لماذا تظهر كدمات مفاجئة على أجسامنا؟ وكيف نتعامل معها؟
ما الكدمات إلاّ نزيف وتجمُّع للدم أسفل الجلد، ولا يعني ظهورها فجأةً الإصابة بمرضٍ ما حتمًا، ولكن قد ينجم ذلك عن إصابة، خصوصًا مع ممارسة التمارين الرياضية الشديدة، أو ربَّما لضعف دفاعات الجسم تجاه النزيف كما يحدث عند تناول بعض الأدوية.
وقد تكون الكدمات المفاجئة دليلًا على نقص بعض الفيتامينات، مثل: فيتامين سي، أو المعادن كالحديد، فكيف يُمكِن علاجها؟ ومتى تكون خطرة؟
أسباب ظهور الكدمات المفاجئة
تضمُّ أشهر أسباب ظهور الكدمات المفاجئة في الجسم ما يلي:
1- النشاط البدني المُكثَّف
النشاط البدني المُكثَّف من الأسباب الخفية للكدمات، فقد تنجم عن إصاباتٍ جسدية طفيفة في أثناء ممارسة الرياضة، أو عقب السقوط، أو غير ذلك من المواقف التي يتعرَّض لها أي إنسانٍ خلال النشاط البدني.
وأشار موقع "healthline" إلى أنَّ ممارسة التمارين الرياضية المُكثَّفة، لا تُؤدِّي إلى آلام العضلات فحسب، بل تتسبَّب في ظهور كدماتٍ حولها؛ إذ يصحب إجهاد العضلة إصابة في أنسجتها، ما قد يسمح بانفجار الأوعية الدموية، وتسرُّب الدم في المنطقة المُحِيطة بالعضلة، ومِنْ ثَمَّ تكون الكدمة.
تزداد فرص الإصابة بكدماتٍ مفاجئة أثناء التمارين الرياضية في حالة:
- عدم ممارستها بأمثل طريقة.
- الركض أو القفز فوق الأسطح الصلبة.
- سرعة تغيير شدة التمارين.
2- العُمر
قد تترك الإصابات الطفيفة كدمة لدى كبار السن، وينجم ذلك جزئيًّا عن شيخوخة الجلد؛ إذ يفقد قوته ومرونته، ويستغرق تعافيه وقتًا أطول بعد الإصابات.
إذ بمرور الأيام، تُصبِح الأوعية الدموية أهشّ، كما يُفقَد المزيد من الكولاجين والإيلاستين، وبعض النسيج الدهني تحت الجلد، والتي كانت حاجزًا حاميًا للأوعية الدموية الصغيرة.
3- الأدوية
يجدر معرفة المعلومات الخاصة بأيِّ دواءٍ تتناوله، فربَّما كانت الكدمات المفاجئة أثرًا جانبيًّا لأحد الأدوية، فقد تُسهِّل الأدوية الآتية ظهور الكدمات:
- أدوية السيولة: مثل وارفارين.
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (المُسكِّنات عدا الباراسيتامول): مثل الأسبرين، ايبوبروفين.
- الستيرويدات: أو ما يُعرَف بأدوية الكورتيزون.
إلى جانب كرات الدم الحمراء والبيضاء المُتجوِّلة في الدم، تُوجَد صفائح دموية تُحافِظ على الدم الذي تسبح فيه هذه الكُريّات؛ إذ تمنع الصفائح الدموية النزيف، ومِنْ ثَمَّ فعند نقصها تزداد فرص النزيف، ومن ذلك الكدمات بالطبع.
تُؤثِّر أدوية السيولة ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية في وظائف الصفائح الدموية، ما قد يُعزِّز ظهور الكدمات المفاجئة، وقد لا تُسبِّب أدوية السيولة الكدمات مباشرةً، لكنَّ الاستخدام المُطوَّل لها قد يُسهِّل تكوّن الكدمات.
كذلك الستيرويدات تُسبِّب الكدمات كأثرٍ جانبيٍ لها، وقد يُؤدِّي استخدامها موضعيًّا لفترات طويلة (كما في علاج الالتهابات الجلدية) إلى رقة الجلد، وسهولة بروز الكدمات.
اقرأ أيضًا: 8 أسباب لنزيف الأنف.. والوقاية ليست صعبة
4- نقص الفيتامينات
عادةً يكون نقص الفيتامينات خفيٌ غير واضح الملامح أو الأعراض إلَّا لو كان النقص حادًّا، وقد تدلّ الكدمات المفاجئة أو المجهولة السبب على نقص بعض الفيتامينات، والتي قد تضمُّ أيًا مِمَّا يلي:
- فيتامين سي: ناهيك عن دوره في تقوية مناعة الجسم وامتصاص الحديد، فإنَّ له دورًا لا يقل أهمية في التئام الجروح وتكوين الكولاجين، لذا يُؤدِّي نقصه إلى بروز الكدمات بسهولة بالغة.
- فيتامين ك: فيتامين ك مهم لتخثُّر الدم ومنع النزيف؛ إذ مع انحدار مستوياته في الدم، لا تتكوَّن خثرات الدم (ما يمنع النزيف) بسرعةٍ كافية، ومِنْ ثَمَّ يتجمع مزيد من الدم أسفل الجلد وتتكوَّن كدمات.
- الحديد: يُسهِم الحديد في توصيل الأكسجين إلى كل خلايا الجسم ببنائه الهيموغلوبين داخل كرات الدم الحمراء، ومِنْ ثَمَّ فقد يُؤدِّي نقصه إلى عدم وصول الأكسجين بما يكفي إلى البشرة، مِمَّا يجعلها عُرضةً لمزيدٍ من الكدمات.
