رئيس "باتيك فيليب": لا نقنع أحدًا بالشراء بل نشرح تميّزنا.. أجمل ساعاتي صنعتها وأنا صغير
التحدي لمَنْ ولد في أسرة تتمتع بتاريخ عريق وشهرة عالمية في صناعة الساعات، ليس في أن يتولى دفة القيادة، بل في القدرة على الإتيان بإضافات جديدة لتاريخ حافل بالابتكارات والإنجازات الكبرى.
تييري ستيرن، الذي استعد جيدًا، تمكّن باحترافية عالية من أداء هذا الدور في قيادة علامة الساعات المرموقة عالميًّا Patek Philippe، محققًا النجاح تلو الآخر، موازنًا بين الإرث العظيم والقدرة على ابتكار الجديد، كأنه ولد ليؤدي هذا الدور، حاملاً الشعلة التي طالما انتقلت داخل العائلة من الأب إلى الابن منذ عام 1932.
مسيرة حافلة
بعد تخرجه في كلية الأعمال بجنيف، أنهى تييري ستيرن الدراسة في مدرسة الفنون الجميلة في جنيف، ليبدأ موظفًا إداريًّا في Patek Philippe، ثم ليشغل مجموعة متنوعة من المناصب، توزعت بين صالات البيع في ألمانيا، وإحدى وكالات التسويق التابعة للشركة في الولايات المتحدة الأمريكية، مرورًا بالعمل جنبًا إلى جنب مع الحرفيين في ورش الإنتاج، ثم في إدارة التسويق في دول "البنلوكس"، ثم عاد إلى مقر الشركة في جنيف مسؤولاً عن تطوير المنتجات وإبداعها، حتى غدا متمرسًا وعلى دراية كاملة بالدور الذي كرس حياته للتدرب عليه، حاملاً شعلة عرش Patek Philippe، خلفًا لوالده، حيث ترأس رسميًّا العلامة منذ 2009.
الحدث الجديد في رصيد تييري ستيرن، هو افتتاح Patek Philippe المعرض الكبير “Watch Art” طوكيو 2023 في الفترة من 10 إلى 25 يونيو الماضي 2023، حيث انغمس الجمهور وعشاق الساعات الفاخرة في عالم آخر، وعاشوا دهشة الاكتشاف في أروقة ديكور يزيد مساحته على 2500 متر مربع نقلهم إلى أجواء شوارع جنيف وأخذهم وراء كواليس Patek Philippe نفسها.
حول المعرض ومستقبل العلامة وتفاصيل أخرى، حاورت مجلة الرجل تييري ستيرن، وأبحرت معه أكثر في تفاصيل عالم الساعات الفاخرة.
زبائننا يحبون عائلتنا
بعد دبي في عام 2012، ومیونیخ في عام 2013، ولندن في عام 2015، ونیویورك في عام 2017 ، وسنغافورة في عام 2019 ، اختارت Patek Philippe طوكیو لمعرضھا الكبیر السادس.
اختيار طوكيو مكانًا لأكبر معرض لم يكن بلا سبب، لدى تييري ستيرن دوافع عديدة لهذا الحشد الكبير في العاصمة اليابانية طوكيو، فهي بتقديره "من أهم الأسواق بالنسبة إلى باتيك، وهذا ليس الآن بل منذ سنوات عديدة"، مذكّرًا بأنّ أول تواصل بين اليابان وباتيك كان منذ نحو 150 عامًا.
يلاحظ ستيرن أن سوق اليابان "ناضجة جدًا"، ويضيف أن دليله على ذلك هو "التزايد المستمر للطلب على ساعاتنا، كما أن 100% أو 99.9% من ساعاتنا المبيعة في اليابان قد اشتراها زبائن محليون أو يابانيون. لذا كان من المنطقي أن نقيم معرضًا في اليابان بهذا الحجم".
ويقول إن "زبائننا هناك يحبون عائلتنا ومنتجاتها ويتحمسون دائمًا لكل التفاصيل واللمسات الخارجية المميزة، كما أنهم يعشقون الأنظمة الميكانيكية، ويدركون جيدًا آلية عمل الساعات جيدًا".
ورغبة باتيك لإقامة المعرض في اليابان تعود إلى 2019، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب جائحة كورونا.
اقرأ أيضًا:طوكيو.. المكان المختار لمعرض Patek Philippe
لم نغير أهدافنا
ولكن لماذا تُعد باتيك فيليب من أعرق العلامات التجارية في سوق الساعات؟ كيف تسنّى لها أن تحتل هذه المكانة المرموقة؟ يجيب ستيرن بأن السبب ببساطة "أننا لم نتوقف عن العمل قط، وهو أمر قد لا يتذكره كثيرون".
