لماذا نُصاب بالصداع في الوقت نفسه كل يوم؟
من أكثر ما يُصيب الإنسان بصورة شبه يومية هو الصداع، إذ إنه على الرغم من أن له أسبابه المعروفة، لكن لا يمكن الحد من الإصابة به، ولكن ما يزيد الأمر سوءًا هو أن الإصابة بالصداع لدى البعض قد تتكرر بصورة يومية وفي نفس التوقيت.
وغالبًا تصيبك نوبات صداع في نفس الوقت من اليوم بشكل متكرر، وهذه ليست حالة غريبة تخصك وحدك، فقد وجد العلماء أن هناك روابط قوية بين الساعة البيولوجية ونوبات الصداع.
الصداع وإيقاع الجسم اليومي
وجدت دراسة حديثة صلة قوية بين إيقاع الجسم اليومي ونوعين من الصداع: الصداع النصفي والصداع العنقودي، حيث حللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة "Neurology" الطبية، جميع الدراسات المتاحة التي قيمت توقيت الصداع العنقودي والصداع النصفي، بالإضافة إلى الدراسات التي ربطت الصداع بالكورتيزول والميلاتونين، وهما الهرمونان اللذان قد يؤثران على النوم.
ووفقًا لـ"موقع فيريويل هيلث"، وجد الباحثون أن حوالي 71% من المشاركين عانوا الصداع العنقودي المتكرر في الساعات المتأخرة من الليل، أو في وقت مبكر من الصباح، ما يشير إلى أنهم مرتبطون بساعة الجسم الداخلية.
ويعد الصداع العنقودي الذي يحدث بأنماط دورية أو فترات عنقودية، هو أحد أكثر أنواع الصداع إيلامًا، فعادةً ما يوقظك في منتصف الليل بألم شديد في عين واحدة أو حولها في أحد جانبي رأسك.
أما الصداع النصفي فقد يسبب ألمًا نابضًا، وعادة ما يقتصر على أحد جانبي الرأس، وغالبًا ما يصحبه غثيان وقيء وحساسية مفرطة للضوء والصوت، ويمكن لنوبات الصداع النصفي أن تسبب ألمًا شديدًا لساعات، أو لأيام، ويمكن أن تعيق شدتها ممارسة أنشطتك اليومية.
اقرأ أيضًا: هل للصداع النصفي علاقة بتغيرات الطقس؟ وما سبل الوقاية؟
كيف يمكن لجدول نومنا أن يسبب الصداع؟
يتميز الصداع العنقودي بألم شديد من جانب واحد، ويمكن أن يحدث حتى ثماني مرات في اليوم - عادة في منتصف الليل، فيما وجدت الدراسة أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من الصداع العنقودي لديهم أيضًا مستويات أعلى من الكورتيزول ومستويات أقل من الميلاتونين، ما قد يؤدي إلى تعطيل جدول النوم وتحفيز الصداع.
يحتوي الكورتيزول والميلاتونين على دورات معاكسة، حيث تبلغ إحداهما ذروتها عندما تكون الأخرى في أدنى مستوياتها، وفقًا لما ذكره "يوهانس ولدمانويل"، دكتوراه في الطب، وأستاذ في قسم علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة ستانفورد.
ويمكن أن يؤدي عدم توازن هذه الهرمونات إلى النعاس في أثناء النهار، وفقدان التركيز، واليقظة، والصداع، فيما قال "ولدمانويل" إن التعرض لضوء النهار، والنشاط البدني، والإجهاد، وتناول الكافيين يمكن أن تؤثر جميعها على هذين الهرمونين الأساسيين للساعة البيولوجية.
لا يزال الباحثون لا يفهمون تمامًا كيف يمكن أن يؤثر اضطراب دورات النوم على الصحة، لكنهم يدفعون لإجراء مزيد من الأبحاث حول العلاجات المحتملة التي يمكن أن تستهدف نظام الساعة البيولوجية.
اقرأ أيضًا:الجوع ليس الوحيد.. اعرف أسباب الصداع خلال الصيام وتجنبها
نصائح حول تحسين النوم وتقليل الصداع
إذا كنت تعاني صداعًا في نفس الوقت كل يوم، فهناك تدخلات يمكنك اتخاذها لتحسين نوعية نومك، والمساعدة في تقليل أعراض الصداع.
وأوضح ولدمانويل لموقع "فيريويل هيلث" أن انتشار نوبات الصداع الأولية المزمنة آخذة في الازدياد عالميًّا، ويبدو أن هذا مرتبط بتغييرات في نمط الحياة مثل أنماط النوم غير المتسقة، وعدم كفاية النشاط البدني، ويمكن أن يساعد تعزيز هذين الجانبين من النوم، وممارسة الرياضة الأفراد في منع نوبات الصداع وإدارتها في النهاية".
وأضاف أن الحفاظ على أوقات متسقة للوجبات، وزيادة التعرض لضوء الصباح، وتقليل وقت الشاشات قبل النوم يمكن أن يساعد في تحسين نوعية النوم.
في الوقت الحالي، يُدار الصداع العنقودي عادةً باستخدام أدوية، كما يمكن أن يساعد إعطاء الأكسجين النقي في تقليل الأعراض بسرعة.
وإذا لم تعمل التدخلات الشائعة على تحسين الأعراض، فمن الجيد استشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك.
واختتم "ولدمانويل": "كلما زرت الطبيب مبكرًا، كان ذلك أفضل، ومن الضروري معالجة الصداع المتكرر بأسرع ما يمكن لمنعه من التطور إلى حالة يومية مزمنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخل المبكر أسهل وأكثر فاعلية من الانتظار حتى وقت لاحق عندما يصبح الصداع مقاومًا للعلاج".