صحيفة الشرق الأوسط بإطلالة عصرية تقود السرب.. وتُغرد منفردة
التحول الرقمي، معراج جديد لصحيفة "الشرق الأوسط" ينبض بالحداثة، ويلاقي متغيرات العصر المتسارعة في وسائل النشر والتقانة واستخدام الذكاء الاصطناعي، فطالما اقترن اسمها على مدى 45 عامًا بالبحث عن الحقيقة، وإضاءة المشهد بأبعاده المتكاملة، لتشكل ذاكرة العرب، ولتكون مصدر ثقة لصناع القرار والنخب السياسية والفكرية وقادة الرأي.
بأدائها الرصين، ومهنيتها العالية، وبكفاءة نخبة من صناع الابتكار، حافظت على مكانتها كوسيلة إعلام مرموقة في عالمنا العربي.
عينها اليوم على تمكين أجيال جديدة من الوصول إلى تقارير عالية الجودة في أي وقت وفي أي مكان، ما يجعل حدودها العالم، طموحها أن تفتح المسار وتقود السرب في فضاء عالمنا العربي، مبتكرة أحدث صيغ النشر الإلكتروني في أشكاله المختلفة، المسموع والمقروء والمرئي، وساعية لابتكار محتوى فائق الجودة يضاهي أرقى الصحف العالمية.
مجلة الرجل في ندوة حوارية لقراءة أبعاد التحول الرقمي لـ"الشرق الأوسط" وسبر مضامينه والآمال المعلقة عليه، واستشراف مستقبل صناعة الإعلام في عالمنا العربي، التقت فرسان الحدث، رواد التغيير وقادة الابتكار في صناعة الإعلام، في هذه الندوة الحوارية وضيوفنا هم:
غسان شربل، وهو اسم غني عن التعريف في المشهد الإعلامي والثقافي، انضم إلى صحيفة الشرق الأوسط في الثمانينيات مديرًا للتحرير، قبل أن ينتقل إلى رئاسة تحرير مجلة "الوسط" ثم جريدة "الحياة"، ليعود إلى دفة القيادة في الشرق الأوسط رئيسًا للتحرير منذ نوفمبر 2016.
زيد بن كمي، مساعد رئيس تحرير "الشرق الأوسط"، التحق بها في 2003 صحافيًّا اقتصاديًّا، ثم مديرًا للتحرير في السعودية.
محمد هاني، مدير التحرير التنفيذي لصحيفة "الشرق الأوسط" منذ 2017، ومسؤول استراتيجية التحول الرقمي.
بدر القحطاني، صحافي ومحرر سياسي متخصص في الملف اليمني.
بدأ عمله مع الصحيفة منذ عام 2008 .
غسان شربل: واثق بقدرة الصحيفة على السباحة في نهر التحولات
سؤالنا الأول توجهنا به إلى رئيس التحرير غسان شربل، ليعلق على اقتراب صحيفة "الشرق الأوسط" من عامها الخامس والأربعين، فبدأ حديثه من نافذة القلب والمشاعر معلقًا: "أشعر أنها شابة لديها الكثير من الأحلام ولديها الكثير من الذكريات والخبرات. وأشعر أيضًا بالثقة بمستقبلها خصوصًا بعدما اختارت الانخراط في التحوّل الرقمي بمنصاتها وأوراقها في إطار استراتيجية التحول التي اعتمدتها المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام SRMG".
ويرى أنه باختيار المؤسسة مثل هذا الانخراط "تحمي نفسها من تجاعيد العمر وتجدد ثقة القراء والمتصفحين بموعدها المفتوح معهم وتضاعف قدرتها على تلبية طلباتهم".
ولفت إلى أن الامتحان ليس بسيطًا، وأضاف: "الصحيفة كانت تمثل كل صباح أمام محكمة القارئ. اليوم تمثل المنصة أمام المتصفحين على مدار الوقت"، ويؤكد "أنا واثق بأن «الشرق الأوسط» قادرة على السباحة في نهر التحولات التكنولوجية والإعلامية لأنها تملك سر السباحة".
