قوة الرجل الثاني.. كيف تحقق أهدافك حين تكون «نائب المدير»؟
مقعد الرجل الثاني ليس مريحًا، إلا إذا كان محطة انتظار لتولّي القيادة، لكن عدم وجود السلطة الرسمية كاملةً بيديك لا يمنعك من أن تقتنصَ الفرص، وتعدّ نفسك وتهيّئ الملعب لاستقبالك حين تصبح «الرجل الأول».
لا يزال الكثير في جعبة نائب المدير، الذي يسعى إلى المكانة، كي تدنو منه أهدافه، وتتحقق له القوة الفارِقة التي تمكّنه من أن يكون لاعبًا أساسيًّا في أجواءٍ حافِلة بالمنافسة، فالكثير من المديرين التنفيذيين أو العامين، يتركون الساحة لنوابهم، لكنّ آخرين يحتكرون السلطة والقيادة ويديرون شركاتهم بالصراعات بين موظفيهم، فكيف تتجاوز كلَّ تلك المنافسات الساخنة وتصبح «عقل» الرجل الأول الذي يحكمُ كُلَّ شيء؟
1. اختر لحظات ظهورِك بعناية
اترك مقعدك، واصعد للقيادة حين تكون متحمّسًا بحق لقضية ما، وتملك جميع مفاتيحها، وتعرّف كيف تسبق الجميع إلى حلِّها، وتُمسك بـ«سر أسرارها» الذي سيُمكّنك من تحقيق الأهداف العامّة للشركة بخبرة، وتولَّ الأمر بجديّة، وحقق نتائج تجعل تصدّرك المشهد حدثًا فريدًا، يمكن أن يكونَ نادرًا، لكن حضورك المميّز المرتبط بالنجاح والتحقق وجلب المكاسب يؤصّل صورتك الذهنية كـ«حصان أسود» خبير بقيادة المواقف الصعبة، ولا يتورّط في القضايا الصغيرة.
لا تمنح لحظات الظهور الرجل الثاني ثقة المدير التنفيذي وحده، وشعوره بأن اختياره كان صحيحًا رغم «حِيَل» المنافسين لتقديم بدلاء لك، لكنه سيمنحك صفة «الكعب العالي» ذي الكاريزما الطاغية، ويعزّز سلطتك الروحية والنفسيّة على جميع الموظفين، لكن تلك المقامرة لها وجهٌ آخر.
التصدّي لقضية لست أهلًا لها أو التخاذل في تحقيق أفضل نتائج ممكنة يحيلك من صانع ألعاب يتهيَّأ الملعب لتتويجه حين يحرز هدفًا إلى لاعب يبالغ الجمهور في تقريعه ويقسو عليه.
إذا لم يكن الرجل الثاني واثقًا، ويعرف أن أهدافه تصبّ في صالح الجميع، يجدرُ به أن يتراجع ويدع القيادة - حتى إذا كانت في ذلك الموقف فقط - لشخص آخر.
اقرأ أيضًا: مهام المدير.. نظرة معمقة في علم الإدارة
2. من يصغ الأهداف يتولَّ القيادة
من يصغ الأهداف العامة للشركة ويُدِر مناقشتها، يتحول تلقائيًّا إلى القائد الذي يتولى تنفيذها وتحقيقها، بغض النظر عن منصبه.
لا يحتفظ المدير التنفيذي بتلك المهمة لنفسِه، فدوره هو اعتماد الأهداف وانتقادها وتحسينها ورسم الخطوط العامة للأعمال خلال الفترات المقبلة، ويظل سؤال «من يصيغ الأهداف ويتابع تنفيذها؟» حائرًا حتى يقتنص أحد مديري الإدارات تلك المهمة المحورية، التي لا يعرف قيمتها كثيرون، ثم يتّخذها ذريعة لعرض رؤيته وعقد اجتماعات على أعلى المستويات ومن ثمّ اعتلاء الصدارة وقيادة الشركة من وراء الستار، فلماذا لا يتولّى نائب المدير التنفيذي تلك المهمة؟
وكي ينجح في تحقيق أهدافه، يجب أن يشركَ الجميع ويطرح الأسئلة المناسبة ويستخدم قوة منصبه في توزيع الاختصاصات على الجميع ووضع إجراءات وإتقان مراقبة تحقيق الأهداف، ليصبح على رأس عملية تحقيق الأهداف ولا يغرق في تفاصيلها.
3. المخاطرة «سر القوة»
التحديات والمخاطرات هي التي تصنع القادة، قد يرفض البعض محاولات نائب المدير التنفيذي لإدارة العمليات، وقد يقلّل منها المدير التنفيذي، لكن الاستمرار في الاهتمام هو التحدي الأكبر الذي يجب الحفاظ عليه، وعدم العودة إلى الوراء والبقاء حبيسًا في المكتب.