ويروي أنه عندما ظهرت ساعات الكوارتز في سبعينيات القرن الماضي، توقفت كثير من العلامات عن العمل، وتخلصت من معداتها وعائلاتها، ورأوا أنه لا فائدة في تعليم الأولاد فنون هذه الصناعة، وهذا لأنهم رأوا أن ساعات الكوارتز أرخص وأدق، لذا لا أمل في الاستمرار في السوق، ما دفع كل العلامات الكبيرة إلى الخروج من السوق.
لقد تمكنت باتيك من الصمود وكانت العلامة الوحيدة في السوق، كانت تقول لنفسها "إذا كان هناك علامة لا بد أن تضحي وتبقى في السوق، فسيكون نحن". ويضيف "حافظنا على المعلومات والتقاليد والأدوات ومخططات كل شيء، وهو أمر في غاية الأهمية، لا سيما الآن".
الثبات على الأهداف كان بالنسبة لهم هو حجر الأساس، منذ 1839، قبل ظهور ساعات الكوارتز، يجمل ستيرن الخلاصة بالقول "كان هدفنا دائمًا هو صناعة أرقى الساعات في العالم، وهو أمر لا يتجزأ من أساس العلامة، ولم نحاول فعل أي شيء آخر، وظلت عقليتنا كما هي لسنين، وهي تقديم ساعات تحمل أفضل الحركات وتعد مثالاً للجمال والدقة والعراقة والابتكار".
الساعات والساعات فقط
من أهم عوامل القوة داخل باتيك الآن هو مدى إدراكها للمنتجات التي تقدمها، يقول ستيرن "نحن لم نأت من صناعة مختلفة. إذا ألقينا نظرة على السوق سنجد أن هناك شركات لا تكتفي ببيع الساعات، بل تبيع معها سيارات ولوحات، لذا أغلبها لا يعرف حقيقة صناعة الساعات".
ويضيف "أما نحن على صعيد آخر، فكبرنا كعائلة داخل الصناعة، وندرك جيدًا صناعة الساعات، وأنا أدرك جيدًا صناعة قرص الأرقام والأساور والحركات، والأمر نفسه بالنسبة إلى والدي ووالده ووالد والده".
ويرى أنَّ الأهم من ذلك هو أن عائلته طالما ركزت على صناعة الساعات فقط، وليس بناء إمبراطورية. ويقارن علامته بالآخرين قائلاً "إذا نظرت إلى السوق، فسترى أن أغلب العلامات اليوم تمتلك متاجرها، وتركز على زيادة الإيرادات بدلاً من تصميم ساعات وحركات راقية. ويشتكون دائمًا: "لا نعرف ماذا سنفعل؟ سنعيد تصميم منتجاتنا مرة أخرى"، وهو أمر غريب، هناك كثير من الأفكار، أنا أعرف ماذا سأفعل حتى 2037، الأمر بسيط، لا بد أن تكون شغوفًا بعملك".
تحريك جنيف
الشغف بالعمل والإتقان والحرفية والتركيز كلها عوامل مهمة للنجاح، كما يشرح ستيرن، ولكن نحن نتحدث عن سوق عالمية، فما سر هذا الحضور الآسر؟ ما هي استراتيجية باتيك للترويج؟ ما الأفكار التي تتغذى عليها خطتها للتسويق؟ يجيب ستيرن "ببساطة تهدف استراتيجيتنا دائمًا إلى (صناعة الطلب)، حتى إن لم يكن لدينا منتجات كافية لتغطية هذا الطلب".
ويوضح "من الناحية الدعائية، لا نحاول إقناع عدد أكبر من الناس بالشراء، بل نهدف إلى شرح لماذا نحن مختلفون. نود أن ندعو الجميع إلى جنيف، ولكننا لا نستطيع، لذا نحاول إحضار جنيف إلى زبائننا في جميع أنحاء العالم".
اقرأ أيضًا:الرئيس التنفيذي لعلامة Bell and Ross لـ«الرجل»: هدفنا التطور وتحدي قيود الابتكار والإبداع
فخور بجميع الساعات
غالبا ما يقع الصانع في غرام ما يصنع، فكيف بالنسبة لحرفة تجمع المهارات الفنية العالية مع الشغف والابتكار بالإضافة إلى الارتباط العاطفي والعلاقة مع موروث العائلة، نسأل تييري ستيرن ما هي أكثر الساعات التي تفتخر بها؟
فيسارع إلى القول "هذا سؤال صعب، وكأنك تسألني من هو طفلك المفضل".