ولكن ما هو سر السباحة؟ نسأل رئيس التحرير شربل، ليرد بالقول "سر السباحة أن يكون لديك مضمون جديد ومميز وعمل أنتج بمهنية عالية، وأن يكون قرارك قاطعًا بعدم الاستسلام للتعب أو إغراء الجلوس على ضفة النهر، وهو جلوس يعادل خسارة الموعد مع القطار".
روح الفريق ضمانة
لكل مشروع حوامل وآليات عمل، فكيف يعمل فريق «الشرق الأوسط»؟ يجيب رئيس التحرير شربل: "يعمل بمنطق المؤسسات فيبني كل رئيس تحرير مستندًا إلى ما قدمه من سبقوه. والعمل هو ثمرة فريق من جنسيات عربية مختلفة، ما أتاح تفاعلاً وتمازجًا بين خبرات متنوعة. روح الفريق هي الضمانة كما هو الحال في كرة القدم. أنت تحتاج إلى الهدّاف والمدافع وحارس المرمى والمدرب وإلى تجديد خططك لتلائم التحديات. أقول الفريق لأن الهداف الناجح يحتاج دائمًا إلى التمريرة السريعة المناسبة وإلى حارس مرمى لا يتثاءب. وفي الفريق تلتقي حرارة الشباب بحرفية الخبرات. ودائمًا يبقى الحكم الأخير للقارئ والمتصفح".
تقيم على خط التماس
إذن، نحن أمام محتوى متعدد الصيغ، رقمي ويحاكي أنماط الاستهلاك الحديثة للمعلومات والمواد الصحفية، ولكن هل هذا يكفي؟ أين يكمن ثراء تجربة «الشرق الأوسط»؟ يجيب رئيس التحرير غسان شربل: "يكمن في ما عاشته".
ويضيف "تقيم الصحف الحية أصلاً على خط التماس. خط التحولات السياسية والاقتصادية والفكرية والتكنولوجية. إنها جهاز التقاط حساس تسجل وتفسر وتشرح وتعلق وتنقل. لا أبالغ إن قلت إن «الشرق الأوسط» باتت جزءًا من ذاكرة منطقة الشرق الأوسط والعقود العاصفة الأخيرة فيها".
ويلفت شربل إلى أن تجربة الصحيفة ولدت في لجة الأحداث والتحولات الكبرى، "بعد قليل من ولادة «الشرق الأوسط» حدثت الثورة الإيرانية والحرب المديدة بين العراق وإيران ثم جاء الغزو الإسرائيلي لبيروت وصولًا إلى نهاية الثمانينيات والغزو العراقي للكويت وتداعياته".
ويكمل "ثم إن التسعينيات ولدت على دوي انهيار جدار برلين وبعده فرار الاتحاد السوفييتي إلى المتاحف، وهو تطور من قماشة الحروب العالمية، وإن جرى من دون إطلاق رصاص. وهناك أيضًا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) والغزو الأميركي للعراق وإطلالة «داعش» ومجريات «الربيع العربي» ونهاياته المكلفة".
عاشت «الشرق الأوسط» أيضًا عالم التحولات العلمية والتكنولوجية وهي باتت سلسلة متلاحقة من الثورات.
عاشت أيضًا صخب الأفكار وحركة الثقافة والفنون وشغف الرياضة والمتابعين.
محطة أخرى كانت «الشرق الأوسط» حاضرة في صلبها - بحسب شربل-: "التغييرات التي شهدتها السعودية في السنوات الأخيرة والتحول العميق في إطار «رؤية 2030» وولادة نموذج ملهم للإصلاح والتقدم".
النكهة بالتحدي
لكل منعطف وتحول هدف، فماذا تريد «الشرق الأوسط» من التحول الحالي؟ يوضح شربل: "تريد الوصول عبر منصاتها إلى أوسع شريحة ممكنة من المتصفحين والقراء وتريد الوصول أيضًا إلى أجيال جديدة".
