حرب الذكاء الاصطناعي تشتعل بين مايكروسوفت وجوجل
منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها روبوت الذكاء الاصطناعي "ChatGPT"، والجميع تحدث عن قدرات الروبوت في منافسة محركات البحث التقليدية، وكما ساعد الذكاء الاصطناعي شركة جوجل لتصبح العملاق الذي نعرفه اليوم، فإنه يهدد بالقضاء عليها أو على الأقل مساعدة شركات أخرى على منافستها.
حرب الإجابات
الذكاء الاصطناعي ليس غريبًا عن عالم محركات البحث، إذ تستخدمه الكثير من الشركات فيما يدعى خوارزمية محرك البحث، وهي خوارزمية تساعد محرك البحث على إجابة التساؤلات بدقة كبيرة وإظهار النتائج الصحيحة في مختلف عمليات البحث، وهي نوع من أنواع الذكاء الاصطناعي البدائية التي تربعت جوجل على عرشها في السنوات الماضية.
طريقة عمل روبوت "ChatGPT" ليست مختلفة كثيرًا عن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، وهو يستند إلى المفهوم ذاته، إذ تطرح سؤالاً على الروبوت وتنتظر منه الإجابة المنطقية مهما كانت، إذ يحلل الروبوت ويقرأ جميع المستندات والمواقع والنصوص المذكورة على الإنترنت حول سؤالك، ليخرج لك في النهاية بإجابة ترضيك.
10 مليارات دولار للمنافسة
هذه الطريقة رغم منافستها محركات البحث التقليدية، فإنها لا تختلف أو تبتعد عنها كثيرًا، إذ تستند إلى المفهوم ذاته، ولأن مايكروسوفت تدرك ذلك جيدًا، فقد كانت أول القافزين إلى قافلة الذكاء الاصطناعي الحديثة، واستثمرت أكثر من 10 مليارات دولار في شركة "Open AI" المطورة لذكاء "ChatGPT" ثم دمجت هذا الروبوت الثوري مع محرك البحث الخاص بها "Bing' أملاً في منافسة جوجل والتغلب عليها.
جوجل من طرفها لم تقف مكتوفة الأيادي، إذ كانت تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي الخاص بها، ولكنها لم تعلن عنه أو تجعله متاحًا للعامة إلا بعد إعلان مايكروسوفت دمج ChatGPT مع محرك بحث Bing، ولكن هل يغير الذكاء الاصطناعي قوانين اللعبة؟
اقرأ أيضًا: ما المبادئ الرئيسة التي يجب اعتمادها في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي؟
نموذج أعمال مختلف
تهديد روبوتات الذكاء الاصطناعي لا يقف عند محركات البحث فقط، بل يمتد إلى جميع أركان عملية البحث وجميع المستفيدين منها بما فيهم الشركات المالكة لمحركات البحث ذاتها مثل مايكروسوفت وجوجل.
جوجل صنعت إمبراطورية عملاقة من أرباح محرك البحث الخاصة بها، ورغم أن محرك جوجل مجاني الاستخدام، فإن جوجل تبيع الإعلانات التي تظهر في هذا المحرك إلى جانب جميع البيانات التي تجمعها عن عمليات المستخدمين الذين يقومون بها بشكل يومي في المحرك.
هذه البيانات تقدر بالملايين لأنها تشير إلى اهتمامات المستخدمين وتطلعاتهم وكيف يمكن التسويق لهم بشكل أفضل وأكثر فعالية، وهو نموذج الأعمال الذي ترغب مايكروسوفت وغيرها من الشركات الدخول إليه لأن جوجل كانت تحتكر هذا القطاع لسنوات طويلة.
جبهة الإعلانات
الاعتماد على روبوتات الذكاء الاصطناعي يجعل نموذج الأعمال هذا مختلفًا تمامًا، ولا يترك فرصة للشركات لتسويق الإعلانات وسط محرك البحث كما كان يحدث في الماضي، ورغم أن تطوير نموذج الأعمال هذا أمر حتمي، فإنه لن يكون سهلاً.
إذ إن ظهور الإجابات في روبوت البحث لا يترك الكثير من الفرص الإعلانية التي يمكن أن تستغلها الشركات، وذلك بعكس تصميم محركات البحث المعتادة، التي تتيح فرصة لبيع الكثير من الإعلانات المختلفة، والتي تصل في بعض الحالات إلى خمسة إعلانات.
والجانب الأهم هو أن مثل هذا التحول سيقضي تمامًا على مشاريع المواقع المختلفة سواء أكانت إخبارية أم للتجارة الإلكترونية، حيث لن يترك مجالاً حقيقيًّا للتنافس، ومن ثم ستجد أن مالكي هذه المواقع غير راغبين في الاستثمار فيها بالشكل الكافي، لأنها لن تظهر في النهاية ولن تحقق لهم دخلًا حقيقيًّا.
اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها السعودية؟
بعد أسابيع ما النتيجة؟
نسخة محرك بحث Bing التي تستفيد من روبوت الدردشة الذكي ChatGPT أصبحت متاحة للعامة.
وفي المجمل، فإنها تمكنت من جذب الكثير من المستخدمين كما توقعت مايكروسوفت، وشكلت تهديدًا جعل جوجل تطلق روبوت الدردشة الخاص بها بشكل متعجل وتجريبي لحفنة من المستخدمين.
ولكن النتائج الواردة من محرك Bing بعد تقديم روبوت الدردشة تباينت للغاية بدايةً من كون الإجابات خاطئة أو متضاربة وحتى هجوم مباشر من الروبوت على من يطرح الأسئلة من المستخدمين، وهو ما دفع مايكروسوفت لوضع حد أقصى لعدد العمليات التي يمكن للمستخدم الواحد توجيهها إلى الروبوت، إذ أصبح المستخدم محدودًا بخمس عمليات فقط في اليوم الواحد حتى يقل تأثر المستخدمين به.
بانتظار اختبار حقيقي
انجذاب المستخدمين لروبوت ChatGPT ومحرك بحث Bing الجديد ليس انجذابًا حقيقيًّا، إذ إنَّ أغلب هذه العمليات كانت لتجربة الروبوت أو حتى لمحاولة تطوير نموذج نفعي منه، كأن يطلب أحدهم خطة أو بحثًا بعينه.
هذه الاستخدامات مهمة وحقيقية، ولكنها ليست غالب عمليات البحث التي يبحث عنها الملايين، إذ لن تجد الكثيرين يطلبون بحثًا دراسيًّا، بينما ستجد ملايين من يبحثون عن نتائج مباراة ما أو حتى طريقة ما، وبينما يستطيع روبوت الدردشة الذكية تقديم إجابات لهذه العمليات، فإنّه لن يكون قادرًا على تلبية حب البحث وعرض أكثر من معلومة وإجابة معًا، إذ إن جميع هذه الروبوتات تعرض نتيجة واحدة فقط.
لا يمكن الحكم على مستقبل الذكاء الاصطناعي والروبوتات مثل ChatGPT أو Brad التابع لجوجل عبر النظر إلى مجرد الشهور الماضية، إذ إن كل ما رأيناه حتى اليوم كان اختبارًا فقط وليس تجربة استخدام حقيقية ترغب الشركات في تحقيق ربح منها.