يُعرَف نوع الفيتامين الناقص في الجسم والمُسبِّب للكدمات حسب الأعراض الأخرى المُصاحبة، فلنقص فيتامين سي علامات، مثل: تورُّم اللثة، وكذلك من علامات نقص فيتامين ك النزيف الشديد، وأمَّا عن نقص الحديد فأشهر ما يُذكر، الإرهاق وضيق التنفُّس وغيرها من علامات فقر الدم (الأنيميا) دليل عليه.
5- اضطراب النزيف
قد تُسبِّب بعض اضطرابات النزيف كدمات إلى جانب النزيف المُتفاقِم في أماكن أخرى من الجسم، مثل: الهيموفيليا، أو مرض فون ويلبراند الناجم عن نقص بعض بروتينات التخثُّر.
أحد دلائل المعاناة من اضطرابات النزيف ليست الكدمات فقط، بل أن يصحبها نزيف في موضعٍ آخر، مثل نزيف الأنف، أو نزيف اللثة، أو غيرهما.
طرق علاج الكدمات المفاجئة
لا تحتاج الكدمات الخفيفة إلى علاج، لكن في حالة الكدمات البارزة نتيجة إصابة، أو سقوط على الأرض، فينبغي اتِّباع ما يلي:
- الراحة أولًا.
- وضع ثلج على مكان الكدمة مُدّة 15 دقيقة كل ساعة.
- إبقاء المنطقة المُصابة بكدمة مرفوعة، وعدم إنهاكها في نشاطٍ بدني.
- تناول الباراسيتامول لتخفيف الألم.
هذه الطريقة مناسبة لعلاج الكدمة المفاجئة التي تعقب التمارين الرياضية الشديدة، فقد تُسهِم في منع توسُّع الكدمة وانتشارها، وتقتصر فائدتها فقط في أول 24 ساعة منذ ظهور الكدمة، أمَّا بعد ذلك فالحرارة مُفضَّلة عن الثلج في تخفيف الكدمة.
ويعتمد علاج الكدمات المفاجئة عمومًا على سبب ظهورها، ولا يُعرَف السبب إلَّا بعد تشخيص الطبيب له، فقد يحتاج بعض الناس إلى التقليل من تناول الأدوية المُسبِّبة لظهور الكدمات، بينما يكون آخرون بحاجةٍ إلى تعويض نقص الفيتامينات المُشتبَه تسبُّبها في الكدمات المفاجئة.
هل تُخلِّف لدغات الحشرات كدمات؟
لا يُشترَط ظهور كدمات دومًا بعد لدغات الحشرات، لكن قد تتكوَّن كدمة صغيرة إذا تعرَّضت للدغ من قبل حشراتٍ بعينها.
اقرأ أيضًا: خطوات الإسعافات الأولية بالتفصيل لمعظم الإصابات الطارئة
كم يستمر ظهور الكدمات حتى زوالها؟
تتعافى الكدمات مفاجئةً أو غير ذلك في غضون أسبوعين منذ وقت الإصابة، أو وقت ظهورها، وحال المُعاناة من ألمٍ تزامنًا معها، يُنصَح باستخدام كمَّادات باردة، ورفع المنطقة المُصابة قليلًا.
يُسهِم ذلك في تسريع التعافي، وتخفيف الالتهاب، ومنع تراكم مزيدٍ من الدم، ومِنْ ثَمَّ زوال الكدمة سريعًا.
هل للكدمات مخاطر؟
نادرًا ما تُسبِّب الكدمات مضاعفاتٍ خطيرة، لكن قد تدل أعراضٌ أخرى مصاحبة لها على الإصابة بالعدوى، مثل: الاحمرار، أو ارتفاع درجة الحرارة، كما قد تنشأ مضاعفاتٍ تبعًا لسبب الكدمات لا للكدمة ذاتها، مثل اضطرابات النزيف، فقد تُسبِّب نزيفًا شديدًا.
الوقاية من الكدمات المفاجئة
يصعب تفادي الكدمات المفاجئة نهائيًّا، خاصةً إذا لم يُعرَف سببها بعد، لكن إذا كُنتَ من ذوي النشاط البدني المُكثَّف، أو ممن يمارسون رياضات تتطلَّب حركة واحتكاكًا، فربَّما ينبغي ارتداء ملابس واقية أثناء التمارين للوقاية من الكدمات.
كذلك من النصائح المهمة ترتيب أثاث المنزل، وعدم ترك فوضويٌ؛ لعدم الارتطام بشيءٍ منه؛ إذ قد يعقب ذلك كدمة ولو بعد حين.
أيضًا ينبغي تجنُّب أدوية السيولة، أو أي دواءٍ يزيد النزيف، وكذلك علاج الأمراض التي تُعانيها؛ إذ للكدمات أسبابٌ غير المذكورة سلفًا، مثل: أمراض الكبد، أو مرض السكري، ومِنْ ثَمَّ فالمسارعة في العلاج تمنع ظهور الكدمات.
متى تزور الطبيب؟
ليست الكدمات خطرة غالبًا، لكن تتأكَّد الحاجة إلى زيارة الطبيب في حالة:
- الإصابة بكدمةٍ كبيرة أو كدمات صغيرة عديدة دون سببٍ واضح.
- علامات العدوى بجانب الكدمة، مثل: ارتفاع درجة الحرارة.
- عدم اختفاء الكدمة أو تحسُّنها في وقتٍ معقول (يستغرق زوالها أسبوعين غالبًا).
- كدمات مؤلمة أو كبيرة عقب إصابة جسدية.
- تكرار الإصابة بكدمات مؤخرًا.
- ظهور الكدمات بعد الشروع في تناول دواءٍ جديد.