ويلفت رئيس التحرير إلى أن "ما دفع «الشرق الأوسط» لفتح أبوابها لجيل جديد يمتلك القدرات والشغف والإصرار". ويتابع: "إن الشعور الدائم بالتحدي يعطي لهذه المهنة المتعبة نكهة جميلة ومثيرة".
ويخلص للقول: "قصة الإعلام هي أن تكون لديك قصة مميزة ومثيرة للاهتمام. وحين تتوافر القصة لا بد من البحث عن أفضل الأشكال لإيصالها، وهذا الامتحان المفتوح لا يمكن النجاح فيه من دون التدريب والإصرار والاحتراف والكثير من الشغف".
زيد بن كمي: "الشرق الأوسط" كانت تخاطب العين
واليوم تخاطب كل الحواس
تحول مدروس بدقة
بدوره، مساعد رئيس تحرير "الشرق الأوسط" زيد بن كمي في رده على سؤال مجلة الرجل عن سياق استراتيجية تحول "الشرق الأوسط" كشف أنها تندرج "ضمن خطة أشمل للتحول الرقمي رسمت ملامحها «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)»، قبل عامين وتشمل جميع منتجات المجموعة ".
ولفت إلى أن فريق المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام عمل على دراسة السوق العالمي بشكل "كامل ودقيق ومعرفة التغيرات التي طرأت على صناعة الإعلام لتواكب جميع التقنيات الحديثة لتبدأ بعدها مرحلة البناء والعمل للوصول إلى إطلاق مشروع التحول الرقمي لصحيفة الشرق الأوسط".
واعتبر أن "صحيفة الشرق الأوسط وبقيادة ووعي من المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام لها باع طويل في إطلاق المبادرات واستخدام التقنية الحديثة للوصول إلى القراء وزيادة إثراء المحتوى العربي".
المحتوى بكل أشكاله
يحدد بن كمي عناصر التحول الرقمي لـ "الشرق الأوسط" باعتبارها صحيفة شاملة فهي تتضمن "تطوير الموقع الإلكتروني وطرح تطبيق تفاعلي للهواتف المحمولة، إلى جانب قناة «بودكاست» والنشرات البريدية اليومية، إضافة إلى تحديث منصات التواصل الاجتماعي وجميع قنوات التواصل الأخرى مع القراء والمتابعين".
ويضيف: "هذا يشكل جميع التخصصات سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الصحة أو غيرها من الأبواب، لأن التقنية تسهل تقديم المحتوى بمختلف أشكاله وأنماطه للجمهور، ولدينا توسع كبير في الفيديو والمواد الوثائقية سواء المقروءة أو المرئية والمسموعة".
تخاطب جميع الحواس
وحول كفاءة التحول في مخاطبة جمهور متنوع وموزع في العالم بأنماط وثقافات مختلفة، أوضح بن كمي أن صحيفة الشرق الأوسط "استخدمت جميع التقنيات المتقدمة والحديثة سواء على مستوى الطباعة أو الأقمار الصناعية لإرسال الصفحات لمدن متعددة لطباعتها وتوزيعها".
ويشير بن كمي إلى أن صحيفة الشرق الأوسط تعدّ "أول صحيفة عربية أوجدت لها مكانًا في فضاء الإنترنت عبر موقع إلكتروني متكامل منذ منتصف التسعينيات، وبإدارة حصيفة من المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام لا تتردد دومًا في المبادرة إلى استخدام التقنيات الحديثة التي تخاطب المستقبل للوصول إلى القراء وجمهورها في أنحاء المعمورة".
وشرح أن "صحيفة الشرق الأوسط، لديها محتوى ثري جدًّا سواء على المستوى السياسي أو كتاب الرأي أو الاقتصاد أو الرياضة، لذلك في مرحلة التحول الرقمي للشرق الأوسط توسعنا في الفيديو والبودكاست والمواد السمعية والألعاب، وأصبحت صحيفة الشرق الأوسط لا تخاطب العين فقط بل تخاطب جميع الحواس".
