ChatGPT.. هل نثق به في الوصول إلى نظام غذائي مناسب؟
لم يعد "شات جي بي تي" مجرد تطبيق إلكتروني مثير للجدل في مجالات عديدة فحسب، بل أصبح أداة رئيسة يستخدمها بعض الناس في أعمالهم، وفي ترتيب شؤون حياتهم.
التطبيق الذي أثار جدلاً واسعًا منذ ظهوره قبل عدة شهور، بسبب قدراته الهائلة، وإمكانياته التي تفوق البشر في كثير من القطاعات، أصبح يُستخدم على نطاق واسع الآن في إدارة الأعمال وغيرها من الشئون العامة، بل حتى شؤون الحياة الخاصة.
وللدلالة على ذلك، سلْ "شات جي بي تي" عن نظام كيتو مناسب لك، أو ربَّما حمية البحر الأبيض المتوسط، أو حتى غير ذلك، لكن هل هذه الأنظمة الغذائية - مثلًا - مناسبة لك؟
هنا مكمن الخلل في أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية، فهو سيُجيبك بالطبع عن أطعمة نظام الكيتو مثلًا، وربَّما يضع لك خطة أسبوعية، لكن لعلّ ذلك النظام الغذائي لا يُلائمك ابتداءً، كما أنَّ أنواع الطعام المُقترَحة قد تتكرَّر كثيرًا، دون تنويعٍ، وماذا عن مصادر المعلومات التي حصل عليها؟ فهل يسعك الاعتماد على "شات جي بي تي" في عمل نظام غذائي مناسب لك؟
شات جي بي تي والنظام الغذائي
بوسع "شات جي بي تي" وغيره من روبوتات الذكاء الاصطناعي عمل خطط أنظمة غذائية، بل يتّسِع ذلك لما يشمل تفضيلاتك الغذائية، وحاجتك من السعرات الحرارية، والطول، والوزن، والأهداف الصحية التي تودّ الحصول عليها باتِّباع النظام الغذائي.
ويطلب "شات جي بي تي" هذه المعلومات من المُستخدِم قبل أن يُنشِئ خطط نظام غذائي مناسبة لك.
وعندما سُئل "شات جي بي تي" عن إنشاء نظامٍ غذائي مناسبٍ لامرأة ستينية، مع عدم تجاوز السعرات الحرارية 1500 في اليوم الواحد، اقترح نظامًا غذائيًا لمدة أسبوع، يشمل ثلاث وجبات رئيسة، ووجبتين خفيفتين خلال اليوم.
كما كان هذا النظام الغذائي مُلائمًا لصحة القلب؛ إذ احتوى على كثيرٍ من الفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة، والبروتينات الخالية من الدهون، إضافةً إلى الأطعمة قليلة السكريات، والدهون المشبعة، والأملاح.
شات جي بي تي وخيارات التغذية القاصرة
عاب "شات جي بي تي" عدم التنويع الكافي للطعام المُقترَح، فقد تناوب في الوجبات الخفيفة بين تفاحة صغيرة، وبرتقالة صغيرة، أو زبادي صغير قليل الدسم، ولا شيء سوى ذلك على مدار الأسبوع الذي وضع له نظامًا غذائيًّا.
كذلك، في العشاء، اتِّبع نمطًا بمكِن التنبؤ به، مُتضمِّنًا قطعة واحدة من البروتين خالي الدهون، وخضراوات محمصة، وحصة واحدة من النشويات، ولم يُضِف مقترحًا يجعل هذه الأطعمة يسيرة الأكل، بإضافة التوابل أو نكهات أخرى.
لذا، يُنصَح بإطلاع "شات جي بي تي" على النكهات المُفضَّلة لديك في أثناء إخباره بالمعلومات المطلوبة لعمل نظام غذائي خاص بك.
كيف تُحقِّق أقصى استفادة من شات جي بي تي لعمل نظام غذائي؟
يُعدّ "شات جي بي تي" وسيلة مثالية؛ لتجميع أفكار الوجبات المناسبة لنظامك الغذائي، أو إضافة أطعمة غنية بالعناصر الغذائية التي تحتاج إليها، خاصةً للأصحاء، الذين يرغبون في الإكثار من أنواع الطعام على المائدة، دون أن تُصبِح هذه الأطعمة ضارة عليهم.
