طائرة "ديستينوس".. سافر من نيويورك إلى لندن في 90 دقيقة
هل جرّبت البقاء في الطائرة 20 ساعة أو أكثر في رحلتك بين أوروبا وأستراليا من قبل؟ هل وصفت رحلتك بأنها صورة من صور "التعذيب" بعد مرورك بتلك التجربة؟
لكن لا داعي للقلق، فكل هذا في طريقه ليصبح من الماضي، فقد دفعت شكاوى رجال الأعمال وكبار المسؤولين من إهدار الوقت في السفر، شركة "ديستينوس Destinus" السويسرية الناشئة، لتطوير طائرة نفاثة تفوق سرعة الصوت تعمل بالهيدروجين، تستهدف نقل الركاب من ولاية نيويورك الأمريكية إلى العاصمة البريطانية لندن في أقل من 90 دقيقة.
ديستينوس تُحدث ثورة في النقل الجوي
تستهدف "ديستينوس" إحداث ثورة في النقل الجوي، بطائرة هجينة تفوق سرعتها سرعة الصوت، تجمع بين محركات نفاثة تعمل بالوقود الهيدروجين، من أجل الإقلاع والهبوط والقيام برحلات بسرعات دون سرعة الصوت وفوقها، مع محرك صاروخي منفصل نفاث، يعزز الطائرة إلى سرعات تفوق سرعة الصوت.
النتيجة ستكون طائرة فائقة الارتفاع تصعد إلى ارتفاعات قريبة من الفضاء، وتسارع إلى 15 ماخ، قادرة على الوصول إلى أستراليا من أوروبا في ساعات معدودة "بطريقة محايدة مناخيًّا".
وتسعى الشركة أيضًا إلى تطوير طائرة شحن أخرى فائقة السرعة، قادرة على توصيل الشحنات الجوية العاجلة في أي مكان على هذا الكوكب بين 6 إلى 12 ساعة، بدلاً من 24-72 ساعة، وبتكلفة مماثلة.
اقرأ أيضًا: طائرة «جلف ستريم جي 800» تحلق دون توقف لنحو 15 ألف كيلومتر
ديستينوس تستعين بـ80 مهندسًا وخبيرًا
رغم مقرها في "كانتون فود" بسويسرا، توظف ديستينوس فريقًا من حوالي 80 مهندسًا وخبيرًا في الديناميكا الهوائية، منتشرين عبر عدة مواقع أوروبية من ألمانيا وفرنسا إلى إسبانيا.
يطور المهندسون، طائرة نفاثة تفوق سرعة الصوت تعمل بالهيدروجين، يمكنها تقليل وقت السفر من أوروبا إلى أستراليا إلى نحو 4 ساعات، مقارنة بالرحلة الحالية التي تستغرق نحو 20 ساعة.
وكانت الشركة تختبر نموذجها الأولي لطائرتها على مدار العامين الماضيين، حيث أعلنت عن رحلات تجريبية ناجحة لنموذجها باسم "Eiger" نهاية عام 2022، لتشارك في برنامج تديره وزارة العلوم الإسبانية، كجزء من خطط حكومة مدريد لتطوير رحلات جوية أسرع من الصوت تعمل بالهيدروجين.
وزارة الدفاع الإسبانية تدعم أبحاث ديستينوس
نجحت الشركة في الحصول على منحتين بحثيتين من وزارة الدفاع الإسبانية، الأولى تمول بناء منشأة اختبار قرب العاصمة مدريد لمحركات الهيدروجين، تشارك Destinus في تصميمها مع شركتي المحركات الإسبانية "OEM" و"ITP Aero".
أما المنحة الثانية فتمول البحث في جوانب الدفع الهيدروجين السائل، بهدف تكييف المحركات النفاثة الحالية للطائرات الأسرع من الصوت، التي تعمل بالهيدروجين في المستقبل.
وتعد الطاقة الهيدروجينية موضوعًا لكثير من البحث والتطوير بسبب اعتمادها كطاقة خضراء، حيث تكون المنتجات الثانوية الرئيسة لاحتراق الهيدروجين هي الحرارة والماء.
ويعد المشروع جزءًا من جهود إسبانيا، لتصدر موجة تطوير وصنع المركبات القائمة على الهيدروجين للنقل في مختلف المجالات.