(SRMG) صانع وقائد للتغيير
التاريخ ومواكبة الأحداث الكبرى يمنحنا الخبرة والدروس، ولكن ماذا عن الغد؟ كيف ننهض ونرتقي بإعلامنا ليواكب الإعلام الغربي؟ نسأل بن كمي، فيوضح أن "لكل صناعة روادًا وصناعًا وقادة وهم دائمًا من يقودون الأسواق إلى التغير والتحديث والتطوير والمواكبة، ومن ثم يحلق البقية"، وأضاف "السبب في رأيي أن صناع وقادة السوق لديهم الوعي والمتابعة الدقيقة للمتغيرات والجرأة والشجاعة في اتخاذ القرار، لذلك نجد أن المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام هي صانع السوق الإعلامي في العالم العربي لأنها قائدة التغيير ومواكبة للمتغيرات في الصناعة".
ويرى أنه لا يمكن أن نتحدث عن نهوض في الإعلام العربي واستمرار المشاريع الإعلامية دون الإشارة إلى المؤسسات التي تقف خلف تلك المشاريع، شارحًا أنه "لا يكفي أن تنشئ مؤسسة صغيرة أو حزب أو رجل أعمال صحيفةً أو قناةً تلفزيونيةً أو موقعًا إلكترونيًّا ويضمن لها الجودة والديمومة والاستمرارية، شاهدنا عديدًا من وسائل الإعلام التي أنشئت واندثرت بعد حين، وسنشاهد في المستقبل".
محمد هاني: الرقمنة أولاً مع الحفاظ على الجودة والرصانة اللتين تميزان «الشرق الأوسط»
الرقمنة والذكاء الاصطناعي
ولكن كيف تُبنى الخطط في المؤسسات العريقة، سألنا مدير التحرير التنفيذي ومسؤول استراتيجية التحول محمد هاني عن الأعمدة والمرتكزات فأكد أنها "جزء أساسي من استراتيجية التحول والنمو التي أعلنتها الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام SRMG جمانا الراشد".
وأضاف "عكفنا مع فريق الاستراتيجية في المجموعة على دراسة تجارب التحول الرقمي في كبريات المؤسسات العالمية، وأفضل الممارسات في الصناعة، قبل رسم استراتيجية تحول «الشرق الأوسط» وخطة تنفيذها".
وشرح: "كان لدينا وعي بضرورة الحفاظ على الجودة والرصانة اللتين صنعتا تميز «الشرق الأوسط» عبر 45 عامًا، مع نقل محتواها المميّز إلى قاعدة أوسع من القراء والمستخدمين، سواء عبر المنتجات الجديدة مثل «البودكاست» والنشرات البريدية والمقالات المسموعة والألعاب التفاعلية وغيرها، أو تطوير المنتجات القائمة كالموقع الإلكتروني والصحيفة المطبوعة وأشكال الفيديو. كما طوّرنا حضورنا على منصات التواصل الاجتماعي الأساسية، وأدخلنا منصات جديدة".
التطوير شمل أيضًا الاستراتيجية التحريرية لـ«الشرق الأوسط»، عبر تعزيز التغطية السياسية والثقافية، وتوسيع التغطيات النوعية في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والصحة.
وتابع: "أجرينا كذلك عملية تحديث شاملة لدورة العمل التي بات مبدؤها «الرقمية أولًا»، وبموازاة ذلك حدّثت SRMG البنية التكنولوجية لمنصاتنا، من نظم إدارة المحتوى إلى برمجة المنصات المختلفة ودعمها بأدوات الذكاء الاصطناعي".
تدريب مكثف
ولكن مهارات الفريق التقليدي ربما لا تجدي مع التحولات الرقمية المتسارعة، كيف تعاملت الشرق الأوسط مع هذا التحدي؟ يشرح مسؤول التحول الرقمي محمد هاني أن "القاسم المشترك بينهما أن المحتوى الجيد هو أهم متطلبات النجاح. نؤمن بأن لدينا في «الشرق الأوسط» مجموعة من أفضل الكفاءات الصحافية في العالم العربي، لذلك استثمرنا، بدعم المجموعة، في وضع برامج تدريبية مكثفة للفريق لتمكينه من مواكبة آخر متغيرات الصناعة. أجرينا على مدى أكثر من سنة تدريبات مكثفة للمراسلين والمحررين وطواقم الإنتاج بالتعاون مع أكاديمية SRMG التي وفرت مجموعة من أفضل الخبراء من حول العالم".
