هل تحرر ثورة الذكاء الاصطناعي الموظفين من العمل في المكاتب؟
هل يحتاج الموظفون للذهاب إلى مكاتبهم بشكل دوري في مواعيد العمل المحددة حتى مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي؟ أم يمكن الاعتماد على نظام العمل عن بُعد، أو النظام الهجين الذي يجمع بين العمل في المكتب والمنزل بتنسيق الأيام؟
في ظل ما شهدته الفترة الماضية من قفزات كبرى على الصعيد التقني، خاصة مع بدء عصر الشات جي بي تي وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، بدأت تتزايد التساؤلات حول الطريقة التي قد تفتح بها أدوات الذكاء الاصطناعي آفاقا جديدة لإنجاز المهام المختلفة، ولهذا تقدم "الرجل" في السطور التالية أهم إسهامات أدوات الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال.
سهولة التواصل والتنسيق
تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي على مشاركة وتنسيق المعلومات باحترافية، وكذلك تقليل الحاجة إلى النزول للمكاتب وتسهيل العمل عن بعد، وذلك عبر الوصول الفوري للبيانات والوثائق المطلوبة في ثوانٍ معدودة، جنبا إلى جنب مع قنوات الاتصال المتنوعة التي تعمل على تحقيق التعاون بين كافة القطاعات.
ومع دمج الذكاء الاصطناعي بأنظمة مشاركة المعلومات، يمكن للموظفين تحديد وإيجاد الموارد اللازمة لاستكمال أعمالهم، مع تقديم توصيات ذكية للاجتماعات والموارد وتقليل الوقت المنقضي في المكاتب، للبحث عن المستندات أو انتظار الرد على الاستفسارات من قبل الزملاء.
ورغم أن واحدة من مشكلات العمل عن بعد هي الشعور بالوحدة والانعزال، لكن حتى هذه المشكلة يعمل الذكاء الاصطناعي على حلها بتحسين أدوات التواصل عند بعد مثل الاجتماعات المباشرة الاحترافية، وتعديل تفاصيلها مثل الإضاءة وصور الخلفية، وظهور الأشخاص على قدر من الاحترافية، إضافة لميزات أخرى كالنسخ، الترجمة والتسميات التوضيحية التي تكتب الكلمات المنطوقة في وقتها الفعلي بدقة عالية.
تحسين الإنتاجية والعمل الجماعي
تستعين أنظمة الشركات، التي تعتمد بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي، بمجموعة من المهارات لتشكيل فريق العمل الأمثل وإنشاء مجموعات افتراضية لتحقيق الأهداف الموضوعة لها.
فيمكن مثلا للموظف الذي يعمل عن بُعد الانخراط والتركيز في التعلم من العمل الجماعي، واستخدام المحتوى والموارد المنسقة من قبل الذكاء الاصطناعي، ما يعزز الشعور بالترابط، ويشجع على تبادل المعرفة والخبرات، ويقلل مشكلات الموظف المستقل الذي لا يفضل الانخراط مع زملاء العمل.
وبخلاف ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة إنتاجية، تسهم فى تحرير الموظف من قيود المهام المتكررة والمتشابهة، ما يسمح بالتركيز على أداء الأنشطة ذات القيمة الأعلى، فيتمكن الموظفون عن بُعد من إتمام المهام العادية باستخدام الذكاء الاصطناعي كليّة، وبالتالي تبسيط سير العمل وتحقيق قدر أعلى من الكفاءة والتنظيم.
إضافة لذلك، يمكن لتلك التقنيات معرفة النقاط التي قد تسهم في تحسين أداء الموظفين وتقديم توصيات تعزز مستواهم ومسارهم الوظيفي مع إدارة الوقت بفاعلية وتحديد الأولويات بطريقة تزيد الإنتاجية بصورة ملحوظة وتقليل الجهد المبذول في العمل.
كذلك، تفهم برامج الذكاء الاصطناعي الاستفسارات المختلفة وتقدم إجابات تفصيلية، ما يُمكّن الموظف من الوصول للمعلومة في وقت قياسي من مصادر مختلفة.
ويستطيع الذكاء الاصطناعي تنمية مهارات الموظفين عبر تخصيص مسارات للتعلم، وتقديم موارد متخصصة لكل شخص حسب احتياجاته عبر تحليل نقاط القوة والضعف والاهتمامات الفردية، وهو ما يؤدي للحفاظ على القدرة التنافسية للموظف وزيادة مهاراته.
كما يعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين التواصل والتعليقات بين الموظفين، وهو ما يكون له أثره الجيد في خلق بيئة عمل داعمة وصحية.
اقرأ أيضًا: هل العمل عن بعد أفضل من المكتب؟ دراسة تكشف
الخصوصية والأمن
قد يثير العمل عن بعد مخاوف بعض الأشخاص بشأن الخصوصية والأمان، لكن الذكاء الاصطناعي يقدم أدوات تضمن خصوصية الموظفين، بدوره مثلا في كشف الهجمات الإلكترونية ومنعها، مراقبة الشبكات والأجهزة للبحث عن محاولات الوصول غير المصرح بها، تحديد نقاط الضعف المحتملة بسرعة وإبطال مفعول التهديدات.
ويمكن للذكاء الاصطناعي تشفير البيانات، فرض سياسات الحماية من أجل الحفاظ عليها، وضمان قدرة الموظفين على الوصول إلى موارد الشركة ومشاركتها دون المساس بأمان تلك الموارد، وهو شيء مهم في الصناعات التي تتعامل مع البيانات الحساسة، كالرعاية الصحية والتمويل والبنوك.
تحسين جودة الحياة
يحسّن الذكاء الاصطناعي من جودة حياة الموظفين عن بعد، وذلك بمراقبة المؤشرات الصحية وتقديم الملاحظات عبر تحليل بيانات أجهزة المراقبة الصحية والأجهزة التي يمكن ارتداؤها كالساعات الذكية.
كما يقدم توصيات مخصصة للحفاظ على الصحة البدنية والعقلية، واقتراحات التمارين وتقديم الأنظمة الغذائية المناسبة، والتذكير بأخذ فترات راحة، والحد من التوتر لتجنب الإرهاق والحفاظ على الصحة العقلية والنفسية.
اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها السعودية؟
مخاطر الذكاء الاصطناعي
ينطوي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي على بعض المخاطر والمشكلات مثل:
- المسؤولية القانونية المتعلقة بالقرارات: فمع استقلالية وتطور تلك الأنظمة، تزداد التساؤلات حول المسؤولية القانونية التي تقع حين يرتكب الذكاء الاصطناعي خطأ أو يتسبب في ضرر، لذا يجب على الشركات اتخاذ خطوات تحد من مهام ومسؤوليات الذكاء الاصطناعي، ومن ثم وضع مبادئ توجيهية ولوائح واضحة لتجنب مثل هذه المشكلات.
- مراعاة احتمالية التحيز: فمع تدرب أنظمة الذكاء الاصطناعي على مجموعة هائلة من البيانات مختلفة المصادر، فإنها قد تنحاز للبيانات التي تعرضت لها على حساب البيانات الأخرى الموجودة في مصادر مختلفة، وهو ما قد يؤدي لظلم بعض الأفراد والجماعات. ولهذا يجب على المؤسسات إعطاء الأولوية للشفافية والمساءلة في أنظمة الذكاء الاصطناعي عبر عمليات التدقيق المنتظمة والتأكد من تطويرها بصورة مستمرة.