ما عليك الاستمتاع به خلال رحلة إلى مالطا
تتباهى مالطا بطبيعتها الساحرة وثقافتها الغنية، مثلما تتباهى بتاريخها وتنوعها المميز، فالدولة الجزرية الصغيرة التي لا تزيد مساحتها على 316 كيلو مترًا مربعًا، والواقعة بين أحضان البحر الأبيض المتوسط، يغلفها سحر خاص، حيث تختزل التاريخ بين معالمها، بينما يزينها كثير من الأشياء الرائعة التي يمكن لزوارها الاستمتاع بها.
وربما لكل هذه الأسباب عدّها كثيرون ملاذًا مختلفًا يحمل نكهة خاصة، إذ تقدم تجربة لا مثيل لها، تبدأ باستعراض أقدم أشكال العمارة الحجرية في العالم، مرورًا بفترات تاريخية متعاقبة تركت أثرها المبدع على المكان، بينما تحتضنها الشواطئ الساحرة والأجواء الرومانسية ودفء الشمس الرائعة.
وحسب الخبراء، تعد هذه الدولة الأوروبية - بالرغم من كونها إحدى أصغر دول العالم من حيث المساحة - موطنًا لأكبر كثافة من المعالم التاريخية مقارنة بأي بلد آخر، بينما تحتوي على أفضل أنشطة الغوص في أوروبا.
وفيما يوفر ساحلها الجيري المنحوت وجهة خلابة للمشاة والباحثين عن سحر الطبيعة، يساعد في كل ذلك شعب مضياف بطبيعته، يتجاوز تعداده نصف مليون نسمة.
في هذه السطور سنقترب من تلك الجزيرة وتوابعها لعرض بعض مما ينبغي لك الاستمتاع به خلال رحلة مميزة إلى مالطا.
التجوال في مالطا المنغمسة في التاريخ
تضم مالطا العديد من المدن الصغيرة والساحرة، مثل سليمة ومليحة والرابات وبيرجو، ولعل مدينتي فاليتا ومدينا تحتلان المقدمة بين جميع مدنها الرائعة، فالأولى وهي العاصمة مسجلة كعاصمة للتراث العالمي باليونسكو، وهي قلعة من القرن السادس عشر وبلدة حالية نابضة بالحياة، في مساحة تقل عن كيلو متر مربع واحد، ما يعني أن التجوال بين أزقتها سيجعلك تكتشف الكثير من المعالم المتفردة، كأبراج حصونها وكنائسها ومتاحفها وزخارفها، قبل أن تدلف للساحة المركزية وشوارع الدرج والبرلمان.
أما مدينا فهي العاصمة السابقة لمالطا وتتمتع بهذا السحر وأكثر، إذ تعد إحدى المدن المحاطة بالأسوار، ويمكن القول إنها تتخذ طابعًا رومانسيًا، فهي خالية تقريبًا من السيارات، مع شوارع بلون العسل، ومبان باروكية وتاريخ يتوغل بين العصور الوسطى، وبمجرد السير تحت بوابتها وتجاوز ممرها الزخرفي سيتملكك شعور خاص، حيث الهدوء الرائع على خلفية صوت الخطى الناعمة وأصوات الزوار، بينما يكسره بين الحين والأخر قرع الأجراس، ما سيجعلك تنغمس بعمق في التاريخ.
اقرأ أيضًا:أبرز مدن السياحة في إسبانيا.. ممالك عائمة وحضارات خلدها التاريخ
وحسب الخبراء فإن أفضل طريقة للاستمتاع بربوع مالطا بشكل عام هي التجول والسير على الأقدام، ففي كل شبر هنا ستحظى بفرصة رائعة للتعرف على كنوزها الساحرة مثل كاتدرائية القديس بولس وهي أقدم كاتدرائية في البلاد مع متحفها الباهر، وكنيسة فرسان القديس يوحنا وما تحويه من كنوز، ومتحف بيت بالازو فالسون التاريخي، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتاهة سراديب الموتى الرومانية البيزنطية، ونفق أسرار الحرب العالمية الثانية أسفل فاليتا، وقصصه الأسطورية إذ أخفى مقر الحلفاء في البحر الأبيض المتوسط لعقود، وحصن سانت أنجليو أقدم قلاع مالطا، وقصر جراند ماستر، والبرج الأحمر، وحصن سانت إلمو، ومغارة القديس بولس، ومتحف مالطا البحري، ومتحف الحرب الوطني، ومجموعة متنوعة من الحدائق كحديقة الخنادق، ومسرح مانويل الذي يعد أحد أقدم المسارح في أوروبا، والمتحف الوطني للفنون الجميلة، وغيرها من المعالم المذهلة التي تعج بها كل أرجاء مالطا.