مليار دولار لتطوير الطائرة النفاثة
كشف مؤسس شركة "ديستينوس" ميخائيل كوكوريتش، عن جمع شركته لنحو 50 مليون دولار حتى الآن، اعتبرها بعيدة جدًّا عن مليار دولار، تحتاج إليه الشركة لتحقيق طموحها في بناء طائرة تجارية تفوق سرعة الصوت تعمل بالهيدروجين.
وبدوره، قال دافيد بونيتي، نائب رئيس تطوير الأعمال والمنتجات في ديستينوس: "يسعدنا أن نحصل على هذه المنح، خاصة لأنها علامة واضحة على أن شركتنا تتماشى مع الخطوط الاستراتيجية لإسبانيا وأوروبا، لتعزيز رحلة الهيدروجين".
وأضاف: "بالنسبة لشركات التكنولوجيا العميقة مثلنا، يعد الوصول إلى أموال من الاتحاد الأوروبي أمرًا ضروريًّا لإجراء البحوث المتقدمة وتسريع الابتكار المطلوب للتنافس على نطاق عالمي.. فمع هذه المنح، ستكون الحلول القائمة على الهيدروجين لحركة الطيران أقرب إلى أن تصبح حقيقة واقعة".
اقرأ أيضًا: أغلى 20 طائرة خاصة في العالم.. فخامة وراحة استثنائية
موعد أول رحلة لأسرع طائرة شحن تعمل بالهيدروجين
أعلنت ديستينوس عن تخطيطها لإجراء أول رحلات شحن عابرة للقارات بطائرة أسرع من الصوت تعمل بالهيدروجين، حمولتها طن واحد عام 2025، مع المرحلة النهائية من 100 طن في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2029.
وحاليًّا، بدلاً من الانغماس في سوق الشحن الجوي السريع -الذي تقدر ديستينوس قيمته بـ60 مليار دولار- تركز الشركة الناشئة على تطوير طائرة نقل جوي تفوق سرعة الصوت تتسع لـ25 راكبًا، وستكون الطائرات المتتالية أكبر حجمًا بشكل تدريجي، حتى 100 راكب وأكثر.
مدارج ومطارات خاصة للرحلات الأسرع من الصوت
يجب أن تقلع أول طائرة عملاقة يبلغ عددها 25 راكبًا من مدارج يتجاوز ارتفاعها 3 آلاف متر، في مجموعة مختارة من المطارات الدولية البعيدة إلى حد ما، لأسباب تتعلق بالضوضاء الناتجة عن الطائرة بحلول عام 2030 أو 2032، وفقًا للشركة السويسرية.
وليس من المستغرب أن يكون المخطط والجدول الزمني متطابقين تقريبًا مع تلك التي وضعتها شركات Space Transportation أو Hermeus أو Venus أو Boom.
وأضافت "ديستينوس" أن تقنيتها ستقوم برحلة من فرانكفورت إلى سيدني تستغرق 4 ساعات و15 دقيقة فقط، مقابل 20 ساعة في الطائرات المتوفرة في السوق حاليًّا، بينما تستغرق الرحلة من فرانكفورت إلى شنغهاي ساعتين و45 دقيقة، أي أقل بثماني ساعات من مدة الرحلة حاليًّا.
وخلال العمل على تسريع تكنولوجيا المحركات التي تعمل بالهيدروجين فقط، ستختبر الشركة قريبًا محركًا نفاثًا يستخدم مخلفات ما بعد احتراق الهيدروجين.
تكلفة استخدام الهيدروجين مقابل الوقود العادي
يتجاوز سعر لتر الهيدروجين السائل 15.67 دولار، بينما يبلغ سعر لتر وقود الطائرات نحو 0.68 دولار.
كما أن تكلفة شحن الهيدروجين السائل أعلى بخمس مرات من تكلفة الغاز الطبيعي السائل وأغلى بكثير من النفط.
علاوة على ذلك، لا توجد بنية تحتية للهيدروجين في المطارات الدولية، ولن يتم إقناعهم ببنائه إلا من خلال تقديم مبالغ ضخمة من المال، أو عن طريق طلب الركاب.
كذلك، تشير "ديستينوس" إلى عدد من مبادرات البحث والتطوير الدولية، الهادفة لخفض أسعار الهيدروجين، لجعل سائله أرخص بكثير.