اجمل ساعة صنعتها
"لا أصنع ساعة، إلا إذا كنت سعيدًا، لذا فأنا فخور بجميع الساعات التي صنعتها، ولكن إن كنت مضطرًّا إلى اختيار ساعة بعينها، فسأختار الساعة الجميلة 5970، لأنني صنعتها في سن صغيرة حين طلب مني والدي تغيير تصميم 3970، وهي حركة 5970 نفسها ولكن علبة مختلفة، وطلب مني تصميم علبة جديدة، لأننا كنا قد صنعنا منها ما يكفي. وهكذا ظهرت ساعة 5970 الشهيرة".
وعمّا إذا كانت باتيك مستمرة في تصنيعها يقول: "نقدم الساعة نفسها الآن ولكن بحجم أكبر، والسبب في أننا ما زلنا نقدمها، رغم أننا لا ننتج كميات كبيرة، هو أننا تلقينا طلبات عديدة بإعادتها إلى السوق بعد توقف إنتاجها، لذا أعدناها ولكن بحجم أكبر".
البساطة والتعقيد
المتابع لإصدارات باتيك يلاحظ أنها تجمع بين الساعات البسيطة جدًّا، والساعات المعقدة جدًّا، ولا بدّ أن يتساءل كيف يمكن الجمع بين هذين الاتجاهين دون الإخلال بهوية العلامة؟
يرد تييري ستيرن: "أتفق معك أن الأمر بمنزلة تحدٍّ، ولكنها مسألة وقت. قبل 30 عامًا، ما كان بإمكاني فعل ذلك، أما الآن، بخبرة 30 عامًا، وتجارب سفر مختلفة حول العالم. فالأمر بالنسبة إليَّ الآن منطقي، أدرك جيدًا أنه يُستحسن لي أن أفعل ذلك وذلك".
ويضيف "لا أفضل تعيين شخص ينوب عني في مثل هذه الأمور، لا بد أن تفهم العلامة جيدًا، والزبون النهائي ومتاجر التجزئة".
ننتج ساعات رجالية أكثر
ولكن ماذا عن نصيب السيدات من ساعات باتيك، هل تجد أي مساحة للتحسين داخل العلامة؟ يوضح ستيرن أن بإمكانهم تصميم ساعات سيدات رائعة، ولكن ليس هناك ما يكفي من الوقت. ويشرح أكثر "تتمثل المشكلة الكبرى في أننا نحتاج إلى حركة، في كل مرة أود تقديم مجموعة جديدة للسيدات، أفكر في أي الحركات هي الأنسب، لدينا 70 ألف حركة. فريق التصنيع مكون من 4 رجال، ولهذا ننتج ساعات رجالية أكثر".
ويضرب مثالاً عمليًّا لمزيد من الإيضاح "لنفترض أننا نود صناعة 5 آلاف ساعة سيدات، فسنحتاج إلى 5 آلاف حركة. الطلب مرتفع جدًا الآن، لذا إذا أخذنا 5 آلاف حركة من ساعات الرجال، فسيغضب زبائننا، لأن قائمة الانتظار ستتمدد".
ولكن هل نستنتج من هذا أن باتيك علامة رجالية؟ يجيب بلا تردد "كلا، بعض ساعات باتيك يمكن استعمالها للرجال والنساء، فقط من خلال تغيير لون الأساور. لسنا نحن من بدأ هذا الأمر، روليكس لديها الساعات نفسها".
لن نستخدم الذكاء الاصطناعي
يتنامى يومًا إثر يوم استخدام الذكاء الاصطناعي ولكن ماذا عن صناعة الساعات؟ وماذا عن شركة عائلية تعتمد على المهارة اليدوية؟ كيف ترى التحول الرقمي الهائل في سوق الساعات؟
يعلق تييري ستيرن بالقول "الأمر يبدو خطيرًا، لا سيما الذكاء الاصطناعي الذي يستطيع إنتاج صور بسهولة، ومع ذلك، ندرسه حتى لا يفوتنا شيء، ولكننا لا نخطط لاستخدامه في صناعة الساعات".
ويتابع: "على سبيل المثال، يستطيع الذكاء الاصطناعي خلال 20 ثانية أن يقدم لك تصميمًا! ولكنه لا يستطيع ابتكار شيء جديد، لذا قررت أن الأداة ليست لنا، ولا يمكننا استخدامها".
ويكمل: "هناك بعض العلامات تستخدم الذكاء الاصطناعي، لتصميم قرص الأرقام وغيره. ولكن حتى الآن، لا يزال الذكاء الصناعي يستخدم صورًا موجودة بالفعل لوضع تصميماته".
