر الحجم الحقيقي للفوائد التي تحققها السلسلة لسوني، إذ إن الأخيرة تطلق الكثير من المعدات والملحقات وباقات الاشتراك خصيصًا لمحبي ومالكي Call of Duty، وبحسب تقارير اقتصادية نشرها الخبراء، فإن السلسلة تدر على سوني أرباحًا تتجاوز 13 مليار دولار سنويًّا.
محليًا كانت لعبة Call of Duty هي ثاني أكثر لعبة انتشارًا في السعودية والمنطقة العربية، مع كون FIFA هي اللعبة الأولى، وبحسب إحصائيات Statista، فإن 27٪ من لاعبي السعودية يفضلون التوجه إلى لعبة Call of Duty.
اعتراضات حكومية
سوني لا تستطيع بمفردها إيقاف صفقة Call of Duty، لذلك اتجهت إلى عدة هيئات حكومية دولية من أجل محاولة إيقاف هذه الصفقة، ومن ضمنها الهيئة العامة للمنافسة في السعودية، التي كانت أول من وافق على الصفقة ولم ترَ فيها أي شبهة احتكار.
المعارضة الأكبر كانت من هيئة المنافسة البريطانية والأمريكية، ولكن بعد تقديم الأدلة المناسبة والصفقات التابعة التي أثبتت أن مايكروسوفت لا تخطط لجعل اللعبة حصرية على أجهزتها فقط، فإن هذه الهيئات قررت الموافقة أخيرًا عن إتمام الصفقة وإزالة كل اعتراضها.
هذه الموافقة لم تأت دون تضحيات من مايكروسوفت، إذ قامت الأخيرة بتوقيع عقد يضمن أن تصدر اللعبة لمدة 10 أعوام قادمة على أجهزة بلاي ستيشن المختلفة وأجهزة نينتندو أيضًا التي لم تكن تصدر لها اللعبة سابقًا.
وبموجب هذا العقد، فإن مايكروسوفت لن تستطيع تحويل Call of Duty إلى لعبة حصرية لأجهزتها في الوقت الحالي وتضطر للانتظار حتى 10 أعوام قادمة.
اقرأ أيضًا:أحدث الألعاب للكمبيوتر.. مغامرات دائمة وإثارة لا تتوقف
صفقة تجارية فقط
الكثير ينظرون إلى صفقة مايكروسوفت وأكتيفيجن على أنها صفقة تمت لإحياء منصة إكس بوكس وجعلها تمتلك حصريات قادرة على مواجهة حصريات أجهزة بلاي ستيشن، ولكن الحقيقة قد تكون أبعد من ذلك.
سلسلة Call of Duty إلى جانب بقية الألعاب التي إنتقلت ملكيتها إلى مايكروسوفت هي من سلاسل الألعاب القادرة على توليد ملايين إن لم يكن مليارات الدولارات من الدخل، ومايكروسوفت قد لا تهتم بجعل سلسلة Call of Duty حصرية لأنها ستدر عليها ربحًا وفيرًا عند تركها تصدر على بقية المنصات.
التعامل مع الصفقة على أنها صفقة تجارية فقط ولا علاقة لها بحرب المنصات الدائرة هو مفتاح فهم اللغز وراء هذا الاستحواذ، إذ إن شركة مايكروسوفت أكتيفيجن كانت تعاني من الخسائر مؤخرًا، ومايكروسوفت انتهزت هذه الفرصة في تقديم عرض لا يمكن رفضه.
مكتبة ألعاب الشركة واسعة، وقد تقرر مايكروسوفت في أحد الأيام جعل أحد هذه الألعاب حصرية، ولكن الأكيد أن Call of Duty ستظل تصدر لأجهزة بلاي ستيشن في المستقبل القريب.