وفي موازاة هذا المسار، يقول هاني: "أطلقنا برنامجًا طموحًا لاستقطاب كفاءات جديدة، لدعم فريق «الشرق الأوسط» بأصحاب مهارات متنوعة يساهمون الآن بالفعل في المنتجات الجديدة. ولا يزال توسيع فريقنا مستمرًّا لمواكبة النمو المرتقب".
المبدع ورقصة التانغو
ولكن ماذا عن القول بأن الذكاء الاصطناعي الإعلامي سيؤدي إلى فقدان عدد هائل من العاملين لوظائفهم، سيحالون إلى التقاعد لصالح آلة تكتب لنا ما نقرأ وتحرر لنا ما نرغب؟ يعلق محمد هاني بأن "الصحافة مهنة ميدانية وإبداعية في الأساس. هذان العنصران لا توفرهما نماذج الذكاء الاصطناعي المعتمدة على إعادة إنتاج جيدة لما راكمه البشر بالفعل. ولذلك يبقى الصحافي المهني المبدع الركيزة الأساسية للصحافة الجيدة التي تقدم جديدًا".
المهم برأيه "أن نتعامل مع المتغيرات بعقل مفتوح، من دون التمسك بممارسات لم تعد تخدم الوسيلة ولا الجمهور. فصناعة الصحافة، منذ بداياتها، لم تتوقف عن التطور، وكأنها في رقصة «تانغو» دائمة مع التكنولوجيا وتحولاتها. سخّرت الصحافة التكنولوجيات الجديدة دائمًا لخدمتها، سواء في الطباعة أو البث المباشر أو إطلاق المواقع وغيرها. والآن نكتشف تطبيقات كثيرة للذكاء الاصطناعي تساعد الصحافيين في عملهم اليومي".
ويضيف: "هذا لا يعني أن التحديات الحالية ليست كبيرة، وعلى رأسها النموذج المالي الذي يضمن الاستمرارية والانتشار، لكن يجب ألاّ تكون إجابتنا عليها الخوف غير المبرر والتجمد في لحظة ما قبل الإعلام الرقمي، لأن هذا هو التهديد الحقيقي بالخروج إلى المتحف للأبد".
ويقول باختصار: "الصحافي المبتكر المهني المبدع لن يحال إلى التقاعد. من سيحال إلى التقاعد، في وجود الآلة أو في غيابها، هو الصحافي الكسول العاجز عن التكيف مع تغير عادات قرائه ومتطلبات مهنته".
ضاعفنا جمهورنا والقادم أفضل
بعد إنجاز التحول الرقمي وتدريب الكوادر تبقى المهمة الأصعب هي توسيع قاعدة الجمهور والوصول إلى جيل جديد من المتلقين، هذا الهدف يؤكده فريق الشرق الأوسط، ولكن ما السبيل لتحقيقه؟ وإلامَ يستند تأكيدهم؟ محمد هاني يجيب: "كلنا ثقة بقدرتنا على الوصول بمحتوى «الشرق الأوسط» إلى قراء جدد لأن الحلة الجديدة ليست تغييرًا في الشكل فقط، على أهميته في الإعلام الرقمي، بل أيضًا في المنتجات والمضمون وأساليب التحرير".
ويؤكد أن الوصول إلى قطاعات جديدة من الجمهور على رأس أولويات استراتيجية SRMG لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: "أرى أن الفرصة كبيرة جدًّا. فمن التغطية الموسعة لمجالات تهم قطاعات أوسع من القراء كالصحة والتكنولوجيا، إلى المنصات التي دخلناها للمرة الأولى، والمنتجات الجديدة التي أطلقناها، لدينا العديد من العوامل التي ستساعد على توسيع قاعدة جمهورنا".