World Time Minute Repeater Grand Complications - 5531R-014
هذه الساعة جرى إصدارها في 15 قطعة من أجل معرض طوكيو، واحتاجت إلى أسلاك من الذهب وباليت من 25 لون طلاء مينا تراوح بين الشفاف والداكن ونصف الشفاف من أجل تنفيذ التحفة الفنية على مينائها.
وتكريمًا للمدينة التي تستضيف المعرض فإن اسم طوكيو يظهر باللون الأحمر فوق قرص المدينة.
تحتضن الساعة آلية حركة تحمل براءة اختراع هي R 27 HU ذاتية التعبئة مع مكرر دقائق، وتقدم احتياطي طاقة من 43 ساعة ويمكن أن يصل إلى 48 ساعة.
الميناء مطلي بطلاء مينا بتقنية "كلوزوني" ويصور قلب مدينة طوكيو. فيما يعلن تعقيد مكرر الدقائق عن التوقيت المحلي للمنطقة الزمنية عند مؤشر الساعة 12 باستخدام مطرقين صغيرين كلاسيكيين. هذان المطرقان غير مرتبطين بالصفيحة الأساسية للحركة بل وضعا على العلبة لجعل الصوت أوضح وأكثر نقاء.
تأتي الساعة مع سوار من الجلد البني مع إبزيم من الذهب الوردي.
التوقيت المحلي يدل عليه عقرب هيكلي من الذهب الوردي بشكل كوكبة الصليب الجنوبي بينما عقرب الدقائق يأخذ شكل المعين المفرّغ.
وزيادة في عامل الإبهار يمكن تبديل غطاء ظهر العلبة والاختيار بين غطاء من الكريستال الياقوتي منقوش عليه اسم الدار واسم طوكيو والثاني من الذهب الوردي عليه النقش نفسه.
ساعة Shizuoka and Mount Fuji ذات الرقم المرجعي 995/134G-001
ساعة جيب مطلية بطلاء المينا بتقنية "كلوزوني" ومنقوشة يدويًا. ظهر هذه الساعة يقدم رؤية بانورامية لمدينة Shizuoka مع جبل فوجي.
وجرى الحصول على هذه الصورة باستخدام عددٍ من التقنيات الفنية النادرة. فمثلاً مزرعة الشاي التي تبدو في الصورة جرى تلوينها باستخدام تقنية "كلوزوني"، أما السماء فباستخدام تقنية التحزيز أو الجلوشا بخطوط على شكل أشعة الشمس. هذا التحزيز أتى أسفل طبقة من الميناء الشفاف باستخدام تقنية Flinqué.
فيما جرى تصوير جبل فوجي والقطار الظاهر في الصورة بوساطة الحفر النافر.
هناك أيضًا نمط منقوش مستوحى من مقبض إبريق الشاي الياباني التقليدي يزين القرص وحدود ظهر العلبة وكذلك القوس.
الساعة تأتي مع حامل مزين يدويًّا من الذهب الأبيض مرصع بحبوب من الياقوت الأزرق فوق قاعدة من الكوارتز الأزرق.
Table Clock ذات الرقم المرجعي25014M-001
هي ساعة طاولة تتميز بتصميم أصلي وحصري تأتي على شكل قبة.
جرى تزيين الساعة بخريطة لقلب مدينة طوكيو باستخدام طلاء المينا بتقنية "كلوزوني" من أجل تصوير الحدائق والبحيرات التي تنبثق من الميناء إلى الحواف المقعرة باللون الفضي.
كل المناطق التي استخدم فيها الأنامل بداية زينت بالتحزيز على نمط Barleycorn الذي يشع من وراء طبقات من المينا الشفاف.
ثم جرى وضع الحدود أو الفواصل باستخدام 12.4 م من الأسلاك الذهبية التي قطعت إلى قطع صغيرة وشكلت باليد. لصنع الباليت اللونية احتاج الحرفي إلى مجموعة من طلاء المينا بـ 16 درجة لونية.
وكل عنصر من عناصر الطلاء احتاج إلى أن يُحرق ما بين 10 إلى 12 مرة على درجات حرارة تراوح بين 800 إلى 840 درجة مئوية للحصول على النتيجة النهائية الرائعة.
الميناء مزين بعقارب مغطسة بالراديوم بتصميم على طراز شبه منحرف، أما المؤشرات الأربعة ذات شكل المعين التي تزين قرص الساعة أو البزل فهي متمركزة عند الجهات الأربعة للبوصلة.