فحتى لو لم تعتمد على "شات جي بي تي" من الألف إلى الياء في عمل نظامٍ غذائي، فبوسعه أن يُمدِّك بفهمٍ وافر للأنظمة الغذائية التي ترغب بها، فمثلًا يُمكِن سؤاله عن كيفية الحصول على 2000 سعر حراري مع نظام الكيتو، أو يُمكِن استخدام خططه الغذائية، كونها نقطة انطلاق لك، لا للاستدامة عليها بتوجيهاته فقط.
اقرأ أيضًا: الصيام المتقطع.. نظام غذائي متعدد الأنواع والفوائد
عيوب استعمال شات جي بي تي في النظام الغذائي
ما زال كلُّ شيءٍ في تقدُّم، ومُعالَجة لعيوبه إلى أن يبلغ ذروته، وأقصى كفاءة يُمكِن تحصيلها، وكذلك "شات جي بي تي" يحتاج بعض العمل قبل أن يصير موردًا غذائيًّا موثوقًا به، فالعديد من المصادر التي يستمد منها معلوماته مشكوك بها.
"شات جي بي تي" بارعٌ جدًا في تجميع المعلومات، لكنَّه ليس بذات البراعة في فحص مصادرها، فلأنَّه يجمع المعلومات من كامل الإنترنت، ليس بمقدورك أن تعلم ما إذا كان هذا المصدر موثوقًا به أم لا بشأن التغذية.
أيضًا، ليس بوسع "شات جي بي تي" أن يعلم شيئًا بخصوص نظامك الغذائي السابق؛ لإضفاء مُقترحات تغييرية عليه.
وثمَّة خللٌ أيضًا يتّضِح من إمكانية سؤال "شات جي بي تي" عن نظامٍ غذائيٍ لأي هدف، فلو طلبت منه نظامًا غذائيًا لتصغير الأذن مثلًا، لأجابك، فبرغم إخلائه لمسؤوليته عن عدم وجود أطعمةٍ تُحقِّق هذا الغرض، فإنَّه لا يزال يُجِيبك أيضًا بالوقت نفسه بنظامٍ غذائي صحي، مُشيرًا إلى أنَّه "قد يُسهِم بشكل غير مباشر في الشعور بالثقة في النفس، والإيجابية تجاه جسدك".
وهذا من أمثلة الارتباك الذي قد يقع فيه "شات جي بي تي" بخصوص التغذية والصحة.
اقرأ أيضًا: فوائد الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العملية للحياة والأعمال
هل نستخدم شات جي بي تي بشكل خاطئ؟
ما سلف ذكره مُقتصر على "شات جي بي تي"، لكن للتذكير، فهو ذكاء اصطناعي، ليس إنسانًا حيًا، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ بعضنا قد يُخطِئ في طرح السؤال عليه، أو طلب شيءٍ منه.
مثال ذلك أن يطلب مريض سكرٍ من "شات جي بي تي" نظامًا غذائيًا مناسبًا له - وهو يُعانِي في الوقت نفسه أمراض الكلى - فليس بوسع التطبيق استثناء الأطعمة التي قد تضر الكلى بالنسبة لمريض السكر، خاصةً أنَّ المرء لم يطرح مطلوبه بشكلٍ صحيح، وهذا قد يُضر صحته بكل تأكيد إن اعتمد على الجواب الذي يتلقَّاه في هذه الحالة.
متى تستشير اختصاصي التغذية؟
بالتأكيد الذكاء الاصطناعي مُفيد في بعض جوانبه فيما يتعلَّق بالتغذية، لكن ليس من الحكمة الاعتماد عليه بشكلٍ كُلِّي، وترك استشارة اختصاصي التغذية، خاصةً أنَّ النظام الغذائي ليس آليًا، بل يُوضَع نظام غذائي خاص بكل إنسان، حسب:
- تاريخ صحته الجسدية.
- العقبات النفسية التي تواجهه.
- الأطباق المُفضَّلة لديه.
- نمط معيشته.
- الأهداف التي يصبو إليها.
كذلك، يُساعِدك المختص في الالتزام بالنظام الغذائي المُقترَح، خاصةً لو احتجت إلى الاستمرار عليه فترةً طويلة.
لذا فالتواصل مع المُختص من الضرورة بمكان لبناء النظام الغذائي المرجو، لكن يُمكِن استخدام "شات جي بي تي" مُكمِّلًا لا أساسًا في النظام الغذائي.