القادة لم يعيشوا حياة ساحرة، لم يستقبلهم مديروهم وزملاؤهم بالأحضان، إنما تعاملوا مع الرفض بذكاء، وشيَّدوا قصورهم بهدوء، وفشلوا كي يتعلّموا ويصنعوا المزيد من العلاقات، ومن المهم كي تكونَ واحدًا منهم أن تخاطر، وتتولى القيادة في مواقف صعبة، وتقامر - أحيانًا – بكلّ ما تملك حتى تنقذ الشركة، أو حتى تنقذ موظفًا واحدًا من خطأ كبير.
وقبل أن تفعلَ ذلك، عليك بتقييم الموقف وتقدير حجم المخاطرة أولًا، وقياس قدرتك على التعامل معها، فلن يكونَ من الذكاء أن تتصدّى لموقف مهول، مقارنةً بقدراتك وعلاقاتك، أو أن تقفز في النار المشتعلة بشكلٍ أعمى، كُن سياسيًّا، لا تلقِ بكل أوراقك دفعة واحدة، وتحقّق أولًا من أن المكسب الذي ستحققه بعد المخاطرة يساوي ما بذلته.
وخلال المخاطرات لن تعينك سوى شبكات علاقاتك السحرية، فاحرص دائمًا على أن تكونَ متفاعلًا مع عدة مجتمعات وشبكات علاقات وتقديم مساعدات في لحظات قوتك، حتى تعينك في المخاطرة التي ستصنع منك الرجل الأول، فأحيانًا يكمن التحدي أو حل المشكلة التي تؤرّق الجميع، في اتصال هاتفي بشخص قابلته قبل سنوات في رحلة عمل وربما في رحلة سياحية.
اقرأ أيضًا: هذا ما يفعله المدير السيئ حتى تترك العمل
4. اصنع جيشك حتى لا تحارب وحدك
يتجهّز نائب المدير التنفيذي لدور «الرجل الأول» الذي ينتظره يومًا ما، وذلك الدور يحتاج إلى كثير من الأوفياء والمخلصين، الذين يمنحون العمل حقه، والحصول على أكبر استفادة من الموظفين –دون مشكلات- إحدى السمات الأساسية التي تسرّع الترقي، وتحقيق ذلك الهدف يقتضي الاستماع إلى أفكار الآخرين، قد يكون رأسك سينفجر بالأفكار ولا يمكنك الانتظار حتى يحين موعد ظهورك على المسرح، لكن الاستماع لأفكار الزملاء وتناولها بجدية يدفعهم للاعتراف بك قائدًا يؤدي دورًا كبيرًا ولا ينتظر الترقية بقرار يأتي من الأعلى، فضلاً على أنك ستُدهش ممّا تسمعه وتتعلمه من موظفيك.
المرونة أحد الشروط الأساسية للقيادة، والمدير التنفيذي الناجح يعلم أنه لا طريقة صحيحة لتنفيذ الشيء؛ الطرق مختلفة، فلا تجبر الجميع على تنفيذ المهمة بطريقتك، أو تعُدّ الطرق الأخرى «سيرًا إلى الخلف».
حتى لو لم يكن ذلك دورك، حاول أن تساعد زملاءك، اطرح عليهم أسئلة من قماشة «هل يمكنني مساعدتك؟ ما هي اهتماماتك؟ ما المشكلة التي تواجهك؟ تعالَ لنحلّها معًا، لديّ فكرة!».
تعليقاتُك مهمة، لكن إذا لم تكن في الوقت المناسب وبالأسلوب الذي يشجّع الآخرين على تقديرك والتجاوب معك، فاحتفظ بها لنفسك.
هل تعرف «حيلة الساندوتش»؟ حسنًا، لا تقل لموظفك أنه أخطأ أو أنّ الطريقة التي تصرف بها لم تكن لائقة، ضع انتقادك بين مديحين: «أنجزت الأمر بسرعة، عظيم! رأيي أن هناك طريقًا مختصرًا كان يمكن أن يؤدي لنتيجة أفضل، لكنك بذلت مجهودًا أكبر من المطلوب».
هكذا، وببساطة، سيحاول التعرف على تلك الطريقة وأداء المهمة بها دون أن تحرجه أو تتسبّب في حساسيات مهنية.
الطامحون في الصعود يقدّمون مقترحات مدروسة، ويمنحون زملاءهم أمانًا نفسيًّا لطرح أفكارهم الخاصة دون قلق من السخرية أو التهميش، يطرحون أسئلة حقيقية ولا يتلاعبون بهم، يستمعون للإجابات ويردّون باهتمام، وفي النهاية، حين يُنجز العمل بنجاح ويتلقى مديح المدير التنفيذي أو العملاء، يوزّع رصيد النجاح على الجميع، يشاركه مع الآخرين، ولا يسطو على النجاح وحده، ففضلاً عن أن هذا هو التصرف الخلقي الصحيح، يشعرهم ذلك تجاهه بالالتزام والرغبة في العمل من أجله في المستقبل، أمّا سلب الآخرين "المحفّزات النفسيّة" التي تشجّعهم على العمل، فيفقده المصداقية وجودة العمل والروح الإيجابية، ويهدّد أهدافه ورحلة صعوده إلى مقعد الرجل الأول.