ويكشف هاني "في السنوات الخمس الماضية، اختبرنا شيئًا من هذا حين ضاعفنا عدد قراء «الشرق الأوسط» وزاد عدد قرائنا من النساء بشكل كبير، كما انضمت شرائح أكثر شبابًا إلى جمهورنا. وفي ظل استراتيجية SRMG المُمكِنة، لا شك أن القادم أفضل".
بدر القحطاني: برقية جمانا الراشد أيقونة إعلان
وعهد جديد للصحيفة والمجموعة
أسلوب حياة
ننتقل إلى أحد كوادر فريق "الشرق الأوسط" الصحافي بدر القحطاني لنسأله كيف تلقى وتفاعل مع مشروع التغيير الرقمي؟ يقول "كانت أول رسالة بريدية من الرئيسة التنفيذية الأستاذة جمانا الراشد حول الاستراتيجية بمنزلة أيقونة إعلان عهد جديد للمجموعة وللصحيفة".
يصف القحطاني تجربته مع "الشرق الأوسط بأنها "ليست مجرد مكتب أو وظيفة بل أسلوب حياة"، موضحًا أن "هذا النهج في الصحيفة هو تقليد استمر منذ 45 عامًا. كنت من المحظوظين في الصحافة العربية أنْ التحقت بالصحيفة منذ أولى سنواتي الصحافية. وما زلت أتذكر فرحتي بأول مادة تحمل اسمي في شهر يونيو عام 2008".
مجرد بداية
"أكثر من هذا، لقد أفرد مشروع التحول الرقمي مساحة خاصة للاهتمام بمنصات التواصل الاجتماعي"، هذا ما يشرحه القحطاني من واقع تجربته الشخصية يقول: "أعمل على سبيل المثال بالإضافة إلى المهام التحريرية اليومية، على مشروع الخدمات الصوتية للصحيفة. وبدأت "الشرق الأوسط" بإطلاق بودكاست "إيجاز" وهو عبارة عن تعليق من أحد محرري أو مراسلي الصحيفة مصحوبا بعناوين وجولة على مقالات مختارة. كما جرى توفير كل مقالات الرأي في الصحيفة بصيغة مسموعة وجذابة. وتبقى هذه المنتجات مجرد بداية لمشاريع أخرى، وهو ما تؤكده لنا إدارة الصحيفة منذ بدأنا مشروع التحول الرقمي".
الاستثمار في الأصول
وعن حاجة الكوادر الصحفية إلى تحديث أدواتهم لتتواءم مع التغيير الرقمي، يؤكد القحطاني أنهم "في أمس الحاجة إلى التوسع العمودي والأفقي. العمودي يمثل مهاراتهم الأساسية وتقاليد وثوابت المهنة. الأفقية، تدور حول التوسع في المنتجات الرقمية بمختلف أشكالها وطرق أبواب ومغامرات جديدة"، ويلفت إلى أن ذلك "يحتاج إلى إدارة ترمي إلى الاستثمار الكبير في أصولها الأساسية، وهي الصحافيون والموظفون، ومن ثم التدريب المستمر والحرص على أفضل جودة ممكنة في السوق".
نحاكي نجاح الرؤية السعودية
ونختم مع تأكيد الصحافي السعودي القحطاني ما سبق وأشار إليه رئيس التحرير في مواكبة الشرق الأوسط لرؤية المملكة العربية السعودية 2030، ويضيف: "بالنسبة لي شخصيًّا رؤية 2030 تعد فلسفة تطور وتحسن مستمرين. مثلما استطاعت دولة بحجم السعودية أن تشهد هذا الكم الهائل من التطور في سنوات قليلة بفضل القيادة الحكيمة وعراب الرؤية، يجدر بالمؤسسات والشركات ومختلف القطاعات أن تستلهم من هذه التجربة، وأن تحاكي الإقدام الذي تكلل بالنجاح منذ أولى سنوات إطلاقها".