ومع ذلك يمكنك استكشاف مالطا من خلال الحافلة ذات السقف المفتوح التي تجوب المعالم السياحية هناك، والتي تتخذ طريقين جهة الشمال والجنوب، وكلاهما يوفر الكثير من المتعة، إذ تتيح لك التذاكر لمدة يوم أو يومين اختيار المدة التي تقضيها في كل محطة بما في ذلك أفضل المواقع مثل قرية الصيد الجميلة مارساشلوك، والمغارة الزرقاء المضيئة، وأقدم عمارة حجرية في العالم، وأول سكن بشري في البلاد، وغار دلام أو كهف الظلام حيث يتجسد سحر الطبيعة.
الغوص في سحر مالطا
تُعرف مالطا بأنها أفضل وجهة للغوص في أوروبا، كما تضم أكثر من 50 مدرسة غوص مرخصة في جميع أنحاء البلاد، وتتميز المياه بنقاء استثنائي، مع مناظر طبيعية خلابة فوق الماء وتحته، حيث الكهوف العميقة والمنحدرات الساحرة وحطام السفن، ما يوفر التحدي للمستكشفين.
وبالإضافة إلى ما توفره الحياة البحرية لساحل البحر الأبيض المتوسط من متعة، كذلك تضم هذه المنطقة بعض الأسماك والأنواع الاستوائية الغريبة عليها، وكذلك البرمائيات والزواحف مع تنوع غني يزيد من جاذبيتها.
كل ذلك يبرز في إطار مزين بشمس تشرق 300 يوم في السنة، لتجعل المياه الزرقاء المحاطة بالحجر الجيري أكثر تلألؤًا، بينما يحرس هذه اللوحة مجموعة متفردة من الحصون والقلاع التاريخية الشهيرة، فيما يوفر الإبحار بالقوارب في هذه المياه المحمية منظورًا مختلفًا لاستكشاف الأرضي، حيث الزوايا الخفية للمكان.
اقرأ أيضًا:السياحة في ماليزيا.. مزيج من العراقة والحداثة والجزر الخلابة
ويمكن للزائر هنا الإبحار بالعبّارات أو القوارب أو القوارب الشراعية من أكثر من موقع، ليتخذ طريقه إلى جزيرة جوزو ثاني أكبر الجزر، لاستكشاف السواحل الخلابة والمناظر الطبيعية الرائعة والشواطئ والخلجان التي لا تضاهى.
كما يمكنه الإبحار لجزيرة كومينو الصغيرة، مع التوقف للسباحة والغوص وأخذ حمام شمسي، وهو النشاط المفضل للجميع في كلتا الجزيرتين، ولذلك تتوفر الرحلات اليومية لهذا الامتداد المحمي من المياه الزرقاء المضيئة التي تحيط بها الكهوف، ومن ثم الاستمتاع بالعجائب الجيولوجية في بلو هول قبل الذهاب إلى البحيرة الزرقاء الشهيرة بالجزيرة.
وهنا تبرز بعض أشهر الأسماء بين شواطئ وخلجان مالطا، مثل خليج مليحة، وبريتي باي، وبارادايس باي،وجولدن باي، وخليج جيجنا، وخليج سان بلاس، كما تبرز مدينتا سليما وسانت جوليان السياحيتان، حيث ستجد الكثير من الفنادق والمطاعم ومراكز التسوق، وكذلك الكثير من الأنشطة الساحرة كركوب الدراجات الرباعية، وركوب الخيل، والمشي لمسافات طويلة، والتسلق، والرياضات المائية المتنوعة وغيرها.
مالطا ضيافة من نوع خاص
اكتشفت مالطا نفسها بوصفها وجهة للضيافة والطعام المحبب على مدار العقد الماضي، إذ حازت أولى نجوم ميشلان في عام 2020، وتضم حاليًّا مطاعم من فئة الخمس نجوم، تقدم جميعها مأكولات البحر الأبيض المتوسط الحديثة، مع مجموعة واسعة من الخيارات لأطباق ومطاعم مختلفة، تبدأ من الأسماك وصولاً إلى البيتزا والسندويتشات والوجبات المحلية.
كما تضم مالطا مجموعة من الفنادق متعددة المستويات، في مقدمتها فنادق استثنائية من فئة الخمس نجوم مثل إنيليا هربور هاوس Iniala Harbour House، وجراند أوتيل إكسلسيور Grand Excelsior Hotel، ومنتجع وسبا راديسون بلو Radisson Blu Resort & Spa، وحياة ريجنسي مالطا Hyatt Regency Malta، مع فنادق تحمل عبق المكان كفندق إكسترا بليس The Xara Palace على سبيل المثال، حيث جرى دمج هذا القصر الذي كان جزءًا من جدران حصن مدينا والذي سكنته إحدى عائلات النبلاء بهذا الفندق المغطى من الخارج بنباتات الجهنمية، بينما يحتوي من الداخل على أثاث عتيق وسجاد باريسي وستائر مبدعة ولوحات رائعة، فيما تضفي الأرضيات الحجرية والسقوف المقوسة والساحة المليئة بالشمس والحمامات الرخامية الفخامة والهدوء.